وزارة السياحة تنظم قافلة بالتشيك للترويج للمقصد المصري    بروتوكول لجهاز تنمية المشروعات لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال بين الشباب والمرأة    معهد فلسطين للأمن: اغتيال رائد سعد يهدف لإرباك حماس ورفع معنويات الداخل الإسرائيلي    توروب يضع برنامجًا خاصًا لعودة ثنائي الأهلي الدولي قبل مواجهة سيراميكا    ريال مدريد يجهز خيار الطوارئ.. أربيلوا الأقرب لخلافة تشابي ألونسو    إصابة 14 شخصا إثر تصادم ميكروباص بسيارة ملاكي في البحيرة    صحة البحيرة: الكشف على 1966 مواطنا ضمن قافلتين بمركزي دمنهور وشبراخيت    رئيس الوزراء يؤكد أهمية تكامل إفريقيا خلال الإعلان عن إنشاء مركز التجارة الإفريقي لأفريكسيم بنك بالعاصمة الإدارية    29 طعناً أمام مجلس الدولة على انتخابات النواب    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    بدر عبد العاطي: مصر ثابتة على رفضها لأي محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة    أشرف زكي يكشف مستجدات الحالة الصحية ل عبلة كامل وحقيقة دخولها المستشفى (فيديو)    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات مع روسيا    الزملوط يتابع استعدادات ختام مهرجان الرياضات التراثية بالوادي الجديد    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    شركة نستلة ترفع أسعار منتجات الآيس كريم بنسبة 25%    ضبط 23 شركة سياحية للنصب على راغبى الحج والعمرة    وفاة طبيب أسنان بالشرقية إثر توقف مفاجئ بعضلة القلب    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    فرحة «هنيدى»    استشهاد وإصابة 30 فلسطينيا في قصف إسرائيلي غرب مدينة غزة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    محافظ الغربية يتفقد الشوارع الفرعية بطنطا لمتابعة رفع مياه الأمطار    حبس مدرب أكاديمية كرة القدم بالمنصورة المتهم بالتعدي على الأطفال وتصويرهم    "أزهري يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عدية للقراءة    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    حماس تحذر من كارثة إنسانية بعد عواصف غزة    وفاة والدة الدكتور خالد حمدي رئيس جامعة الأهرام الكندية    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    تعرف على إيرادات فيلم الست منذ طرحه بدور العرض السينمائي    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد فرحات: الشاعر يبتعد من خلال التباسه بالراوى عن السكونية المعتادة فى النص التقليدي
ملامح ظل محمد الشحات فى ندوة نقدية بالمركز الدولى للكتاب
نشر في الوفد يوم 26 - 02 - 2022

مصطفى عطية: شعرية الشاعر على قدر انغماسها فى الذات ولكنه انغماس متوحد مع آلام الوطن والأمة
صبرى أبوحسين: الملامح فى هذا الديوان تشمل كل حياة الشاعر
عصام محمود الديوان تجسيد لشعرية الذات والآخر
رضا عطية: إحدى التجارب فى شعر التفعيلة تعمل توازنًا ما بين آليات النوع الشعرى والتعبير عن هموم الذات
التف خمسة من نقاد الأدب حول ظل الشاعر محمد الشحات فى ندوة نقدية بالمركز الدولى للكتاب بالهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة د. هيثم الحاج لمناقشة ديوان «ملامح ظلي» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤخرًا، والنقاد الخمسة هم د. أحمد فرحات الناقد الأدبى وأستاذ الأدب والنقد بكلية الفارابى بجدة، د. مصطفى عطية جمعة أستاذ محاضر بكلية التربية الأساسية قسم اللغة العربية، بالهيئة العامة للتعليم التطبيقى والتدريب، بدولة الكويت، د. صبرى أبو حسين أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالزقازيق، د. عصام محمود أستاذ الأدب والنقد كلية الآداب جامعة حلوان وقام بإدارة المناقشة وشارك فيها الناقد الأدبى د. رضا عطية.
