أسعار الخضار والفاكهة اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    تراجع إنتاج وودسايد إنيرجي الأسترالية خلال الربع الثالث    القوات الروسية تقضي على مرتزقة بولنديين وتكشف محاولات تسلل أوكرانية    ألمانيا والنرويج تناقشان بناء غواصات بالاشتراك مع كندا    29 قتيلاً على الأقل و42 جريحاً في انفجار شاحنة صهريج في نيجيريا    السوداني: الحكومة العراقية حريصة على مواصلة زخم التعاون الثنائي مع أمريكا    بعد الإكوادور، زلزال بقوة 6 درجات يهز كوستاريكا    طقس اليوم الأربعاء.. موجة حارة في غير موعدها تجتاح البلاد    اليوم.. نظر محاكمة البلوجر أكرم سلام لاتهامه بتهديد سيدة أجنبية    اليوم.. نظر محاكمة 10 متهمين ب"خلية التجمع"    هجوم غامض بأجسام مجهولة على القطار المعلق في ألمانيا    تعامد الشمس.. آلاف السائحين يصطفون لمشاهدة الظاهرة بمعبد أبوسمبل "فيديو"    تعليم المنوفية تحسم قرار غلق مدرسة بالباجور بعد ارتفاع إصابات الجدري المائي    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    ترامب: لن ألتقي بوتين إلا إذا كانت القمة مثمرة    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في الدوري والقنوات الناقلة    طالب يطعن زميله بسلاح أبيض في قرية كفور النيل بالفيوم.. والضحية في حالة حرجة    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 22-10-2025.. كم سجل طن عز الآن؟    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته ال17 ل زياد الرحباني    عبد الله جورج: الجمعية العمومية للزمالك شهدت أجواء هادئة.. وواثقون في قدرة الفريق على حصد لقب الكونفدرالية    «حقك عليا».. أحمد فهمي يعتذر ل شيكابالا.. ويؤكد: «احنا الاتنين على الله» (فيديو)    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير وحقيقة تعميمه إجازة للموظفين (تفاصيل)    بعد انخفاضها 2040 للجنيه.. مفاجأة بأسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة محليًا وعالميًا    عاجل- بدء التقديم لحج الجمعيات الأهلية اليوم.. 12 ألف تأشيرة وتيسيرات جديدة في الخدمات    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    أكثر من 40 عضوًا ديمقراطيًا يطالبون ترامب بمعارضة خطة ضم الضفة الغربية    وزير الزراعة: تحديد مساحات البنجر لحماية الفلاحين وصادراتنا الزراعية تسجل 7.5 مليون طن    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    ياسر عبدالحافظ يكتب: هدم العالم عبر اللغة    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    تكريم ياسر جلال فى مهرجان وهران للفيلم العربى بالجزائر    فعاليات للتوعية ضد الإدمان وزواج القاصرات بعدد من المواقع الثقافية بالغربية    جامعة طنطا تحتفي بإنجاز دولي للدكتورة فتحية الفرارجي بنشر كتابها في المكتبة القومية بفرنسا    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    خطر يتكرر يوميًا.. 7 أطعمة شائعة تتلف الكبد    تخلصك من الروائح الكريهة وتقلل استهلاك الكهرباء.. خطوات تنظيف غسالة الأطباق    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    شاريسا سولي تشارك في لجنة القضايا العامة بمجلس الكنائس المصلحة العالمي    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصف سلماوى الذى ذهب وخبا.. وريحانه الذى عبق وبقى
75 عامًا من المعارك الثقافية والسياسية والصحفية.. ومواجهات ساخنة مع الرقابة والبيروقراطية
نشر في الوفد يوم 26 - 09 - 2021

من هو الكاتب ذو النظارة السميكة الذى احتفى به مبارك.. ودعمه أملًا فى فوزه بنوبل الأدب بدلاً من نجيب محفوظ؟!
