توقعت مصادر اقتصادية انعكاسات عديدة على الصناعة وأسعار السلع فى الأسواق على ضوء قرار البنك المركزى الأحدث بتحريك سعر الجنيه مقابل الدولار بشكل رسمى. وذكرت المصادر أن خفض قيمة الجنيه يرفع بعض الأسعار. كانت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتمانى قد توقعت قبل أيام قيام المركزى المصرى بتحريك سعر الفائدة لمواجهة التحديات المفترضة لموجة التضخم العالمى، كما توقعت المؤسسة عودة مصر مرة أخرى للاقتراض من صندوق النقد الدولى. وقال متى بشاى، رئيس لجنة التموين والتجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية فى تصريحات خاصة ل«الوفد»: إن أسعار السلع المستوردة تامة الصنع شهدت ارتفاعاً بنحو 15%، وذلك بعد ارتفاع أسعار الدولار الأمريكى مقابل الجنيه. وأضاف أن ارتفاع أسعار الدولار كان متوقعاً بعد رفع الفيدرالى الأمريكى لأسعار الفائدة يوم الأربعاء الماضى. وتعد أهم السلع المستوردة من الخارج المواد الغذائية، والحبوب والبقوليات والمنتجات الغذائية الحيوانية، والمواد النفطية والغاز والأخشاب والفحم، ومنتجات الصلب والحديد، وأجهزة المحمول والكمبيوتر، ومستلزمات المدارس والكتب، والصناعات اليدوية والملابس والدخان، ومنتجات ومستحضرات التجميل، ومنتجات الصناعات الإلكترونية والأجهزة الكهربائية. وأكد المهندس على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، أنه رغم ارتفاع سعر الدولار إلا أن له أثراً إيجابياً على حركة التصدير، حيث ستكون السلع المصرية منافسة مع الدول الأخرى، وإذا كانت المدخلات الصناعية التى يتم استيرادها من الخارج لتكميل بعض الصناعات ستشهد زيادة فى أسعارها بنسبة تتراوح بين 40 و50% فإن العائد الذى سيكون بنفس القيمة سوف يغطى قيمة التكلفة الزائدة. وأشار «عيسى» إلى أن الأسعار قد شهدت زيادة استباقية خلال الفترة الماضية وما لا شك فيه أن ذلك سيسبب موجة غلاء، ولكن هناك قراراً مكملاً وهو أن الحكومة اتجهت لإصدار شهادات الادخار العائلية بفائدة كبيرة وصلت إلى 18% وذلك يعنى أن المواطنين سيهرعون إلى إيداع جزء من مدخراتهم فى الشهادات الادخارية لضمان هذا العائد الكبير، مما سيسهم فى انخفاض السيولة فى الأسواق ومن ثم تراجع الأسعار مع الوقت. وأكد المهندس مصطفى النجارى، رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن السوق يشهد عموماً حالة تضخم وصلت إلى البنوك المركزية ورفعت فوائد الائتمان وكان لها أبلغ الأثر على كل العملات وتأثير قوى على مصر. وأوضح أن الدول الصغيرة لا تتحمل اقتصادياً هذه التداعيات ومنها حجب وصول السلع وارتباك سلاسل الغذاء الرئيسية وارتفاع شديد فى أسعار المدخلات والغذاء نظراً لزيادة التضخم وانخفاض قيمة العملات فى أغلب الدول أمام الدولار ما سيسبب موجة غلاء للمستهلك. وقال «النجارى»: إن التصدير يستفيد نظرياً من ارتفاع سعر العملة، لكن الذى يحدث أن ارتفاع سعر المدخلات يعود على التكلفة ومن ثم ارتفاع سعر المنتج. وقال «النجارى» إنه لا يمكن توقع ما إذا كان سعر الدولار سيتوقف عند ذلك الحد أو سيزيد لأن ذلك تتحكم فيه الظروف الخارجية، غير أن ظروف الحرب تتحرك بسرعة البرق واقتصاد روسيا ينهار أيضاً بسرعة البرق, فإن الحرب التى بدأت منذ شهر واحد تداعياتها أكبر كثيراً مما كنا نظن، وأن الحكومة لا تملك شيئاً أمام هذه التداعيات سوى المحاولات التى تجريها للحفاظ قدر الإمكان على ضبط السوق والأسعار والسيطرة على حركة بعض التجار الذين يحاولون الاستفادة من الموقف. وقال يسرى الشرقاوى، الخبير الاقتصادى ورئيس جمعية الأعمال المصريين الأفارقة، إن إجراءات المركزى ستحد من الموجة التضخمية القادمة بقدر ما وستسهم فى الحد من الاقتراض غير المحسوب. وتوقع حدوث انكماش فى الاستثمارات الأجنبية والمحلية نتيجة التذبذب الأولى فى سعر الدولار، مشيراً إلى أن سعر الدولار سيعاود الهبوط تدريجياً فيما بعد. وكشفت المصادر أن قرار المركزى قطع الطريق تماماً على محاولات التلاعب من بعض تجار العملة الذين حاولوا استعادة السوق السوداء مرة أخرى. وأشارت مصادر بسوق الغلال إلى بدء مصر مباحثات مع الهند والصين للتعاقد على استيراد قمح بعد توقف فرص التوريد من روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب الدائرة. وتلقت مصر عروضاً بأسعار القمح من 15 دولة مختلفة حيث تعد أكبر دولة فى العالم فى استيراد القمح، وتقدر صادرات الهند من القمح وفقاً لإحصائيات العام الماضى نحو 1,7 مليار دولار. من ناحية أخرى أبدى اتحادا الصناعات والغرف التجارية تحفظاً على قرار جهاز حماية المستهلك لكتابة العمر الافتراضى للسلع على السلع محلية الصنع، والمستوردة، وطلب الاتحاد أن يكون تحديد العمر من تاريخ الصنع لا من تاريخ البيع للمستهلك. وتشمل تلك السلع المفترض خضوعها للقرار، السلع الكهربائية المعمرة والأجهزة المنزلية والسيارات، على أن تصدر بتحديدها قائمة محددة، وكذلك الاكتفاء بكتابة العمر الافتراضى على الفاتورة وشهادة الضمان باعتبارها مستندات الالتزام من جانب المنتج أو المورد.