إنذار.. شعبية الإخوان تنهار.. وأية انتخابات حرة ستخسرها الجماعة.. والدليل ما جري في جامعات مصر. علي مدي عقود طويلة كانت الجامعات أكبر معقل للإخوان، وفي كل انتخابات طلابية كان طلبة الجماعة يفوزون بالنصيب الأكبر فيها، حتي كادوا يحتكرون المناصب القيادية في كل الاتحادات الطلابية طوال عقود طويلة. حدث هذا عندما كان الإخوان جماعة محظورة ومسحوقة ومطاردة.. وبعد ثورة يناير خرج الإخوان من تحت الأرض وتصدروا المشهد السياسي وصار منهم رئيس الدولة، ووضعوا بأنفسهم اللائحة التي تحكم الجامعات. وكان طبيعياً والحال هكذا أن تزداد قوة الإخوان ويزدادوا توغلاً وانتشاراً في كل جامعات مصر، ولكن المفاجأة أن الإخوان سقطوا سقوطاً مدوياً في انتخابات اتحاد الطلاب بجامعات مصر، وفقدوا ما يقرب من نصف مقاعدهم التي فازوا بها في العام الماضي.. ففي عام 2012 فازوا ب 74٪ من مقاعد الاتحادات الطلابية.. أما في 2013 فلم يحصلوا سوي علي 30٪ فقط. وهكذا شاءت الأقدار أن تكون الجامعات التي بدأ الإخوان انتشارهم من خلالها، هي نفسها التي بدأ منها سقوط الإخوان.. فمنها بدأوا.. ومنها بدأ سقوطهم. الغريب أن الجماعة لم تع الدرس وبدلاً من أن تعدل مسارها وتعود إلي الحق وتبحث عن سبل لإنقاذ شعبيتها المنهارة، راحت تعاقب طلاب الجامعة الذين انفضوا عن مرشحي الإخوان.. وهذا يعني أن الإخوان سيواصلون سقوطهم في كل ربوع مصر. مكتب الإرشاد يخسر نصف شعبيته.. والسبب «مرسى» في جامعة عين شمس حصد المستقلون في انتخابات عضوية اللجان علي معظم المقاعد في 12 كلية بنسبة 90٪ مقابل 10٪ للإخوان، وفي انتخابات الأمناء والأمناء المساعدين بالكليات حصد المستقلون 26 مقعداً من إجمالي 30، واكتفي الإخوان بحصد 4 مقاعد فقط، أما انتخاب رؤساء اللجان علي مستوي الجامعة ففاز المستقلون ب 12 مقعداً، وحصل الإخوان علي المقعدين المتبقيين، وانتهت الجولة الأولي بفوز كريم بلال بمنصب أمين اتحاد الجامعة، وفوز محمد مطر بمنصب نائب أمين الاتحاد، وهما من التيار المستقل. وفي جامعة القاهرة استطاع المستقلون إنهاء المرحلة الأولي لانتخابات عضوية اللجان علي مقاعد اللجان بنسبة 85٪ مقابل 15٪ للإخوان، وفي المرحلة الثانية لانتخابات الأمناء والأمناء المساعدين بالكليات فاز المستقلون بنسبة 81٪ من مقاعد الاتحاد مقابل 19٪ للإخوان في كليات الحاسبات والمعلومات والطب والعلوم والآثار بعد تحالفهم مع طلاب التيار المصري. ونجح الائتلاف المعارض والمكون من طلاب مصر القوية وحزب الدستور والاشتراكيين الثوريين وحركة 6 أبريل الجبهة وحركة تحرير في إزالة عرش الإخوان من داخل الجامعة، حيث دخل هذا الائتلاف الانتخابات للمرة الأولي وذلك لإنهاء سيطرة الإخوان عليها. وفي جامعة أسيوط استطاع شباب التيار المدني أن يلقن الجماعة درساً قاسياً ولأول مرة في تاريخ انتخابات الاتحادات الطلابية لم يفز طلاب الإخوان المسلمين في جامعة أسيوط سوي ب 2٪ من مقاعد اتحاد الطلاب، في المقابل حصد التيار الشعبي والمستقلون نسبة 98٪ من المقاعد وعلي رأسها الأمين والأمين المساعد للجامعة. أما جامعة حلوان فقد سيطر الطلاب المستقلون والقوي السياسية في الجولة الأولي علي 90٪ من مقاعد اللجان مقابل 10٪ للإخوان، وفي جولة انتخابات الأمناء ومساعدي اللجان حصل المستقلون علي 127 مقعداً