سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى ل "الوفد": طعن الرئيس تعد على القضاء ودليل على أن قراره ليس بيده
اتجاه لتعليق إشراف القضاة على انتخابات النواب لاستمرار أزمة النائب العام
بوادر ثورة جديدة تقترب.. العصيان المدنى يتمدد.. الوقفات الاحتجاجية تتواصل, وقطع الطرق عرض مستمر, والمواجهات بين الشرطة, والمتظاهرين تتصاعد, وفاتورة الدم تتغير بين ساعة, وأخرى, والغضب الكامن يزداد.. يتسع.. ودخان الغاز يقترب من قصر الرئاسة, والرئيس ما زال منزويا فى ركنه البعيد, غارق فى خياله يفكر, ويفكر, وحتى هذه اللحظة لم ينته بعد. حالة من الاغتراب يعيشها الدكتور محمد مرسى داخل قصر الرئاسة، قد نختلف فى التوصيف، لكنه هو المسئول عنها بسبب تسليمه «الجمل بما حمل» لغيره.. يدير ويتصرف كيفما شاء نيابة عنه, وبغير رضا من الشعب صاحب الحق الأصيل فى تحديد مصيره. هذا هو الوقع, أو إحساس البعض تجاه الرئيس الحاضر الغائب، والذى أصبح وجوده مهددا, وبقاؤه شبه مؤقت، بعد تزايد دعوات الاستقواء بالجيش, والسباق المحموم لتحرير توكيلات التفويض بحجة اليأس من أداء الرئيس, وجماعته. ومع الاتجاه لانتخابات مجلس النواب, الأحوال لم تعد على ما يرام. وتتجه إلى الأسوأ. هذه الصورة ليست من وجهة نظر الحاقدين, والكارهين للإخوان فقط، ولكن من جانب بعض المؤيدين, الذين (لطموا) بعد أن صوتوا للرئيس فى الانتخابات, وتتجاوز نسبتهم ال 51 %, أصبحوا الآن غير راضين عن التجربة, ويزداد عدم الرضا مع إسناد ملف استرداد الأموال, والتصالح مع رموز النظام السابق فى يد رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك, القريب من مؤسسة الرئاسة, وخزائن الجماعة فى ظل غياب دولة القانون، الأمر الذى يثير كثيرا من الشبهات. وحول تفاصيل المشهد السياسي المصري وتداعيات حالة الغضب والعصيان المدنى, في المجتمع حاورت «الوفد» الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى. ماهو تعليقك على حكم وقف انتخابات مجلس النواب؟ - الحكم لطمة موجهة إلى فقهاء السلطة, ورسالة شديدة الهجة, بأن يتواروا خجلا ويكفوا عن العبث فى تفصيل القوانين, وإطلاق التفسيرات الفضفاضة للدستور, لإيجاد مبررات للرئيس, للتغطية على توجهاته, وقراراته، التى أوقعته فى خطايا وكوارث, أضرت بالمرحلة الانتقالية, وبالحريات العامة, وعصفت باستقلال القضاء. هذا تجن على شخصيات وقامات قانونية؟ - مع تقديرى لهذه القامات, هى التى أوقعت السلطة فى أخطاء كثيرة, لأنها قدمت الولاء, والمصالح الشخصية, على حساب المصلحة العامة، وحدث هذا فى تغول الرئيس على حكم الدستورية ببطلان البرلمان السابق, ومحاولته إعادة البرلمان مرة أخرى, ثم فى الإعلانين الدستوريين الأول, والثانى, وقانون العزل السياسى بالدستور، وأخيرا قانون الانتخابات, الذى تصدى له القضاء الإدارى, وأحاله إلى الدستورية. وما هو المقابل ؟ - الاستوزار فى الحكومة, أو التعيين فى الشورى, ومعظمهم تم اختيارهم فى الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور, وأيضا فى تفصيل قانون الانتخابات، حيث كانوا من أشد المدافعين عن الإعلانات الدستورية, وما زالوا يقدمون المبررات حتى هذه اللحظة. ولكن خلاف رجال القانون رحمة؟ - إذا كان الخلاف بقصد المصلحة العامة, وليس بإطلاق التفسيرات الفضفاضة, والتحايل, والالتفاف على مواده لغرض فى نفوس البعض، خاصة أن القانون من العلوم الإنسانية, والخلاف فيه وارد، ونتيجة للأهواء, والمصالح الشخصية فقدت بعض القامات القانونية الثقة فيها, وتحولت إلى عبء على العدالة. صناعة التشريع اجتهاد قابل الصواب والخطأ؟ - على يد هؤلاء لم تعد عمليات التفصيل والرتق فى القوانين صناعة تشريع، بل انحراف تشريعى على رأى أعظم فقهاء القانون الدستورى المرحوم السنهورى، ومجرد أمواس حلاقة تصنع للبيع والشراء, أى تشريعات تحت الطلب طبقا لمقولة نائب إنجليزى فى مجلس اللوردات. توقعاتك ببطلان مجلس النواب القادم ما زالت قائمة بعد وقف الانتخابات؟ - حكم القضاء الإدارى بوقف الانتخابات أنقذ الدكتور مرسى, وحفظ ماء وجهه من فضيحة جديدة، كانت ستلحق به شخصيا، بسبب عناده فى التمسك بقانون ثبت أنه معيب, وغير عادل، وكان سيؤدى إلى بطلان مجلس النواب, هذا إلى جانب تحمل خزانة الدولة لخسائر كبيرة، تتمثل فى تكاليف العملية الانتخابية, والوقت الضائع فى فتح باب الترشح, والدعاية, والوقوف أمام اللجان, وفى النهاية إصابة الناخبين بالإحباط, لاكتشافهم «المقلب» الذى أوقعهم فيه الرئيس, والحكومة بسوء تقديرهم. ولكن طعن الرئيس على الحكم يؤكد أن له رأيا آخر؟ - طعن الرئيس خطيئة ارتكبها فى حق نفسه, واتهام جديد له بمخالفة الوعد الذى أعلنه، خاصة أنه تعهد بعدم الطعن على الحكم, وترك الأمر للقضاء، مما يؤكد أن قراره ليس بيده بل فى المقطم، حيث مكتب الإرشاد، وتكرار التراجع دون تقديم أى مبرر عيب, وليس ميزة, وهذ دليل على أن هناك أمورا كثيرة تجرى عكس الاتجاه. هذا اتهام للرئيس بسوء النية؟ - إدارة الدولة ليست حقل تجارب، ولا يخضع العمل فيها للنوايا, وتقديرات الحكام، خاصة فى بلد كبير مثل مصر، ولكن تدار بالخطط, والاسترتيجيات, وبالاستعانة بخبرات عقول أبنائها, ومشاركة الجميع، بعيدا عن الجماعات, والأهل, والعشيرة, وللأسف غالبا ما يستباح كل شيء بدعوى حسن النية. فى رأيك الإشراف القضائى فى الاستحقاق الانتخابى القادم محل شك؟ - وارد جدا تعليق القضاة إشرافهم على الانتخابات القادمة, أو أى انتخابات أخرى، بسبب عدم حسم أزمة النائب العام المعين المستشار طلعت عبد الله, وبقائها دون حل، خاصة أن الأغلبية الكاسحة من القضاة عند موقفهم من النائب العام، ويرهنون مشاركتهم فى الإشراف على الانتخابات على إقالته, واختيار نائب عام جديد من خلال المجلس الأعلى للقضاة, لأن بقاءه عدوان على السلطة القضائية, وانتهاك لدولة القانون. تعتقد حل الأزمة قريبا؟ - قضية النائب العام المقال المستشار عبد المجيد محمود, تحدد لها جلسة النطق بالحكم فى دائرة طلبات رجال القضاء يوم 24 مارس الحالى، والحكم فى هذه الجلسة نهائى ولايقبل الطعن، وهى الدعوى التى سبق ان رفعها النائب العام المقال للطعن على دستورية القرار الصادر بعزل عبد المجيد محمود, وتعيين نائب عام جديد هو المستشار طلعت عبد الله. ولصالح من تتوقع أن يكون الحكم؟ - لصالح المستشار عبدالمجيد محمود، خاصة أن النائب العام المعين اعترف عقب تعيينه وقبل استقالته الأولى بأنه ضد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى، ورغم ذلك قبل التعيين بموجبه. أنت مع دعوات تفويض الجيش بإدارة البلاد؟ - مع حق الناس فى المطالب المشروعة, ومنها تحرير توكيلات للجيش, لتفويضه بإدارة شئون البلاد، كحل مؤقت يرتضاه الناس بكامل إرادتهم, حقنا للدماء, ولإنقاذ البلاد من حالة الانهيار الاقتصادى, وانحراف السلطة عن المسار الصحيح, وانسداد أفق الحوار، وطالما المطالب تتبع القنوات الشرعية التي اعترف بها, وفى حدود الأسلوب السلمى, وبعيدة عن العنف. ولكن التوكيلات افتئات على حق الرئيس المنتخب والصندوق؟ - التوكيلات تعبير غاضب من إرادة شعبية، والشعب صاحب الحق الأصيل فى منح الثقة, أو سحبها فضلا عن أن الشعب مصدر كل السلطات, وإرادته لها مشروعية تعلو القانون والدستور، ودليل هذه الإرادة تحدية الراقيل إلى تضعها السلطة, وتدخلها لمنع مراكز الشهر العقارى تحرير التوكيلات, وإغلاق بعضها فى وجه بعض الأفراد، هناك إصرار وتحد لعمل التوكيلات, ولجوء البعض كتابتها بأنفسهم رغم امتناع بعض الجهات الرسمية عن توثيق التوكيلات. وهل التوكيلات لها قانونية؟ - نعم، فهى تعبير يحدث أثره، والتوكيلات ليست بالأمر الجديد على مصر، وتعود بنا إلى ثورة 1919. عندما فوض الشعب سعد زغلول زعيم الوفد فى ذلك الوقت, للتعبير نيابة عنه فى التفاوض مع الإنجليز, بدلا من القصر لطلب الاستقلال، وكانت التوكيلات تعبيرا عن إرادة شعبية للمصريين بتفويض سعد، وبحكم هذه الشرعية والمشروعية تم الرضوخ لهذه الإرادة. تعتقد أن الجيش سيستجيب بالنزول؟ - أتوقع أن استجابته اقتربت جدا, وأصبح نزوله أمرا واقعا، بعد انسحاب الشرطة من بورسعيد, وبعض المواقع, وتزايد الدعوات للعصيان المدنى، ونزول الجيش سيكون ضرورة لملء فراغ السلطة الغائبة. وما هو المتوقع من الجيش؟ - امتصاص حالة الغضب, وتهدئة الشارع المحتقن, وتسيير الأمور، وبحكم أن الجيش مؤسسة محايد ة, وبعيدة عن الصراعات السياسية, وتقف على مسافة واحدة من الجميع تضمن إدارة حوار وطنى تشارك فيه جميع الفصائل, للم شمل الفرقاء, للمشاركة فى اختيار مجلس مدنى مؤقت يتولى تسيير إدارة شئون البلاد، ويضم المجلس شخصيات من ذوى الخبرة والكفاءة. وما رأيك فى قرار ضبط وإحضار موكلك الفريق «شفيق»؟ - الاتهامات الموجهة إلى الفريق أحمد شفيق سياسية, وهى مجرد تصفية حسابات معه لكونه المنافس القوى للرئيس مرسى فى الانتخابات الرئاسية, وصاحب دعوى تزوير الانتخابات, ومطالبته بعدم الاعتداد بالنتيجة المعلنة، فضلا عن أن القضية محل الاتهامات تم تحريكها بمجرد إعلان نتائج الانتخابات، مما يشير إلى الكيدية. تم حفظ القضية أم ما زالت متداولة؟ - ملف القضية ما زال مفتوحا, ومنتدب لها قاض هو المستشار أسامة قنديل, ومنتدب لها لجنة خبراء، ومنذ شهر نوفمبر 2012, ونتائج تحريات القضية التى طلبتها النيابة من المباحث الجنائية, والرقابة الإدارية لم تصل إلى النيابة، وهناك كثير من علامات الاستفهام حول هذا التباطؤ, والذى قد يصل إلى حد التواطؤ. دفاعك عنه أمر طبيعى لأنك محاميه؟ - لست محاميه فى قضية أرض جمعية الطيارين الموجهة له الاتهامات فيها, ولم يصدر حتى هذه اللحظة حكم نهائى فيها, وتم تبرئته فى إحداها، وعلاقتى بالفريق شفيق كمحام اقتصرت على الدفاع عنه ضد قانون العزل الذى استهدفه, لضمان عدم قبول أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية، وطعنت بعدم دستورية قانون العزل، وتم قبول ترشحه, ودفاعى كان لاقتناعى بصحة موقفه, وأن العزل فيه ظلم, وغير عادل, لأنه اعد خصيصا لشخصه. وهل تتوقع استجابة الإمارات لتسليم شفيق؟ - غير وارد, لأن لدى السلطات الإماراتية إجراءات معقدة, لاتتوافر فى قرار النائب العام ومنها وجود إنابة قضائية, وتشترط إخطار المطلوب ضبطه وإحضاره بالحكم, وأن يكون الحكم نهائيا، فضلا عن أنها متأكدة أن القضية سياسية, وتصفية حسابات. فى رأيك الرئيس الحالى غير شرعى؟ - الدكتور محمد مرسى الموجود فى قصر الاتحادية هو رئيس الأمر الواقع, وهو وجماعته وعشيرته. أما الرئيس الشرعى فما زال اسمه مرهونا بإعلان نتائج التحقيقات، ومن حق الرأى العام أن يعرف نتائج قضية تزوير بطاقات الاقتراع فى جولة الإعادة, والتى كشفتها المباحث الجنائية, والمتهم فيها المطابع الأميرية، وعلى الدكتور مرسى حث جميع الجهات المعنية, للإسراع بتقديم ما لديها من نتائج التحريات لحسم الشكوك بالفص فى القضية، خاصة أن إعلان نتيجة الانتخابات كان تحت تهديد من الجماعة بحرق القاهرة, وضغط من الإدارة الأمريكية. بماذا تفسر تطابق موقفك من عزل شفيق مع موقف «الدستورية» من مادة العزل بالدستور؟ - هذا دليل على سوء نية الداعين, والمشاركين فى صياغة مواد العزل فى الحالتين. كما أن العجلة التى كانت تسيطر عليهما فى ظل عقدت الاضطهاد, جعلتهم ينحرفون بالتشريع, ليتحول العزل السياسى على يدهم إلى إقصاء وتصفية حسابات، وكان يفضل أن يستند التشريع إلى قاعدة مجردة، يستهدف العدالة وتحقيق المصلحة, وليس لمجرد شهوة الانتقام, والتى لم تقتصر على رموز النظام السابق ممن كان لهم دور فى اتخاذ القرار, والذين اصطلح على تسميتهم بالفلول. ولكن تم تعميم العزل فى الدستور إلى الكثير من أفراد الشعب طبقا لتحفظات المحكمة الدستورية. وما هو موقفك من التصالح مع رموز النظام السابق؟ - أرحب فى اقتصاره على الجرائم الاقتصادية والمالية فقط، وهى فكرة إيجابية, ومنطقية أشجعها, وأؤيد التصالح مع الجميع فى ذات القضايا, وأن لا يقتصر الأمر على رموز النظام السابق فقط، خاصة فى ظل عدم وجود نصوص وقواعد قانونية مجردة، بهدف رد مستحقات الدولة لصالح الخزانة العامة للدولة, ولضمان مشاركة الجميع فى دوران عجلة الإنتاج, وفى تعظيم مجالات الاستثمار, والتنمية الاقتصادية، فضلا عن أن قانونى البنوك, والاستثمار يسمح بذلك، والتطور التشريعى الجنائى يحبز نظام التسويات, والتصالح, لأنه يخفف من إجراءات التقاضى, ويساهم فى تهيئة مناخ الاستثمار, ورسالة إلى مستثمرى الخارج. ما زلت عند موقفك بعد علمك بدور حسن مالك؟ - لابد من درء الشبهات عن ملف التصالح، ووجود حسن مالك كطرف رئيس فى الملف أدعى لوضع مئات علامات الاستفهام, والتحفظ على الملف بالكامل، كونه رجلا أعمال إخوانى, ومقربا من الرئاسة, وبالتالى وجود شكوك حول عمليات الابتزاز, والعمولات, وغيرها من الأساليب الملتوية, التى قد تكون وراء كل عملية تسوية، لأنه من الأمور المسلم بها كقاعدة عامة فى الحالة المصرية التى تفتقد الشفافية, والنصوص القانونية النظمة, من يتولى التصالح هو من يحدد قواعد التسويات. وكيف يمكن تلافى الشبهات؟ - عن طريق تشكيل لجنة قضائية تعمل وفق نص تشريعى محدد, تتولى الملف, واتخاذ كافة الإجراءات، بعيدا عن الجماعة, والتحزب, وأصحاب المصالح الخاصة. وبالنسبة لقوانين الصكوك والتظاهر وتداول المعلومات ماهى تحفظاتك؟ - هناك 45 قانونا جاريا طرحها على مجلس الشورى, لإقرارها, تم مناقشة بعضها منها الصكوك, وتداول المعلومات, والتظاهر, والضرائب, ومكافحة الفساد, والمجلس الوطنى للإعلام، والمفاجأة أنها مهددة بالبطلان، بسبب وجود مؤسسات رقابية دستورية مستقلة, وردت فى الباب الرابع من الدستور، وهذه المؤسسات ذكرت فى الدستور, ولم تنشأ بعد، ويلزم الدستور الحكومة ومجلس الشورى أخذ رأى هذه المؤسسات فى مشروعات القوانين الخاصة بها وصدور أى قوانين فى غيبة هذه المؤسسات يعرضها للبطلان، كأنها لم تكن.