أشعر بالقلق علي حاضر ومستقبل الصناعة المصرية.. والاقتصاد المصري بل أعتقد أن ما تعيشه مصر الآن هو «بداية ردة» تقتل هذه الصناعة التي بدونها تنهار مصر تماماً.. وتعود إلي الوراء.. فهل هذا هو مخطط النظام الجديد؟. هنا يجب أن نفصل تماماً بين حق الإضراب العام.. وحق الوطن، حق العامل في الحصول علي حقوقه.. وحق صاحب رأس المال في حصوله علي عائد مقابل أمواله.. بدلاً من حبسها دون استثمار فيخسر هو.. ويخسر العمال، وبالتالي تخسر مصر كلها.. وللأسف تصاعدت موجات الإضرابات والاعتصامات.. ووصلت إلي حد محاصرة المصانع.. وإيقاف الإنتاج.. ورغم ذلك يطالب العمال بمزيد من المكاسب.. سواء كانوا علي حق.. أو يستغلون الظروف الحالية، لأنهم يرون أنهم إذا لم يحصلوا علي مرادهم الآن.. فلن يحصلوا عليه أبداً، وبسبب ذلك تتعثر كثير من المصانع.. بل وتوقف العمل في المئات منها.. وهذا في النهاية يزيد من طوابير العاطلين. ولقد أزعجني إعلان خطير في «الأهرام» أمس، عن توقف مصنع عالمي وكبير لإنتاج الأدوات الصحية في مصر.. في مدينة العاشر من رمضان.. وكشف الإعلان عن إيقاف عمليات التشغيل والإنتاج.. وللأسف فإن الشركة وفاء منها لطلبات عملائها بدأت في استيراد منتجاتها من مصانعها في العديد من دول أوروبا.. وذلك لحين استئناف الإنتاج المحلي داخل مصر.. وهذان المصنعان كانا ينتجان الصيني والخلاطات بنوعية ومواصفات عالمية.. فهل فعلاً إضراب عمال هذين المصنعين يأتي في مصلحة العاملين أولاً.. ثم في مصلحة الوطن تبعاً لذلك؟! وواضح أن هذه الشركة قررت ذلك بعد أن استنفدت كل سبل الاتفاق مع العاملين في مصانعها.. فكان قرار الإغلاق، الذي يضر العمال.. ويضر الوطن نفسه.. ونعود إلي كارثة الاستيراد من أوروبا.. والأهم يتعطل العمال المصريون عن العمل.. فمن هو الخاسر. أقول ذلك لأنني أري كارثة في الطريق تدمر ما أقامته مصر من قاعدة صناعية ممتازة.. استطاعت أن تتحول بمصر من الاستيراد.. إلي التصدير.. وأتذكر هنا أننا كنا نستورد الصيني والأدوات الصحية من ايطاليا.. ومن أسبانياً ومن غيرهما، حتي دخل رجال الأعمال المصريون عالم هذا الانتاج.. ونجحوا في تغطية الاحتياجات المحلية.. بل وتحولوا إلي مصدرين للمئات من الدول الكبري العريقة في هذه المنتجات.. وكان هذا أكبر نجاح لتوطين هذه الصناعات، التي لم يكن في مصر كلها قبلها، إلا مصنعاً واحداً تابعاً للقطاع العام.. فإذا حصرنا كم مصنعاً منها الان في مصر نكتشف أن هناك عشرات المصانع تنافس الانتاج العالمي وتغطي الطفرة الاستهلاكية في القري السياحية والمدن الجديدة حتي أي منزل صغير يحتاج هذه المنتجات.. وليس هذا المصنع وحده الذي تعثر حتي توقف بسبب المطالب العمالية، حتي وإن كان لهم حق.. ولكن كله كوم وتعمد محاصرة العمال للمصانع وتعطيل متعمد للإنتاج.. بل ومحاصرة الذين أقاموا هذه المصانع الرائدة وفي مقدمتهم رجل الأعمال المصري الرائد محمد أبو العينين، الذي حاصروه ومعه الخبراء الأجانب داخل المصانع ومطالبتهم بدفع الأرباح.. مقدماً!! ثم ما حدث مع مصانع رجل الأعمال العصامي محمد فريد خميس الذي أدخل صناعة متطورة للسجاد حتي أصبح ينافس الانتاج العالمي ويذهب منافساً لهم في معارضهم التي كانوا يحتكرونها فيفوز عليهم هذا المصري العصامي.. في عقر دارهم.. هنا لابد من وقفة حاسمة لإنقاذ الصناعة الوطنية وحماية رجال الأعمال المصريين.. حتي لا يفكروا في نقل استثماراتهم للعمل خارج مصر.. وبذلك تحدث لنا نكسة صناعية واقتصادية رهيبة نعود بعدها إلي الاستيراد.. ولنا عظة فيما حدث لصناعة الغزل والنسيج.. التي كانت رائدة عندنا.. اللهم إلا إذا كان هناك من يخطط لخدمة المصانع التركية التي تحلم بغزو الأسواق المصرية التي يسيل لها لعاب الأتراك وغيرهم.. كدة وإلا إيه!!