يعد الإدمان وتعاطي المخدرات من القضايا المهمة التي تتطلب توجيه الجهود لمنعها خاصة في ظل تأثيرها السلبي على الشباب والرجال بصفة عامة وهو الأمر الذي تزداد خطورته في ظل تفشي فيروس كورونا وإمكانية انتقال الفيروس للمتعاطين . فالمخدرات تظل فاعلا رئيسيا يظهر في كل الجرائم البشعة ، التي يهتز لها المجتمع ، فقد أثبتت الدراسات أن نوعا واحدا من المخدرات كالحشيش سبب في 86٪ من جرائم الاغتصاب و23٪ من القتل العمد و87٪ من الجرائم غير المبررة . أكد الدكتور على عبد الراضى ، استشارى العلاج والتأهيل النفسى ، أن الإدمان ، عامل أساسي لانتشار القتل وارتكاب الجرائم خلال الفترة الأخيرة ، وقد تبين خلال الدراسات أنه يمثل العامل الرئيسى والمشترك فى ارتكاب الجريمة وتدهور وظهور أعراض الاضطراب الذهنى الحاد ، ويعد المخدر أداة من أدوات الجريمة التى اعتمد عليها المتهم ، بالإضافة إلى أن الفصام البارانوى والاضطراب البارانوى ، ويقدم المريض المصاب بهذه الأمراض على القتل أحيانا ، الذى يكون متعمدا لأنه يكون لديه تخيل بأن الشخص الآخر سيقتله ، فيكون من منطلق اقتل قبل أن يكون القتل مصيرك . وكشفت الكثير من الدراسات أن علاقة المخدرات بالجريمة نابعة من مصدرين رئيسيين هما : تغير فى الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطى وما يحدث نتيجة ذلك التغير من اختلال فى وظائف الإدراك والتفكير ، حيث إن ضعف السيطرة على ضبط الذات وفقدانها ، مما يجعل الفرد المدمن يطلق العنان لرغباته وشهواته فيقترف الجرائم دون وازع من ضمير أو خوف من عقاب . أما المصدر الثانى لعلاقة المخدرات بالجريمة ، فقال إنها تمثل فى حاجة الفرد الملحة للمادة المخدرة ، حيث يشعر المريض بضغط الرغبة الشديدة لتعاطى المخدر الذى أدمنه عليه ، حيث يكون هاجسه الوحيد هو الحصول على المخدر ، ولأن المخدرات تباع فى الخفاء عن طريق السماسرة والمروجين والمهربين . ومن جانبه أشار الدكتور مروان سالم، الخبير الدوائي إلى أنه ثبت علميا في إحدى الدراسات الحديثة ، أن الحشيش يؤدي إلى رفع معدل الهرمونات النسائية عند الفرد ، لافتا إلى أن تأثير تدخين الحشيش والماريجوانا يكون ملموسا مع التمادي في التعاطي لتلك المواد المخدرة، مما يؤثر على هرمون التيستوسيترون ويسبب تضخما في الثدى بما يسمى gynecomastia عند الرجال . وأضاف أن الحشيش يتسبب في تقلص حجم الخصية ويسبب تشوهات في الحيوانات المنوية ، وعلى الجانب الآخر فالحشيش يساعد على إبراز الصفات الأنثوية ويزيد من معدلات الإجهاض لدى النساء وتشوهات الأجنة، مؤكدا أن ما يؤكد الدراسة أنه تم تجربتها على إناث القرود ، الأمر الذي يجعلها دراسة حقيقية تخطت المرحلة النظرية . أرقام صادمة ومن جانبه قال الدكتور عبد الرحمن حماد ، مدير مركز إنسايت للصحة النفسية وعلاج الإدمان ، والمدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية، أن هناك علاقة وارتباطا وثيقا جدا بين المخدرات والجرائم يجعلهما وجهان لعملة واحدة ، خاصة الجرائم التى تحدث داخل الأسرة الواحدة ، وهو ما أكدته دراسة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان فى مصر عن علاقة المخدرات بالجرائم . وأشار إلى دراسة أجريت على نزلاء المؤسسة العقابية بالمرج ، أكدت نتائجها الارتباط الوثيق بين تعاطى مخدر الحشيش وجرائم بعينها ، حيث تشير النتائج إلى أن 86 % من مرتكبى جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش ، وأن 58 % من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش ، و 23.7% من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش ، و 24.3% من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش . كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن 56.7% من مرتكبى الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات ، كما تشير الإحصاءات الرسمية أن 87 % من الجرائم غير المبررة ، يأتى تعاطي المواد المخدرة كمحرك أساسي لها. وطالب بضرورة معاملة مدمن المخدرات كمريض والمبادرة بسرعة علاجه داخل المراكز المتخصصة ، وأن يكون للأسرة عامل قوى فى تشجيعه وتحفيزه على العلاج لإنقاذه من هذا الخطر ، الذى من الممكن أن يعرضه للسجن أو الإعدام . ======================================= بعد ارتفاع انتشار المخدرات فى مصر معدلات التعاطى ضعف النسب العالمية إدمان المخدرات من أخطر المشكلات التي يتعرض لها الفرد أو المجتمع،فأضرار تعاطي المخدرات لا تمس مدمن المخدرات فحسب، بل تمتد آثارها لتلحق أضرارًا اجتماعية واقتصادية..وشهدت مصر خلال السنوات الاخيرة انتشارا هائلا لتعاطى المواد المخدرة بأنواعها المختلفة خاصة بين الشباب والاطفال الأرقام الرسمية لمعدلات تعاطى المخدرات فى مصر تؤكد أن هناك خطرا ..فتشير الإحصائيات التي أعدها الصندوق القومي لمكافحة الإدمان إلى أن معدلات التعاطي فى مصر وصلت إلى أكثر من 10% وهي نسبة تمثل ضعف المعدلات العالمية كما أن نسبة التعاطي بين الذكور 72%، بينما بين الإناث بلغت 27%، وأكثر أنواع المخدرات انتشارا بين المدمنين هي أقراص الترامادول بنسبة 51.8 % ويأتي فى المرتبة الثانية الهيروين بأكثر من 25 % ويليه الحشيش بنسبة نحو 23 %. وأكدت الدراسات تراجع دور الأسرة، حيث تبين أن 58٪ من المدمنين يعيشون مع أسرهم بشكل طبيعى وبدون مشكلات ، مما يؤكد أن تواجد الأب والأم مع أولادهما بعيدا عن دورهما الفعلى التربوى لأبنائهما وبعيدا عن احتوائهما النفسى بحسب الأرقام والإحصائيات الصادمة عن المخدرات والإدمان فى مصر ، وهو ما جعل الترامادول يحتل المركز الأول فى الانتشار بين المدمنين والحشيش رقم 1 بين المتعاطين وجعل 62 % من حوادث الطرق بمصر بسبب الإدمان . وكشفت دراسة أخرى للدكتور "عادل عامر" خبير القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية أن حجم ما ينفقه المصريون علي تعاطى المخدرات نحو 140 مليار جنيه سنويًا وتشير الدراسة إلي أن لدينا 20 مليون شخص يتعاطون الحشيش و40 مليونا يتعاطون البانجو. وأن الانفاق اليومي علي المخدرات يقدر ب 60 مليون جنيه. وأن الشرائح العمرية الأقل بدأت تدخل في طابور المخدرات وهو ما أثبته مسح وزارة الصحة الذي نشرت نتائجه العام الماضى ويشير إلي أن معدل انتشار إدمان المواد المخدرة بحسب المسح الصحي 2016 / 2017 بلغ 0.86% بين طلاب المدارس الثانوية بالجمهورية، وأن نسبة من يدمنون الحشيش 0.50%. وللفودو 0.27%. أما الأقراص المهدئة فبلغت 0.45%. ومدمني الخمور 0.42%.في حين كان الترامادول 0.34%. وعقاقير الهلوسة 0.31%، والمذيبات العضوية 0.30%. وعقاقير بناء العضلات 0.26%. أما مدمنو الأفيون 0.24%.فيما بلغ إدمان الكوكايين 0.17% ومدمنو الهيروين بنسبة 0.10%
======================================== القانون وحده ليس كافيا اللواء رفعت عبد الحميد :لدينا ترسانة من التشريعات لمكافحة الإدمان والإشكالية فى التنفيذ عصام الاسلامبولى :المواجهة يجب أن تكون من المنبع تشهد مصر فى السنوات الاخيرة انتشارا هائلا لتعاطى المواد المخدرة بأنواعها المختلفة خاصة بين الشباب والأطفال ..الأمر الذى دفع مجلس النواب السابق إلى ادخال تعديل على بعض أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار بها للتصدى لمشكلة المواد المخدرة، سواء كانت مخلقة كيمائيا أو نباتيا، ومنها الاستروكس والفودو والفلاكا. واستهدف التعديل الاخير الذى اقره البرلمان منتصف عام 2019 غلق الثغرات التى يستغلها تجار المخدرات لجلب مركبات جديدة غير التى تم ادراجها بجدول المخدرات ,وإدخال المواد التخليقية والمستحدثة على قوائم المخدرات، خاصة وأنّ المدرج على قوائم المخدرات في القانون السابق هي الأنواع التقليدية للمخدرات، وهي لا تغطي المواد المخلقة التي تكاثرت مؤخرا، وأصبحت أكثر فتكا من المواد العادية، كما يعاقب القانون المروجين والمستوردين لهذه المواد من الخارج… " ومن جانبها اوضحت "مارجريت عازر "عضو مجلس النواب أن من يتلاعبون بعقول البشر يجدون طرقا متعددة للدخول إليهم باستحداث نوعيات جديدة لتدمير عقول شبابنا . وأكدت أنّ السبب في تعديل القانون، تنامي مشكلة المخدرات المستحدثة، وسرعة انتشار المؤثرات النفسية الجديدة، فضلا عن استخدام العناصر الإجرامية الخطرة للعديد من المواد غير المدرجة على قوائم المراقبة الدولية أو الجداول الملحقة بقانون المخدرات الوطني، من خلال إضافتها إلى نباتات ومواد اخرى للحصول على ذات تأثير المواد المخدرة، وإغراق الأسواق بها والإفلات من العقاب، في ضوء عدم إدراج تلك المواد بالجداول المشار إليها، وتعاظم المخاطر الناتجة عن تعاطي تلك المواد. واضافت أن القانون حاول معالجة بعض هذه الثغرات حيث انه فى ظل القانون القديم يستطيع المجرمون الإفلات من العقاب فى ضوء عدم إدراج تلك المواد بالجداول المشار إليها وتعاظم المخاطر الناتجة عن تعاطيها. وشددت على أهمية تكثيف حملات التوعية بخطورة تعاطي المخدرات والإدمان لافتة إلى أن القانون وحده لا يكفى لمواجهة هذا الخطر الذى يدمر عقول الشباب , ولابد من تكاتف المجتمع للقضاء على هذه الظاهرة، والتركيز على دور الأسرة والتعليم فى رفع مستوى الوعي بخطورة المخدرات والخطاب الدينى والثقافى ,فالقانون وحده ليس كافيا. جدول المخدرات أما اللواء رفعت عبد الحميد، مدير إدارة الأدلة الجنائية الأسبق وخبير العلوم الجنائية ومسرح الجريمة فأوضح أنه تم ادراج 45 نوعا من المواد التخليقية المستحدثة فى جدول المخدرات بقرار من وزير الداخلية عام 2010 ,وخطورة هذه المواد أنها تدخل إلى البلاد على انها مواد تباع لأغراض تجارية ,ويتم تصنيعها داخل البلاد ,وتعتبر المواد التخليقية أكثر فتكا بالمتعاطى ,لافتا الى أن وزارة الداخلية اعترفت بوجود ظاهرتين إجراميتين فى مصر هما الاتجار والتعاطى وجلب المخدرات, والاتجار فى السلاح,وكليهما تجارة عالمية غير مشروعة . واوضح أن القانون الجديد حاول النزول بجريمة الاتجار والتعاطى للحد الادنى من خلال تغليظ العقوبات واضافة المواد التخليقية لجدول المخدرات الا أن العبرة ليست بكثرة التشريعات خاصة وان مصر