سلماوى اتصل ببيت محفوظ لإبلاغه بفوزه بالجائزة فأخبرته زوجته بأنه نائم دون أن تدرى أنه خرج للجلوس كالمعتاد بمقهى فندق شهرزاد
قفزت من مكتبى بجريدة الأنباء الكويتية.. لأكون أول من يخبر الأستاذ نجيب بفوزه بأرفع جوائز الأدب العالمية
كريمتاه سارعتا بالحضور للفندق ليرجع للمنزل.. بينما كنت أمطره بالأسئلة وألاحقه بالكاميرا فى الشارع
عندما حضر سفير أمريكا فرانك ويزنر إلى مسرح مقياس النيل لمشاهدة مسرحية «سالومى» راكبًا «لنش»!
أم المفارقات:الرغبة الإسرائيلية بإيقاف «سالومي» تتوافق مع مطالبة المفتى ومشيخة الأزهر بوقف عرضها!!
حكم الإخوان يشبه مسدس بدائى رديء الصنع منعدم الكفاءة انتهت صلاحيته فور نفاد طلقته الواحدة
كتاب يقرؤه معكم:
محمود الشربينى
——————-
كنا فى مكتب رئيس تحرير جريدة الوفد د.وجدى زين الدين، عندما سأله أحد الزملاء عن كتاب محمد سلماوى الجديد «العصف والريحان».. فى أيدى مَن مِن الزملاء الآن؟وعرفنا من إجابته أنه بحوزة زميلة استعارته لقراءته. العصف والريحان لسلماوى هو ثانى جزء فى سيرة حياته التى استهلها بجزء عنوانه «يومًا أو بعض يوم»..والذى حظىَّ باهتمام واسع وحفاوة بالغة عند صدوره..وأثق أن جزءه الثانى سيلقى مثله من الاهتمام والحفاوة.
-عرفت الكاتب الكبير محمد سلماوى ونحن فى المسرح الحديث، حينما كان سعد أردش يخرج له رائعته «القاتل خارج السجن»، ولاتزال نسختى المهداة منه ممهورة بتوقيعه -هى ومسرحيته الرائعة الأخرى «سالومي» - تحتلان مكانة أثيرة فى وجدانى قبل مكتبتى.افتتحت المسرحية فى ديسمبر 1986..وكانت» تحكى قصة نبيل الطالب الجامعى الذى ألقى القبض عليه ووجهت له اتهامات سياسية مع أنه لم يعمل بالسياسة، فعاش تجربة السجن فأنضجته وأفضت إلى تسييسه بل تحول داخل السجن إلى زعيم، يدافع عن المساجين ويتصدى لاستبداد إدارة السجن المستبدة.
سلماوى وسالومى
أما سالومى فهى مسرحية مختلفة.. هى أسطورة شعرية كتبها «أوسكار وايلد» وجاءت معالجة سلماوى لها فريدة ومبتكرة. وعنها قال فى كتابه «داعبت شخصية «سالومي» خيالى طويلًا، فهى الفتاة ذات الجمال الخلاب التى استحوذت على عقل الحاكم الروماني»هيرود» زوج أمها، وقلبه، فطلب منها فى إحدى الليالى أن ترقص له واعدًا إياها بأن يلبى لها أى طلب تطلبه بعد ذلك. فرقصت له «رقصة الأوشحة السبعة»، وهى رقصة قبورية تنبىء بالشر، وحين انتهت منها سألها عما تريده، فطلبت منه أن يحضروا لها على طبق من فضة رأس يوحنا المعمدان الذى كان قد ألقى القبض عليه بعد أن دأب على سب والدتها فى الأسواق واتهامها بالزنا. وقد استعرت(يقول سلماوى) أسطورة «سالومى» تمامًا كما كتبها «وايلد»، لكنى ألبستها ثوبًا سياسيًا، حيث وجدت أن وقائع القصة كما وردت فى الكتاب المقدس قد حدثت فيما هو الآن الضفة الغربية المحتلة، ووجدت أن البلاط الرومانى آنذاك يمثل حكمًا غريبًا على البلاد مثل الحكم الإسرائيلى الحالى للضفة، لكنى حولت يوحنا المعمدان إلى ثائر من أهل البلد، يعارض الحكم الدخيل ويتنبأ بخلاص البلاد، فهو عندى شاب من الناصرة، لانعرف له اسمًا، ويشار إليه فقط بصفة «الناصري».
القاتل خارج السجن:
-القاتل خارج السجن إذن قضية مسرحية قوامها مقاومة الظلم والاستبداد والنضال من أجل الحقوق والحريات، وسالومى قضية مسرحية قوامها النضال من أجل الأرض ومقاومة المحتل..وليس غريبًا انها كلها قضايا تقف على يسار السلطة..وتناهضها كل النظم المستبدة، ولا شك أيضا أنها تمثل خطًا دراميا أساسيًا فى أعمال سلماوى الإبداعية، وهى كثيرة ومتنوعة، تبدأ بالمقالة الصحفية، وتتوهج بالدراما القصصية، وتشتعل بالقضايا المسرحية، ولاتخمد أو تذوى بالقصيدة الشعرية. وكلها مجالات ولجها سلماوى، من دون تعقيد أو تقعر أو حذلقة.. فهو يكتب ببساطة، ويعطى ما يكتبه العمق الذى يحتاجه، ولهذا يقول ناقد مسرحى مرموق مثل جلال العشرى بأن سلماوى أضفى على رواية سالومى البسيطة المحدودة بعدًا سياسيًا جعلها أكثر تعقيدًا وتركيبًا..وليس أدل على ذلك من أنها لاقت إقبالا جماهيريًا هائلا، فامتد عرضها لليال طويلة، وعرضت فى مهرجان جرش المسرحى (بالأردن) وطلب فرانك ويزنر السفير الأمريكى فى القاهرة وقتها أن يحضر لمشاهدتها، كما أن اسرائيل أرسلت إلى مصر احتجاجًا رسميًا عليها، تلقاه وزير الخارجية وقتها عصمت عبد المجيد، فتعامل معه كما هى سياسته آنذاك والتى اشتهرت عنه»سياسة ضبط النفس»، حيث تم «تنويم الموضوع «بتعبير سلماوى نفسه، ونجت سالومى من المطالبة بإيقاف عرضها، فضلا عن أن جماهيريتها الطاغية حصنتها من هكذا قرار.
- ما بين مجموعته القصصية المعنونة ب«الرجل الذى عادت إليه ذاكرته».. والتى نشرتها له مجلة صباح الخير عام 1982- بينما كنت أجوب أروقتها لأول مرة فى حياتى بحثًا عن فرصة فى عالم مهنة المتاعب «اللذيذة «-وبين آخر مجموعاته القصصية المعنونه ب» ما وراء القمر» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية 2015..وصولًا إلى كتابه الأخير (العصف والريحان) هذا الذى نستعرضه اليوم، رحلة ناهزت ال 75 عامًا أو تكاد. طولها عمل دؤوب، وعرضها مبادئ وقيم ومعارك وانتصارات وإخفاقات، وعمقها موهبة صقلها باللغة (العربية والأجنبية) وبالثقافة والسياسة وبالسينما والمسرح والفن التشكيلى، وبالعلاقات المتنوعة والمختلفة مع نجوم المجتمع وقادته ورموزه، بطبقاتهم المختلفة..ربما..أقول ربما إنه لم يضبط متلبسًا فى هذا العمر كله بالاقتراب من الطبقات الكادحة أو الدنيا..حتى أنه -مبلغ علمى وعلى حد قراءاتى - لم يكتب عنهم ولم يرد ذكر لأى من هؤلاء أو المضامين المعبرة عنهم
أو عن ادبياتهم مطلقًا فى كتاباته أو اهتماماته! على الرغم من أنه قومى عربى وينتمى إلى فصيل الكتاب المقدرين للتجربة الناصرية وللزعيم الخالد جمال عبد الناصر.
-وفى كلمتها عن الكتاب التى احتلت ظهر الغلاف الأخير قالت دار الكرمة ان سلماوى وهو يسرد لنا روايته من منظور شخصى، يعنى بالتفاصيل الإنسانية التى كثيرًا ما تغفلها كتب التاريخ، فيمضى بنا من خفايا بيروقراطية العمل الحكومى حين كان وكيلًا لوزارة الثقافة، إلى الصراعات التى احتدمت على إثر فوز أديبنا الكبير نجيب محفوظ بجائزة نوبل، ومن كواليس معارك الرقابة مع عروضه المسرحية، إلى المواجهات العاصفة التى شهدتها كواليس الجلسات السرية (المغلقة بتعبير أدق لسلماوى) للجنة كتابة دستور مصر.
عميق فى بساطة..بسيط فى عمق.. هو محمد سلماوى الكاتب والمبدع، تقرأ كتاباته بسلاسة ومن دون تقعر أو «كلكعة».. ويمسك بك من أول سطر يكتبه حتى انتهائه مما يريد قوله لك، من دون كلل أو ملل، أبدًا لا يداهمك هذا الشعور، وهو لا يكف عن تقديم هذه المعادلة إليك.
العصف.. والريحان
قرات العصف والريحان، كنت ألهث فى إثر صفحاته واحدة تلو الأخري(414 صفحة من القطع العادى..لم يهدها لأحد بعينه، لكنه على الإجمال يشعرك أن الفنانة نازلى مدكور -زوجته - هى من يستحق كل إهداء.. ويبدو لى انه مدين لها بفضل كبير فى استقرار الأمور الحياتية والزوجية، حتى أنه ينضح هدوءًا واستقرارًا فى كل كتاباته. وقد قسم سلماوى مادة عصفه وريحانه (والمعنى استلهمه من آيات الذكر الحكيم «والأرض وضعها للأنام. فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام. والحَب ذو العصف والريحان. فبأى آلاء ربكما تكذبان ...»
يوضح سلماوى معنى ومغزى الجملة التى التمعت فى ذهنه عنوانًا لكتابه، فآنذاك كان فى بيته الريفى فى دهشور، فيقول: «لمحت من بعيد شجرة البرتقال، وفى جانب آخر شجيرات الرمان، وتأملت النخل ذات الأكمام، وتراءت لى حياتى كلها، فبدت كذلك الحَب، بها من العصف والقشور التى تذهب هباء، كما بها أيضًا الريحان، ذلك العشب المقدس فى الحضارات القديمة، الريحان ذو العطر الأخاذ الذى يمكث معنا بعد أن يكون العصف قد طار فى الهواء. المادة مقسمة إلى 33 مقالًا أو مبحثًا، منفصلة متصلة كل منها يتعلق بموقف أو بمنصب إو بتاريخ أو بعمل إبداعى )..وفى تقديم دار الكرمة لها قالت ان سلماوى فى الجزء الثانى من مذكراته «يواصل نسج تلك الضفيرة الممتعة التى تربط بين أحداث حياته الشخصية والأحداث الوطنية الكبرى التى شكلت تاريخ مصر، فى الفترة من اغتيال الرئيس السادات عام 1981 وتولى الرئيس مبارك، إلى قيام ثورة 25يناير 2011، وصعود وسقوط حكم الإخوان، ثم إقرار دستور 2014 الذى شارك فى كتابته، وكان المتحدث الرسمى باسم لجنة الخمسين التى وضعته. لأرى أن كان سينتابنى الفتور، أو لا، لأن هناك وقائع عرفتها -بحكم زمالتنا المهنية وصداقتنا التى تعود إلى العام 1984- وأخرى عايشناها من خلال المضامين التى نؤمن بصحتها معًا، فنحن معًا ضد التطبيع ومع مقاومة الاحتلال الإسرائيلى ونؤمن بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وبحركات التحرر العربى وبالثورة على الاستعمار. ونؤمن بمضامين الحرية وقيم العدالة والإخاء والمساواة والثورة على الظلم والفساد..ونؤمن بأن بمصر الحضارة والتاريخ والثقافة (أو بتعبيره:»مصر بنت تاريخها اعتمادًا على ثقافتها»).
فوت علينا بكره.. واللى بعده
المسرح -بتعبيره - كان دائمًا»عشقى الأول».. وكانت مسرحيته «سأقول لكم جميعًا التى عرضت على مسرح «إيوارت» بالجامعة الأمريكية عام1967 كتبت باللغة الإنجليزية مثلها مثل قصصه وأشعاره التى كتبها وقت عمله مدرسًا للغة بقسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة، فإنه وجد نفسه يكتب فى عام 1983 مسرحية باللغة العربية «فوت علينا بكره».. ويقول سلماوى انه بينما كانت مسرحية سأقول لكم جميعًا تعالج موضوعًا فلسفيًا حول الحياة الأخرى، فإن مسرحية فوت علينا بكره عالجت موضوعا واقعيًا مرتبطًا ارتباطا وثيقا بالواقع، بأسلوب مدرسة «مسرح العبث»، وبناء على نصيحة الدكتور عبدالعزيز حمودة أضاف اليها سلماوى مسرحية من فصل واحد بعنوان «اللى بعده» والتى صورت ملايين البشر الواقفين فى الطوابير منذ عشرات السنين ينتظر كل منهم دوره الذى لا يأتى، وأثناء ذلك يأتى عليهم من يستغلونهم بحجة ترؤس الطابور وإصلاح أحواله، وقد عرضتا على خشبة مسرح الطليعة عام 1984 بإخراج لسعد أردش.
وطبقا لسلماوى فإن سنوات الثمانينات بالنسبة إليه مثلت مرحلة تفتح ونماء (عكس الحال مع سنوات الانقباض فى السبعينيات) ووصفها بأنها شهدت فترة انطلاقه الثانية لأسباب من بينها كتاباته وحواراته مع شخصيات عالمية، وبسبب آخر هو تردد اسمه أكثر من مرة إما لفصله من عمله الصحفى (73-77-81) أو معتقلًا (77) ثم مفصولًا
مرة رابعة عام 2012 فى زمن الإخوان.
أجنحة الفراشة.. نبوءة ثورة
———————-
وسلماوى الذى كتب أيضًا مسرحيات «الخرز الملون» و«الجنزير ورقصة سالومى الأخيرة» (سالومى الأولى لعبتها رغدة ونور الدمرداش والثانية لعبتها سهير المرشدى وعبد المنعم مدبولي) ورواية « أجنحة الفراشة» التى كانت نبوءة بما جرى فى ثورة يناير( انتهى سلماوى من كتابتها فى سبتمبر 2010 ودفع بها للدار المصرية اللبنانية فقال له صاحبها محمد رشاد «الرواية أعجبتنى جدًا لكنها تودى فى داهية»، وقد نشرها ووضع على غلافها عبارة «الرواية التى تنبأت بثورة يناير 2011 التى ترجمت إلى الانجليزية والايطالية والرومانية والفرنسية كما صدرت مترجمة أيضا إلى اللغة الإردية. أما كتابه «مسدس الطلقة الواحدة: مصر تحت حكم الإخوان» فهي مقالات كتبها سلماوى يندد فيها بحكم الجماعة، والتقط فيها ذات مقال فكرة مما راج آنذاك فى البلاد من تجارة السلاح بين المواطنين دفاعا عن انفسهم، فإزاء حالة الفوضى وزيادة الطلب على السلاح ظهرت لأول مرة صناعة جديدة غير رسمية لانتاج نوع رخيص من المسدسات لكنها لم تكن تطلق غير طلقة واحدة، فرأى فيه سلماوى أفضل رمز لحكم الاخوان البدائى الذى افتقر إلى الكفاءة فانتهت صلاحيته فور نفاد طلقته الواحدة.
