أصدرت محكمة جنايات بورسعيد حكمها، فلا البورسعايدة رضوا.. ولا «الأهلاوية» قنعوا واشتعلت مصر نارا ودمارا في غياب كامل للشرطة والأمن في بورسعيد، وشبه كامل للشرطة في القاهرة. لم يُحكِّم أحد من الطرفين عقله وقرر انتظار حيثيات حكم المحكمة ليعرف لماذا تم الحكم بإعدام 21 متهما، وسجن 16 وبراءة 28 آخرين. ولم يطق أحد صبرا لربما اوضحت الحيثيات مَن هو «العقل المدبر» للمأساة التي وقعت في فبراير 2012 في استاد بورسعيد وراح ضحيتها 74 مشجعا للنادي الاهلي، وهو ما تنتظره مصر كلها لتعرف من يقف وراء كل الاضطرابات التي تحدث في المحروسة، ومن يموِّل عدم الاستقرار، ومن يحرص على استمرار القلاقل، وتواصل الانفلات الامني.. باختصار من هو الطرف الثالث الذي يعمل على افشال الثورة، وتقويض الحكم فيها؟ .. لم يشف غليل «التراس الأهلي» الحكم، والذي شمل مدير أمن بورسعيد السابق اللواء عصام سمك (15 عاماً) وكذلك العقيد محمد سعد، المسؤول عن تأمين بوابات الاستاد (15 عاما)، لكن القضاء قضى ببراءة 7 قيادات أمنية كبيرة، وهو ما لم يرض الأهلاوية. وفجأة احترق نادي ضباط الشرطة في غياب أمني كامل، واشتعلت النار في مبنى اتحاد الكرة (الجبلاية) وانهارت أجزاء منه بعد احتراقها، وحاول «المخربون» إحراق برج الجزيرة، رمز صلابة مصر أمام إغراءات المخابرات الأمريكية التي حاولت رشوة الرئيس الراحل عبدالناصر، فبنى بأموال «الرشوة» برج القاهرة ليقف شاهداً على عظمة مصر ونقاء ذمة قائدها، وتم قطع الطرق.. وطبعا نفى «قادة» «ألتراس أهلاوي» اي مسؤولية لهم عن الحرائق متهمين «البلطجية» و«المندسين»! أما أهالي المحكومين في بورسعيد وأنصارهم، فسارعوا بالآلاف لحصار مبنى «قناة السويس» واقتحامه لولا وجود الجيش، وحرقوا معسكرا للأمن المركزي وأوقفوا حركة المعديات واقتحموا الميناء، ومن الطبيعي والمتوقع إذا تفاقم الوضع، ووقع ضحايا جدد، أن يتبرأ أهالي المحكومين مما حدث، ويتهموا البلطجية والمندسين بأنهم وراء كل الكوارث. .. ماذا يفعل المصريون بمصر؟ .. ألم يكن معلوما قبل اسابيع موعد انعقاد المحاكمة ومعروفاً للقاصي والداني أن «التخريب» قادم لا محالة أيا كانت الأحكام التي ستصدر؟ .. هل تم اتخاذ أي اجراءات وقائية حتى لا تحترق مصر.. كما شاهدناها؟ .. هل من الطبيعي ترك كل المنشآت المحيطة بالنادي الأهلي دون حراسة، وهل من المنطقي تأخر سيارات الإطفاء حتى أتت النيران على مباني نادي الشرطة واتحاد الكرة الذي «اختفت» أموال البث الفضائي من خزانته؟ .. الحمدلله أن الجيش كان قد أمسك بزمام الأمور في بورسعيد، قبل الحكم، وإلا كانت الأمور قد ساءت أكثر وأكثر، ولكن إلى أي مدى سيصمد في مواجهة الغضب البورسعيدي؟ .. مرة أخرى أين الحكومة؟.. وأين القرارات الحاسمة الباتة.. القاطعة.. الحازمة التي يجب أن تصدر من رئاسة الجمهورية في مثل هذه الظروف العصيبة؟ .. للأسف.. وللمرة الألف ما يحدث نتيجة مباشرة للتشكيك في أحكام القضاء، والصراع مع القضاة، واهتزاز هيبة مؤسسة القضاء التي هي الملجأ الأخير للمصريين إذا ضاقت بهم الحكومة والرئاسة أو ضاقوا منهما! ماذا تنتظرون لتنقذوا مصر من انهيارات على يد أبنائها؟.. لقد بقي في رصيدكم أقل من القليل فاستخدموه قبل نفاده وانتهاء صلاحيتكم.. تماماً.. رحمكم ورحمنا الله. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية