وراء أسياخ حديدية سوداء داخل محكمة جنايات الغردقة. وقفت المتهمة وعشيقها يتبادلان النظرات والاتهامات. وكل منهما يلقى بالمسئولية على الآخر. ويحاول تبرئة نفسه من تهمة قتل رئيسة المتهمة الأولى فى العمل مع سبق الإصرار والترصد. وفى تلك الجلسة النطق بالحكم على القاتلين. وما زالا يتبادلان الاتهامات والنظرات وربما الاتفاق على تكملة مسيرة حياتهما المحرمة. وقطع حوار النظرات صوت الحاجب الجهورى.. محكمة.. ودخل القضاة الى منصة المحكمة. وبعد جلوس المتواجدين فى القاعة الذين وقفوا احتراماً لهيئة المحكمة الموقرة بدأ رئيس المحكمة تلاوة الحكم على القاتلة وعشيقها. بعد الاطلاع على الأوراق وسماع اعترافات المتهمين وشهادة الشهود قررت المحكمة وباجماع الآراء إحالة أوراق المتهمين الى فضيلة المفتى لأخذ الرأى فى إعدامهما. انهارت القاتلة وسقطت مغشياً عليها لم تكن تتوقع أن يكون الحكم هو الإعدام. وعندما عادت الى وعيها أعادها هى وشريكها فى الجريمة الى السجن بعد تبديل ملابس السجن الزرقاء الى بدلة الإعدام الحمراء فى انتظار رأى المفتى للتصديق على الحكم. علاقة صداقة قوية ربطتها بالقتيلة والتى كانت ترأسها فى العمل. سلمتها كل أسرارها. وعرفت عنها كل شىء ماذا تملك ومبالغ المالية التى تدخرها فهى وحيدة ولا تعرف أحداً غيرها وكثيراً ما سلمتها الفيزا كارت الخاصة بها كى تسحب لها مبالغ مالية عندما كانت تمر بظرف يمنعها من الذهاب الى البنك وسلمتها الرقم السرى الخاص بها ولم تفكر فى تغييره فهى حقاً تعتبرها أختاً لها لم تلدها أمها. ولكن القاتلة كان لها رأى آخر، فكانت طوال الوقت تحقد عليها وكم وسوس لها الشيطان ماذا ستفعل هذه العجوز بكل هذه الأموال والمصوغات الذهبية. تعرفت القاتلة على سائق سيئ السمعة منعدم الأخلاق والضمير. حدثته كثيراً عن صديقتها التى هى ترأسها فى العمل. وكم هى كريمة معها وتساعدها كثيراً وتغدق عليها بالهدايا وتأمنها على كل حياتها. وبدأ يوسوس لهما الشيطان لماذا لا يستوليان على أموال العجوز كى يتمكنا من تأسيس منزل ليتزوجا فيه ويعيشا حياتهما ويكفى تلك المرأة ما عاشته. إن من حقهما أن يعيشا كبقية الناس. وزين لهما الشيطان عملهما. لم تقاوم القاتلة أفكار عشيقها الجهنمية. أو تتذكر الخير الذى فعلته معها ولها المجنى عليها والتى طالما وقفت بجوارها فى أزماتها وفقرها وفرحها وحزنها نسيت عيشها وملحها.. ووافقت الشيطان على وضع خطة لتنفيذ جريمتهما البشعة. وخطرت لهما فكرة يستحى الشيطان أمامها. قررا أن يقوم السائق العاشق بالاتصال بالقتيلة ويخبرها بأنه يرغب فى الارتباط بالقاتلة وأنه يرغب فى أن تتوسط له عندها لأنه عندما فاتحها فى الزواج طلبت منه أن يطلب يدها من رئيستها فى العمل لأنها بمثابة شقيقتها.. وبالفعل بدأ على الفور فى تنفيذ خطته الشيطانية. هاتف القتيلة وعرفها بنفسه وطلب منها الذهاب معه لشراء هدية لصديقتها لتقديمها لها عندما يذهب لطلب يدها. فرحت كثيراً بطلبه وكأنها هى التى ستتزوج وعلى الفور طلبت منه أن يأتى لأخذها من منزلها للذهاب لشراء الهدية لصديقتها الوحيدة. ولم يكن يدر بخلدها أنه يومها الأخير وأنها لن تعود. وارتدت مصوغاتها وأخذت تليفوناتها المحمولة وطبعاً الفيزا كارت. وهذ كل ما تملكه فى الحياة وتزينت. وارتدت أجمل ثيابها. إنه فرح صديقتها. كم أحبتها وتمنت لها الخير والسعادة. وحضر أسفل منزلها واستقلت المقعد الذى بجواره. وهى سعيدة وتخيلت كم ستكون صديقتها سعيدة ولم تشعر بوجود صديقتها الخائنة فى دواسة السيارة أسفل الكرسى الخلفى. وذلك حسب الخطة الموضوعة للتخلص من الضحية. وما زالت القتيلة تتجاذب أطراف الحديث مع عريس صديقتها. حتى وصلا إلى الطريق الدائرى بالغردقة حتى ظهرت صديقتها خلفها وهى تقوم بخنقها من الخلف. صرخت وحاولت المقاومة. وكان سؤالها الوحيد ليه بتعملوا كده. خذوا ما تريدون سيبونى أعيش. أنا صديقتك. ولكن الشيطان أعمى أعينهما وصم آذانهما وتشاركا فى قتلها بكل عنف وقسوة فى لحظات مات فيها الضمير وتحجرت فيها القلوب. تساقطت يداها ورأسها وخرجت روحها إلى ربها شاكية الغدر. وبدآ فى الاستيلاء على الغنيمة: مصوغاتها، تليفوناتها، الفيزا كارت الخاصة بها، كل شىء. وألقيا بجثتها فى مكان مهجور وذهبا ليحتفلا بالجريمة بسهرة محرمة حضرها الشيطان. عُثر على الجثة. وبدأ البحث والتحرى عن الجانى. التحريات. والشهود وكاميرات المراقبة وكاميرا البنك الذى قامت القاتلة بسحب مبلغ مالى كبير منه بالرقم السرى الذى كانت تحفظه. ألقى القبض على القاتلة. حاولت الإنكار وادعت أنها صديقتها ولا يمكن لها أن تفعل ذلك. وبمواجهتها بالدلائل. اعترفت وأرشدت عن شريكها الذى ألقى بالتهمة عليها وأنها من حرضته على قتل صديقتها من أجل الأموال وأنها من وضعت الخطة وأنها كانت تحقد عليها. أمرت النيابة بحبسهما بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمقترن بالسرقة. وبعد تداول الدعوى فى الجلسات جاء يوم القصاص. يوم العدل. يوم رد الحق. وجاء الحكم العادل. الإعدام. وفى انتظار رأى المفتى.