طريق «الوهم والهلاك» يبدأ ب « جرعة » مخدرات.. والجانى يعيش فى «عوالم خفية» دبور الإسماعيلية ذبح الضحية تحت تأثير الشابو.. ومجرم الإسكندرية قتل «أعز الناس» من أجل «المزاج» أباطرة المخدرات يصنعون أنواعًا رخيصة «محليًا» لتكون فى متناول الجميع قانونيون: ارتكاب الجرائم تحت تأثير المخدر لا يعفى من العقوبة المخدرات هى الشيطان الأعظم، وهى العامل المشترك بين معظم الجرائم الوحشية التى يشهدها المجتمع مؤخرا، كما أن تنوع أشكالها فى الآونة الأخيرة جعل الكثير من الشباب يقبلون على تعاطيها، حتى أصبحت خطراً يهدد المجتمعات وينذر بانهيار العديد منها، فهى سموم قاتلة تقتل مستخدمها كما أنها قد تكون دافعه للقتل أيضا، وهو ما حدث مؤخراً فى محافظة الاسماعيلية ثم فى الإسكندرية، فهذه الجرائم الشنعاء واحدة من سلسلة جرائم كانت المخدرات سببا فى ارتكابها، وبشاعتها تنذر بخطر محدق بالمجتمع كله. فتفاصيل هذا الحادث كانت مؤلمة ومفزعة للجميع، فالقاتل الذى يدعى عبد الرحمن دبور لم يكتف بتوجيه طعنة للمجنى عليه، بل سدد له عدة ضربات الواحدة تلو الأخرى بالساطور، ولم يكتف بذلك، بل أخرج سكينا صغيرة، وفصل بها رقبة المجنى عليه عن جثته، وسار بها بضعة أمتار، قبل أن يحيط به المارة، ويتمكنون من السيطرة عليه لتقوم الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض عليه. بعدها بأيام قليلة شهدت منطقة الحضرة بالاسكندرية جريمة قتل أكثر بشاعة حينما قام شاب بذبح والديه فى شقتهما ولاذ بالفرار ورغم أن اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الاسبق، يرى أن مثل هذه الجرائم شاذة عن مجتمعنا، إلا أنه يؤكد أنها دليل على مدى تأثير المخدرات على متعاطيها، موضحًا أن المخدرات الغريبة والمصنعة التى أصبحت أكثر انتشارًا فى الفترة الأخيرة أصبحت اقوى من فكر الشيطان. وأضاف مساعد وزير الداخلية الأسبق أنه أثناء فترة عمله بالوزارة كان للافيون والحشيش تأثير اجرامى، إلا أنه كان أقل مما يحدث الآن، وأوضح أن المخدرات المصنعة مثل ابو صليبة والفانتوم أفسدت عقول الشباب، والبودرة قضت على الكثيرين وكانت سببا فى انهاء حياتهم. وأكد «نور الدين»، أن مخدر الفودو والشابو والمخدرات المصنعة تؤدى إلى كوارث إجرامية تذهل لها العقول، مشيرًا إلى أن الإدارة العامة للمخدرات وجميع إدارات المخدرات فى المحافظات المختلفة، يقع عليها عبء كبير فى متابعة تجار المخدرات والمسجلين وإلقاء القبض عليهم وتقدمهم للمحاكمة السريعة لتقليل المعروض ومنع إفساد عقول الشباب. وأضاف «نور الدين»، أن الجريمة التى حدثت فى الاسماعيلية غريبة بكل المعانى لان تلك المحافظة من أهدأ المحافظات على مستوى الجمهورية، والأغرب منها السلبية التى ظهرت على المواطنين، والاكتفاء بتصوير مقاطع فيديو، ولذلك يطالب نور الدين الجهات المختصة بسرعة محاكمة المتهم حتى يهدأ الجميع وترد الحقوق لأصحابها، بالإضافة إلى ردع غيره من المواطنين الذين قد تسول لهم أنفسهم ارتكاب مثل هذه الجرائم الشنعاء وأكد مساعد وزير الداخلية اللاسبق،أن إدارات مكافحة المخدرات تقوم بتنشيط الحملات على مستوى الجمهورية للسيطرة على سوق بيع المخدرات لمنع تكرار مثل هذه الجرائم الشيطانية. سموم ويشير الدكتور نبيل عبد المقصود، أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية طب القصر العينى، إن مخدر الشابو والاستروكس أصبحا من أخطر أنواع المخدرات فى