مكتبة مصر العامة بدمنهور تحتضن فعاليات مسابقة "لمحات من الهند"    استقرار أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 14نوفمبر 2025    قادة الفكر العلمي في العالم يجتمعون بالقاهرة 11 ديسمبر    البرهان: على كل السودانيين المشاركة في المعركة وحمل السلاح    مدرب إسبانيا: ننتظر عودة لامين يامال وعلاقتنا مع برشلونة جيدة    فيديو| أول اختبار علني لمسيّرة «شاهد 161» المتطورة.. ما هدف إيران من ذلك؟    قيادي ب«فتح»: يجب احترام الشرعية الفلسطينية بعد الاتفاق على قوة دولية مؤقتة    التعادل الإيجابي يحسم نتيجة الشوط الأول لمباراة منتخب مصر «الثاني» والجزائر    رفع حالة الطوارئ.. أمطار غزيرة ورياح شديدة على مدن وقرى الشرقية    محمود عبد السميع: صورنا "التعويذة" بدون جرافيكس ومحمد شبل مخرج واسع الخيال (صور)    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    الهيئة القومية للأنفاق: تشغيل المرحلة الأولى من الخط الأول للقطار السريع في الربع الأول من 2027    "البرهان" يعلن التعبئة العامة من منطقة السريحة بولاية الجزيرة    وزيرا خارجية مصر والسعودية يبحثان تطورات غزة والسودان    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    الكرة النسائية.. الأهلي يحقق فوزًا كاسحًا 12-0 بعد انسحاب فريق الطيران    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ضبط 25 طن ملح صناعي يعاد تدويره وتعبئته داخل مخزن غير مرخص ببنها    محافظ الدقهلية: ضبط 3.3 طن من مفروم اللحوم والدواجن غير الصالحة للاستهلاك    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    بدء تطبيق نظام الحجز المسبق لتنظيم زيارة المتحف المصرى الكبير الأحد    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    وبالوالدين إحسانًا.. خطيب المسجد الحرام يوضح صور العقوق وحكم الشرع    "سد الحنك" حلوى الشتاء الدافئة وطريقة تحضيرها بسهولة    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تشارك في جلسة «تعزيز العمل اللائق بمصر»    «الصحة» و«الاتصالات» تستعرضان دور الذكاء الاصطناعي في دعم التنمية البشرية    اللهم صيبا نافعا.. تعرف على الصيغة الصحيحة لدعاء المطر    محمد عبدالعزيز عن ابنه كريم عبدالعزيز: "ابني ينوي إعادة تقديم فيلم انتخبوا الدكتور"    بسبب تغيرات المناخ.. 29 حريقا خلال ساعات الليل فى غابات الجزائر.. فيديو    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    الإئتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية : خريطة جديدة للمشهد الانتخابي: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تنظم جلسة حول الاستثمار في الشباب من أجل التنمية    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    قيصر الغناء يعود إلى البتراء، كاظم الساهر يلتقي جمهوره في أضخم حفلات نوفمبر    أيمن عاشور: انضمام الجيزة لمدن الإبداع العالمية يدعم الصناعات الثقافية في مصر    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 14 نوفمبر في سوق العبور للجملة    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    أدار مباراة في الدوري المصري.. محرز المالكي حكم مباراة الأهلي ضد شبيبة القبائل    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكرم البنى يكتب :سوريا وحديث السياسة والعنف!
نشر في الوفد يوم 24 - 02 - 2013

لا يزال تصريح رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية حول استعداده للتفاوض مع مسؤولين في السلطة تتفاعل وتثير حوارات متنوعة وتساؤلات حول أسباب منح هذا المقترح تلك الأهمية مع أنه يتشابه مع مقترحات عديدة طرحت في ما مضى ومرت مرور الكرام..
هل يتعلق الأمر بخصوصية هذا الرجل وما يحوزه من صدقية في أوساط الحراك الثوري؟ أم بموقعه كرئيس لأكبر تكتل معارض؟ أم بالاشتراطات البسيطة التي طرحها وغازلت بعض معاناة الناس وما يكابدونه؟ أم يعود للتوقيت ووضوح حالة من الاستعصاء وعجز طرفي الصراع عن تحقيق تقدم عسكري نوعي وحاسم؟ أم لجديد المتغيرات الدولية التي تؤثر في مسار الثورة، وبدت اليوم كأنها تربة خصبة لاستقبال هذا النوع من الاجتهادات السياسية عساها تخترق جدار عنف مزمن صارت سوريا تُعرف به؟!
نعترف بأن النظام بممارساته الموغلة في العنف والاستفزازات الطائفية تمكن من عسكرة الثورة وتشويه وجهها الشعبي والسياسي واستجرار ردود أفعال من الطبيعة ذاتها، ومن تظهير صورة طالما روج لها عن عصابات مسلحة وقوى سلفية تسعى لأسلمة المجتمع وفرض أجندتها عليه، لكنه فشل في إحراز نتائج ذات معنى في الميدان العسكري الذي يعتبر ميدانه بامتياز، أو حتى في تعديل توازنات قوى ما فتئت تميل لصالح المعارضة، وفشل أيضا في استمالة الدول الغربية وردم أزمة الثقة التي نشأت بينه وبينها، عبر مغازلة مخاوفها من انبعاث الحالة الجهادية في سوريا، وإن كانت هذه المخاوف نجحت في تشجيعها على وقف إمداد المعارضة بالسلاح كي لا تصل إلى أيادي المتطرفين لكن من دون تراجع عن موقفها من إزاحة النظام القائم ودعم قوى التغيير والديمقراطية.
صحيح أن النظام على استعداد للمساومة على كل أمر، عدا احتكاره للسلطة، ولن يتوانى عن فعل أي شيء بما في ذلك جر البلاد كلها إلى العنف والاحتراب للاستمرار في الحكم، لكن صحيح أيضا أن طريق العنف مسدود، وأن الجميع بات يدرك أنه لا جدوى من التصعيد المتواتر للفتك والتدمير إلا توسيع مشهد الخراب والضحايا، وأنه مجرد وهم تصور إمكانية استعادة زمام المبادرة وكسر موازين القوى بعد ما يقارب العامين من تجريب أعتى أنواع الأسلحة وأكثرها فتكا، وبعد التحولات التي جرت على الأرض وسيطرة المعارضة المسلحة على مناطق واسعة من البلاد، والأهم أن النظام ربما أدرك اليوم أنه استنفد كل المهل التي منحت لخياره الحربي، واستنزف حلفاءه إلى أبعد مدى، وأنه بات يقف وجها لوجه أمام مصالح لا تتعلق به بقدر ما تتعلق بحلفائه وأصبح هو مكرها على تخديمها في ظل ازدياد ضعفه العسكري والاقتصادي وشدة حاجته لهم، فلم تعد مصلحة روسيا وإيران الاستمرار في رحلة استنزاف طال أمدها أو الغرق في أتون حرب أهلية واسعة قد تحرق الأخضر واليابس، كما أن خيار الحفاظ على بعض النفوذ في جزء من البلاد عبر مشروع الدويلات أو الكانتونات هو خيار مكلف وغير قابل للحياة سياسيا وعمليا.
في المقابل حققت المعارضة حضورا متميزا في البلاد، وباتت رقما صعبا يصعب تجاوزه، لكنها خسرت رهانها على تحقيق انتصار سريع يقرب المسار السوري مما حصل في ليبيا أو اليمن، ولم يثمر التعويل على التدخل العربي والدولي إلا الخيبة، لا حظر جوي ولا منطقة عازلة، ولا خطة طريق أممية تعالج تفاقم الوضع السوري وتضعه على سكة الحل السياسي، ولا مد للمعارضة بسلاح متطور يمكنه تحقيق تحول نوعي في مسار المعارك الدائرة.
لقد انتظرت قوى الثورة تنفيذ وعود أصدقائها لتتمكن بأقل الآلام من تحقيق أهدافها في التغيير، وصرفت وقتا وهي تبرر لواشنطن ترددها لانشغالها بالانتخابات الرئاسية، وعولت على استمرار أوباما وأن ذلك سيحرره من تبعات كثيرة ويشجعه على وضع دعوته لمعالجة الحالة السورية على نار حامية، لكن الرياح الأميركية جرت بغير ما تشتهي سفن المعارضة، وبات واضحا للجميع أن واشنطن، ومن ورائها سياسات الحلفاء والأصدقاء، تسير على المنوال ذاته في عدم التورط والاكتفاء بممارسة الضغط المرن وإدارة الأمور عن بعد، وأنها - بعيدا عن التصريحات عن أيام معدودة للنظام وتكرار المطالبة برحيله - أكثر من يسعى نحو تسوية سياسية، ولا تخرج عن هذا السياق تصريحات أوباما في خطابه الأخير عن أحوال الاتحاد بأنه مستمر في دعم المعارضة السورية ومطلبها في التغيير الديمقراطي.
كل ما سبق هو تمهيد لفترة جديدة سيتلون خلالها الصراع الدامي بكثير من المقترحات والمبادرات السياسية، يرجح أن تتوسل رعاية أممية لإخماد هذه البؤرة، ربما مع وصول طرفي الصراع إلى حالة من الضعف والإنهاك ترغمهما على قبول ما يعرض عليهما، وإلى قناعة بأن استمرار حربهما صار أمرا عبثيا.
والجديد أن السوريين بدأوا يلمسون أن المعارضة، بمقترحاتها واجتهاداتها السياسية، وأيا تكن التحفظات والاعتراضات عليها، هي صاحبة المسؤولية الوطنية والحريصة على المجتمع ككل، بينما يدل المشهد المتمم على أنانية سلطوية مفرطة وعلى استرخاء دولي مخز يسترخص دماء السوريين وتضحياتهم، ولا يغير هذه الحقيقة الإدانات الصاخبة للعنف المفرط، أو زيادة حجم المعونات المخصصة للاجئين السوريين، لأنها أشبه برفع عتب يخفي العجز الأممي المشين عن أداء واجبه الإنساني.
إن تأكيد الحرص والمسؤولية الوطنية يتطلب بداهة تجاوز الاجتهادات الفردية، وأن تضع المعارضة على اختلاف أطيافها تصورا سياسيا جامعا يرسم دورها في إدارة الثورة حتى تحقيق أهدافها القصوى، يبدأ بعدم الاقتصار على طلب السلاح وتشجيع الحسم العسكري، مرورا بنشر ثقافة تنبذ العنف والإكراه، وبذل جهود جادة لمنع التعديات، ولجم بعض الجماعات المسلحة لتكف عن استعراض القوة والتباهي بمنطق الغلبة والانتقام والتحشيد الطائفي، وانتهاء بإطلاق المبادرات لإعادة الوجه السياسي والمدني للثورة، ولتنظيم حياة الناس وتقاسم شح الإمكانيات المعيشية، واضعة في حسبانها فكرة بسيطة بأن الثورة هي من سيرث هذه الأرض.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.