أكتب قبل أن أعرف الرأى النهائى لجبهة الإنقاذ فى الانتخابات القادمة. ولكن هناك قصة قديمة قبيل آخر انتخابات لحكم المخلوع عام 2010.. وأعداد جريدة (الوفد) موجودة.. حذرت من خوض هذه الانتخابات، لأن المعلومات التى كانت متوافرة عندنا فى الصحافة القومية أن مجلس الشعب الجديد لن يدخله معارض مهما كانت الظروف.. قرروا أن ينجح كل مرشحى الحكومة باعتبار أن (الصندوق دائماً صديق السلطة ولا يخالف لها أمراً)!! ونصحت حزب «الوفد» بمقاطعة هذه الانتخابات.. ولكن علت أصوات كثيرة بأن الخوف والبعد عن الشارع وعدم خوض الانتخابات والاتصال بالشعب يضعف الحزب كثيراً. وكان رأيى أن السلبية أحياناً تكون أقوى كثيراً من الإيجابات.. الصمت أحياناً أقوى من الكلام. المهاتما غاندى حرر الهند من الاحتلال الإنجليزى باعتزاله الحياة.. عاش مع ماعزة ونخلة.. كان يشرب لبن الماعزة ويأكل التمر ويرتدى ما يستر عورته بأرخص القماش.. هذه السلبية من أعظم زعيم وسياسى حولت مائة مليون هندى إلى مناضلين.. وتحررت الهند من الاستعمار. المهم أن أحداً لا يسمع النصيحة.. وخاض «الوفد» انتخابات 2010 فاتضحت الصورة فى الجولة الأولى بطريقة فجة، بل بطريقة وقحة.. كانت هناك صناديق فى اللجان.. وكانت هناك صناديق أخرى يتم فرزها!! قرر «الوفد» الانسحاب من الإعادة.. فلم يكن الانسحاب الذى له صدى عالمى الذى يريده. *** نحن أولاد اليوم.. تعالوا نستفيد من التاريخ.. جماعة الإخوان أشد حرصاً من المخلوع على الهيمنة على الدولة كلها.. وعمليات أخونة كل المناصب والهيئات والنقابات واضحة وملموسة.. حتى اتحاد الكرة.. خلعوا المدير وجاءوا بمدير إخوانى!! لا علاقة له بالكرة!! فما بالك بمجلس النواب القادم.. والتشريعات والقوانين واللوائح الكثيرة التى يريدون فرضها على الشعب بإعطائها الشرعية البرلمانية.. وإذا أردتم دليلاً واضحاً على نية التزوير.. قرار إجراء الانتخابات على أربع مراحل.. لدراسة كل مرحلة وتلافى أخطائها فى المرحلة التى بعدها.. والأخطاء هنا هى فوز واحد معارض!! *** ثم يجب أن نعترف أن الدنيا تغيرت.. وظهرت أجيال كثيرة جديدة لا تعلم أمجاد حزب «الوفد» وتاريخه.. فلم يتول «الوفد» الحكم منذ أكثر من ستين عاماً.. فلا تقل لى إن طول عمر الوفد يخوض انتخابات أحزاب الأقليات ويفوز بعدد لا بأس به من المقاعد رغم التزوير العلنى. كان هذا زمان.. حينما كانت هناك دوائر لا يستطيع أن ينجح فيها سوى مرشح الوفد.. مثل فؤاد سراج الدين وعزيز فهمى وأحمد أبو الفتح وعبدالحميد عبدالحق وسليمان غنام وصبرى أبو علم.. وغيرهم كثيرون.. الآن الدنيا تغيرت تماماً تماماً من كل الوجوه. من أجل هذا.. يا ريت لا نعيد مأساة 2010 التى ندمنا عليها وحاولنا أن نصححها فى الإعادة ولكن بعد فوات الوقت. المهم هو بداية المشوار.. ولا ننسى مرة أخرى عدم إبلاغ العالم كله بأن المعارضة لن تشترك فى مهزلة الانتخابات والأسباب هى كذا وكذا.. لابد من مؤتمرات صحفية عالمية.. والنشر فى الصحف الأجنبية وبعض أعضاء جبهة الإنقاذ اشتغلوا بالصحافة الأمريكية سنوات طويلة وأقلامهم لها ثقلها فى الرأى العام العالمى. والأهم من هذا كله هو وحدة الصف.. خروج حزب -وما أكثرهم الآن- خروجه عن الصف واشتراكه فى الانتخابات يضعف من إجماع المقاطعة وفى نفس الوقت لن يكسب أى كرسى وبذلك يكون قد خسر كل شيء. *** الوحيد من جماعة الإخوان الذى يدرك خطورة المقاطعة هو الدكتور عصام العريان الذى يملأ الصحف والفضائيات بأن المجلس القادم سيضم كل أصحاب الرأى ومختلف الأحزاب.. لأنه ربما كان الوحيد فى الجماعة الذى له عمق سياسى لكثرة اعتقاله سنوات واختلاطه بالليبراليين والمفكرين والاشتراكيين.. ويعلم جيداً خطورة تجربة المخلوع!! *** الكارثة أن البعض يظن أنها ستكون أربع سنوات.. وستمر.. وهذا خطأ كبير.. بعد المولد.. إذا ركب الخليفة الحصان ولبس العباءة الخضراء.. سنرتدى نحن (العمة)!! سنوات طويلة يعلمها الله.. وربنا يستر!!