قدم الندوة الناقد الأدبى د. رضا عطية فقال: فى ديوان ملامح ظلى للشاعر محمد الشحات تتبدى حضورات الظل باعتباره تمثيلًا للذات تمثلًا متنوعًا للشخصية، ويتبدى فى خطاب محمد الشحات الشعرى هذ الانشطار الذاتى أو هذه الحضورات المتعددة والمتمايزة للذات ومراوحة الشخصية بين تماصرات الذات المتعددة الممثلة فى حضورات الظل وتجليات الظل وهو إحدى التجارب فى شعر التفعيلة التى تحاول أن تعمل توازنًا ما بين آليات النوع الشعرى من حيث استثمار متاحات النوع التفعيلى وما بين التعبير عن هموم الذات عبر الخطاب الشعرى
البنية السردية فى ملامح ظلي.
كان د. أحمد فرحات هو أول من بدأ الحديث بدراسته عن الديوان فقال تتشكل نواة البنية السردية فى ديوان ملامح ظلى لمحمد الشحات من خلال تبنى خاصية التجريب الذى ينفى الحدود الفاصلة بين الأنواع، التجريب فى اللغة والتركيز على مستوى الدلالات اللغوية والتجريب المعتمد على العمل الواحد بوصفه سياقًا متحدًا، وإن تعددت تقسيماته الموضوعية وغيرها. والمتأمل فى شعر محمد الشحات من خلال ديوانه عبر متوالية قصائد «ملامح ظلي» يمكن أن يلمح الموقف السردى فى النص الشعرى وتأثيره بصفة لافتة بموقف الشاعر من لغته وتراثه ومحيطه الحضارى وإرثه الثقافى العام والخاص، وأدواته الفنية واستيعابه تقنيات الفنون المعاصرة والقديمة فى آن واحد من مسرح وسينما وفنون قولية وأخرى غير قولية، تعين الشاعر ليستوعب السرد الشعرى. فيقول: أعلن ظلى رغبته/فى أن يخرج منفردًا/ كنت أحاول أن أثنيه/ وحين تمسك/غادرت/ تركت له خارطة طريق/ وبقايا ضوء/ وجلست على مقربة كى أرقبه/ أوقفه الشرطي/ وأجلسه/ كى يتفحص أوراق هويته.
ففى المقطع الشعرى السابق نلحظ ترديد المكون السردى فى الأسطر الشعرية عبر جديلة الراوى الداخلى والراوى الأصلى، فالراوى الأصلي/الذات الشاعرة ينسلخ منها راو داخلى آخر يتجاذب معه أطراف الحديث ويعلن عبر محاورة الظل أو الذات لنكتشف عالم الشاعر الرحب. وأن الظل يخالف الأصل ولا يشبهه، فهما على النقيض، يرى الأصل ما لا يراه الظل، ودائمًا يختفى الظل مع السحب، وضوء الشمس، وفوق الموج... فالأصل قانع راض مستقر أما الظل فمنطلق حر يهوى الحركة والانطلاق فى الفضاء.
الشاعر يبتعد عن السكونية المعتادة
يتسم ديوان «ملامح ظلي» بوجود الراوى الداخلى دائمًا فى النص الشعرى وهذه حالة تبدو ذات حركة فاعلة فى دلالة النص، والتراكيب السردية التى تسهم بقدر كبير فى صوغ هذه الحركة. الشاعر يبتعد من خلال التباسه بالراوى عن السكونية المعتادة فى النص التقليدى ويحرك النص بصورة جادة تبدو من خلال حركة الراوى المتجهة إلى الانطلاق والحرية والتعبير عن الحال.
أوقفنى مصباح الشارع/ كيما أعبر وحدي/رفض مرور الظل/ ورفع لوجهى قائمة/ تجبره كى يوقفه/فلقد خرج الظل/ عن المألوف/ افتعل الظل مشاكسة/ وحاول أن يخنقه/لاحت فى الأفق هزيمته/ فأعلن ظلي/ رغبته كى يستسلم/ ويعود/ من حيث أتى.