من إجمالي 140 مقعداً، وحصل الإخوان علي 11 مقعداً فقط. ومن المتوقع أن يكتسح الطلاب المستقلون والقوي السياسية الانتخابات التصعيدية علي مستوي الكليات والتصعيد علي مستوي الجامعة. وفي جامعة طنطا تقدم طلاب القوي السياسية وحاز المستقلون والقوي السياسية علي نسبة 85٪ للمستقلين مقابل 15٪ للإخوان، بالإضافة إلي منصبي رئيس الاتحاد ومساعده، وسارت علي نهجها جامعة بنها، حيث أسفرت نتيجة الانتخابات ببنها في مرحلة انتخابات رؤساء اللجان عن فوز الطلاب المستقلين بجميع مقاعد اللجان التي يبلغ عددها 14 مقعداً، بينما استطاع طلبة حزب الدستور أن يحصلوا علي منصبي رئيس الاتحاد ومساعده. ولم يظهر لطلبة الإخوان أي دور في جامعة كفر الشيخ، حيث فاز طلاب التيار الشعبي بمقعدي رئيس الاتحاد ونائبه، بالإضافة إلي حصولهم علي معظم مقاعد لجان اتحاد الجامعة بالتحالف مع المستقلين، وذلك مقابل صفر لطلاب الإخوان الذين لم يحصلوا علي أي مقعد من اتحاد الجامعة. أما جامعة الإسكندرية فقد فاز الطلاب المستقلون برئاسة اتحاد الجامعة، وفاز طلاب الإخوان بمنصب نائب رئيس الاتحاد، حيث تقاسم طلاب القوي السياسية مع طلاب الجماعة مقاعد الاتحاد بنسبة 51٪ لطلاب القوي السياسية مقابل 49٪ للإخوان. ولم تختلف جامعة السويس عن باقي الجامعات وفاز المستقلون والقوي السياسية ب 13 مقعداً في مجلس اتحاد الجامعة مقابل مقعد واحد للإخوان. ولم يظهر لطلبة الإخوان أي تواجد علي الساحة إلا في جامعات الأزهر وجنوب الوادي والمنيا وأسيوط ودمنهور ودمياط وبني سويف وذلك لغياب المنافسة هناك، حيث إن القوي السياسية والتيارات المستقلة لم تصل إلي هذه الجامعات بعد، وهذه الجامعات تمثل حوالي 30٪ من جامعات مصر البالغ عددها 23 جامعة. وأشار حسام رأفت - أحد قيادات الاشتراكيين الثوريين بجامعة حلوان - إلي أن أغلب طلاب جامعة حلوان اتفقوا علي ضرورة إنقاذ الاتحاد من أيدي الإخوان الذي طغوا في الجامعات وأضعفوا النشاط السياسي والاجتماعي للطلاب واحتكروا النشاط ومنعوا باقي التيارات من ممارسة أي نشاط معارض لسياسات الجماعة. وأضاف أن طلاب الجامعات أصبحوا أكثر وعياً ونضجاً بعد الثورة، خاصة أن أغلبهم شاركوا في الثورة وما تبعها من أحداث وعلموا تمام العلم من مع الثورة ومن استولي عليها، وأدركوا ما فعلته الجماعة من تجاوزات في حق الثورة وإقصاء للقوي السياسية والمعارضة، وما حدث خارج أسوار الجامعة انعكس بالمثل علي المجتمع الجامعي، فبعد أن سيطر أعضاء الجماعة بطرقهم المختلفة علي اتحادات الطلاب بكافة الكليات واتحاد طلاب مصر، عاثوا في الكليات فساداً ولم يقدموا أي خدمة، والاتحاد السابق رغم توفر كافة الإمكانيات له، إلا أنه لم يحقق أي نجاح يذكر للجامعة، واكتفوا فقط بإقصاء الطلبة المعارضين، فمثلاً أنفق اتحاد الطلاب علي النشاط المسرحي العام الماضي 35 ألف جنيه، ومع ذلك لم تحقق الجامعة أي مركز في مهرجان المسرح، مما يشير إلي شيء من سببين، إما أن أسلوب إدارة اللجان عشوائي أو أن أموال الاتحاد مستباحة وتصرف في غير محلها. ويشير محمد سرحان - منسق حزب الدستور بجامعة عين شمس - إلي أن جامعة عين شمس نظراً لموقعها الجغرافي كانت في مرمي أحداث العباسية وأحداث قصر الاتحادية، وقد شاهد الطلبة بأعينهم تجاوزات جماعة الإخوان والتيار الديني بصفة عامة، بالإضافة إلي زوال عباءة الدين عن قيادات الإخوان فور وصولهم لحكم مصر والقرارات المتخبطة التي يتخذها الرئيس محمد مرسي، مما أضعف ثقة الطلبة في الإخوان ورفضوا أن يكرروا نفس الغلطة التي ارتكبها الشعب في الانتخابات الرئاسية الماضية. ويضيف: اتضح أن طلاب الإخوان في الجامعة عنصريون بدرجة كبيرة، وأسر الإخوان ترفض انضمام أي فرد لها إلا إذا كان تابعاً لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة، كما أن الجماعة تفصل في أسرها بين الشباب والفتيات الأمر الذي لا يقبله الطلبة داخل المجتمع الجامعي الذي يرفض هذه الأفكار الرجعية، وقبل الثورة اختار الطلبة تيار الإخوان نظراً لضعف الكيانات المستقلة وعدم وجود بديل قوي يعبر عن المعارضة وينافس جماعة الإخوان المنظمة، التي تدعم طلابها بكافة الإمكانات المادية وتساعدها علي فرض نشاطها علي الساحة، لكن بعد ظهور أكثر من بديل قوي وفعال أمام الطلبة وسقوط القناع عن وجه الجماعة وانكشاف مخططاتهم لأخونة الدولة، رفض الطلبة انتخاب الإخوان حتي لا تغرق الجامعة في طوفان الأخونة واختاروا مناصرة الطلبة المستقلين والتيارات السياسية المختلفة. وأكد ماجد عادل - منسق حركة مصر القوية في جامعة القاهرة - أن الائتلاف دخل لأول مرة الانتخابات بهدف إنهاء الفساد في الاتحاد وتغيير مفهوم الاتحاد عند الطلبة والدولة، بحيث يكون صوت الطلبة فقط وليس بوقاً لفصيل بعينه، مثلما يفعل الإخوان المسلمون الذين سيطروا علي نسبة كبيرة من الاتحاد الماضي ولم يحققوا ما كنا نحلم به، كما أنهم أخرسوا صوت الطلبة.. وتساءل ماجد: كيف يمكن لأمين اتحاد إحدي الكليات «الإخواني» أن يشارك في فض اعتصام الاتحادية، ويبرر ذلك للطلبة؟.. وعندما طلبنا منه إصدار بيان يدين الأحداث رفض وقال: إن الاتحاد ليس له دخل بالأحداث السياسية. إخوانية الهوي والهوية لائحة «نص الليل».. تحكم الجامعة النشاط الطلابي داخل الجامعات خلال العقود الثلاثة الماضية، ظل محكوماً بلائحة 1979 التي عرفت باسم «لائحة أمن الدولة» التي كانت تستهدف وأد الحركة الطلابية والإجهاز علي أي بادرة صحوة في الجامعات، مع تقييد الميزانية المخصصة للاتحادات بالشكل الذي يحول دون قيام أي نشاط طلابي داخل الجامعة. وكما أسقطت ثورة يناير نظام حسني مبارك أسقطت أيضاً لائحة 1979، ولكن بعد أن صدر قرار المجلس الأعلي للجامعات بحل كافة الاتحادات الطلابية التي تشكلت قبل الثورة، وإجراء انتخابات جديدة استطاع الإخوان المسلمون السيطرة علي مقاليد الاتحادات الطلابية. وفي غفلة من الجميع قام طلاب الإخوان الفائزون في انتخابات الاتحادات بإجراء انتخابات اتحاد طلاب مصر في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، وأثناء غياب الجميع، الأمر الذي جعل وزير التعليم العالي يرفض هذه الاتحاد ويعتبره غير شرعي وفقاً للمادة 334 من قانون الجامعات التي تنص علي أن اللائحة تقر من اتحاد طلاب مصر بعد الحصول علي وزير التعليم العالي وعرضها علي رئيس الوزراء لتقر ويتم العمل بها، وبالرغم من ذلك أقر طلاب الإخوان اللائحة وضربوا بآراء الطلاب عرض الحائط وأرسلت اللائحة إلي الجامعات للعمل بها. وبالرغم من هذا الكم من التجاوزات التي شابت عملية اختيار واضعي اللائحة وطريقة إقرارها تم العمل بلائحة الإخوان التي تضمنت بنوداً