«عبث قانونى ودستورى عاشته مصر بعد الثورة، وخاصة فى ظل حكم الاخوان المسلمين» هذا ملخص آراء مجموعة قانونيين ودستوريين بشأن حالة الأوضاع في مصر. ولم تأت وجهة نظرهم من فراغ ولكن بنيت على تحليل عدة قرارات واجراءات خاطئة أقدم عليها النظام الحالى ومؤسساته, ولعل آخرها ما قام به مجلس الشورى بشأن اقرار قانون انتخابات مجلس النواب, الذى تمت إحالته إلى المحكمة الدستورية العليا تنفيذا لمبدأ الرقابة السابقة على القوانين والتشريعات طبقا للدستور الصادر عام 2012، وعليه حددت المحكمة مجموعة من الملاحظات وأعادت القانون لمجلس الشورى، ولكن مجلس الشورى قام بأخذ هذه التعديلات وأضاف بعض البنود، وقام رئيس الجمهورية على إثر ذلك بدعوة الناخبين للاقتراع وهو تصرف قانونى خاطئ بحسب الخبراء. وفى حوار الرئيس الوطنى الذى تم منذ أيام أثير التساؤل حول ما اقترحه حزب النور, من ضرورة عرض قانون مجلس الشعب مرة اخرى على المحكمة الدستورية تفاديا لما قام به مجلس الشورى, ولكن لم يكن رد الرئيس محمد مرسى واضحا، وتعليقا على امكانية عودة القانون مرة اخرى الى المحكمة الدستورية كما جاء بالحوار, أوضح خبراء ان هذه خطوة ليست قانونية من الاصل ولا يجوز إتمام ذلك على يد الرئيس. وأكد قانونيون أن هناك عدة ملاحظات تؤكد عدم سلوك المسار الطبيعي والمتعارف عليه لإقرار دستورية القانون، أبرزها قيام رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للانتخابات، دون أن ينشر في الجريدة الرسمية تعديلات قانون النواب، فتوجيه الدعوة قبل نشر القانون في الجريدة الرسمية يفقدها شرعيتها. فمن جهته.. قال المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الاسبق أن هناك ملاحظة تفيد بنص المادة (177) من الدستور، تستوجب إعادة مشروع القانون مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية لتقر المشروع بعد تعديله، للتأكيد على اتفاق ما تم من تعديلات مع الدستور تحقيقاً للعلة التي من أجلها تضمن الدستور الجديد الرقابة السابقة على قانون مباشرة الحقوق السياسية، مما لا يحول دون الطعن عليه مستقبلاً أمام المحكمة الدستورية ونصبح مرة أخرى أمام مجلس نواب باطل، وأضاف أن هناك ملاحظة أخري تتمثل في بما انه تم تعديل القانون بإضافة نصوص جديدة فيما يتعلق بقواعد تقسيم الدوائر الانتخابية، فإنه كان لزاما على مجلس الشورى أن يعيد القانون مرة أخرى للمحكمة الدستورية لمراقبة مدى دستورية النصوص المعدلة والمضافة قبل إجراء الانتخابات. وأضاف الجمل أن هناك ملاحظة ثالثة، تمحورت حول أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للاقتراع جاء مخالفا لصحيح القانون والدستور، لأن المحكمة الدستورية لم تستنفذ ولايتها في الرقابة السابقة على دستورية القانون بعد أن تم إضافة نصوص جديدة، الأمر الذي كان يستوجب إعادة القانون للدستورية، خاصة بعد زيادة أعداد المقاعد في مجلس النواب بالمخالفة لنصوص القانون، وهو ما يحتاج إلى مراجعة دستورية للتأكد من عدالة التوزيع والمساواة في التمثيل بين المواطنين داخل البرلمان، ومن ثم فإن قرار رئيس الجمهورية جاء مخالفا لصحيح القانون والدستور ما يوجب إلغاءه. والملاحظة الرابعة أن التعديل الذي أجري على الدوائر الانتخابية أدى إلى إعادة تقسيم الدوائر وإلى تفتيت الدوائر بقصد سيطرة التيار الديني على الأصوات الانتخابية، وتجميع الدوائر ذات الثقل الإخوانى في دائرة انتخابية واحدة، ولم يراع التعديل وإعادة التقسيم المعايير التي وضعتها المادة 113 من الدستور، وذلك واضح من طريقة التقسيم للمراكز الإدارية التي لا تتلاءم والمنطق، أو الترابط البيئي والسكاني بين أبناء المنطقة الواحدة. وقال الجمل أن هذا يدل على ما تعيشه مصر من عدم احترام القانون وشرعية البلطجة السياسية, وأشار إلى أن قيام الرئيس بإعادة القانون مرة أخرى خطوة نظرية لن تتم, وتابع «اشك أن يستجيب الرئيس لهذا المطلب الخاص بعودة القانون مرة أخرى إلى الدستورية العليا مضيفاً أن حواره جاء للتهدئة ولاحتواء المعارضة وحسب». وذكر دكتور حمدى عبدالرحمن عميد كلية حقوق عين شمس السابق أن الأزمة الحقيقية تكمن فى أنه لا شأن للمحكمة الدستورية بقانون صدر بالفعل والقانون أصبح نافذا والرقابة عليه لا مجال للحديث عنها, كما لا يجوز للرئيس اتخاذ مثل هذا الإجراء. وأوضح عبدالرحمن أن الحالة الوحيدة التى تعيد القانون مرة اخرى الى المحكمة الدستورية العليا هي الطعن عليه وفى حال قبوله يتم عرضه على الدستورية وغير ذلك يكون مخالفة قانونية. وهو ما أكدته المستشارة السابقة بالمحكمة الدستورية العليا تهانى الجبالى مضيفه أن مصر تعيش العصر الذهبى للعبث القانونى, وماحدث بقانون الانتخابات والمغالطات الصارخة الذى تم التعامل بها معه جزء من الارتباك العضوى فى ظل نظام الجماعة الإخوانية الذى شكلت هذا ليكون عنوان المرحلة الحالية فيما بعد ثورة, لان النظام يعمل خارج السياق القانونى بداية من شرعية رئيسة وما يصدر عنه من قوانين وقرارات باطلة.