تمتلك ترسانة من التشريعات لمكافحة الادمان وعالم المخدرات ولا تقتصر العقوبات على الاتجار والتعاطى فحسب ولكنها تمتد لكل من هيأ المكان والأدوات للتعاطي, كما عاقب المشرع الجنائي التاجر أو البائع حتي ولو كانت علي سبيل الهدية وتوسعت القوانين فى العقاب الا أن الاشكالية هى تنفيذ القوانين خاصة أن هذه الجريمة تتغير يوما بعد اخر طبقا لما تقرره المافيا فى الخارج . وطالب عبد الحميد بضرورة وجود تشريع دولى يحد من مكافحة المخدرات عالميًا، وذلك إما بتوفير موارد بديلة للدول التى تتعايش على تجارة المخدرات، خاصة الدول الفقيرة مثل أفغانستان وكولومبيا وبعض دول شرق وجنوب شرق أسيا مثل لاو وميانمار. ويوافقه الرأى "عصام الاسلامبولى الفقيه القانونى مؤكدا ان التشريعات وحدها غير كافية للتصدى لعالم المخدرات ,وأوضح انه فى اوقات كثيرة يتم تلفيق التهم لمواطنين بحيازة مخدرات من قبل ضباط المباحث ,واثبات ذلك امر يسير على ضابط المباحث ,كما أن هناك بعض الضباط يسهلون دخول هذه السموم ,فالمسألة ليست قانونا ,ولكن الامر ابعد من ذلك ,فالمواجهة يجب أن تكون من المنبع فمثلا كيف تدخل هذه السموم الى مصر ,ومن يسهل دخولها ,وكيف يتم التغاضى عن تداولها فى الافراح الشعبية والمقاهى .. وفيما يخص حملات وزارة التضامن للتوعية بخطورة تعاطى المخدرات "انت اقوى من المخدرات "وحملات الكشف على العاملين بالدولة والسائقين فهى جهد مشكور ولكن الاهم هو المواجهة من المنبع لمحاصرة المليارات التى تنفق سنويا على المخدرات . ===================================== خبراء علم النفس والاجتماع ..المواجهة تتطلب إصلاح أحوال المجتمع وعودة الترابط الأسرى والفن الأصيل المخدرات كانت فى مصر للأثرياء ولكنها أصبحت الآن لجميع فئات المجتمع صغارا وكبارا,رجالا ونساء,اغنياء وأبناء العشوائيات .. ففى دراسة للدكتور "عبد الرحمن حماد رئيس وحدة مكافحة الإدمان في مستشفى العباسية في القاهرة سابقا أكد أن 60% من متعاطي المخدرات حالياً في مصر هم من الفئات الفقيرة والمهمشة، و39% منهم هم من الفئات المتوسطة و1% من الطبقات الراقية. والسؤال ماهى الأسباب والدوافع التى تدفع الانسان سواء كان طفلا أو شابا ..رجلا أو سيدة الى إدمان المخدرات..وهل الادمان فى مصر أصبح ظاهرة ؟ أكد خبراء علم الاجتماع أن الإدمان ظاهرة عالمية لا تخص مصر بمفردها حيث أكد تقرير صادر من مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن 269 مليون شخص، يتعاطون المخدرات حول العالم. وأوضح التقرير، أن 35.6 مليون شخص، يعانون من تأثيرات الإدمان، وأشار التقرير الى أن الدول النامية أكثر تعرضا لمشكلة الإدمان من الدول المتقدمة، ويرجع ذلك للزيادة السكانية بهذه الدول، كما أن أسواق المخدرات، أصبحت معقدة خلال ال20 سنة الماضية، نتيجة تنوع المواد المخدرة، وتنوع عمليات التصنيع، وإساءة استخدام العقاقير الطبية. وأضاف أن مخدر الحشيش، يعد الأكثر استخداما من قبل من يتعاطون المخدرات، حيث يستخدمه 192 مليون شخصا، ويتوفى سنويا عدد يتخطي 500 ألف شخص بسبب المخدرات، بجانب انتشار أكثر من 900 نوع من المخدرات المخلقة، التي تحتوي علي مواد كيماوية مدمرة لخلايا الجسم، كما أن الوفيات بسبب مخدر الأفيون ومشتقاته، زادت بنسبة 71% في السنوات العشرة الأخيرة. ورغم تضارب الاحصائيات المصرية بشأن اعداد المدمنين