شهدت صناعة السينما المصرية مؤخرًا حالة من التمرد الشديد على كل ما هو سائد ونمطى، إذ استقبلت دور العرض السينمائية باكورة من الأفلام التى تعتمد منهجية جديدة فى الطرح والتناول سواء على مستوى الصورة أو الديكور أو الأحداث، تحمل توقيع شباب السينمائيين، تنذر بموجة سينمائية جديدة تعتمد على الواقعية فى السرد والإبهار فى الصورة. ويعتبر فيلم «ماكو» واحدًا من الأفلام التى عُرضت قريبًا بدور العرض السينمائية وصنعت حالة من الجذب لدى الجمهور، كونه أول فيلم تدور قصته حول أسماك القرش المفترسة. «ماكو» تأليف الثنائى أحمد حليم، ومحمد الحفناوى، وإخراج هشام الرشيدى، ليس فيلمًا فانتازيًا أو خياليًا، أحداثه مستقاة من مأساة عبارة سالم إكسبريس، التى غرقت فى قاع البحر الأحمر أمام سواحل مدينة سفاجا فى 15 ديسمبر 1991. والفيلم تدور قصته حول 8 أشخاص يعملون فى مجال صناعة الأفلام الوثائقية لدى إحدى شركات الإنتاج، ويقرران السفر إلى البحر الأحمر لعمل فيلم وثائقى عن حادث العبارة والطاقة السلبية المُصاحبة للمكان، وهناك يواجهون معركة شرسة مع القرش وسط نفق مظلم تتخلله حطام السفينة الغارقة، فى مشهد مهيب تحت الماء، مع موسيقى تحبس الأنفاس أبدع فى صياغتها المؤلف والموزع الموسيقى هشام خرما. على هامش العرض الخاص الذى أقيم للفيلم، حاورت الوفد «صُناع فيلم ماكو» للوقوف معهم على المغزى من قصة الفيلم، وكواليس التصوير تحت الماء، وعن أصعب المشاهد التى واجهتهم. وإلى نص الحوار: أبدت الفنانة بسمة سعادتها بفيلم «ماكو» الذى تعتبره إضافة لأرشيفها الفنى، فهى تعتبر الفيلم مغامرة ورحلة استكشافية فى نفس الوقت، حيثُ إنه ولأول مرة تغطس وتشاهد حطام السفينة الغارقة، منذ عام 1991. وعن دورها فى الفيلم تقول: أجسد شخصية «رنا بهجت»، مخرجة أفلام وثائقية وتسجيلية، تبحث عن قصة مختلفة فكرتها خارج الصندوق، للفوز بجائزة دولية، فتقرر أن تُغامر بفريق العمل الذى يعمل تحت إشرافها، دون أن تخشى المخاطر المحتملة وراء قراراتها المتسرعة واندفاعها الدائم. وعن سر انجذابها للفيلم رغم صعوبته تقول: الفيلم بالنسبة لى مغامرة، ورنا شخصية معقدة تعانى من مشاكل نفسية مع زوجها ومع عملها، وعادة أنا من الفنانات اللواتى يبحثن عن الأدوار الأكثر عمقًا واختلافًا، وشعرت أن شخصية رنا جديدة على بجانب قصة الفيلم التى تحمست لتقديمها، فالفيلم يُصنف من أولى الأفلام المصرية التى تتناول قصة أسماك القروش المفترسة. وأشارت إلى أن «ماكو» من نوعية الأفلام التى نراها فى هوليوود، ولها جمهور كبير، لأنها تعتمد على عنصرى الإثارة والتشويق. مؤكدة أنها تخوفت فى البداية من تقديم الفيلم، لأنه من نوعية الأفلام التى تتطلب عملية تنفيذ وحرفة وتكنيك عالِ، ودهاء حركى ولفظى. ولفتت إلى أنها اندهشت من الشكل النهائى للفيلم بعد الانتهاء من التصوير، وبالصورة والتكنيك. وعن التحضير لشخصية رنا بهجت تقول: الشخصية التى تحمل تعقيدات نفسية التحضير لها عادة ما يكون صعب، قرأت الشخصية أكثر من مرة حتى استطع رسم ملامحها والوقوف على نقاط القوة والضعف فيها، ومعرفة مواطن الجمال فى شخصيتها، ما ساعدنى على الولوج إلى دواخل الشخصية للوصول إلى مرحلة التعايش معها. وعن أصعب المشاهد التى واجهتها تقول: التصوير تحت الماء عملية معقدة، وفريق العمل كان حريصًا على أن تكون التجربة صادقة، وصورنا فى أعماق البحر لفترات طويلة. ولفتت أن الجرافيكس هو البطل الحقيقى فى الفيلم، حيثُ تم الاعتماد عليه بشكل كبير لصنع صورة مبهرة تحاكى أفلام هوليوود فى التكنيك والحرفة. إذن لماذا لم تستعينى بدوبلير قالت: لم أستعن بدوليرة فى مشاهد تحت الماء لأنى اعتبرت الفيلم مغامرة وتحديًا لقدراتى التمثيلية. نيقولا معوض: نقلة فى صناعة السينما المصرية قال الفنان اللبنانى نيقولا معوض إن الفيلم يستند إلى قصة حقيقية مستقاه من حادث عبارة «سالم إكسبريس» الشهيرة التى راح ضحيتها آلاف الضحايا. وأشار إلى أن مشاعر الخوف والتوتر التى ظهرت على الشاشة فى مشاهد الغطس كانت حقيقية، فخلال التصوير أصابتهم العديد من الهواجس. وعن مشاهد الغطس يقول: تدربنا على الغطس على يد فريق ومدربي غطس كبار، إلى جانب هذا كان هناك عدد من المشاهد الخطرة استدعتنا للاستعانة بحمام سباحة عميق، مع استخدام الكروما ليظهر فى شكل البحر أو المحيط. وأكد، أن الجهة المنتجة استعانت بفريق جرافيك عالمى سبق وأن شارك فى العديد من الأفلام العالمية الشهيرة، لأن نجاح الفيلم يتوقف على حرفية الجرافيكس. ناهد السباعى: شخصيتى محركة للأحداث وقالت الفنانة ناهد السباعى، إن «ماكو» يعتبر من أصعب الأفلام التى قامت بتصويرها حتى الآن، مؤكدة أنها تعلمت السباحة خصيصا من أجل الفيلم. وأشارت إلى أن التصوير تحت الماء لم يكن سهلًا عليها، كونها تخشى الأسماك بشكل عام. وعن الصعوبات التى واجهتها خلال فترة التصوير قالت: لا أنكر أن التجربة كانت ممتعة، وكواليس التصوير كانت رائعة، لكن واجهتنا صعوبات كثيرة تحت الماء لأن أغلبنا لا يجيد السباحة والغطس، وشعرت بالاختناق أكثر من مرة أثناء ارتداء بدلة الغوص وكثيرًا ما كنا نفقد القدرة على التحكم فى أنبوبة التنفس. وأبدت السباعى، سعادتها بتقديم شخصية «غرام» فى الفيلم، لأنها تحمل الكثير من التفاصيل داخل الأحداث، وتعتبر محركًا محوريًا لأحداث العمل. لافتة إلى أن الشخصية التى تلعبها لا تُصنف شريرة فهى خليط بين الخير والشر، حيثُ تجسد دور فتاة تُعانى من الاكتئاب بسبب «عُقدة الذنب» التى تسيطر على تفكيرها كونها السبب فى وفاة والدتها عن دون عمد منها فى حادث غرق العبارة، ولأن مكان الغرق يعتبر من المناطق المحظورة، قررت أن تقنع الشركة التى تعمل بها بفكرتها لتصوير فيلم وثائقى عن حادث العبارة، لكنها تتعرض للخطر الشديد أثناء الغطس بسبب مهاجمة سمك القرش لها. وأضافت: ان الفيلم يعتبر تجربة جديدة على السينما المصرية، اعتادنا فقط رؤيتها فى أفلام هوليوود. عمرو وهبة: تجربة تفتح آفاقًا جديدة لشباب السينمائيين وفى هذا السياق، قال الفنان عمرو وهبة، إن الفيلم يمثل تجربة فريدة ومختلفة، ويفتح آفاقًا جديدة لشباب السينمائيين على طرح وتقديم رؤى مختلفة بعيدًا عن السائد والنمطى أو منطقة المضمون كما يُقال. وأكد أن العمل كان صعبًا فى تحضيراته، خاصة أنه لم يغطس من قبل بشكل احترافى مثلما حدث فى الفيلم. لافتًا أن مشاهد العراك مع محمد مهران الذى يلعب دور شقيقه الأكبر فى الفيلم من أصعب المشاهد التى قام بتصويرها، لأن جميعها تمت تحت الماء. وعن التحضير للفيلم قال: التحضيرات للفيلم بدأت منذ نحو أربع سنوات، وكان مقررًا طرحه مطلع العام الماضى، لكن تم إرجاؤه بسبب ظروف كورونا. وعن دوره فى الفيلم قال: أجسد شخصية تيمور، المسئول عن المحتوى الفنى لشركة الإنتاج، وتتسم شخصيته بالمرح والدعابة رغم طبيعة عمله الجاد. هشام خرما: الموسيقى التصويرية للفيلم استغرقت إعدادها 6 أشهر تمثل الموسيقى التصويرية التى تصاحب الأفلام، نصف الصورة السينمائية، فهى تعكس قصة الفيلم وتساعد المشاهد على التعايش مع إيقاعات كل مشهد داخل الفيلم، والموسيقى التى أبدع فيها المؤلف الموسيقى هشام خرما فى «ماكو» كان لها دور كبير فى نجاح الفيلم. وأعرب هشام سعادته بكونه أحد صُناع الفيلم الذى يمثل نوعية جديدة على صناعة السينما المصرية. لافتة إلى أن الموسيقى التصويرية لأحداث الفيلم استغرقت منه 6 أشهر، لأنه كان حريص على صنع موسيقى مختلفة تنقل مشاعر الخوف والرعب والقلق والتوتر الذى عاشه أبطال الفيلم تحت الماء للجمهور، وهو ما ساعد على تكثيف جرعات الإثارة والتشويق.