المجتمع الآن، ويعتبر الشابو من المنبهات ولذلك تم تصنيفه فى جدول أول مخدرات، موضحًا أن تجار المخدرات يقومون بصنع مواد مخدرة رخيصة يتم تصنيعها «بلديا» لتناسب دخول المتعاطين، وهذه المواد يكون تأثيرها خطيرا جدا على من يستخدمها، وضرب مثلا لذلك بالاستروكس فهو عبارة عن خلطة يتم تصنيعها بيد التجار ويتم خلطها ببعض الأعشاب دون إدارك لمدى تفاعل الخلطة والمواد الكيميائية المصنعة منها. وتابع أستاذ علاج السموم والإدمان، أن تأثير ما يسمى بالاستروكس خطير على الجهاز العصبى مما يجعل المدمن يفقد السيطرة على نفسه، والخطير أيضا أن المواد التى يتم تصنيع الاستروكس منها ليست مدرجة على جدول المخدرات. وأضاف أن من يتعاطى الشابو يعرض نفسه لخطورة كبيرة، حيث أن إدمانه يتم بسرعة جدا، بل أنه من الممكن ان يقوم الفرد بإدمانه بعد أول مرة من التعاطى، كما أنه من أخطر المواد المخدرة حيث أنه يزيد نسبة الكهرباء التى تخرج من المخ، مما قد يصيب المتعاطى بالتشنجات وارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدل ضربات القلب، وهو ما قد يؤدى إلى الإصابة بنزيف داخلى ومشاكل كبيرة فى القلب قد تؤدى إلى توقف عضلة القلب. عنف عام وأكدت هالة منصور أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، على وجود حالة عنف عامة فى المجتمع، ولكن بشاعتها زادت مؤخرا مع زيادة مشاهدة مناظر العنف عبر وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، حتى شاهدنا حالات أخرى تختلف نهائيا عن أخلاقيات المجتمع المصرى وتخالف القوانين الانسانية، لافتة إلى أن جريمتى الإسماعيلية والاسكندرية دليل على خطورة المخدرات على المجتمع، حيث قام أحد الأبناء بقتل والديه فى الحضرة بالاسكندرية لامتناعهم عن منحه أموالا لشراء عقار التامول المخدر. وأضافت «منصور» قائلة بأن مظاهر الجريمة أصبحت غريبة على المجتمع المصرى، وهى تعبر عن حالة العنف الزائد وغير المتوقع الناتج عن الدراما ومشاهد العنف التى يراها المواطنون كل يوم وتركز وسائل الإعلام والسوشيال ميديا عليها، مضيفة أن الضغوط المجتمعية والنفسية وزيادة نسبة تعاطى المخدرات، قد تؤدى لوقوع تلك الجرائم بهذا العنف وتزيد من معدلات الجريمة، بالإضافة إلى وجود البلطجية والمسجلين خطر فى الشارع، مما يؤدى لزيادة الجريمة. وأشارت أستاذ علم الاجتماع إلى أن الدولة المصرية فى حاجة لتعديل بعض القوانين لتغليظ العقوبات على مثل هذه الجرائم التى تهز قانون البشرية. ونصحت الدكتورة هالة بضرورة تغير البيئة النفسية لأفراد المجتمع بالإضافة لوجود رقابة على الدراما، ومعرفة المردود من عرض جميع المسلسلات والأفلام لمنع تأثيرها السلبى على أفراد الشعب المصرى. سجن وإعدام وعن عقوبة الاتجار فى المخدرات أوضحت إنجى محمد المستشارة القانونية، أن المادة 33 من قانون العقوبات تعاقب كل من يقوم بممارسة الاتجار فى المواد المخدرة بالسجن بدءاً من السجن المشدد 3 سنوات، إلى السجن المؤبد أو الإعدام فى بعض الحالات، والغرامة المالية التى تصل إلى 100 ألف جنيه مصرى، ولا تزيد علي 500 ألف جنيه مصري، وهذا فى حالة إذا تم تصدير أو استيراد المخدرات أو أى شيء يتعلق بها من المحاصيل الزراعية. واستشهدت إنجى محمد، بنص المادة رقم 37 التى تنص على أنه «يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهر مخدرا أو زرع نبات من النباتات الواردة فى الجدول رقم «5»، أو حازه أو