*محمد المرشدي: غياب الدولة ينبئ بمزيد من الخراب.. وما يحدث في السخنة بلطجة * محمد المنوفي: المصانع متوقفة والأزمة لن تكون الأخيرة * رئيس لجنة القوي العاملة: العامل صاحب حق وأتوقع استمرار الإضرابات لحين انتخاب برلمان شيماء عثمان في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي عن تراجع الاحتياطي النقدي إلي 13,6 مليار دولار نهاية يناير المنقضي من 15,1 في نهاية ديسمبر بانخفاض 9,4% وهو ما يعني أن ما بخزانة الدولة لا يكفي لإطعام الشعب 3 أشهر قادمة.. في المقابل نجد الإضرابات والاعتصامات الفئوية تتوالي ومن جديد عادت أزمة ميناء السخنة بالسويس لتصبح الحدث الأهم اقتصاديا خاصة أنها ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة كما يتوقع الخبراء التي يقوم فيها عمال هذا الصرح الحيوي بالاعتصام لفترات طويلة رافضين جميع الحلول المقدمة لهم سواء من جانب مسئولي الحكومة المصرية أو من جانب إدارة شركة موانئ دبي العالمية . ?أزمة ميناء السخنة باتت تمثل ضررا حقيقيا علي الاقتصاد المصري باعتباره أحد مصادر الدخل? كانت هذه تصريحات اللواء عبدالقادر رجب الله رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر.. فالخسائر تتوالي وتم تقديرها يوميا ب16 مليون جنيه حيث تتكبد هيئة الجمارك وهيئة الصادرات خسائر يومية قدرت ب15 مليون جنيه بينما تتكبد هيئة موانئ البحر الأحمر خسائر يومية قرابة المليون جنيه. اضرابات العمال حق مشروع أم بلطجة وفوضي.. سؤال يطرح نفسه علي الساحة حاليا خاصة أن أزمة ميناء السخنة ليست الأولي ولن تكون الأخيرة فهناك اعتصامات وإضرابات شهدتها مرافق حيوية عديدة علي مدي العامين الماضيين وفي أعقاب ثورة يناير مثل إضراب سائقي هيئة النقل العام وسائقي مترو الأنفاق وأيضا الإضرابات العمالية التي اجتاحت العديد من المدن الصناعية والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في إغلاق ما لا يقل عن 1500 مصنع خلال الفترة الماضية حيث تناسي العاملون والموظفون أنهم يكبدون مصانعهم وشركاتهم خسائر بالمليارات وأنهم أول من سيدفع فواتير هذه الخسائر من أرباحهم ورواتبهم بعد توقف عجلة الانتاج ورغم أن مطالبهم تبدو مشروعة وهي تحسين أوضاعهم المادية أو التثبيت فإن التوقيت كثيرا ما يكون غير ملائم كما يردد أصحاب العمل.. ووفقا لتقديرات وزارة القوي العاملة فإن خسائر الاقتصاد القومي من جراء الإضرابات العمالية المستمرة وصلت إلي حوالي 30 مليار جنيه مصري أي ما يقرب من 4,5 مليار دولار . المستثمرون والخبراء أعربوا عن استيائهم من استمرار هذا الوضع والذي يعني توقف حال الصناعة والتجارة بشكل كامل متعجبين من عدم قدرة الحكومة علي مواجهة هذه البلطجة كما وصفها البعض أو حتي التوصل إلي موضوعية ترضي جميع الأطراف كما طالب البعض الآخر.. خاصة أن الإضرابات المستمرة لعمال ميناء السخنة لن تتوقف عند تهديدات بعض الخطوط الملاحية تحويل مسار رحلاتها إلي موانئ أخري وإنما سيتعدي الأمر إلي هروب الاستثمارات الأجنبية من مصر.. والمشكلة الأخطر حاليا هي سمعة مصر الاقتصادية التي باتت مهددة من جراء ما يحدث حاليا من إضرابات وانفلات أمني وعدم استقرار والتي بناء عليها قد يكون من الصعب الحصول علي أي مساعدات خارجية مثل قرض صندوق النقد الدولي الذي تسعي الحكومة منذ أشهر عديدة إلي الحصول عليه بقيمة 4,8 مليار دولار وهو المبلغ الذي يتوازي تقريبا مع حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد المصري من جراء الإضرابات العمالية علي مدي العامين الماضيين . كارثة غرامات التأخير بداية وصف محمد المرشدي رئيس جمعية مستثمري العبور ورئيس غرفة الصناعات النسيجية بإتحاد الصناعات المصرية الاضرابات التي يقوم بها عمال ميناء السخنة بالبلطجة وهي تؤكد عدم وجود قانون يحترمه الناس ولا أمن يخاف منه الناس ولا حتي جيش يهابه الناس.. فهؤلاء العمال لا يقدرون معني المسئولية الوطنية مع العلم بأن العامل ليس له أدني حق بعد انتهاء مدة العقد التي تم إبرامها في السابق