ويبدو بجلاء أن المكون السردى فى النص الشعري- وهو سلسلة من التحولات والأحداث والمواقف- ليس سوى تدعيم يرسخ به الشاعر بنية نصه الشعرى التركيبية والدلالية وهذا ما يسمح بتخصيص الخطاب وتحديده.
أما المرتكز الذى تعتمد عليه البنية السردية فى النص فتتمثل فى البنية الحكائية وتقنيات السرد، مع الحوار القائم بين الشخصيات، وهو حوار يستفاد منه فى تلوين الخطاب، واستثماره اختلاف الضمائر فى التعبير عن تجربته الشعورية، كذلك تضخيم بعض الأمور والأحداث، والتفاصيل التى تخدم موضوع النص لخلق التأزم الدرامى. ومن هذه الأمور السردية أيضًا التساؤل والاستفهام، القلق الروحى، والكبت، الشعور بالظلم والضياع والقهر، الثورة والرفض، الأمل والحرية. وتبدو هذه السمات فى قوله عن الظل: أوقفه الشرطى وأجلسه/ كى يتفحص أوراق هويته/ من أين أتيت؟/وكيف خرجت؟/ لا يمكنك التجوال بمفردك/وكبله/ أدخله فى قلب الظلمة/كى يحبسه.
رؤية غاية فى الفرادة
وقال د. مصطفى عطية جمعة من عنوان الديوان ومن خلال القصيدة الأولى فيه، نجد رؤية غاية فى الفرادة، وتمثل إضافة إبداعية نوعية، حيث سعى الشاعر إلى أنسنة الظل، ومن ثم فصله عن ذاته، وبدلًا من أن يكون الظل تابعًا للذات الشاعرة فى تنقلاتها، ويبدو فى عينيها عندما يكون الجسد تحت ضوء الشمس، أو فى معية أضواء المصابيح، فإن الظل صار ذاتا مستقلة، يحاورها الشاعر، ويجاورها، ويصارعها، ويتلقى الصفعات منها، بل إن الظل بات رقيبًا على الذات الشاعرة، يحاسبها على تصرفاتها، بل ويسابقها أينما ذهبت، لندرك أنها حوارية الذات مع نفسها، فما الظل إلا صورة أخرى للذات، ولكنها باهتة نوعًا ما، إلا أنها فى القصيدة ساطعة بقوة.
وتستمر هذه الثنائية، فالذات فى قصيدة «مصالحة» منشطرة، لتكون ذاتين، كاملتى الجسم، والروح والإرادة، فى دلالة على رغبة الذات الشاعرة فى حوار نفسها، وهى الثنائية التى نراها فى قصيدة «هل مررت من هنا»، حيث تنفصل الذات، وتعيد محاورة نفسها، وربما هذا ما دفع الذات الشاعرة إلى التماس الحقيقة، من خلال رحلة صوفية، تتردد صداها فى قصيدة «لن تفروا منه»، وقصيدة «ملجأ يحتوينا»، التى تلجأ فيها الذات إلى المسجد، تناجى الرب، بدعاء وصفاء.
وأضاف د. مصطفى ومن الملامح الفنية البديعة، ما نراه فى توظيف الشاعر بنية السيناريو ببراعة فى قصيدة «مشاهد من رحلة لم تنته»، واستخدام ضمائر المتكلم ليعود بنا فى الطفولة كما فى قصيدة «مرح طفولي»، وضمير الخطاب مخاطبًا به النهر، وأيضًا ذاته المتأملة فى قصيدة «وصية للنهر»، التى تتحول إلى علاقة حميمة مع النهر ذاته تبدو جلية فى قصيدة «حزن للنهر»، فالنهر يتأنسن، وينظر لوجه الذات الشاعرة حزينًا، ويواصل تدفقه فى صمت، إنه حزين حزن البلاد والتراب والناس.
واختتم حديثه بقوله إن شعرية محمد الشحات على قدر انغماسها فى الذات، ولكنه انغماس متوحد مع آلام الوطن والأمة، وأحوال النهر والعباد، وهو شاعر راسخ القدم، يجيد توظيف عشرات التقنيات الشعرية، ما بين دراما وسرد، وصورة ورمز، ومفردة وتركيب، فى خطاب شعرى، واضح غير ملغز، جمالى غير مباشر، شفاف غير غامض.