سنويا الا ان اللافت أن عددهم فى تزايد مستمر وارتباط الادمان بتقاقم معدلات الجريمة يجعلنا امام خطر حقيقى يهدد كيان المجتمع.. من جانبها تؤكد د"هدى زكريا"استاذ علم الاجتماع بجامة الزقازيق أن الادمان ظاهرة تتنامى فى العالم بأكمله وليس مصر وحدها ,وأغلب الدرسات تثبت أن الفقراء هم الأكثر تعاطياً للمخدرات، باستثناء فترة الثمانينيات من القرن الماضي حين انتشر الادمان بين أبناء الطبقة الثرية، وذلك لانتشار نوع معين من المخدرات هو الهيرويين الذي كان غالي الثمن. وأوضحت "زكريا "أن الفقراء عادة هم أكثر الناس إقبالاً على تعاطي المخدرات في كل الدول لأسباب كثيرة منها أنهم يلجأون إليها لحل مشاكلهم والهروب من الواقع، كما أن الجهل سبب آخر يدفعهم إلى تعاطيها. وأشارت إلى أن فئة السائقين في مصر هي من أكثر الفئات تعاطياً للمخدرات، يعتقدون أنها تجعلهم متنبّهين لأطول فترة ممكنة. واشارت الى أن شيوع السلبية بين الآباء والأمهات في الأسر المختلفة والإيمان الشديد بتغير الجيل فيما يسمونه بجيل الإنترنت أي عالم مختلف لا حدود له ولا قيم وليس لديه موروث يتمسك به بل يضع لنفسه عالما آخر من القيم الدخيلة والألفاظ الغريبة التي باتت تتردد بين الشباب ,وفي ظل غياب مؤسسة تتصدى لذلك ,أدى الى انتشار المخدرات خاصة بين الاطفال والمراهقين ,وألقت اللوم على الاعمال الدرامية التى تجسد أدق تفاصيل تعاطى المخدرات وطرق جلبها ,وكأن المسلسل أو الفيلم السينمائى يعطى درسا خصوصيا للطفل فى كيفية تعاطى المخدرات,وهذا خطأ فادح يقع فيه صناع السينما والدراما ,وخلال عضويتى بلجنة الدراما فى المجلس الاعلى للاعلام,عندما ننتقد مثل هذه المشاهد كان المؤلف يتعلل بحرية التعبير ,فى حين أن حرية التعبير لابد أن تهتم بالاثار المدمرة التى تلحق بالمجتمع من جراء هذه الحرية ,واعتقد ان مسلسل "تحت السيطرة" ناقش ظاهرة الادمان وتعاطى المخدرات بشكل جيد لدرجة انه ترك رسالة فى نفوس المواطنين بأن المدمن لا يفقد تركيزه فحسب بل يقفد شرفه . وتطالب د"هدى زكريا"بضرورة أن يلجأ صناع الدراما إلى علماء النفس والاجتماع والتربية قبل كتابة السيناريوهات خاصة عند تجسيد أزمات المجتمع المصرى حتى لا تؤثر تأثيرا سلبيا على المشاهدين,خاصة أن الإعلام بشكل عام يعد آلة موجهة ومعلمه لكل الأطياف, وفيما يخص تزايد نسبة الفتيات التى تدمن المخدرات حيث بلغت نسبتهن27% من اجمالى عدد المدمنين فى مصر أوضحت أن المرأة ليست بمعزل عن المجتمع فهى تحتك بالفيس بوك ,والسينما والتليفزيون ,وتجلس على المقاهى مثلها مثل الاولاد ,كما أن الطفل سواء ولدا أو بنتا عندما يجلس بجوار أبيه وأمه وهم يتعاطون المخدرات تكون المحصلة جيلا ثانيا يتعاطى المخدرات دو شعور بأن هذا امر كارثى,بعض الفتيات يتعاطى المخدرات كنوع من اظهار مدى تحررها من القيود الاسرية والشعور بقدرتها على ممارسة اى فعل. واوضح د"هدى"الى أن الدولة تتصدى بكامل طاقاتها لتجار المخدرات الا أن تنامى ظاهرة التعاطى وانتشارها يتطلب معالجة القضية بنظرة دولية ,والتعاون مع المنظمات الدولية العاملة فى هذا المجال والحكومات لنشر الوعى خاصة فى مرحلة الطفولة ولتجنب لعبة التقليد الاعمى ثم نصطدم بالمأساة والمرض. واشارت إلى أن ظاهرة تعاطى المخدرات اخذت فى التنامى بهذا الشكل المرعب عندما انهارت الثقافة والفن الأصيل الذى يسمو