لماذا تصر جماعة الإخوان علي أن تحرج المؤسسة العسكرية وتحاول استدراجها إلي معارك سياسية، تشوه من خلالها صورة قواتنا المسلحة في عيون الشعب؟ لقد تعالت في الآونة الأخيرة نبرة غريبة من قبل قيادات الجماعة، تحمل في حدتها غِلاً وحقداً دفيناً علي الجيش، وكأنه سبب كل «البلاوي» والكوارث التي حدثت لمصر منذ أن سيطر الإخوان علي الحكم، بصعود الدكتور مرسي إلي كرسي الرئاسة. وكان واضحا منذ أن تجرأ محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، واتهامه قيادات جيش مصر بالفساد، أن ثمة مخططا يجري تنفيذه بدقة متناهية لإبعاد الجيش كلياً عن الساحة، وكان حديث المرشد بل تحريضه لجنود مصر ضد قياداتهم خطوة تمهيدية استبقاية في هذا المخطط الشيطاني، الذي يريد أن يجعل جيش مصر في حالة دفاع عن نفسه وهو الذي ظل عبر التاريخ مهاجماً وشامخاً لا تجرؤ قوة سياسية أو حتي عسكرية علي النيل منه. فالمرشد وجماعته يتعمدون تحطيم صخرة حيادية الجيش، عملاً بقاعدة «إن لم تكن معنا فلست منا»، فلإنهم ليسوا أهلاً لحكم وإدارة دولة بحجم مصر، ويتخبطون هنا وهناك، يريدون ظهراً يستندون عليه في حكمهم المستبد، ولذا تأتي هذه المحاولات الفاشلة لإجبار الجيش علي الخروج علي السطر، وابتزازه سياسياً ليقف بجانب مرسي وجماعته لا بجوار الشعب.. كما يتعمدون إبعاده عن القضايا الوطنية والمصيرية مثلما تدخلوا في آخر لحظة لإلغاء لقاء الفريق أول السيسي وزير الدفاع بالقوي الوطنية لإخراج مصر من أزمتها الراهنة. ان هذا المخطط الشيطاني الذي يكشف عن وجهه القبيح من حين لآخر، فاحت رائحته الخبيثة، قبل أيام، وبعد أن كانوا يتحدثون همزاً ولمزاً وتلميحاً لا تصريحا، فوجئنا بأحدهم يدعي علي عبدالفتاح يتهم بكل فجاجة المجلس العسكري بتدبير عملية رفح في سيناء، والتي ذهب ضحيتها 16 ضابطا وجنديا، للتخلص من الرئيس مرسي في رمضان الماضي. وتخيل الشيخ علي وهو يلقي محاضرته أمام نفر من أهله في مدينة كفر الدوار بالبحيرة أنه يجلس في دوار العمدة أو فوق مصطبة شيخ البلد يهزي كما يشاء، ويفرغ ما بداخله من كبت وفراغ نفسي وعاطفي، قبل أن يخلد إلي سريره ويتوهم رافعاً ساقيه إلي عنان السماء، أنه وعشيرته سيحكمون مصر حتي تقوم الساعة(؟!!). ولكن لماذا هذه الاتهامات والتسريبات في هذا الوقت بالذات، وهل من المعقول أن يقتل جيش مصر أبناءه في رفح أو في أي مكان آخر؟ إن لحظات الانهيار الكامل التي تعيشها مصر الآن هي التي تدفع بالإخوان إلي افتعال هذه المعارك الوهمية مع الجيش والقوي الوطنية، بعد أن فشلوا بالثلث في أول اختبار تاريخي وضعهم الشعب فيه، وأثبتت الأيام أنهم ليسوا أهلاً للثقة والحكم. ففي ظل النداءات والمطالب المتكررة من أطياف الشعب المختلفة بضرورة نزول الجيش لحماية أهداف الثورة، تشعر الجماعة بالخطر علي الحكم الذي انتظرته سنوات ولن تتركه إلا ببحيرات من الدم.. كما أن الشعب المصري يدرك جيدا أنه لولا حماية الجيش للثورة ووقوفه بجانب الشرعية الثورية وقيامه بالانتخابات البرلمانية والرئاسية ما جاء الإخوان إلي الحكم.. وتلك عقدتهم التي يعانون منها وهي لا تختلف كثيرا عن عقدتهم من عبدالناصر. أعود إلي الشيخ علي وأقول له إن الهراء الذي عدت وتراجعت عنه كعادتكم دائما أشعل جمرة المشاعر الغاضبة ليس في صفوف القوات المسلحة التي ترفض محاولات الإخونة وحسب وإنما في صدور كل المصريين، وكشف عن مدي نكران الجميل لجيشنا العظيم، وإن كنت تعتقد خطأ أن المجلس العسكري نصب فخاً للرئيس بهذه المذبحة، فأنتم البارعون في مثل هذه الألاعيب وتاريخكم يشهد بذلك.. وكما تؤمنون بنظرية المؤامرة هناك أيضا من يؤمن أن مذبحة رفح من صنع أيديكم بالاتفاق مع حماس حتي يتخلص مرسي من المشير طنطاوي وقيادات المجلس العسكري في خبطة واحدة وقوية حتي يمنح الجماعة فرصة تهيئة الجيش لعملية الإخونة والانتشار السريع داخل أذرعته الرئيسية عملاً باستراتيجية المؤسس حسن البنا والتي كانت أخونة الجيش أحد أهم أركانها. إن نزول الجيش وخروجه من ثكناته مرة أخري، يظل أمراً شرعياً ورغبة شعبية لا تشعر بقيمتها أيها الإخونجي إلا عندما تنتقل مصر إلي مرحلة أخري من الديمقراطية الحقيقية تدركون فيها حجمكم الحقيقي. فتدخل جيشنا أفضل من حرب أهلية تشتتنا وتزيدنا انقساماً وتكون مدعاة لتدخل عسكري دولي يعيدنا إلي الاحتلال أو علي الأقل نصبح عراقا آخر. والآن ابتعدوا عنه ولا تحاولوا جرجرته إلي مستنقع تسريباتكم واتهاماتكم القذرة وان كانت مصر تعيش أسوأ حالات تاريخها يبقي جيشها سد منيعا وحصنا متينا ضد أي محاولات لاختراقه وابتزازه من جماعة تتوهم أن ميليشياتهم المدربة في غزة ستنجح يوما في إدارة دولة بحجم وعراقة مصر العصية علي الابتلاع والرافضة لتجارب الفشلة والمتاجرين بالدين. فلا تنس إيها الإنجونجي أن الثورة مستمرة وكما جاء بكم الصندوق ستذهبون به بلا رجعة لقد استوعب المصريون الدرس قاسيا، ولن يعصروا الليمونة مرة أخري. وقبل أن ألوم المجلس العسكري علي تسليمه مصر للإخوان بانتخابات غاب عنها للأسف ملايين المصريين الذين يمثلون حزب الكنبة الصامت، فإنني أطالب النيابة العسكرية بمحاكمة المدعو عبدالفتاح علنا وفي أسرع وقت حتي لا يتجرأ غيره من العشيرة علي مصر وجيشها.