تفكيك العنوان الرئيس فى الديوان
فيما تناولت ورقة د. صبرى فوزى أبوحسين أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات، بجامعة الأزهر حول تفكيك العنوان الرئيس فى ديوان (ملامح ظلي)، حيث أشار إلى أنه بات معروفًا نقديًّا أن العنوان الرئيس عتبة رئيسة فى قراءة أى عمل أدبى حداثى، وأن المبدع المعاصر يَقصِد إلى إبداعه قصدًا، وأنه يتأنَّق فى إخراجه، ويجعله ذا حُمولات عاطفية ومعرفية وفنية مكثفة، وأنه يكاد يكون العبارة المفتاح إلى الديوان، وأحيانًا لا نستطيع قراءة تجارب من الديوان وتأويلها إلا عبر المرور من محطة العنوان الرئيس!، وهذا ما أحسست به عند مطالعتى ديوان(ملامح ظلي) للشاعر المخضرم محمد الشحات ومفاتشتى إياه. ذلكم الشاعر السبعينى العمر، السبعينى الإبداع، و(ملامح ظلي) يمثل ديوانه الطازج، الصادر عن (الهيئة المصرية العامة للكتاب) سنة 2022م، وهو الديوان الثانى والعشرون!
ويضف د. صبرى وهو ديوان يرى مَنْ عَرَّفُوا به أن قصائده تنتمى إلى مرحلة (ما بعد الحداثة)! وفيه اثنتان وأربعون تجربة تفعيلية النسق العروضى، ومتنوعة المضمون، وتكاد تكون مقاطع من سيرة مبدعنا الذاتية، وتسجل مشاهد من واقعه المُعاش والمُتَخيَّل، وفى بعضها تناص مع ثقافته الدينية والشعرية!
وأرى أنه إذا كان الشاعر قد أبدع قصيدة بعنوان (خماسية للحياة) فإننى بعد قراءة أولى عجلى أحس بحضور خماسية فنية مهيمنة فى إبداع تجاربه، وهي: (التفعيل، والسرد، والترميز، والانفعالية، والتخييل)، التى تمثل- فى نظري- مخططًا أمثل لمقاربة هذا الديوان، وهى خماسية تحتاج مجهودًا عقليًا كبيرًا: قرائيًّا، وتنظيريًّا وتحليليًّا، وتأويليًّا، ولكننى هنا فى هذا المقالة سأقتصر على تفكيك التقنية الفنية الأولى فيه، وهى (العنوان الرئيس) عن طريق تحليل علاماتى ذاتى حر!
جاء عنوان الديوان (ملامح ظلي) تركيبًا إضافيًّا، مكونًا من كلمتين، هاك تفكيكًا لهما مفردتين، ثم تفكيكًا لهما مضافتين، عبر متابعة لفظتى العنوان {ملامح/ ظل، والتحاور معهما، وتتبع حركتهما فى المتن الشعرى لتجارب الديوان}.
لفظ الملامح والدلالة الحسية
ويكمل حديثة بقولة فلفظة (ملامح) فى
الديوان، (الملامح) دالًاّ حِسِّيًّا ففى قصيدة (مشاكسات لا تنتهي) نجد لفظة (الملامح) ما زالت فى معناها الحسى، وهو ما يظهر من أوصاف الوجه ومن مظهر الإنسان، سواءً أكانت محاسن أو مساوئ، لكنها أسندت إلى الشاعر، حيث يوصى النادل الشاعر: {ألا يخفى فيضَ مشاعرهِ/ إذ ما طفحَ بداخله الشوقُ/ وأخبرهُ/ بأن تجاعيدَ الزمنِ/ قد امتلكت كلَّ ملامحهِ/ وأن مداومةَ العشقِ ستنجيه ومن القصيدة نفسها: رفع لواءَ الغضبِ/ اشتاط وزمجرَ/ حين انعكسَتْ صورتهُ فى المرآةِ/ وكان الشيبُ يُغطى كلَّ الرأسِ/ وفوق ملامحهِ/ خطوطٌ لم يعهدْها}.
وأضاف د. صبرى الملامح دالًّا فاعلًا ثمينًا فى الديوان المبحوث قصيدة كورونية بعنوان (اقتلع الطاعون)، ونجد فيها للَّفظة بعدًا آخر خاصًّا بالحالة الوبائية التى يعيشها إنسان الفترة الحالية، حيث يحتاج أن يتذكر الأحباب ويتصل بهم قبل أن يفارقهم أو يفارقوه، يتذكر (ملامحهم)، لما لها من قيمة، ولما لها من مكانة! يقول: {فلتحبسْ فى رئتيكَ/ هواءً/ لن تعهدَه حين تغادرُ/ دعْ كلَّ معارفِك/ وحاول/ أن تحملَ فى عينيكَ/ ملامحَ طفليكَ/ ووجهَ أبيكَ/ استعطافَ أخيكَ/ لإخفاءِ شقاوتهِ/ ومنازلةِ الأصحابِ/ لكى تبهرها}.
ويشير إلى أن (الملامح) هويةً وطنيةً وحضاريةً: ومن قصيدة (البحث عن صفقتين) تأخذ (الملامح) بعدًا حضاريًّا، فتكون رمزًا للهوية، ومعادلًا موضوعيًا لثوابت الوطن والأمة! و(الملامح) دالًاّ عامًّا وفى قصيدة (الخروج من جلباب أبي) نجد (الملامح)- بمفهوم عام: حسى ومعنوى، وهوالمعبر عنه مُعجَميًّا ب(المَشابِه)، وذلك بفعل صراع الأجيال: الأب والابن- حاضرة فى هذا النص، حيث يقول: {ولا أعرفُ كيف أفرقُ أنفاسى عن أنفاسكَ/ رجرجنى خوفى حين نظرتُ إليكَ/ ملامحك أراها تحلِّقُ فوقَ ملامحِ وجهي/ حين أراني/ تبهجك إشارات الأصحابِ بأنى جزء منكَ/ أوقفنى صوتُكَ/ فض الأحرازَ/ ودقق فى كل ملامحِ وجهي/ أربكنى}.
ويختتم ورقته البحثية بقولة وأرى أن (الملامح) فى هذا الديوان تشمل ذات الشاعر، وحياة الشاعر، وعلاقات الشاعر، وحركات الشاعر، ومواقف للشاعر، وروحانيات للشاعر، وعشيقات للشاعر، وتساؤلات الشاعر، وقرارات الشاعر، ومراجعات الشاعر، رؤى جاءت فى شكل مشاهد ومرئيات، ومن ثم غلب على التجارب السردية والمشهدية.
شعرية الذات والآخر فى ديوان ملامح ظلي
وعنون د. عصام محمود ورقته البحثية بعنوان شعرية الذات والآخر فى ديوان ملامح ظلى، حيث قال يمثل ديوان ملامح ظلى مرحلة مهمة من مراحل الإبداع الشعرى فى مشروع الشاعر محمد الشحات الذى يسعى من خلاله إلى إبراز سماته الفنية وملامح إبداعه الشعرى عبر مجموعة من الدواوين الشعرية المتنوعة التى طرحها والتى تم نشر بعضها وتجميع مجموعة منها فى سلسلة العمال الكاملة المكونة من أربعة أجزاء، ثم يأتى ديوان ملامح ظلى ليضع لبنة مهمة فى هذه السلسلة، وتقوم عملية قراءة هذا النص عبر عدة خطوات نقدية أولها العنوان ثم الإهداء، وتنطلق القراءة النقدية بعد ذلك نحو اكتشاف عالم الشحات الشعرى من خلال دراسة الصورة الفنية وتجلياتها عبر النصوص المختلفة فى الديوان الذى يحوى 43 قصيدة مختلفة
ملامح ظلى هو العنوان والعتبة الأولى التى يتجاوزها المتلقى، فهو أول ما يقابل المتلقى، والعنوان هو الواجهة الأولى التى يلقى المتلقى القارئ بها، فالعنوان كما يقول «لوى هويك» فى كتابه «سمة العنوان» هو: «مجموعة العلامات اللسانية، من كلمات وجمل، وحتى نصوص، قد تظهر على رأس النص لتدل عليه وتعينه، تشير لمحتواه الكلى، ولتجذب جمهوره المستهدف»، وله هدف واضح أنه «يخاطب به بصريًا وإشهاريًا الكثير من الناس، فيتلقونه؛ لينقلوه بدورهم إلى الآخرين، وبهذا فهم يسهمون فى دورته التواصلية والتداولية»، فالعنوان قناة تواصلية رئيسة بين الباث والمتلقى، كما يشير جيرار جينيت فى وظائف العنوان:، تسمية النص/ الكتاب تعيين مضمونه وضعه فى القيمة أو الاعتبار.
