دائماً ما كان المسرح المصرى هو قبلة الفن في الوطن العربى، الذي يتجه إليه الفنانون من كل بقاع الأرض ليستفيدوا من تجربة مصر في هذا المجال. ومن بين رجالها الذين ساهموا في الحفاظ على ريادتها، المخرج أحمد عبدالحليم الذي أثرت أعماله الحركة المسرحية في مصر وخارجها، بعد أن ترك بصمة في تاريخ المسرح المصرى مثل مسرحية «الملك لير» و«بلقيس» و«الأشجار تموت واقفة» و«جواز علي ورقة طلاق» و«أبطال السلاحف» وغيرها من الأعمال المسرحية العربية والعالمية.. وفي هذا الحوار يتحدث عبدالحليم عن تراجع دور المسرح وعن أسباب هروب النجوم من الخشبة المسرحية التي كانت سبب تألقهم. ما صحة ما تردد حول إلغاء مهرجان المسرح القومى؟ - هذا كلام غير صحيح، لقد انتهينا من وضع اللمسات الأخيرة للمهرجان، وتشكيل اللجان التي تختار العروض المشاركة، وسوف تنطلق فعالياته يوم 27 من الشهر الجارى، وسيستمر 14 يوماً بدلاً من 10 أيام، وقمنا بزيادة عدد العروض المشاركة من مسرح الدولة، والمسرح المستقل والذي أصبح نصيبه 8 عروض مسرحية بدلاً من 4 عروض. كيف نبدأ مهرجاناً في ظل ضعف الميزانية الموجودة في وزارة الثقافة؟ - مصر تعيش فترة حالكة من تاريخها، خاصة أن الميزانية نفدت، وتوجد محاولات لجلب دعم لتسيير الحركة المسرحية، ولكن إقامة المهرجان لا تحتاج إلى ميزانية لأن المسارح موجودة والفرق المشاركة جاهزة بعروضها، ومعداتها وديكوراتها ولن تتكلف الدولة شيئاً، ونحن نحتاج إلي المهرجان لتعويض ما عشناه أيام الثورة، وأنا متفائل بالأيام القادمة. هل سنشهد عودة الروح للمسرح الخاص بعد إشراكه في المهرجان؟ - الذين كانوا يقدمون المسرح الخاص كبروا في السن، والعروض تحتاج إلي قوة ومجهود، هذا بجانب ارتفاع أسعار الخدمات المستخدمة في المسرح، فلم يعد هناك من يدفع، والمتلقى يجلس في المنزل ويشاهد ما يريده من أفلام ومسرحيات، فلابد من وجود مغريات تدفع الجمهور للذهاب إلى المسرح، وتزويده بعوامل الإبهار التي تجعل المشاهد في قلب الحدث مثل اهتزاز المقاعد وصوت الأمطار وغيرها من المؤثرات. وكيف يتم تأمين المهرجان وسط كل هذه الإضرابات؟ - التأمين أمر واجب، ولكن في النهاية الحامى هو الله، ونحن نقدم عملاً ذا رسالة ولا يوجد به ما يشعرنا بالخوف، فأنا عاصرت أوقاتاً مختلفة من تاريخ مصر من بداية الملك فاروق وكنت حينها صبياً، إلي الآن فالشعب المصرى معروف بتحضره وتقديره للفنون وسوف يكون هذا المهرجان بداية جديدة للمسرح المصرى. ولكن في الفترة الأخيرة تم تهميش دور المسرح من جانب الدولة؟ - المسرح أحد روافد الثقافة التي هي أحد روافد الدولة شأنها شأن التعليم والصحة والتجارة والصناعة، فبدون ثقافة تجد كيان الدولة ناقصاً، وتفقد حضارتها وأحد أركانها الأساسية، وأرجو من الله ألا يكون المسئولون لهم تأثير سلبي على المسرح لأنه جزء من حركة الفنون، ولا نريد أن يحدث تخلف لمصر بعد أن أصبحت لها الريادة في المجال المسرحي، فالنشاطات المسرحية كثيرة، ولكن غير محسوس بها مثل الثقافة الجماهيرية، والمسرح المستقل والجامعات ومسرح الدولة وتوجد حركة مسرحية واسعة. وما رأيك في محاولات النظام الحالي لأخونة المسرح؟ - الأخونة خطر يداهم مصر كلها، ولكن الشعب سوف يرفض سيطرة أي فصيل عليه، لأن الشعب كله متدين ولا يحتاج إلى دروس في الدين، فلا يوجد ما يسمي بأخونة المسرح، لأن ذلك لو حدث سوف تكون خيانة عظمي لصرح من صروح الدولة، وهذا إن دل علي شيء فإنه يدل علي جهل، لأن المسرح له رسالة تنويرية وثقافية، ويلقي الضوء على الفساد الموجود في المجتمع، فإذا فقدنا ذلك الدور نكون قد أصبحنا في مجتمع يسير كالأغنام. هل أنت مع تدخل الرقابة ووقفها لبعض العروض المسرحية كما حدث في الفترة الأخيرة؟ - الدولة تدعم المسرح لأنه يقدم خدمة ثقافية تعمل علي تنوير المواطن دون مقابل، ونحن كفنانين نسعي لتقديم عروض مسرحية ذات فكر جديد لتلقي إقبال جماهيرى، فلا يجوز للرقابة التدخل في إبداع المخرج وهدم رؤيته المسرحية تحت مسمي الإساءة إلي شخص ما، لأنه لا يوجد ما يسمى بالإساءة، بل نحن نقوم بالتعليق علي ما يحدث وعلي الحاكم أن يثبت عكس ما هو مقدم، لذلك تدخل الرقابة في الأعمال المسرحية أعتبرها مبادرة سيئة أخشى توابعها. وهل العوامل السابقة كانت سبباً في هروب النجوم من المسرح؟ - النجوم يهربون من المسرح إلي التليفزيون والسينما، وهي أعمال أقل جهداً وأكثر ربحاً، لأن أجر الفنان المسرحي لا يكفي احتياجاته، فيحاول تعويض ذلك بالعمل في السينما، ولكن هناك من لا يستطيع أو لا تأتي له فرصة العمل فيعاني من قلة الأجر، لذلك لابد من وضع حد أدنى وأقصى للأجور لنحاول ملء الفجوة التي أصبحت في المجتمع المصرى. ما أسباب غياب عمليات الترميم في المسرح القومى حتي الآن؟ - حريق المسرح القومي كان قدرنا وطول مدة ترميمه ترجع إلى نقص الأموال التي إن وجدت سوف تعوض فترة الغياب، فمصر كلها تمر بأزمة مالية، ووزارة الثقافة مديونة بمبلغ 35 مليون جنيه للشركة القائمة علي عملية الترميم، ولكن الوزير يبذل قصارى جهده لتوفير الأموال اللازمة وسوف يفتتح في الشهور القليلة القادمة.