معروف أن بيوت اللَّه جعلت للعبادة ومزاولة أعمال الخير التى لا تخل بحرمتها ولا تؤذى من يتعبد فيها، ومعروف أيضا أن الملائكة تحب التردد على المساجد لما فيها من ذكر للّه وقراءة القرآن ومدارسته كما ثبت فى الحديث ، وأنها تحب الرائحة الطيبة وتنفر من الرائحة الكريهة ، ومعروف أن الحديث نهى من أكل ثوما أو بصلا أن يؤذى من فى المسجد برائحته . ومن المعروف أن النائم فى المسجد قد يخرج منه ما يؤذى ويضايق ، وقد تبدو منه فى نومه بعض مواضع يستحيا من كشفها، أو أصوات شخير وغير ذلك مما فيه إيذاء، ومن هنا تحدث العلماء عن حكم النوم فى المسجد من واقع ما ورد من الآثار فى ذلك . روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم رؤى فى المسجد مستلقيا واضعا إحدى رجليه على الأخرى، كما صح أن عمر وعثمان كانا يستلقيان أحيانا بالمسجد النبوى ، وروى البخارى وغيره أن ابن عمر كان ينام فى المسجد النبوى وهو أعزب ، ومعه بعض الشبان ينامون ليلا ويقيلون وقت الظهيرة ، كما أخرج البخارى أن عليا غاضب فاطمة فذهب إلى المسجد ونام فيه وسقط رداؤه عنه وأصابه تراب ، فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يمسحه ويقول : " قم أبا تراب " . وكان فى المسجد النبوى صفَّة ، أى مكان مظلل يأوى إليه المساكين وينزل فيه ضيوف الرسول عليه الصلاة والسلام ، وصح فى البخارى ومسلم أنه ضرب قبة أى خيمة فى المسجد على سعد بن معاذ لما أصيب يوم الخندق وذلك ليمرَّض فيها ، وأنه جعل خيمة فى المسجد للمرأة السوداء التى ترفع القمامة منه ، ولما أسر ثمامة بن أثال - وهو مشرك -ربط مدة بسارية فى المسجد النبوى . وبناء على هذا قال العلماء : إذا كانت هناك حاجة إلى المبيت بالمسجد فلا حرج ومن ذلك المعتكف ، وكذلك مالا يستدام كبيتوتة الضيف الذى لا أهل له . والمريض والمسافر والفقير الذى لا بيت له ، ومن يشرف على المسجد من نظافة وخدمة وأذان وإمامة إذا لم تكن لهم بيوت خاصة . وعلى هذا الحكم جمهور العلماء ، وإن كان ابن مسعود كره النوم فى المسجد مطلقا ، وسئل ابن عباس عن المبيت بالمسجد فقال : إن كان لحاجة كالغريب الذى لا أهل له أو الفقير الذى لا بيت له إذا كان يبيت بمقدار الحاجة ثم ينتقل فلا بأس وأما من اتخذه مبيتا ومقيلا فينهى عن ذلك ، والإمام مالك أباح النوم فى المسجد لمن ليس له مسكن ، أما من له مسكن فيكره نومه فى المسجد . والخلاصة أن النوم فى المسجد ليس بحرام ، ولكنه مكروه لغير حاجة، فإن كانت هناك حاجة سواء أكانت دائمة أو مؤقتة فلا كراهة "غذاء الألباب للسفارينى ج 2 ص 257 " . موضوع (396) المساجد التى بها أضرحة . سئل : ما هو رأى الدين فى المساجد التى بها أضرحة ؟ أجاب : يوجد فى العمارة الإسلامية ما يسمى بالأضرحة ، جمع ضريح ، وهو الشق فى وسط القبر، وعرف بهذا الاسم إذا دفن فيه شخص له مكانة دينية أو علمية أو غيرهما من القيم، واتخذت الأضرحة شكلاً معينا من البناء تعلوه قبة، وكثرت فى مصر فى عهد الفاطميين الذين أقاموا كثيرا منها لآل البيت وكبار رجال الدولة، وعرفت بالمشاهد أسوة بما أطلق على أضرحة الأئمة العلويين، ثم جاءت الدولة الأيوبية وأقامت مثلها لكبار الرجال من أهل السنة، كان من أكبرها ضريح الإمام الشافعى المتوفى سنة 204 ه والذى أقامته أم السلطان الكامل سنة 608 ه، ثم أصبحت القاعدة بعد ذلك إلحاق القباب بالمدارس والمساجد والخانقاوات .