بينه وبين الشركة وذلك وفقا لإجراءات قانون العمل، مؤكدا أن تكرار توقف ميناء السخنة عن العمل ولفترات طويلة بسبب الإضرابات يعد كارثة اقتصادية علي اعتبار أنه قد نتج عن الإضرابات تعطل منفذ مهم ورئيسي وبالتالي من المتوقع أن يتكبد الاقتصاد خسائر كبيرة.. فمن ناحية توقفت الصادرات عبر الميناء ومن ناحية أخري تعطلت الواردات مما سيضطر المستوردين إلي دفع غرامات تأخير حيث تعطي شركات الملاحة المستوردين فترة سماح 7 أيام فقط لتسلم بضائعهم وفي اليوم الثامن يتم حساب غرامات تأخير وإيجار أرضيات متسائلا من المستورد القادر علي دفع هذه الغرامات الآن في ظل المعاناة التي يشهدها سوق المستورد مع الارتفاع المتوالي لسعر الدولار، وهو الأمر المتوقع معه أيضا توقف المصانع عن العمل نتيجة لعدم وصول المواد الخام إليها.. ويتوقع المرشدي أن تشهد الأيام القادمة مزيدا من الفوضي والخراب واللادولة وكأننا نرسخ مبدأ إضعاف الدولة حتي في المنطقة التي كان من المفترض علي الدولة فرض سيطرتها بها، وأقصد هنا إمكانية تدخل القوات المسلحة للتعامل مع أزمات ميناء السخنة المتتالية كما قامت من قبل وأيام إضراب سائقي هيئة النقل العام بإنزال اوتوبيسات تابعة للجيش إلي الشارع لسد الفجوة التي تركها سائقي هيئة النقل العام، مطالبا الدولة بضرورة التدخل القوي وإظهار قوتها وهيبتها حيث إن سياسة الطبطبة التي تتعامل بها الدولة منذ الثورة حتي الآن أدت إلي حدوث فوضي اقتصادية كبري يدفع الجميع ثمنها الآن، مبديا حزنه وأسفه عما يدور في مصر الآن والذي يعود سببه الأساسي إلي ضعف الدولة وتراخيها في مواجهة المشكلات والنتيجة المنطقية مزيد من الخسائر للاقتصاد المصري حيث أصبحنا كمستثمرين لا نجرؤ علي دعوة أي مستثمر مصريا كان أو أجنبيا علي الاستثمار بالسوق المصري.. فالمؤشرات جميعها سلبية بداية من حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع بسبب حالة التناحر السياسي بين السلطة وقوي المعارضة مرورا بالضعف الأمني وإضرابات العمال، موضحا أنه بات من الصعب أن يتنبأ أحد بما يمكن أن يحدث غدا ونحن كصناع نعمل يوما بيوم متوقعين حدوث مفاجأة في أي وقت . غياب الحكومة فيما تأسف محمد المنوفي رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات إلكتروستار للصناعات الهندسية والرئيس السابق لجمعية مستثمري السادس من أكتوبر علي الحال التي وصل إليها الاقتصاد المصري ، مضيفا أن كل المصانع شبه متوقفة ومن خلال تجربته الخاصة أوضح أن حجم الخسائر من جراء إضراب العاملين بميناء العين السخنة يقدر بالملايين حيث إن هناك كميات كبيرة من البضائع حبيسة داخل الميناء بعضها موجه للتصدير للخارج والبعض الآخر واردات معظمها خامات إنتاج تحتاج إليها مصانع عديدة، مشيرا إلي أن ما يحدث بميناء السخنة ليس بجديد فهذه ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة التي يتم فيها إغلاق الميناء عن طريق العمال ومرارا وتكرارا ناشدنا كل الجهات المعنية من اتحاد الصناعات وجمعيات المستثمرين والمخابرات الحربية ووزير النقل ولكن للأسف لا أحد يهتم والكل يتنصل من مسئوليته عما يحدث مؤكدين أن المشكلة وحلها في يد العمال فقط ، مشيرا إلي أن مصانعه تعرضت لخسائر كبيرة من جراء ما يحدث حيث هناك خامات كثيرة قام بإستيرادها وليس لها بديل محلي وهي الآن حبيسة داخل الميناء، مضيفا أيضا أن هناك إضرابا قام به عمال ميناء السخنة منذ عدة أشهر وتحديدا في شهر رمضان ووقتها طلبت منا إحدي الدول شحنة أجهزة كهربائية بحوالي 6 ملايين جنيه لتسويقها في موسم العيد ولكن للأسف لم نتمكن من إرسال هذه الشحنة بسبب توقف العمل بالميناء الذي لم يعاود العمل إلا بعد العيد ووقتها رفض المستورد تسلم الشحنة لأن موسم تسويقها فات، مضيفا أن مشكلات الصناعة في مصر تزداد يوما بعد الآخر في ظل غياب كامل لمسئولي الحكومة وحاليا ليس أمامنا سوي الدعاء لعل الله يستجيب ويفرج عنا ما نحن فيه . موانئ دبي لا ترغب في الحل ومن جانبه أوضح صابر أبوالفتوح رئيس لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب السابق أن العامل دائما له الحق في الحصول علي ثمرة مجهوده من المكان الذي قام ببذل الجهد فيه ولكن المشكلة أن التوقيت الآن غير مناسب لعمل إضرابات أو للمطالبة بحقوق إضافية لأسباب عديدة أولها أن الاقتصاد المصري بحاجة ماسة إلي مرحلة من الاستقرار ونحن حاليا نمر بمرحلة عدم استقرار ومن ثم وحتي لا يتهم العمال بأنهم من الأدوات التي تستغلها بعض القوي السياسية حيث تسعي بعض هذه القوي من إلي استغلال العمال تحت دعوي أن الوقت الحالي فرصة وإذا لم يستطيعوا الحصول علي حقوقهم كاملة الآن لن يستطيعوا الحصول عليها في المستقبل، وثانيا توجد حزمة من القوانين التي تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعمال والتي تحتاج إلي تغيير جذري كونها الحجة التي يستند إليها أصحاب الأعمال عند عدم التزامهم مع العمال ومن ثم نحن بحاجة إلي تغيير القانون القائم بآخر يلبي إحتياجات العمال وأيضا يراعي حقوق أصحاب الأعمال، وثالثا نحن بحاجة إلي وجود صوت ينادي ويطالب بمطالب العمال مثل اللجان النقابية وبحاجة أيضا إلي تشريع بحيث يكون لدينا منظمات نقابية تتحدث بإسم العمال ولتصبح همزة الوصل بين العمال وأصحاب الأعمال بشرط أن تتمتع بالإستقلالية الكاملة لتحقق التوازن والإستقرار في بيئة العمل بين العمال وأصحاب الأعمال. ويضيف أبوالفتوح أن مشكلة عمال ميناء السخنة دليل قاطع علي مدي المعاناة التي يشهدها الاقتصاد وبالتالي العمال المصريون بسبب قوانين الاستثمار السائدة في مصر حاليا، مضيفا أيضا أن شركة موانئ دبي العالمية تعد صاحبة مصلحة فيما يحدث حاليا ومن ثم فهي لا ترغب في حل المشكلة وبالتالي ترفض الاستجابة لمطالب العمال حتي لا يسترد الاقتصاد المصري عافيته من جديد وهي ترغب أيضا في بث الخوف في نفوس المستثمرين الأجانب الراغبين في القدوم لمصر خاصة مع الدعوة لفتح باب الاستثمار في هيئة قناة السويس . وأكد أبوالفتوح كذلك أن الظروف السياسية التي تمر بها مصر حاليا ليست سهلة ومن ثم فنحن بحاجة إلي خطاب صحيح موجه للعمال من خلال نقابيين سواء الحركة النقابية المستقلة أو القائمة وأيضا عن طريق وزارة القوي العاملة، مضيفا أن هناك مشكلة تتعلق بعدم قيام الوزراء المعنيين بقضايا العمال بأداء دور فعال تجاه حل مشكلاتهم، والممثلين في وزراء القوي العاملة والاستثمار ومنظمات مجتمع الأعمال فهم مطالبون حاليا ببث خطاب تطمين للعمال يوضح من خلاله أن هناك رؤية لمشاركة فعالة وحقا للعمال ورؤية لقانون الاستثمار أيضا وكذا رؤية جديدة لقانون العمل، متوقعا أن تستقر الأوضاع خلال الفترة الحالية لتهدأ حالة الإضرابات، علي أن تعود للاندلاع مرة أخري، متوقعا أيضا استمرار هذه الموجة من الإضرابات ومن الإحتجاجات العمالية السياسية لحين وجود برلمان منتخب، والذي من المتوقع أن يحدث فارقا فيما يتعلق بالأجندة التشريعية حيث سيعطي العمال أملا لأن البرلمان سوف يسهم في إعداد الأجندة التشريعية وسرعة تنفيذها . أسس التفاوض بينما نوه د .مختار الشريف الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة جمعيات التنمية الاقتصادية إلي أن الإضرابات العمالية من شأنها الإخلال بالخطة التي قام بإعدادها أي منتج ومن ثم تأثير ما يحدث حاليا بالسوق المصري من إضرابات متتالية في قطاعات مختلفة جعل الاقتصاد المصري سيئ السمعة خارجيا وداخليا وجعلنا نسير دائما للخلف حتي أصبحنا كل يوم نتمني أن نعود للأمس مهما كانت مساوئه لأن اليوم والغد بات أسوأ، مضيفا أن الخروج من الأزمة يتطلب تفعيل دور كل المنظمات سواء حكومية أو مستقلة أو خاصة كما يجب تفعيل دور النقابات العمالية باعتبارها جهة وساطة بين صاحب العمل والعمال كما هو متبع في الدول الرأسمالية الكبري والتي يتم فيها التفاوض علي أسس علمية، مطالبا الحكومة المصرية بالشفافية الكاملة في التعامل مع مشكلات العمال من البداية، خاصة أن عدم وجود الشفافية يؤدي إلي مزيد من الظلام والتخبط، كما أن غياب الحقائق يؤدي إلي مزيد من المشكلات .