خاصة لخدمة طلاب الجماعة، ومن هذه البنود كما تقول منة منصور - طالبة بكلية الآداب - بند شروط الترشح، فاللائحة القديمة حددت شروط الترشح لاتحاد الطلبة، ويحظر الترشح للطالب إذا كان متهماً في قضايا جنائية أو تم تحرير محضر غش مسبق له أو كان قد تعرض لمجالس تأديب مسبقة، وتم تعديل هذا البند من خلال حذف المحظور الأخير وهو تعرض الطالب لمجالس تأديبية، إذ إن طلبة الإخوان المسلمين جميعهم يحفل سجلهم بمجالس التأديب، ولا يحق لهم الترشح في ظل هذا البند، ولكن تم تعديله ليناسب طلبة الجماعة. ويضيف أحمد سعيد، طالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة جامعة القاهرة، أن هناك بنداً في اللائحة يمنع الطلبة من إقامة أي نشاط طلابي داخل الجامعة إلا بإذن مسبق ب 5 أيام من اللجنة المختصة بالاتحاد، وهو ما يمنع الطلبة من تنفيذ أنشطة عديدة تتطلب إقامتها بشكل سريع، وهناك بند آخر أكثر خطورة وضعته الجماعة لتقييد نشاط الطلبة وهو أنه من حق اللجنة داخل الاتحاد الاعتراض علي أي نشاط طلابي، البند الذي يفتح الباب أمام طلبة الإخوان لإلغاء أي نشاط يناهض الجماعة أو يخص أي منافس لها. كريم بلال.. أمين اتحاد طلاب عين شمس: لن نكرر خطأ الجماعة.. ونبحث تغيير اللائحة أكد كريم بلال، أمين اتحاد طلاب عين شمس، أن تعديل لائحة الجامعات أمر صعب التنفيذ عملياً.. وقال كريم، الذي ينتمي لتيار الاستقلال بالجامعات: إن واضعي اللائحة أقروا بنداً يسمح بتعديلها من خلال عقد مؤتمر موسع يضم جميع اتحادات مصر والمكون من أكثر من ألف طالب، وإجراء أية تغييرات في اللائحة لا يتم إلا بعد موافقة أكثر من 600 طالب في اللائحة، وهو أمر يستحيل تنفيذه علي أرض الواقع ولكننا نحاول من خلال اجتماعات مع مجلس الأمناء والاتحادات لبحث سبل تغيير اللائحة. وأضاف: بالرغم من قلة عدد طلبة الجماعة في الاتحادات الحالية، إلا أننا تعلمنا من أخطائهم داخل الاتحاد السابق، ولن نتعمد إقصاء القوي الأخري، وبالفعل هناك اتصالات معهم للتوافق حول اتحاد يشكل كافة انتماءات الطلبة، إذ إن جماعة الإخوان المسلمين فصيل سياسي مهم في الجامعة ولا يصح إقصاؤه كما تعاملوا معنا مسبقاً. وواصل: لن نكون دمية في يد النظام مرة أخري وسيعود صوت الطلبة لمهاجمة أي متخاذل، وبدأنا بالفعل بإصدار بيانات تدافع عن حقوق الطلبة السياسية، واجتمعنا بالفعل مع أحرار عين شمس و6 أبريل وحزب الدستور لبحث التعاون السياسي بين كافة القوي السياسية. عقاباً علي سقوط مرشحيها السياسة حرام بأمر الإخوان قيادات طلابية: محدش يقدر يمنعنا د. عبدالله المغازي: قرار المنع يشبه قرار «مرسى» بحظر التجول في مدن القناة خبراء: القرار رد فعل علي سقوط الجماعة في الانتخابات الطلابية ولن يطبق علي طلاب التيار الإسلامي «رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني» مطلع قصيدة شهيرة للشاعر أحمد فؤاد نجم تغني بها الشيخ إمام عيسي في سبعينات القرن الماضي فرحاً بعودة شباب الجامعات للعمل السياسي، تلك العودة التي كانت سبباً في إشعال فتيل ثورة 25 يناير، وسقوط واحد من أعتي الأنظمة القمعية التي جرمت ممارسة السياسة داخل الجامعات لسنوات طويلة، والغريب أن حكومة الإخوان عادت مرة أخري لتمنع صحوة شباب الجامعات بإصدار قرار من المجلس الأعلي للجامعات بمنع ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات. القرار - حسب تأكيدات الخبراء - قد يؤدي إلي منع الصراعات الحزبية داخل الجامعات المصرية، إلا أن صدوره في هذا التوقيت، وبعد الفشل الذريع الذي منيت به جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات الاتحادات الطلابية يؤكد أن لهذا القرار أهدافاً أخري، أهمها تقليص دور المعارضة داخل الجامعات، وإخلاء الساحة أمام الجماعة للسيطرة علي الاتحادات الطلابية فيها. وعلي مدي تاريخ الجامعات، كان الطلبة هم وقود العمل العام، فمنذ ثورة 1919 وخروج شباب الجامعة في المظاهرات أصبح لهم ثقل سياسي، بل كانوا هم وسيلة الضغط الكبري التي تخشاها كل الحكومات، وتسعي دائماً لاستمالتها، ومن ثم أصبحت السياسة جزءاً من الجامعات المصرية، التي كانت تعبر بصدق عن نبض الشارع الحقيقي، ولهذا واجهوا الاحتلال الإنجليزي وأيدوا ثورة يوليو 1952، وفي أعقاب نكسة 67 زادت المظاهرات الطلابية المطالبة بمحاسبة المتسببين في الكارثة وتواصلت مظاهرات الطلبة مطالبة بتحرير سيناء واستعادة كرامة مصر، وبعد حرب 1973 لم تخمد الحركة الطلابية، بل ظهرت المقاومة الشرسة لمحاولات التطبيع بعد توقيع اتفاقية السلام، وكان لطلبة الجامعات دور بارز في اندلاع احتجاجات 18 و19 يناير 1977 الرافضة لرفع الأسعار، وإن كانت الحركة الطلابية رغم محاولات الرئيس المخلوع حسني مبارك اغتيال الحركة الطلابية بتجريم ممارسة السياسة في الجامعة إلا أن المظاهرات لم تتوقف ضد إسرائيل وأمريكا وحسني مبارك، وفي كل هذه المراحل كانت اللوائح الجامعية تعبر عن توجهات الحكومة ورغبتها في توظيف هذه القوة الشبابية الضاربة، وظهر أول قيد تضعه هذه اللوائح علي العمل الطلابي في الخمسينيات، وتحديداً بعد وقوف الطلبة والنقابات المهنية مع الرئيس محمد نجيب في أزمة 1954، حيث منعت اللوائح الطلابية العمل السياسي داخل الجامعات، وجعلت عميد الكلية جزءاً من الاتحاد الطلابي حتي يستطيع السيطرة علي قراراته، وفي الستينيات ومع استقرار الأمور في البلاد وسيطرة الاتحاد الاشتراكي علي كل جوانب الحياة السياسية ظهرت لائحة 1966 وتضمنت الحديث للمرة الأولي عن التعاون المباشر بين الاتحادات الطلابية ومنظمة الشباب وألغت وجود أعضاء هيئة التدريس داخل الاتحاد، ثم ظهرت لائحة 1968 التي منحت الحركة الطلابية حرية أكبر ولكن داخل إطار الفكر الناصري، حيث نصت علي تشكيل لجنة للعمل السياسي، وظهر لأول مرة الاتحاد العام للطلبة، للتواصل بين كل طلاب الجامعات لمناقشة القضايا الطلابية والوطنية، وبث قيم الوطنية والقومية العربية. ولما لم تستطع الدولة السيطرة علي طلاب الجامعات وتصاعدت الحركة الطلابية المناهضة للفكر الناصري بعد النكسة، فتم تعديل اللائحة عام 1969 بتعيين عضو من أعضاء هيئة التدريس في رئاسة كل لجنة من لجان الاتحادات الطلابية، أما رائد الاتحاد فيتم تعيينه بقرار من عميد الكلية بعد موافقة وزارة التعليم العالي. وفي السبعينات حاول الرئيس السادات التقرب من طلاب الجامعات فظهرت لائحة 1976 التي اعتبرت العمل السياسي أحد أشكال العمل الطلابي المباح، وسمحت للاتحادات الطلابية بالتواصل مع المؤسسات السياسية خارج الجامعة، واستبعدت وجود أعضاء هيئة التدريس داخل الاتحاد، ولكن هذه الحالة من الود لم تستمر