لكن سلماوى اكتسب شهرة جارفة واحتراما كبيرًا عندما لبى دعوة الكاتب الكبير نجيب محفوظ وقام بتمثيله خير تمثيل وهو يلقى خطابه المهم أمام الأكاديمية السويدية التى تمنح براءة الجائزة للحاصلين عليها، بحضور ملك السويد، وقد كانت هناك حملات مسعورة على نجيب محفوظ ومدى جدارته بالجائزة، وربما أن الدولة نفسها كانت راغبة فى فوز كاتب آخر يصفه سلماوى بأنه «ذو نظارة سميكة». وهذا الكاتب-كما أورد سلماوى - كان قد أهدى الملك كارل جوستاف ملك السويد جميع أعماله.. متصورًا أن ملك السويد يستطيع أن يشير على المسئولين عن الجائزة بمنحها إلى كاتب دون الآخر. فلما سأله سلماوى عن اسمه لم يتذكره وانما ذكر انه كان ذا نفوذ وكان مدعوًا إلى العشاء الرسمى الذى أقامه له الرئيس مبارك ثم قال ضاحكًا: لابد أنه كان كاتبا كبيرًا بحكم الكتب الكثيرة التى كتبها وبحكم النظارة السميكة التى كان يضعها على عينيه. فتعرفت عليه. ويقول سلماوى فى كتابه: «وعلمت ان سفارتنا تلقت فى وقت سابق توجيها رسميا بأن يتم لفت نظر المسئولين عن الجائزة إلى قيمة هذا الكاتب الكبير والى ارتياح الدوائر الرسمية المصرية فى حالة حصوله على الجائزة»! وليس هذا وحسب، فقد كانت هناك معركة من نوع آخر واكبت اعلان نجيب محفوظ عن قراره باختياره سلماوى ليسافر إلى السويد لاستلام الجائزة نيابة عنه، حتى أن بعض المقربين منه اعتبروا هذا ليس حقا لمحفوظ وانهم أقرب إليه من سلماوى، ويجب أن يتم اختيارهم لهذه المهمة! وهو ما أحزن محفوظ وضايق سلماوى، فحاول الاعتذار عن المهمة. و يبدو أن مبارك دخل على خط الأزمة وتردد أنه سيختار بنفسه من يسافر وهو ما رفضه الكاتب الكبير، فلما استشعر فاروق حسنى وزير الثقافة أزمة قادمة مع الرئاسة فإنه قال لوكيل الوزارة محمد سلماوى: «إذا قلت لك لاتسافر لاتسافر»! وبالطبع كان ذلك سببا فى استقالة سلماوى من منصبه بعد عودته من السويد.