بالنفس ,وعندها ظهر الادمان والتطرف ,فالنفس البشرية دائما تحتاج إلى البهجة والسعادة ,وعندما غابت سبل البهجة ظهرت المخدرات ,مشيرة الى أن المواجهة تتطلب اصلاح أحوال المجتمع فهى منظومة متكاملة فلا يجوز ان اتصدى للادمان وهناك تطرف فكرى وانهيار ثقافى ,فالامر يتطلب استراتيجية متكاملة وتعاون وزارة الثقافة والازهر الشريف والكنيسة والاعلام عمل توليفة قادرة على أخذ المدمن من عالم التوهان والتاكيد على وجود حلول لكل الأزمات المجتمعية أما د"منال عاشور"فأكدت أن الادمان ظاهرة موجودة منذ سنوات طويلة ولكن لم يكن يتم الافصاح عنها أو كانت من القضايا المسكوت عنها ,وأوضحت أن الامر المؤسف حاليا هو انتشار المخدرات بين الاطفال والمراهقين فى سن 11و16 سنة ,وهذا يرجع لعدة أسباب أهمها غياب دور الاسرة فى متابعة ابنائها ,وتزايد معدلات الطلاق الى يترتب عليها التفكك الاسرى وخروج الابناء فى أغلب الاحيان الى الشارع ,واطفال الشوارع هم أكثر عرضة لادمان المخدرات ,واستغلالهم من التجار فى عمليات التوزيع والترويج ,الامر الثانى هو مشاهدة الافلام والمواقع الاباحية التى تعرض مشاهد تعاطى المخدرات ,واصدقاء السوء ,ورغبة الابناء فى تقليد أقرانهم ,ثم إن فكرة الحصول على مخدر من الصيدليات أصبح أمرا فى غاية السهولة . واضافت د"منال عاشور"أن التوسع فى افتتاح مراكز معالجة الادمان امر جيد ولكن هذه المراكز تعالج العرض ,واذا دخل مدمن واحد للعلاج ,نجد هناك آلآف من المدمنين الجدد ,ولذلك لابد من حل مشكلات المجتمع أولا ,فيجب عودة ترابط الاسرة ,ووضع حلول عاجلة لتزايد معدلات الطلاق ,ووضع قانون جديد للأحوال الشخصية يعمل على مصلحة الطفل الصغير ويضمن وجوده فى بيئة آمنة بعد انفصال الاب والام,أما بالنسبة لحملات التوعية التى تقوم بها وزارة التضامن أنت أقوى من المخدرات ,وغيرها فهى مهمة ,ولكن بعد حل مشكلات المجتمع ,وأهمها عودة دور الأسرة . وأوضحت د"منال عاشور"أن الانسان المدمن يكون غائبا عن الوعى وليس لديه قدرة للسيطرة على النفس ,مستعد أن يقوم بأى فعل حتى يستطيع الحصول على المخدر ,ومن هنا تأتى العلاقة بين تزايد معدلات الجرائم التى يرتكبها مدمنون مثل السرقة والقتل ,وفى حالة الحصول على المخدر ونتيجة التغير الكيميائى الحادث بالجسم يصبح فى حالة جنون عقلى ليس لديه اى مبادئ أو قيم لديه تشوش عقل والدوافع الغريزية هى التى تحركه ,ولذلك نجد أغلب جرائم الاغتصاب وهتك العرض يرتكبها مدمنون. واوضحت أن علاج الادمان يستوجب المتابعة الدقيقة حتى لا يحدث للمتعافى انتكاسة ,وشددت على أهمية انتشار الخط الساخن الخاص بعلاج الادمان لان أغلب المدمنين لا يعرفون أن هناك مراكز تعالج الادمان مجانا. وأكدت د"فادية أبو شهبه " استاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الادمان ظاهرة قديمة..الا انها تزايدت فى السنوات الاخيرة ,وتنوعت المواد المخدرة ,وزادت معدلات الجرائم التى ترتكب تحت تأثير المخدر ,بل اصبحت المخدرات هى الدافع الاول لارتكاب الجرائم بكل أنواعها من هتك عرض او تحرش واغتصاب او سرق ,والجرائم الاسرية مثل قتل اب لابنائه أو قتل الابن لأمه وأبيه ..وغيرها من جرائم القتل البشعة التى تتم داخل نطاق الاسرة لافتة إلى ان هذا الامر دفعنا فى المركز لعمل دراسات وابحاث حول الاسباب التى تدفع ادمان المخدرات وسبل مواجهتها.. واوضحت د"فادية "ان هناك العديد من الدوافع منها على سبيل المثال :العوامل الاقتصادية التى لعبت دورًا مؤثرًا في هذا التحول، وخاصة الفقر وبطالة رب الأسرة وانخفاض مستوى الدخل والديون وارتفاع الأسعار ,مشيرة الى أن الضغوط الحياتية أدت الى التفكك الأسري وانهيار التماسك بين افراد الاسرة ، فبسبب عدم كفاية الدخل يضطر الكثير من الأزواج للترحال للبحث عن عمل بالخارج، أو هجر أسرته والتخلي عن مسئولياته تجاهها، وبالتالي ترتفع نسب الطلاق والمرأة المعيلة، مع زيادة تشغيل الأطفال وتسريبهم من التعليم للمساعدة في موارد الأسرة، ولذلك يلجأ البعض للإدمان كوسيلة للتغيب عن الواقع المؤلم,والبحث عن أموال للحصول على المخدر تدفع إلى ارتكاب الجرائم وانهيار الأمن داخل المجتمع. واشارت الى أن الأجواء الأسرية المشحونة بالتوتر والصراع تكون بيئة مُهيَئة للإصابة بالأمراض العقلية والنفسية والسلوكية للأبناء, أي أنها تفرز للمجتمع أجيالاً متأهبة للجوء إلى الادمان وارتكاب مزيد من العنف والجريمة والانحراف . وتابعت د"فادية"انها تقابلت مع عدد كبير من المسجونين والمسجونات فى قضايا قتل وسرقة واغتصاب ووجدت ان اغلب المجرمين مدمني مخدرت ,ورصدنا فى احد الابحاث مجموعة من الاطفال شكلت عصابة لسرقة السيارات وتهريبها عبر الانفاق الى فلسطين حتى يدبرون ثمن جرعة المخدرات,وكانت احدى المسجونات فتاة ميسورة الحال من أسرة غنية تزوجت من شخص مدمن وعندما اخذها إلى عالم الادمان اشتركت فى العصابة وقامت بتسهيل عمليات السرقة ,ومن بين الحالات التى قابلتها رجلا ارتكب 23 جريمة اغتصاب وتم محاكمته فى الحادث الاخير لان المجنى عليها قامت بإبلاغ ,وروى لى هذا المجرم بانه كان يسهر يوميا يتعاطى المخدرات هو واصدقاؤه ,ثم يخرجون إلى الشارع لالتقاط فريسة يغتصبونها ولا فرق بين طفلة أو مسنة .,كما ان ادمان المخدرات اصبح فى المدارس وبين طلبة الجامعات ,والمدن الجامعية . إعادة التأهيل واوضحت د"فاديه أن العلاج ليس فى تغليظ القوانين فنحن لدينا ترسانة من القوانين,المطلوب هو الوقاية والمواجهة ,ولذلك لابد من إعادة تأهيل الاسرة المصرية من جديد ,لمتابعة ابنائهم وابعادهم عن اصدقاء السوء ,ووضع حد لمشكلة هروب الابناء من البيت وخروجهم للشارع ,وعدم التعامل بقسوة مع الابناء حتى لا يهربون من البيت ,لافتة إلى أن التنشئة الاسرية السليمة هى الضمانة الوحيدة لحماية الاطفال من طريق الادمان,واحكام الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعى. وتناشد "فادية"الشعب المصرى بضرورة الابلاغ عن اى متعاطى مخدرات ,او تاجر حتي تم تطهير المجتمع ,وشددت على اهمية التركيز فى وسائل الاعلام عن امكانية علاج المدمن وعودته للحياة من جديد ,والقاء الضوء على تجارب وزارة التضامن فى دمج المتعافين من الادمان ,مساعدتهم على عمل مشروعات صغيرة في المجتمع. وطالب بعدم التركيز غى الدراما على البطل المدمن "نمبر ون"الذى يرتكب الجرائم ويغتصب ويتعاطى المخدرات حتى لا يكون المثل والقدوة ويقوم الشباب بتقليده,وعودة دور الجامع والكنيسة ,فى تثقيف الشباب وتوعيتهم بخطورة الادمان ,وعمل ساحات شعبية والاهتمام بمراكز الشباب حتى يستطيع الشباب تفريغ طاقاتهم ,وان تعود رحلات الكشافة والمعسكرات,واستغلال طاقات شبابنا,ومحاولة توفير فرص عمل ,حتى لا ينجرف الشباب إلى الادمان او الإرهاب .