طويلاً، فبعد أحداث 18 و19 يناير واعتقال عدد كبير من الطلبة بتهمة قلب نظام الحكم، واستشعار الحكومة بالخطر الذي تمثله الحركة الطلابية تم استصدار لائحة 1979 التي ظلت تحكم الجامعات 28 عاماً كاملة، ونصت علي منع العمل السياسي داخل الجامعة، وفرضت التواجد الأمني ووطدت نفوذ حرس الجامعة ومنحت الأمن صلاحيات واسعة بزعم حماية أمن الجامعة، حتي أصبحت الجامعات مرتعاً لأمن الدولة ورجال المباحث، وبعد نضال طويل تم تغيير هذه اللائحة عام 2007 وجاءت التغييرات أيضاً معبرة عن توجهات الحكومة، خاصة بعد تزايد نفوذ الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، ونصت اللائحة علي حظر التجمعات القائمة علي أساس ديني أو فئوي أو عقائدي أو حزبي، مع الإبقاء علي باقي المواد المقيدة للعمل الطلابي مثل إشراف أعضاء هيئة التدريس علي أعمال الاتحادات الطلابية. وبعد ثورة يناير وإلغاء الحرس الجامعي، والدور العظيم الذي قام به الطلبة في الثورة، صدرت لوائح جامعية خلال العام الماضي، ثم اللائحة الحالية التي أصدرها الدكتور مصطفي مسعد وزير التعليم العالي مؤخراً، التي لم تحرم العمل السياسي في الجامعات، ظن الكثيرون أن أغنية الشيخ إمام عادت للحياة: «ورجعوا التلامذة للجد تاني» ولكن فوجئ الجميع بصدور قرار المجلس الأعلي للجامعات بحظر ممارسة أي أنشطة حزبية داخل الجامعات، وهو ما أدي إلي قيام طلاب جامعة الإسكندرية بتنظيم مظاهرات رافضة للقرار تحت شعار «حظر علينا.. إحنا استوينا».. هذا القرار أثار عاصفة غضب في الأوساط الجامعية، خاصة أن توقيت صدوره تزامن مع السقوط المدوي للطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في انتخابات الاتحادات الطلابية، وهو ما دفع البعض إلي القول بأن وزير التعليم العالي الإخواني الدكتور مصطفي مسعد أصدر هذا القرار لإخلاء الساحة الجامعية للعمل الإخواني، بينما تصبح الجامعة محرمة علي باقي القوي السياسية الأخري. في حين قابل الطلاب المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين هذا القرار بالموافقة والترحاب، بل إنهم أكدوا أن هذا كان مطلبهم من قبل منعاً لاشتعال الفتن الحزبية داخل الجامعات، وفقاً لما أكده أحمد وهدان - المتحدث العام باسم طلاب الإخوان المسلمين - رفض بعض الشباب المنتمين للحركات السياسية الأخري هذا القرار الذي جاء في توقيت مثير للتساؤلات. سامر سيد - المتحدث باسم 6 أبريل بجامعة القاهرة - أكد أن العمل الحزبي ممنوع في الجامعات وفقاً لكل اللوائح الجامعية السابقة، فما الجديد في قرار المجلس، وقال: لن يكون لهذا القرار أي أثر يذكر، فالأحزاب تعمل تحت غطاء الأسر، وهذا أمر معروف للجميع، ولن تؤثر مثل هذه القرارات في عملنا، فجميعنا يعرف أن هذا القرار صدر الآن بسبب نتيجة انتخابات اتحادات الطلبة، ولكنه لن يؤتي النتيجة التي تريدها الجماعة، فالطلبة لن يمنعهم أي شيء من ممارسة حقهم في العمل السياسي داخل أو خارج الجامعة. وبما أن الجامعات كانت دائماً هي معمل تفريخ القيادات السياسية فهل يكون لمثل هذا القرار أثره السلبي في تكوين كوادر سياسية؟ .. يجيب الدكتور عبدالله المغازي - المتحدث باسم حزب الوفد - مشيراً إلي أن الطلبة كانوا يمارسون العمل السياسي داخل الجامعات في كل وقت، ولم يمنعهم من ذلك قمع أمن الدولة، ولا اللوائح الجامعية، وشبه قرار المجلس الأعلي للجامعات بحالة الطوارئ التي فرضها الرئيس «مرسي» علي مدن القناة ولم تنفذ.. وأضاف: لا يستطيع أحد منع الشباب من ممارسة حقهم في العمل السياسي طالما أنهم يريدون ذلك، فقد انتهي عصر تهميش الشباب، والمصريون جميعاً عرفوا حقوقهم ولن يستطيع أحد سلبها منهم، وستظل الجامعات مصدراً لتفريخ الكوادر المدربة علي العمل السياسي، أما حجة إبعاد الجامعة عن الصراعات السياسية فمردود عليها بأن الطلبة المصريين أصبحوا أكثر وعياً ولديهم قدرة علي ممارسة أي عمل سياسي وحزبي في أي مكان دون عنف. ويؤكد الدكتور محمد كمال القاضي - أستاذ الدعاية السياسية بجامعة حلوان - أن ممارسة العمل السياسي حق لطلاب الجامعات لا يستطيع أحد أن يحرمهم منه، وبالتالي فإن قرار المجلس كان يجب أن ينص علي منع العمل الحزبي مع ضرورة النص علي السماح بممارسة العمل السياسي بكافة أشكاله من دعم الديمقراطية، والمشاركة السياسية والثقافة السياسية، فالعمل السياسي لا يقتصر علي العمل الحزبي، ولكن يشمل كل هذه الأمور التي أغفلها القرار، ولابد أن يمارس الطلبة هذه الأنشطة السياسية لأنها الوسيلة الوحيدة لإعداد شباب مؤهلين سياسياً للقيام بدورهم في المجتمع. وطالب الدكتور محمد كمال بألا يكون هذا القرار حجة لمنع العمل السياسي في الجامعات تحت زعم منع العمل الحزبي. ورغم أن الدكتور رفعت سيد أحمد - مدير مركز يافا للدراسات - مع قرار منع العمل الحزبي داخل الجامعات حتي لا تتحول الجامعات إلي مقرات للأحزاب، فإنه يري أن الدافع من وراء هذا القرار كان نتيجة الانتخابات الطلابية، التي رأت الجماعة أنها قد تكون مقدمة لتحرك الطلبة ضد النظام الحاكم انطلاقاً من أن الطلبة كانوا من أكثر الفئات الفاعلة طوال سنوات السبعينات وحتي ثورة 25 يناير.. ويضيف: كل هذه المحاولات لن تنجح مع المصريين الذين كسروا كل الحواجز، ومن ثم فعلي الإدارة السياسية تنظيم العمل السياسي داخل الجامعات لا منعه تحت ستار منع العمل الحزبي، فلابد من تقنين العمل الحزبي داخل الجامعات مع ضرورة الإبقاء علي كافة أشكال العمل السياسي، لأنه الوسيلة الوحيدة لبناء كوادر شبابية قادرة علي النهوض بمصر في المستقبل. ويتفق الدكتور محمد إسماعيل - أستاذ التشريعات الاجتماعية بكلية الحقوق جامعة بني سويف - مع الرأي السابق، مؤكداً أنه لا مانع من تقنين العمل الحزبي داخل الجامعات، لكن لابد من تهيئة المناخ لاستمرار الأنشطة الطلابية الأخري «الثقافية والسياسية والفنية».. وأضاف: لابد أن يتم تطبيق هذا القرار علي جميع الأحزاب بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، فيجب أن يتم منع العمل الحزبي علي الجميع داخل الجامعات، لضمان أن تظل الجامعات مؤسسات قومية لا حزبية. حديث الأرقام جامعات 2012: 74٪ إخوان جامعات 2013: 30٪ إخوان في عام 2012 فاز طلاب الإخوان بالأغلبية في انتخابات 14 جامعة من أصل 19 جامعة - آنذاك - أي أنهم فازوا ب 74٪ من الاتحادات الطلابية. وفي العام الحالي فاز الإخوان بالأغلبية في 7 جامعات فقط من أصل 23 جامعة، أي أنهم لم يحصلوا سوي علي 30٪ فقط من الاتحادات الطلابية، وهو ما يعني أنهم فقدوا ما يقرب من نصف مقاعدهم في الاتحادات الطلابية في عام واحد، ومعني ذلك أن الإخوان فقدوا نصف شعبيتهم في الجامعات.