فتقع تسمية الديوان (ملامح ظلي) لتتم الوظيفة الأولى، وتحدد ولكن من بعيد الوظيفة الثانية والثالثة فلا يمكن تعيين مضمونه بدقة ومن ثم وضعه فى القيمة أو الاعتبار، وتكون مهمة المتلقى هنا محاولة استكناه الوظيفتين، والملاحظ على هذا الديوان (ملامح ظلي) أنه ديوان مكون من 44 قصيدة ليس فيها قصيدة واحدة تحمل عنوان الديوان (ملامح ظلي) بيد أن هناك قصيدتين محاوراتى مع ظلى، ملامح من الحياة اليومية.
ويضيف د. عصام وتشكل هاتان القصيدتان ملامح الديوان فتشكل العنوان من مفردتين مأخوذة من كل عنوان تلك القصيدين ظلى عنوان مكون من كلمتين معبرة عن شيئين الأول الظل، ومن ثم يكون العنوان (ظل- ي) فأضاف ياء النسب، تبدو فيه المخاتلة واضحة فهو لم يحدد فيه سوى الملامح وليس الصورة الكاملة والملمح يعطى إشارة عن المكان أو الشخص المعنى، «إن المرسل غالبًا ما يضع عنوان مرسلته بعد انتهائه منها وتشكلها عملًا مكتملًا، بمعنى أنه– إذ يضع العنوان/ يبدعه– واقع تحت تأثير العمل نفسه بشكل ما من الأشكال كأن المرسل يتلقى عمله ليتمكن من عنونته، غير أن هذا التلقى لا يستهدف إنتاج معنى العمل أو قواعد إنتاج هذا المعنى، كما هو الأمر فى تلقى المتلقى، إذ إن المرسل لا يتحرر– مطلقًا– من وظيفته كمرسل فى مواجهة عمله، ومن ثم لا يتمكن من الإفلات نهائيًا من مؤثرات عملية البث ومحفزاتها، بل ينضاف إليها العمل مؤثرًا ومحفزًا لإنتاج العنوان وهكذا يمتلك العنوان استقلاله الإبداعى من سيرورة مؤثرات عملية البث ومحفزاتها. ويمتلك كذلك علاقته بعمله بدخول هذا الأخير ضمن تلك المؤثرات والمحفزات».
ثم بضيف تأتى الوقفة الثانية مع الديوان من خلال الإهداء الذى يقول فيها الشاعر
إلى حروف الأبجدية التى تمر بقلوبنا فتخرج كلماتٍ متدفقة رقراقة كيما تصل إلى عقول وقلوب الآخرين.
لأن فيه لمحة رومانسية واضحة، فالربط بين الحروف/ رموز الكلمات والتعبيرات- والقلوب هو ربط رمزى جميل أكد ذلك باستخدامه للمجاز المرسل وعلاقته الكلية، وعاود ليؤكد ذلك فى ذكره (كلمات) ووصفها بالرقراقة فجعلها وكأنها كلمات تسيل منسابة تتساقط الحروف حرفًا حرفًا فى القلوب، وهنا نلاحظ تأكد الشاعر من أدواته اللغوية بحيث تبدو فيها القدرة على التعبير البلاغى الذى يتجلى فى صور المجاز دون أن يبدو عليها الافتعال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.