اشتراه، وكان ذلك بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وللمحكمة أن تأمر فى الحكم الصادر بالإدانة بتنفيذ العقوبات المقضى بها فى السجون الخاصة التى تنشأ للمحكوم عليهم فى جرائم هذا القانون أو فى الأماكن التى تخصص لهم بالمؤسسات العقابية. وأوضحت محمد، أن القانون المصرى حدد عقاب متعاطى المواد المخدرة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تجاوز 3 آلاف جنيه، حال إذا ضبط فى مكان أعد أو هيئ لتعاطى المخدر مع علمه بذلك أثناء تعاطيه، وتزيد العقوبة التى حددها القانون المصرى للضعف فى حال إذا كان المخدر هو الكوكايين أو الهيروين أو أى من المواد الواردة بالقسم الأول من الجدول رقم «1» مثل الحشيش. ونصحت المستشارة القانونية، المواطنين بالابتعاد عن تلك المواد المخدرة التى تنتشر بين البلطجية بهدف استقطاب الشباب، واستخدامهم فى امور البلطجة والتعدى على المواطنين فى الشوارع وإرهابهم، محذرة من تلك الأفعال الإجرامية وأن القانون المصرى يتصدى بكل قوته لكل من انجرف عن سياق القانون واحترام هيبة الدولة المصرية. أطفال لكن مدمنون فيما ترى أمل جودة المحامية المتخصصة فى حقوق الطفل، أن الظاهرة الخطيرة هى انتشار تعاطى المخدرات بين الأطفال، فهناك أطفال من طبقات اجتماعية مرتفعة يقومون بشراء المواد المخدرة بأسعار مرتفعة، ومنهم من قد يلجأ إلى سرقة أسرهم للحصول على ثمن تذكرة البودرة، بينما هناك أطفال آخرون من مستويات اجتماعية منخفضة يلجأون لشراء المواد المصنعة، أما أطفال الشوارع فيلجأون لشد «الكولة» ليشعروا بالانفصال عن العالم، ومنهم من يلجأ لحقن نفسه بتركيبات كيماوية خطيرة ومختلفة تحت مسمى «شحن الجسد»، كما أن منهم من يتجه إلى تعاطى المخدرات بسبب تعرضهم للاعتداء الجسدى والجروح الخطيرة، وأشارت جودة إلى أن المجلس القومى للطفولة والأمومة هو المنوط بالاهتمام بأطفال الشوارع الذين يتعاطون المخدرات، لأنه هو الجهة الرسمية ويمتلك من السلطات والآليات ما يساعده على القضاء على مشكلة تعاطى المخدرات بين الأطفال. وكشفت محامية حقوق الطفل، أن تجار المخدرت يستغلون أطفال الشوارع فى توزيع هذه المواد المخدرة على مستوى الجمهورية، ولذلك يجب على الأسر استيعاب أبنائهم وإدارة حوار معهم حتى لا يخرجوا للشارع. حرام وقال الشيخ احمد نجم عضو نقابة قراء القرآن الكريم، أن تناول المخدرات بجميع انواعها وأشكالها المختلفة حرام شرعا، وذلك بموجب نصوص كتاب الله لانها تغيب العقل عن الواقع، وتهدف لهدم المجتمع وتهدد الأمن وسلامة البناء الاجتماعى للأسرة والمجتمع، مشيرا إلى أن ترويج تلك المخدرات يصب فى مصلحة أعداء الوطن الذين يريدون لأبناء مصر أن يكونوا مغيبين حتى لا يشاركوا فى مسيرة البناء والنهوض. وأضاف عضو نقابة قراء القرآن الكريم، أن كل شيء يسكر مأكولاً أو مشروباً أو عن طريق الحبوب أو التدخين كله محرم، وذلك لقول النبى (صلى الله عليه وسلم) : «كل مسكر حرام» وقال أيضا: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» وما أسكر كثيره فقليله حرام، وهذا يعم كل شيء، فالحبوب الضارة أو المخدرة أو الشراب أو المأكول كالحشيشة فإنه محرم، حتى ولو لم يسكر لأنه يضر بصاحبه، كما أن التدخين وغيره مما يتعاطاه الناس مما يضر يعتبر محرم رغم أنه لا يسكر، موضحا أن الشيء إذا أسكر فهو محرم لإسكاره، وإن أضر فهو محرم لإضراره وإفساده الأبدان وإضراره بالعقول.