"باحلم أرجع مدرستي تاني".. بدأت أسماء كلماتها ابنة ال12 عامًا، متحدثة عن أهم أمنية لها, بعد أن أنهكها المرض، الذي عجز الأطباء عن تشخيصه. أسماء محمد، طالبة في المرحلة الابتدائية، بدأت رحلتها مع المرض منذ أكثر من عامين, حين ظهر عليها أعراض مرض"الحمى"، وكان التشخيص في بداية الأمر، هو إصابتها بحمى البحر المتوسط, وبعد فترة من العلاج والألم، انتفخت بطنها بشكل لافت للنظر، وكأنها امرأة حامل في شهرها الأخير. انزعجت أسرتها الفقيرة، وتم عرض أسماء، على أطباء مستشفى "أبوالريش" للأطفال، التي لم تستطع التوصل إلى تشخيص للمرض، وبدأت معاناة أسماء في التنقل بين المستشفيات والأطباء.. من قصر العيني إلى مستشفى القوات المسلحة، وغيرها من المستشفيات. المفاجأة هي أن الأطباء لم يصلوا إلى السبب في تدهور حالة أسماء، وخضعت للعديد من التحاليل والمناظير، وانتهت جميعها بضرورة عرض أسماء - ابنة العامل الفقير- على مركز طبي بالخارج لتشخيص حالتها. وهنا بدأت معاناة جديدة لأسماء؛ ألا وهي مصاريف السفر والمركز الطبي بالخارج.... أوصت مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، بضرورة عرض أسماء على المجالس الطبية المتخصصة كبداية لإرسالها إلى الخارج حيث إنها مسؤولة عن سفر المرضى للخارج على نفقة الدولة. بدأ والدها المعاق رحلته بين المستشفيات والمجالس الطبية للحصول على موافقة وزارة الصحة بسفر ابنته؛ لتشخيص حالتها على نفقة الدولة, ولكن الجميع تجاهله، ولم يهتم به أحدٌ، فما كان من الرجل، إلا أن يستغيث بالرئيس عبر ديوان المظالم لعل الرئيس "الإسلامي" يرق قلبه لابنته المريضة, لكن لا حياة لمن تنادي. تكاليف سفر أسماء للخارج تصل إلى ما يقرب من 320 ألف جنيه، حسب التقرير الذي أرسلته أحد المستشفيات بلندن، بعدما عرضت حالة أسماء عليهم بواسطة بعض فاعلي الخير؛ إلا أن المستشفى الإنجليزية طلبت سفر أسماء وضرورة فحص حالتها لديهم وإجراء الأشعة والمناظير والتحاليل، لأن ما تم في مصر غير كافٍ لتشخيص حالتها بعد عرضها عليهم بوسائل الاتصال الحديثة.. فمن أين لأسرتها الفقيرة بهذا المبلغ؟!. يقول الأب:" إنه لجأ إلى الاستدانة والاقتراض، وباع كل ما يملكه لتوفير المال لعلاج ابنته؛ لكنه عجز في نهاية الأمر عن استكمال المشوار، ولم يترك بابا إلا وطرقه.. ولم يفقد الأمل في رحمة الله. يصمت الأب للحظة.. لم يستطع تمالك نفسه من البكاء المتواصل وهو عاجز عن إيقاف شبح المرض والألم عن ابنته الطفلة الرقيقة, كل ما يرجوه مساعدة فاعلي الخير في علاج أسماء، والمساهمة في توفير نفقة سفرها للخارج, فكل يوم يمر عليها يزداد ألم أسماء, وألم أسرتها لضيق ذات اليد وكفاف العيش، وقسوة كل ما يحيط بها...