الهجوم على وسائل الإعلام المتنوعة منذ بدأ صعود تيار الإسلام السياسي بعد الثورة؛ وبالتحديد بعد فوز تيار الإسلام السياسي بأكثرية المقاعد في برلمان 2012. فظل الإعلام يكشف فساد وتخبط عدد من أعضاء هذه التيارات المسيطرة على البرلمان آنذاك فوجهت هذه التيارات سهامها للنيل من الإعلام والقائمين عليه بشتى ومختلف الطرق. فانهال تيار الإسلام السياسي خاصة الإخوان المسلمين بالسباب والشتائم على الإعلاميين ووصفوهم بأبشع المسميات مثل سحرة فرعون والراقصين، فتحولت هذه الهجمة المعنوية إلى أخرى مادية بالهجوم على مؤسسات الإعلام والاعتداء على عدد من الصحفيين أثناء تأدية عملهم؛ وأصبح من المنتظر أن تتطور هذه الأزمة إلى تصفيات جسدية لعدد من هؤلاء الإعلاميين لتكميم أفواه البقية!!! أكد عدد من السياسيين أن جماعة الإخوان المسلمين تمتلك مخططا للإبادة والسيطرة على الإعلام المصري لتشكيل وتهيئة العقول وتمرير ما تريد تمريره إلى الشعب المصري الذي تمتلكه العاطفة الدينية بطبيعته، وموضحين أن هذه النوعية من السيطرة على الإعلام تعتبر توجها غير برىء لتمرير سياسات معينة. وقال الدكتور نبيل عبد الفتاح مدير مركز الأهرام للدراسات التاريخية إن الاعتداء على جريدتي «الوفد» و«الوطن» هو جزء من عمليات الترهيب للرأى الحر التى شهدتها المرحلة الأخيرة وحملات الترويع والتشويه تجاه كل المعارضة، سواء على المستوى الإعلامى أو السياسى؛ والمسئول عنها السلطة التى فقدت شرعيتها الأخلاقية والسياسية والدستورية بما فعلته من جرائم فى حق هذا الشعب. وأدان «عبدالفتاح» ما يحدث لوسائل الإعلام، معتبرا أن الرئيس مرسى وحكومته مسئولان تماما عما حدث، قائلا: «حذرنا مرارا وتكرارا من آلة العنف والقمع التى تستخدمها الدولة لإرهاب المجتمع من سحل وقتل وتعذيب الثوار، وأدى هذا العنف إلى التعدى على مقرات المؤسسات الصحفية المستقلة، فضلا عن محاولات التشوية المتكررة للإعلاميين والمؤسسات الإعلامية التي لم تأت بثمارها، ومن ثم قرروا الهجوم الفعلي والمادي على هذه الوسائل». كما أكد على وجود مخطط ممنهج ل «الجماعة» تهدف للسيطرة على الإعلام، وقال إن الفارق فى ذلك هو مدى رضوخ وسائل الإعلام لضغوط الجماعة وتوجهاتها ورغباتها فى استخدام تلك الوسائل فى الدعوة إلى إعادة تشكيل العقل والرؤية. وأشار إلى وجود ابتزاز سياسي وضغوط تمارس على وسائل الإعلام من قبل الإخوان، وهناك بالفعل قنوات بدأت تأخذ المبادرة من أجل «التأخون»، بل إن بعض وسائل الإعلام كانت تنتمى لنفس الفكر والتوجه وكانت بمثابة خلايا نائمة تنتظر الوقت لكى يظهر وجهها الحقيقى. ووصف الناشط السياسي أحمد دومة الهجوم على «الوفد» و«الوطن» بالعمل الإجرامى أيا كان الفاعل، مؤكدا أن من له المصلحة الوحيدة في ذلك هو تنظيم جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف أنه من السذاجة أن يعتقد من هم فى السلطة أن عمليات القتل وضرب النار والعنف سترهب الطرف الآخر، متوقعا أن تشهد المرحلة المقبلة العديد من الوقائع المتشابهة ضد وسائل إعلام وصحف أخرى، قائلا: «انتظروا تنفيذ بقية العمليات القذرة للإخوان، وزيادة حالة الفوضى المصطنعة من قبل السلطة. وأشار دومة إلى أنه لا يفهم ولا يعرف حتى الآن حقيقة دور الألتراس فى حرق مقر جريدة «الوطن»، قائلا: «من خلال معرفتى بكثيرين داخل رابطة الألتراس، لا أعتقد أنهم يمكن أن ينجروا لشىء مثل هذا». وأكد أن هناك عناصر يجرى استخدامها من قبل الإخوان ويمكن أن تتخفى بسهولة وأن ذلك كان واضحا خلال حرق مقار الوفد والتيار الشعبى، وفى أحداث الاتحادية الأخيرة، قائلا: «هم عصابة استولوا على السلطة بقوة السلاح، ويعتمد تنظيم الإخوان فى بقائه بالسلطة على الميليشيات سواء التى تنتمى إلى الجماعة تنظيميا أو فكريا كأعضاء بكيانات وتيارات وجماعات أخرى خرجت من عباءة الإخوان». وفيما قال جورج إسحاق عضو جبهة الإنقاذ إن ما حدث من اعتداء على مقرات الصحف جريمة مرفوضة، وأى جهة إعلامية تقدم معلومات وآراء لا بد أن يحترمها الجميع مهما اختلفوا معها - فى الفكر أو الرأى - لكن أسلوب الاختلاف بهذا الشكل مرفوض تماما ويجب محاسبة أى أحد يرتكب مثل هذه الأفعال. وأضاف أن مصر فى عهد مرسى وتنظيم الإخوان، تشهد حالة من الفوضى لم تشهدها من قبل وما يحدث ناتج عن سياسة الرئيس الخاطئة والسيئة، لأجل تمكين جماعته من الحكم بعيدا عن فكرة مصلحة الوطن أو محاولة تمثيل الجميع ولم الشمل. وأردف قائلا: «إن توجه الإخوان للسيطرة على الإعلام غير برىء وسيأخذنا إلى نفق مظلم وضد الدولة المدنية، وكأننا نستبدل باستبداد الحزب الوطنى آخر دينيا». وأضافت أن الحاكم المستبد من ضمن أولوياته السيطرة على الإعلام، مشيرا إلى أن ما يحدث يجرى بأموال «مجهولة الهوية»، تستهدف غسيل العقول؛ موضحا أنه لا يوجد أى تيار سياسى وصل للحكم إلا ويسعى للسيطرة على الإعلام باعتباره الموجه للرأى العام فى المجتمع، مشيرا إلى صعوبة السيطرة على أفواه وأقلام الإعلاميين والصحفيين.