إن الزكاة ركن من أهم الأركان التى بنى عليها الإسلام وهى واجبة فى كل ما فيه نماء من النقد والثروة الحيوانية والثروة الزراعية، والتجارة إحدى وسائل التنمية ، لأنها تقليب للمال بالمعاوضة لغرض الربح ، ويكاد الإجماع يكون منعقدا على وجوب الزكاة فيها ، والدليل على وجوبها قبل الإجماع مع القياس على الثروات النامية، ما رواه أبو داود والبيهقى عن سمرة بن جندب قال : كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذى نعده للبيع ، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الدارقطنى والبيهقى عن أبى ذر " فى الإبل صدقتها . وفى الغنم صدقتها ، وفى البز صدقته " والبز الثياب المعدة للبيع ، وكذلك ما رواه الشافعى وأحمد والدارقطنى والبيهقى وعبد الرزاق عن أبى عمرو عن أبيه قال : كنت أبيع الأدم - أى الجلود - والجعاب - أى أوعية السهام - والجفان - أى أوعية الطعام - فمر بى عمر بن الخطاب ، فقال : أد صدقة مالك ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنما هو الأدم ، قال : قومه ثم أخرج صدقته . يقول صاحب المغنى : وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر، فيكون إجماعا . وقول عمر عن الأدم : قومه ، يدل على أن زكاة التجارة ليست فى عين السلع والعروض ، وإنما فى قيمتها ، وعلى ذلك عند إخراج زكاة التجارة تقوم السلع وتخرج الزكاة من قيمتها ، وهى ربع العشر ، اثنان و نصف فى المائة وتقويم السلعة لا يكون بالسعر الذى اشتريت به ، وإنما بالسعر الذى يكون عند انتهاء الحول ، وهو وقت وجوب الزكاة، ولا عبرة بالنقص أو الزيادة عن ثمنها الأصلى . ولا تجب زكاة التجارة إلا بعد مرور الحول ، وبعد أن تبلغ قيمتها نصابا، وهو ما يستوى ثمن خمسة وثمانين جراما من الذهب تقريبا ، وهو نصاب الذهب ، على أن يضم إليها الربح الذى حققته التجارة أثناء الحول ، وبقى متداولا حتى آخر الحول ، وتخصم الديون التى عليه ، أما التى له عند الغير، فلا تزكى إلا عند قبضها، على ما يراه الإمام مالك رضى الله عنه ، وذلك عن سنة ، وفى ذلك تيسير على من يبيعون بالأجل ، مع النصيحة بالرحمة والقناعة . وندعو للتجار الحريصين على إخراج الزكاة ، بالبركة والنماء ، ونذكرهم بقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى وحسنه " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء".