أسعار الدواجن واللحوم اليوم 26 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 26 مايو    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ وزير المالية حسم الأمر    الجثث تفحمت، مصرع 27 شخصا بينهم أطفال في حريق ضخم بمتنزه هندي (فيديو)    أنطونوف: بايدن يهين الشعب الروسي بهجماته على بوتين وهذا أمر غير مقبول    مشهد بديع لشروق الشمس من قلب الريف المصرى فى الشرقية.. فيديو    الدبلومات الفنية 2024| اليوم.. استمرار الامتحانات داخل 2562 لجنة    اليوم بدء أعمال التصحيح لامتحانات الفصل الدراسي الثاني لإعدادية البحر الأحمر    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024.. ومواعيد الإجازات الرسمية لشهر يونيو    نقع الأرز ل4 ساعات يخفض مستويات السكر في الدم    عاجل.. زلزال بقوة 6،3 درجات يضرب جزر فانواتو    مع اقتراب نهاية السنة المالية.. تعرف على مدة الإجازة السنوية وشروط الحصول عليها للموظفين    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني عبر موقع بوابة التعليم الاساسي    إيلون ماسك يحذر المستخدمين من سرقة رسائلهم على واتساب    حقيقة وفاة الداعية التركي فتح الله جولن    أدعية الصفا والمروة.. «البحوث الإسلامية» يوضح ماذا يمكن أن يقول الحاج؟    وزير البترول: وزارة الكهرباء تتخلف عن سداد فواتير الوقود ب 120 مليار سنويا    هل سيتم تحريك أسعار الأدوية الفترة المقبلة؟.. هيئة الدواء توضح    وزير البترول: ندعم وزارة الكهرباء ب 120 مليار جنيه سنويا لتشغيل المحطات    والدة مصطفى شوبير: وجوده مع الشناوي شرف.. وعزومة «حمام ومحشي» للاعبي الأهلي    المقاولون العرب يهنئ الأهلي على فوزه بدوري أبطال أفريقيا    «أصعب 72 ساعة».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم وتحذر من تغير مفاجئ بالحرارة    زاهي حواس: إقامة الأفراح في الأهرامات "إهانة"    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج العقرب    حظك اليوم برج السرطان 26/5/2024    "هرب من الكاميرات".. ماذا فعل محمود الخطيب عقب تتويج الأهلي بدروي أبطال إفريقيا (بالصور)    للقارة كبير واحد.. تركى آل الشيخ يحتفل بفوز الأهلى ببطولة أفريقيا    واجب وطني.. ميدو يطالب الأهلي بترك محمد الشناوي للزمالك    أسعار الذهب اليوم الأحد 26 مايو 2024 محليًا وعالميًا    نيابة مركز الفيوم تصرح بدفن جثة الطفلة حبيبة قتلها أبيها انتقاماً من والدتها بالفيوم    باريس سان جيرمان بطلا لكأس فرنسا على حساب ليون ويتوج بالثنائية    الرئيس التونسى يقيل وزير الداخلية ضمن تعديل وزارى محدود    مصرع 20 شخصا إثر حريق هائل اندلع فى منطقة ألعاب بالهند    حظك اليوم الأحد 26 مايو لمواليد برج الدلو    جورج لوكاس يتسلم "السعفة الذهبية" بحضور كوبولا في ختام كان السينمائي    قصواء الخلالى: الرئيس السيسى أنصفنا بتوجيهاته للوزراء بالحديث المباشر للمواطن    وزير الرياضة ل"قصواء": اعتذرنا عما حدث فى تنظيم نهائى الكونفدرالية    سلوى عثمان تنهار بالبكاء: «لحظة بشعة إنك تشوف أبوك وهو بيموت»    مشابهًا لكوكبنا.. كوكب Gliese 12 b قد يكون صالحا للحياة    حزب المصريين: الرئيس السيسي يتبع الشفافية التامة منذ توليه السلطة    رابطة النقاد الرياضيين تُثمن تصريحات الشناوي بتأكيد احترامه للصحافة المصرية    أطول إجازة للموظفين.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات للقطاع العام والخاص    صحة كفر الشيخ تواصل فعاليات القافلة الطبية المجانية بقرية العلامية    زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث.. وما يجب فعله للوقاية    العلاقة المشتركة بين سرطان الرئة وتعاطي التبغ    بيرسي تاو يُهادي جماهير الأهلي بعد التتويج بدوري أبطال أفريقيا (فيديو)    قطع المياه اليوم لمدة 6 ساعات عن بعض المناطق بالأقصر.. تعرف عليها    اليوم.. افتتاح دورة تدريبية لأعضاء لجان الفتوى بالأقصر وقنا وأسوان    61 ألف جنيه شهريًا.. فرص عمل ل5 آلاف عامل بإحدى الدول الأوروبية (قدم الآن)    صوّر ضحاياه عرايا.. أسرار "غرفة الموت" في شقة سفاح التجمع    بوركينا فاسو تمدد فترة المجلس العسكري الانتقالي خمس سنوات    رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي «طنطا» و«مدينة السادات»    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزيادة السكانية.. قنبلة تهدد بالانفجار
كارثة تحتاج إلي خطوات حازمة وصارمة
نشر في الوفد يوم 25 - 08 - 2021

الزيادة السكانية تعد إحدى أبرز المشكلات المزمنة التى يعانى منها المجتمع المصرى منذ عقود طويلة، وتحاول الدولة دائمًا حل هذا الملف ولكن دون جدوى بسبب بعض المفاهيم الخاطئة لدى المواطنين.
تضاعف عدد سكان مصر ثلاث مرات فى 100 عام فقط وهو رقم مخيف، خاصة إذا علمنا أن الزيادة السكانية تكاد تلتهم كل ثمار التنمية الاقتصادية التى تقوم بها الدولة، ولا تجعل المواطنين يشعرون بالنمو الاقتصادى الذى يتحقق.
فى عام 1900 كانت مصر 9 ملايين نسمة فقط، ولكن وصلنا الآن إلى أكثر من 102 مليون نسمة، وبمعدل مولود كل 17 ثانية و4813 مولودا يوميا، أى أننا نسير فى طريق صعب، يستلزم خطوات حازمة وصارمة.
فى هذا الملف نرصد جذور الأزمة وأسباب استمرارها وآراء الخبراء بشأنها.
السكان تضاعفوا 3 مرات خلال 100 عام
الأرقام لا تكذب ولا تتحمل ولكنها تكشف لنا الصورة بمل أبعادها، فقد أثبتت إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء زيادة معدلات النمو السكانى بشكل كبير، مما أدى إلى التهام كل عائدات التنمية خلال السنوات الماضية وهو ما قد يؤدى إلى كارثة فى السنوات المقبلة.
تضاعف عدد سكان مصر ثلاث مرات منذ عام 1897 وكان أول تضاعف خلال 50 سنة، ومع تزايد أعداد المواليد تضاعف العدد خلال 29 سنة ثم حدث التضاعف الثالث خلال 30 سنة ومع استمرار الارتفاع فى عدد السكان فى ظل معدلات الإنجاب الحالية المرتفعة والتى وصلت إلى 3٫4 مولود لكل سيدة سيصل عدد السكان إلى 192 مليونا عام 2052.
وفى حالة زيادة تفعيل برامج تنظيم الأسرة والمبادرات المختلفة الخاصة بتوعية المجتمع وتكثيف جهود جميع أجهزة الدولة المعنية والمجتمع المدنى ليصل معدل الإنجاب إلى 2٫1 مولود لكل سيدة سيصل عدد السكان إلى 143 مليونا عاما 2052، أى بفارق 50 مليون نسمة «وهو ما يساوى عدد سكان العديد من الدول».
مع ذلك فهناك بارقة أمل، فمن الملاحظ انخفاض أعداد المواليد والزيادة الطبيعية خلال السنوات الخمس الأخيرة مقارنة بالأعوام السابقة، حيث انخفضت أعداد المواليد خلال عام 2019، مقارنة بعام 2018، حيث بلغ عدد المواليد 2٫31 مولود عام 2019، مقابل 2٫38 عام 2018، كما يلاحظ انخفاض أعداد الزيادة الطبيعية خلال عام 1٫76 نسمة عام 2019 مقابل 1٫82 عام 2018. كما انخفض معدل النمو السكانى إلى 1٫79٪ فى عام 2018/2019 مقارنة ب2٫02٪ عام 2017/2018.
كما يلاحظ أيضاً انخفاض معدل الزيادة الطبيعية «الفرق بين المواليد والوفيات» خلال السنوات الخمس الأخيرة، وقد بلغ معدل الزيادة الطبيعية 1٫78٪ عام 2019، مقابل 1٫87 عام 2018 بانخفاض قدره 0٫09٪.
وكان أكبر معدل زيادة طبيعية عام 2019 فى محافظة سوهاج 2٫46٪، أسيوط 2٫38٪، قنا 2٫35٪، المنيا 2٫3٪، بنى سويف 2٫19٪، كفر الشيخ 2٫03٪، الأقصر 2٫02٪، وسجلت مراكز قنا «قنا» وجرجا «سوهاج» والقوصية «أسيوط» والغنايم «أسيوط» والعدوة «المنيا» أكبر معدل للزيادة الطبيعية.
وجاء أقل معدل زيادة طبيعية فى محافظات بورسعيد 1٫03٪، القاهرة 1٫23٪، الإسكندرية 1٫27٪، دمياط 1٫39، الدقهلية 1٫45٪، السويس 1٫45٪ الغربية 1٫46٪ وسجلت مراكز السنطة «الغربية» وقليوب «القليوبية» وطلخا «الدقهلية» والقرنة «الأقصر» وفارسكور «دمياط» وأجا «الدقهلية» وبيلا «كفر الشيخ» أبقل معدل للزيادة الطبيعية وجاءت كل هذه المعلومات وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إن «الدولة المصرية تعمل وفق سياق متكامل للتطوير والتنمية والواقع الذى عرضه الدكتور مصطفى مدبولى ترجمة للتطوير فى الواقع، وأضاف قائلا: «الدكتور مصطفى لما بيقول فى عام 1900 كنا نحو 9 ملايين وبعد 100 سنة بقينا أكثر من 100 مليون.. النمو السكانى اللى فوق طاقة البلد يؤدى إلى تدمير الدولة أو كاد يؤدى إلى تدمير الدولة فى 2011».
وأضاف الرئيس خلال كلمته فى افتتاح مشروعات تنموية جديدة بمدينة بدر: أن صورة العشوائيات عبارة عن دولة لم تقدر أن تلبى متطلبات النمو السكانى الموجود فيها، فى الآخر المواطن اللى عايش فى شقة فى العشوائيات ممكن يدفعله 100 و150 جنيه بالكتير فى المكان ده الموضوع مش كده خالص.. الدولة لم تقدر أن تسيطر على حالها فى طرق وإسكان وكل شىء وفى تعليم وفى صحة وأى مرفق أو قطاع عاوزين تتكلموا فيه».
من جانبها بدأت الدولة تكثف جهودها للسيطرة على الزيادة السكانية حيث أعلنت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان إطلاق حملة تنشيطية لتقديم خدمات ووسائل تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بالمجان فى 10 محافظات، تحت شعار «حقك تنظمى»، وذلك خلال الفترة من يوم 15 حتى يوم 26 من شهر أغسطس الجارى، ضمن الحملات الدورية التى تجريها الوزارة فى إطار الاهتمام بصحة وتنمية الأسرة وتحقيق رؤية مصر 2030، وشملت الحملة محافظات (القليوبية، الدقهلية، الإسكندرية، دمياط، الفيوم، بنى سويف، المنيا، أسيوط، قنا، الأقصر).
وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة القاهرة، إن هناك من ينجبون ويتركون أطفالهم فى الشارع، كما أن هناك بعض المواطنين ينجبون من أجل مساعدتهم فى الحياة عند الكبر ويأخذ من كل ابن مبلغا من المال، وبهذا الشكل يكون لديه راتب جيد، مضيفا أن الفئة الأكثر إنجابا هم الفئة الأقل تعليما والأكثر فقرا، حيث ينجبون أطفالا أكثر فيزدادون فقرا على فقرهم.
وأكد أن من أسباب الزيادة السكانية فى العقود الأخيرة هى التفسيرات الدينية لبعض المنتسبين للدين، التى تحض على الزواج المبكر للإناث مما يزيد من احتمالية الإنجاب، كما أن الزواج المبكر يخلق مشكلات اجتماعية لا حصر لها.
وأوضح أن نسبة الأمية فى مصر تصل إلى 30%، فيجب أن يكون هناك شرط للزواج أن يكون على الأقل حاصلا على شهادة محو الأمية، كما يتم فرض ضريبة على إنجاب الطفل الثالث، وأضاف أن رجال الدين يؤيدون تنظيم النسل ولكنهم يحرمون تحديده، قائلا: إن الدولة القوية تفرض قوتها، مشيرا إلى ضرورة فرض ضريبة على الطفل الثالث للحد من الزيادة السكانية.
وأكد «صادق» أن أحد أسباب عدم نجاح حملات تنظيم الأسرة هو عدم وجود رادع قانونى، لافتا إلى أن المصريين يهتمون بالأمر إذا وجدوا رادعا قانونيا وعقوبات مالية، مؤكدا أن الحكومة إذا قالت للشعب إن إنجاب الطفل الثالث سوف يكون عليه ضريبة سنوية 10 آلاف جنيه مثلا فستقل معدلات المواليد.
جولة حزينة فى مستشفى «أم المصريين»
الدولة حريصة على توفير جميع وسائل منع الحمل بصورة فعالة وآمنة ومناسبة فى التكلفة لجميع النساء بل إن أغلبها تكون مجانية، وذلك من خلال قطاع تنظيم الأسرة، لتقديم تلك الخدمات والوسائل لجميع السيدات فى سن الإنجاب.
«الوفد» قضت يومًا فى عيادة تنظيم الأسرة بمستشفى أم المصريين، لرصد ما تقوم به وزارة الصحة وقمنا بتوثق العديد من الفيديوهات سواء للجانب الإيجابى الذى ظهر لنا أو الجانب السلبى.
البداية كانت فى الساعة الثامنة صباحًا داخل المستشفى، حيث الزحام الشديد أمام شباك التذاكر نظرًا لأن جميع الشبابيك تقطع تذاكر كل الأمراض والتخصصات المختلفة، حصلنا على تذكرة بعد معاناة بقيمة خمسة جنيهات، وهو مقابل زهيد جدًا، مقارنة بالأسعار فى المستشفيات والعيادات الخاصة، ثم توجهنا إلى عيادة تنظيم الأسرة فى الطابق العلوى، وانتظرنا الأطباء لمدة ساعة
كاملة، حيث تبدأ مواعيد العمل فى الساعة التاسعة، بعد ذلك بدأ الزحام يشتد بصورة قوية كبيرة
أثناء الانتظار دار بيينا وبين المرضى عدة حورات، حيث التقينا و(مروة عيد) 33 عامًا وجدناها جالسة على الأرض من التعب رغم وجود مصاطب أسمنتية مغطاه بالسراميك للجلوس عليها، وكانت تصرخ بشدة، فاقتربنا منها وبدأت تحكى قصتها موضحة أنها وضعت منذ حوالى ثلاثة أسابيع وتعانى من نزيف فى الرحم، نتيجة عدم تلقيها العلاج بعد الولادة، بعد أن رفض زوجها شراء العلاج وطردها خارج المنزل لأنها أنجبت له طفلة ثالثة، وقامت والدته بتحريضه ضدها، قائلة له هى هتفضل تجبلك بنات، مؤكدة أن زوجها رغم أنه لا ينتمى للصعيد ومن سكان فيصل بالجيزة، فإن تفكيره هو ووالدته ورغبتهما فى إنجاب الذكور هدم بيتها.
وأضافت: ماذا أفعل لكى أنجب له ذكرًا، وهل هذا بيدى، مؤكدة أن والدها رجل على المعاش وليست لديه إمكانية لشراء الأدوية مما تسبب فى حدوث مضاعفات حادة لها.
كما التقينا أيضاً فتاة صغيرة لم تبلغ السابعة عشرة، جذبنا سنها الصغيرة، وهل جاءت إلى هنا نتيجة الزواج المبكر، ولكن الفتاة ذكرت أنها جاءت لتطمئن على صحتها الإنجابية مستقبلًا، بعدما حاولت الانتحار، حيث أنها أخذت نصف شريط من أقراص منع الحمل مرة واحدة، بعدما حدثت خلافات قوية بينها وبين خطيبها وبينها وبين أسرتها.
وأثناء استماعنا لهذه الحكايات وقعت مشادات بين المرضى بسبب الزحام الشديد وعدم وجود ممرضة تقوم بجمع تذاكر الحجز وترتيب المرضى بحسب أولوية الحضور، وطالب المرضى بعض الممرضات بجمع التذاكر لتنظيم عملية الدخول، إلا أنهن رفضن القيام بهذا الدور، مما خلق حالة اختناق وتزاحم أدى لإغماء بعض السيدات، وشاهدنا تعاملًا سيئًا من قبل الممرضات مع المرضى، واتهم بعض المرضى الممرضات بتلقى مبالغ مالية بقيمة عشرة جنيهات للسماح بإدخالهم للكشف قبل غيرهم.
فى المقابل حدثت بعض التجاوزات من قبل بعض المرضى فى حق الأطباء وحدثت حالة هرج كبيرة، حيث قام أحد الأطباء بمغادرة العيادة، ولكنه عاد سريعًا ليؤدى عمله وسط ضغوط من المرضى وتقديم الاعتذار له، وهنا وجدنا أن الأطباء لا يتوفر لهم أى حماية فى حالة تجاوز المرضى فى حقهم.
وخلال جولتنا وجدنا جميع الخدمات متوفرة لدى العيادة وجميع وسائل تنظيم الأسرة مجانية، وفى الساعة الثانية عشرة وجدنا سيدة تنتظر بعيدًا منذ ساعات، واقتربنا منها، فقالت إنها كشفت منذ الساعة التاسعة، وأخبرتها الطبيبة بأنها فى حاجة إلى إزالة وسيلة منع الحمل، التى تسبب لها نزيفًا، وطالبتها بالانتظار حتى يخف الزحام، مشيرة إلى أن الطبيبة طالبتها بأن تأتى لها بعد ثلاثة أيام من إزالة الوسيلة لتحصل على وسيلة أخرى تتناسب معها وبالمجان.
سيدات: كثرة الإنجاب «تربط» الزوج!
سؤال واحد توجهنا به لعدد من سيدات مصر: ما الدوافع والأسباب التى تجعل الأزواج يقبلون على إنجاب أكثر من طفل؟ خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار؟
دعاء نصار أجابت قائلة إن أحد أسباب كثرة الإنجاب هو الاستراحة من أسئلة الأقارب والجيران عن سبب عدم الإنجاب، أو الاقتصار على طفل واحد أو اثنين، موضحة أن هناك أشخاصًا أعرفهم كان لديهم طفلان فقط، ولكن طول الوقت الجميع يسألهم عن عدم الإنجاب مرة أخرى لكى يكون للبنت أخت، وللولد أخ، مضيفة أن البعض «بيريحوا دماغهم من الزن» وقاموا بإنجاب طفلة ثالثة.
وقالت حنان يوسف، إن زوجة شقيق زوجها جامعية ووصلت لسن الأربعين، ومازالت لديها الرغبة فى الإنجاب مرة أخرى، وعند سؤالها لماذا تريد الإنجاب رغم أن لديها أطفالًا أجابت لكى لا يتزوج زوجى مرة أخرى وينشغل فى مصاريف البيت.
وأضافت راندة عمر، أن كثرة الإنجاب تختلف من شخص لآخر، فهناك من لدية أطفال أناث ويريد ذكر، فتضطر الزوجة لتكرار الحمل حتى تنجب الذكر أو العكس، كما أن هناك أشخاصًا يعملون بمبدأ أن الأطفال عزوة، فيقبلون على إنجاب العديد من الأطفال.
وقالت نيفين عامر، إن البعض لديهم قناعة بأن زينة الحياة هى المال والبنون، حتى لو كانوا متعثرين ماديًا، وأشارت نشوة يوسف إلى أن كثرة الإنجاب شىء جميل، ولكن يشترط أن تكون حالة الزوج والزوجة ميسورة ماديًا ولكن غير ذلك يكون ظلمًا للأبناء.
بينما أرجعت دينا كمال السبب فى إنجاب عدد كبير من الأطفال إلى أن وسائل منع الحمل كلها تسبب آلامًا وإزعاجًا للسيدات، كما أنها تغيير المزاج وتجعل السيدات أكثر عصبية، كما أن بعضها تحدث تغيرات فى الجسم، وقد يرفضها الجسم
وعندما توجهنا بسؤالنا إلى شيماء عاطف، قالت: «إيه السؤال الغريب ده» الأطفال زينة الحياة، وبالنسبة للرزق فربنا هو الرزاق مش هتفرق من أنجب طفلين ممن أنجب أربعة أطفال ربنا الرزاق.
وقالت رباب حمدى، إن هناك بعض الأشخاص يعتقدون أن وسائل منع الحمل حرام شرعًا، ويعتبرون الإنجاب رزق من الله، ومنعه حرامًا شرعًا، ويعتبرون سيدات تنجب كثيرًا اعتقادًا منهم أن الإنجاب يجعل الزوج مرتبطًا ببيته وأولاده، كما أن هناك أزواجًا يقولون: «خليها دائمًا فى مشغولة بالعيال حتى يتفرغ لنفسه»، وأضافت أن الأمر يعود فى النهاية لثقافة الشخص نفسه وقناعاته الشخصية.
العادات والتقاليد.. «رأس الأفعى»!
للموروث الثقافى والعادات والتقاليد دور كبير فى الزيادة السكانية، فالوصايا التى تلقنها الأمهات لبناتهن يوم عرسهن، والأمثال الشعبية كلها تعتبر عوامل أسهمت فى زيادة أعداد السكان خلال السنوات الماضية.
هناك أمثال شكلت العقل المصرى فى عملية الإنجاب وأهمها: «لما قالوا ده ولد اتشد ظهرى وإتسند، وجابولى البيض مقشر وعليه السمن مرق.. لما قالوا دى بنية دربكوا البيت عليا وجابوا لى البيض بقشره وبدال السمن ميه»، و«يغلبك بالمال.. أغلبيه بالعيال»، و«اللى مالهوش ولد مالهوش سند» و«كلمة ولد.. تهز البلد» و«أم الغلام تستاهل الإكرام»، «أم القعود فى البيت بتعود» و«حطت عجلها ومدت رجلها» و«يا أم الولد حطى الولد فى الجيب الولد ذخيرة للعجز والشيب»، «اللى مالوش ولد عديم الظهر والسند»،
كما قالوا فى الأمثال الشعبية عن إنجاب البنات «اللى تحت الطرحة ملهوش فرحة»، «ولادة البنات شماتة» و«البنت مكسورة الجناح»، «البنات إن ماجبوش العار يجيبوا العدا لحد الدار»، و«الولايا بلايا»، و«البنات مربطهم خالى»، و«يا مخلفة البنات يا حزينة للممات» و«بنيه على
بنيه شمتوا العزال فيا»، «يجعل خلفك بنات وعيشتك شتات».
من جانب آخر واجه البعض هذه الأمثال، وعبروا عن مواقفهم اتجاه إنجاب البنات، بأمثال تحث على حب البنات، منها «البنت حبيبة أمها»، «اللى يسعدها زمانها تجيب بناتها قبل صبيانها»، «لولا البنات ماجم الولاد»، «البنات رزقها واسع»، «رزق البنت برزقين»، «أبو البنات مرزوق».
ويبدو أن هذه الحرب التى ظهرت فى الأمثال الشعبية لم تكن فى صالح الزيادة السكانية، بل جعلت معظم الأسر المصرية حريصة على إنجاب الذكور والإناث معًا، فمن تنجب إناثًا تظل تنجب حتى تأتى بالولد الذى يعتبر السند، ومن تنجب ذكورًا تريد أن يسعدها زمانها ويكون لها بنت تحملها فى كبرها، ومن هنا زادت أعداد المواليد بشكل غير مسبوق، وزادت المشكلات المترتبة على تضاعف أعداد السكان.
70 سنة من حملات التوعية.. والحصاد قليل
تستعد الدولة فى الوقت الحالى، لإطلاق حملة تهدف لتنظيم النسل، للحد من الزيادة السكانية، ولكن هل سنتجح هذه المرة، أم سيكون مصيرها مثل باقى الحملات السابقة، والتى قدمتها الحكومات المتعاقبة، منذ عام 1952 حينما كان عدد السكان 30 مليون نسمة، وبعد 69 عاما من المبادرات لخفض عدد السكان لم يفلح الأمر، حتى تخطى عدد السكان حاجز ال102 مليون نسمة بحسب الساعة السكانية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
من أهم تلك الحملات والمبادرات التى أطلقتها الحكومة: حملة «طفلين وبس» وقامت خلالها مجموعات من الوزارة بالتجول فى المحافظات والنجوع لتقديم خدمات الصحة الإنجابية للنساء مجانًا، وعمل حصر للسيدات غير المستخدمات لوسائل تنظيم الأسرة لتوعيتهن.
ثانى تلك الحملات هى حملة «إنتى الأهم»، وكان من ضمن أهدافها الرعاية الصحية للحوامل خاصة فى شهور الحمل الأولى، والتوعية بضرورة اتساع الفترة بين الولادات المختلفة وتنظيم النسل وعدم اللجوء إلى الإنجاب بكثرة.
أما حملة «طوق النجاة»، التى أطلقتها وزارة الصحة فكانت تهدف إلى توعية المواطنات فى المناطق الريفية بتحديد النسل، وإبطاء معدل النمو السكانى، وقامت الحملة على استراتيجية لخفض معدل المواليد وتغيير فكرة أن كثرة الأبناء عزوة.
ودخلت وزارة التضامن على الخط بحملة «2 كفاية»، للحد من الزيادة السكانية ورفع الوعى ودعم المرأة لنشر ثقافة «أسرة صغيرة والمباعدة بين الولادات»، إلا أنها توقفت بعد انتهاء المرحلة الأولى منها عام 2019.
وقامت الحملة بتنفيذ 2 مليون و146 ألف زيارة طرق أبواب وتحويل 332 ألفا و418 سيدة للوحدات الصحية وعيادات «2 كفاية»، لتلقى خدمات تنظيم الأسرة بالمجان حيث استقبلت العيادات 32 ألف سيدة تم تقديم الخدمة لهن بالمجان.
أما مبادرة «الوسام» فقد أطلقتها «الصحة» داخل عيادات تنظيم الأسرة فى جميع المحافظات على عدة مراحل، وتبنت هذه الحملة مفهوم حق الاختيار، ومسئولية القرار فى التخطيط لبناء الأسرة النموذجية، وذلك للحد من الزيادة السكانية وتنظيم النسل.
يضاف إلى ذلك حملات إعلانية عديدة لتنظيم النسل منها حملة «حسنين ومحمدين»، وحملة «الراجل مش بس بكلمته»، وحملة «اسأل.. استشير»، ولاقت تلك الحملات اهتمام الرأى العام بشدة بسبب طريقتها البسيطة فى توصيل الهدف من الحملة.
من جانبها قالت الدكتورة بسنت فهمى، الخبيرة الاقتصادية، أن عدم نجاح الحملات التى تقوم بها الدولة للحد من الزيادة السكانية، نتيجة طبيعية، لحالة اللاوعى التى يعيشها أغلب المصريين، كما أن المواطنين لم يصدقوا تلك الحملات، مضيفة أنه يجب أن يكون هناك مصداقية فى الحملات، وهدم الموروثات الثقافية الخاطئة، بالإضافة إلى عدم قيام الإعلام بدوره التوعوى، مع وجود فتاوى تحض على الإنجاب وتحرم تحديد النسل وتنظيمه.
وأضافت أن محافظات الصعيد تركت دون توعية، متسائلة من يقوم بتوعية أبناء الصعيد ضد خطر الزيادة السكانية ويعقد معهم ندواث ثقافية شاملة للتوعية بكافة الأمور الاجتماعية؟ وأشارت إلى أنه لم يقم أحد بهذا الدور وتم تركهم لبعض المشايخ الجهلة مدعى العلم الذين سيطروا على عقولهم وتم حشوها بأفكار تهدم البلاد.
وأضافت أنه يجب أن يكون هناك حملات توعية للمواطنين تتناسب مع «الجمهورية الجديدة» التى تبنى، مشيرة إلى أن التطوير فى المبانى والتعليم والصحة لا يكتمل إلا بنشر الوعى، مضيفة أن الإعلام لا يقوم بدوره، كما أن المجلس القومى للمرأة وكل المجالس الأخرى والجمعيات الأهلية لا تقوم بدورها.
وأضافت أنه على كل شخص أن ينجب فى حدود قدراته المالية، مضيفة أن كل أب وأم أدرى بظروفهم، وأن هناك الكثير من الأسر الفقيرة تنجب كثيرا ثم تخرج لتصرخ «الحقونى مش قادرة أكل عيالى»، متسائلة: لماذا تنجبين كثيرا وأنت تعلمين ظروفك المادية التى لن تساعدك على الإنفاق على الكم الهائل من الأطفال؟.
وطالبت بضرورة نشر الوعى بين المواطنين، فكثير من الأسر تصر على إنجاب الذكور ويعتبرون إنجاب البنات شيئا لا قيمة له، ضاربة المثل بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى تقود أقوى دولة فى أوروبا، مضيفة أننا يجب أن ننشر الوعى والثقافة لدى المواطنين، وأن نبرز نجاح السيدات فى كل المجالات، لكى تختفى فكرة ضرورة إنجاب الولد. وأضافت الدكتورة «بسنت» أنه يجب أن يكون هناك توعية دينية حقيقية للمواطنين، وعدم تركهم لبعض الأشخاص الذين يدعون أنهم مشايخ.
علماء دين: التنظيم حلال.. وفتاوى السلفيين سبب الكارثة
لا شك أن تنظيم الأسرة وقع تحت طائلة العديد من الشائعات التى كان لها تأثير فعال على زيادة عدد السكان، خاصة تلك الفتاوى الدينية التى تحرم استخدام وسائل منع الحمل، حيث اعتقد بعض المواطنين أن وسائل تنظيم الأسرة حرام شراعًا، استنادًا على بعض الفتوى لأشخاص غير مؤهلين للفتوى وغير دارسين للشريعة والفقه الإسلامى.
من جانبه حسم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، الموقف الشرعى فى ملف تنظيم النسل، ففى لقاء للرئيس السيسى على مسرح الجلاء بقيادات الجيش والشرطة وعدد من رؤساء الأحزاب السياسية والأزهر والكنيسة سأل الرئيس شيخ الأزهر حول حكم تنظيم النسل فى الإسلام؛ قائلًا: «هل أقدر أطلب من اللى عنده طفلين يستنى 6 أو 7 سنين كمان على بال ما يجيب 3 أطفال، واللى عنده 3 أطفال ما يجبش أطفال تانى، عشان تبقى الأمة واقفة على رجليها ومتعلمة وقادرة، مش مجرد عدد وخلاص».
ورد شيخ الأزهر بقوله: «حلال حلال حلال»، مؤكدًا أن تنظيم النسل فى الإسلام أمر مشروع، وأشار فى حديث سابق إلى ضرورة السعى نحو تنظيم النسل وليس تحديده، وأن نصبو إلى أمة مسلمة قوية تتمتع بصحة عالية وكفاءة فى التعليم.
وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه لا مانع من تنظيم النسل، فلا توجد أية قرآنية تمنع تنظيم النسل، مشيرًا إلى أنه يجب درء المفاسد بمعنى أنه إذا كانت قدرة الإنسان المالية لا تتحمل الإنفاق على أكثر من طفلين، فلماذا ينجب فوق قدرته، ويتسبب فى حياة بائسة للأجيال القادمة، مضيفًا أن كثرة الإنجاب تلتهم ثروات المجتمع.
وحول الفتاوى التى تظهر عن تحريم تنظيم النسل، قال «كريمة» إن تلك الفتاوى يخرجها بعض أعضاء التيار السلفى الذين يعتبرون دخلاء ومتطفلين على الإفتاء، مضيفًا أنه يجب على الدولة أن تصدر قرارًا سياسيًا بقانون يوقف الفتاوى السلفية التى تخرج لهدم المجتمع، وأنه يجب على الدولة أن تحترم دستورها الذى ينص على أن الأزهر الشريف وحده المسئول عن الشريعة الإسلامية بمصر.
الغريب أن هذه الفتاوى وجدت صدى خاصة مع انتشار شائعات حول مدى تأثير وسائل منع الحمل على صحة المرأة، منها إصابة المرأة ببعض الأمراض الخطيرة، ولكن الطب يؤكد أن وسائل منع الحمل من الأشياء الضرورية لتنظيم الأسرة، ولحماية المرأة من الأضرار الصحية التى تعود عليها من تعدد مرات الإنجاب.
ويعتمد البرنامج القومى لتنظيم الأسرة على الاختيار الحر المبنى على المعرفة للوسائل المؤقتة لتنظيم الأسرة وبعضها يفيد فى منع الحمل لمدة 12 سنة كاملة، ولكن بعض النساء يستخدمن وسائل منع الحمل بشكل عشوائى دون استشارة طبيب، مما جعل بعضهن يشتكين من أضرار صحية مثل، اضطراب الحالة المزاجية- الصداع- حب الشباب- انتفاخ وزيادة الوزن- نزيف غير منتظم- غثيان- آلام الساقين وغيرها.
ويؤكد الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الصحة، أن استخدام وسائل منع الحمل من قبل السيدات اللائى فى عمر الإنجاب فى مصر تقدر بنسبة 60%، وهى نسبة عالية وليست بسيطة، كما أن جميع وسائل تنظيم الأسرة المتوفرة آمنة بشكل تام، وعلى أى سيدة تريد أن تأخذ وسيلة منع الحمل أن تقوم باستشارة الطبيب أولًا، ويجب عدم أخذها بشكل عشوائى أو من تلقاء نفسها، مضيفًا أن عدم استشارة الطبيب تكون له مخاطر
وأوضح أن معدل الزيادة السكانية فى مصر، كان قبل ثورة عام 2011 1٫8%، ووصل بعد الثورة وصلت إلى 2٫5 %، ثم وصل معدل الإنجاب فى عام 2020 إلى 1,9 %، لافتًا إلى أن مصر مرت بمرحلة الانفجار السكانى فى فترة الخمسينيات وكان معدل الزيادة 3٫5%، ورغم الزيادة السكانية الشديدة كان مستوى المعيشة مرتفعًا، لافتًا إلى ضرورة العمل لزيادة النمو الاقتصادى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.