من أبلغ الأستاذ بفوزه بالجائزة؟
——————————
ربما لم ادرك قيمة تلك اللحظة فى حينه، نظرًا لكثافة وحجم التغطية الإعلامية التى رافقت الإعلان عن فوز أول كاتب عربى بجائزة نوبل ( للآداب).وقتها ضاعت فى الزحام «خبطتى الصحفية» الكاملة بامتياز.. لقد سمحت لها أيضًا أن تضيع..كان الطوفان جارفًا..والاعلام من كل حدب وصوب ينهال على بطل الحدث.. فلم يتح لى مجال لرواية الحقيقة. والحقيقة أننى أنتهز فرصة ماورد بكتاب الاستاذ سلماوى لأصحح جزءا من هذا التاريخ الذى ذهب مع الريح. ففى الصفحة رقم 110 أورد الأستاذ سلماوى مايلى: «وقبل أن أصل إلى منزل محفوظ كانت زوجته السيدة عطية الله قد أيقظته من النوم وأبلغته أنه فاز بجائزة نوبل لكنه لم يستسغ تلك الدعابة وطلب منها أن تكف عن المزاح وتتركه ينال قسطه المعتاد من الراحة» والذى حدث أنه فى هوجة التصريحات التى نقلت عن اسرة الكاتب الكبير اختلطت الحقيقة بغيرها..ولكن الذى لاشك فيه، وتدعمه الصور والمادة الصحفية المنشورة بجريدة الأنباء فى صدر صفحتها الأولى فى اليوم التالى مباشرة للحدث (الجمعة 14 أكتوبر 1988)، وثيقة «قطعية الثبوت والدلالة» هى كالتالى:
اعتاد الأستاذ نجيب محفوظ الحضور كل يوم (خلال العام 1988)إلى فندق شهرزاد.. وكان يفضل الجلوس على كافتيريا الفندق الذى يطل على النيل..وذلك قبل أن تغلق هذه الكافيتريا وتطرأ على الفندق نفسه تغيرات عاصفة لم أسع للتأكد من أسبابها وقتها. وكان الفندق ملاصقا تماما لعمارة مملوكة لآل الصباح، وكانت جريدة الأنباء الكويتية فى عصرها الذهبى قد استاجرت إحدى الشقق فى الطابق الأول منها ليكون مكتبا لها فى القاهرة، فى فترة إدارة الأستاذ جميل الباجورى رحمة الله عليه..قبل أن يتركه إلى موقع آخر بعد خلاف عاصف مع رئيس تحرير الجريدة وقتها بيبى المرزوق.
-كنت فى المكتب فى مساء يوم الخميس 13 أكتوبر حينما اذيع الخبر، وأبلغنى به الأستاذ جميل الباجورى، فوجدتنى أهبط السلالم بسرعة كفراشة، لأبلغ الأستاذ نجيب وكنت قد لمحته جالسًا كعادته بالكافتيريا وانا أصعد إلى مكتبى. وذهبت إلى الأستاذ نجيب، وكان بانتظارى أيضا الكاتب والسيناريست فتحى سعد الذى شهد اللحظة، ووجدتنى أمطر الاستاذ بالأسئلة حتى نكتب خبرًا نرسله بالفاكس وقتها مدعما بالصور، وإن هى إلا دقائق حتى أرسل الاستاذ جميل مصورًا من المكتب هو الزميل سمير صادق ثم فاجأنى هو بالنزول بنفسه إلى الكافتيريا فى نفس الوقت الذى كانت وصلت فيه كريمتا الأستاذ بسيارة مرسيدس للرجوع معه إلى البيت، وتلبية نداء الحشود المهنئة باللحظة الكبرى والفرحة العارمة بالجائزة الدولية المرموقة. وللأسف الشديد أننى لم أتابع مع هذه الحشود تلك اللحظة فى بيت الأستاذ، وإن كنت قد ذهبت إليه بناء على اتفاقنا معا، لإجراء حديث صحفى مطول معه، فى مكتبه بجريدة الأهرام..وأدرت الحوار أنا وزميلى الراحل مصطفى بدر. ونشرت حلقاته بتوسع فى الأنباء، بعد أن أضفى عليه زميلى مصطفى جزءا من الارشيف المنشور لنجيب محفوظ.
الصور
1- غلافا مذكرات سلماوى يوما أو بعض يوم والعصف والريحان
2- الإهداء الذى كتبه سلماوى لى على غلاف مسرحية سالومى
3- النيل ومقياسه الشهير الذى شيد حوله مسرحا لعرض «سالومى».. ثم تم هدمه فيما بعد!
4-نجيب محفوظ بعد أن أبلغته بفوزه بنوبل، وتبدو كريمتاه وانا فى الشارع نتابع تصوير اللحظة وبحضور جميل الباجورى.
5-محمود الشربينى ومصطفى بدر يحاوران نجيب محفوظ فى مكتبه بالأهرام
سعد أردش وسلماوى أثناء بروفات مسرحية القاتل خارج السجن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.