الطمع الشديد والرغبة فى تقسيم المجتمع المصرى.. أبرز أخطاء الجماعة المصريون لديهم حصانة ضد آراء تيارات الإسلام السياسى تجديد الخطاب الإعلامى ضرورة.. والدين لا يناهض الفن الفضائيات سحبت البساط من تحت أقدام ماسبيرو «نادى السينما» توقف بعد ربع قرن بقرار من أنس الفقى الدكتورة درية شرف الدين، إحدى صانعات الريادة الإعلامية، ولدت فى مدينة دمياط 30 مايو 1948، تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ثم التحقت بعدها بأكاديمية الفنون بالقاهرة، شغلت عدة مناصب منها رئيس الرقابة على المصنفات الفنية ومنصب وكيل أول وزارة الإعلام ورئيس قطاع القنوات الفضائية، كما تولت منصب المتحدث الرسمى للمجلس القومى للمرأة فى 2012، تدرجت فى المناصب حتى أصبحت وزيرة الإعلام فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى عام 2013، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب، واستمرت فى حكومة المهندس إبراهيم محلب حتى عام 2014. درية شرف الدين، اسم إعلامى محفور فى قلوب المصريين، فهى نموذج مشرف للمرأة المصرية، عرفها العامة والمثقفون وعشاق الأفلام من خلال أشهر برامجها التى قدمتها لأكثر من 30 عاماً، وهو برنامج «نادى السينما» وبرنامجها «أهل الرأى»، وهى ناقدة سينمائية وكاتبة متميزة، إضافة إلى أنها مقدمة برامج شهيرة، وليس غريباً أن ينضم اسمها إلى موسوعة «المرأة عبر العصور» التى صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. عاشت «شرف الدين» كغيرها من المصريين الذين أدركوا بواطن الأمور مبكراً وهى ترفض حكم الإخوان حتى أنها لم تقبل تولى منصب وزيرة الإعلام فى عهدهم، رافضة أن تضع يدها فى أيديهم، وكانت تصرح دائماً بأنها ضد حكم الإخوان، ولديها ثقة كبيرة فى انتهاء عهدهم، وعودة مصر بعد محاولة اختطافها، حتى أنها نشرت فى الصحف كتاباتها ومقالاتها، وكتبت فى جريدة «المصرى اليوم» العديد من المقالات التى تحمل فى طياتها لغماً قابلاً للانفجار فى وجهها، عن هذه المرحلة القصيرة فى تاريخ مصر التى انتهت باسترداد الوطن. لم تنس «شرف الدين» طيلة رحلتها المهنية عشقها للكتابة، حيث أصدرت مؤلفات متنوعة منها «السياسة والسينما فى مصر» و«إبحار فى فكر وقلب البابا شنودة» و«أوراق الزمن» وأخيراً «استرداد وطن»، وبالرغم من ابتعادها عن الشاشة لفترة وانشغالها بالعمل السياسى كعضو فى البرلمان، ثم رئيساً للجنة الإعلام والثقافة والآثار، فإنها لم تنس عشقها الأول «الشاشة» حيث أطلت من جديد- مؤخراً - على محبيها من خلال برنامجها «حديث العرب» الذى تستضيف فيه كوكبة من الرموز الكبيرة لتؤكد أن مصر مليئة بالكوادر والقامات الكبرى فى كافة المجالات لطرح رؤاهم وأفكارهم داخل حلقات البرنامج. «الوفد» التقت الإعلامية القديرة الدكتورة درية شرف الدين وزيرة الإعلام الأسبق، فى هذا الحوار: فى البداية.. كيف ترين الوضع الحالى فى خريطة الإعلام المصرى؟ لا أحب أن أقول إننى غير راضية عن الوضع الإعلامى الآن، فأنا لا أعارض كل شىء لكننى أتمنى للإعلام المصرى أن يكون جيداً، ويصل للريادة من جديد، نعم هناك ملامح للتطوير والتغيير، أرى- من وجهة نظرى- أنها تحتاج إلى مضاعفة الجهود بشكل كبير جداً، ولدى ثقة أن العاملين فى الحقل الإعلامى فى مصر لديهم القدرة على صناعة إعلام أكثر جودة وأكثر تطوراً وأكثر جذباً للجماهير العامة وأكثر خدمة للمجتمع، فهناك وضع مرض للإعلام، لكن فى رأيى كإعلامية أننا نستطيع أن نقدم إعلاماً أفضل. كنت أول سيدة تتولى حقيبة الإعلام فى حقبة زمنية حرجة من تاريخ مصر.. فلماذا قبلت الوزارة فى عهد الدكتور حازم الببلاوى ثم المهندس إبراهيم محلب.. بينما رفضت تولى المنصب زمن الإخوان.. وكيف قرأت صورة الإعلام خلال توليهم الحكم؟ بالفعل رفضت تولى حقيبة الإعلام فى زمن الجماعة، ولم أكن أتخيل أن تصلنى دعوة لتولى الوزارة فى وقتهم، لأننى كنت - فى ذلك الوقت - شديدة الجهر بمخاصمة هذا التيار، وعادة كان لدىّ قناعة أنها فترة فى مصر ستمر ولن يقبلها المصريون، فقد كنا نعيش أسوأ الفترات السياسية فى تاريخ مصر الحديث، وكانت هناك محاولات مستميتة للهيمنة على مفاصل الدولة من جانب فصيل سياسى واحد، فى ظل وجود تدهور اقتصادى شديد، وكان الهدف من هذا التدهور هو الاستيلاء على مصر حتى لو تحولت إلى أشلاء، فقد كانت هناك فكرة سائدة لدى الإخوان وهى تقسيم المجتمع وتديينه بالخطأ، وإقصاء البعض، وكنت أتخيل أنهم سيأخذون مصر إلى الهاوية، ولذلك لم أكن مقتنعة بهم على الإطلاق، وبالتالى لم أضع يدى فى أيديهم، ورفضت- بإباء وشمم- لكن قبلت تولى وزارة الإعلام بعد أن أزيحواعن سدة الحكم، وكان لى الشرف أن شاركت فى الوزارة الأولى مع الدكتور حازم الببلاوى، وفى حكومة المهندس إبراهيم محلب للمرة الثانية. فى رأيك ما أبرز الأخطاء التى ارتكبها «الإخوان» وأدت إلى رحيلهم مبكراً من الحكم؟ الطمع الشديد، الجشع، محاولات تقسيم المجتمع المصرى على قاعدة الدين، ما بين مسيحيين ومسلمين، ثم تقسيم المسلمين بين إخوان وغير إخوان، أو سلفيين وغير سلفيين، والجهل بأمور شديدة جداً حدثت أهمها كيفية إدارة الدولة، والجشع والطمع فى ثروات المصريين، وفكرة التقسيم النوعى فى مصر هى التى جعلتهم يتحدثون أكثر بكثير مما يفعلون، فقد كانوا غير قادرين على العمل الحقيقى، وهذه أبرز أخطائهم التى سقطوا فيها، ولهذا كان لدى يقين بأنهم سيرحلون عن الحكم، حتى أننى فى أيامهم الأخيرة كثفت مقالاتى أسجل بها يقينى بقرب الخلاص ورؤيتى للضوء القادم وحملت عناوينها «زمن الغضب» و«ستفرج حتماً» و«وسوف نرى» و«أفيقوا» و«عاشت مصر» و«ارتعاشات النهاية» وآخرها «استرداد وطن». بوصفك رئيس لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب.. ماذا تعنى رئاسة هذه اللجنة لك وما استراتيجيتك للنهوض بها؟ أنا فى النهاية عضو مجلس النواب مثلى مثل الآخرين، ورئاسة اللجنة لا تعنى رئاسة حقيقية، ولكن تعنى كيفية إدارة اللجنة، وهى مسئولية كبرى للغاية، خاصة أن هناك ثلاثة أطراف مهمة جداً وهى الثقافة والإعلام والآثار، وهى متصلة جداً بعضها البعض، لكن هناك أيضاً موضوعات كثيرة ومتعددة، نرجو من خلال هذه اللجنة أن نقدم أداء حسناً، فقد عقدنا عدة اجتماعات والتقينا مسئولين كثيرين، داخل اللجنة وفى مقدمتهم وزراء الثقافة والإعلام والآثار، ولجنة السياحة بالبرلمان، فهى لصيقة الصلة بالمجالات الثلاثة، وكانت هناك مشاريع قوانين مقدمة، وطلبات إحاطة من بعض النواب، ناقشناها داخل اللجنة، لكن ما زلنا نرجو من خلال هذه اللجنة أن تشارك الحكومة والمسئولون وعموم الناس فى تصور أفضل للإعلام والثقافة ومجال الآثار، ونسعى لتفعيل دور اللجنة ونستمع إلى كل الآراء، وهناك شخصيات كبيرة انضمت للجنة ونحن فى حاجة لآراء الجميع. بالنسبة لملف الآثار.. كيف ترين جهود الدولة فى تطوير المناطق الأثرىة والمتاحف ومردود ذلك على الاقتصاد المصرى؟ من المؤكد أن الدولة تبذل جهوداً كبرى لحماية الآثار وتطوير المتاحف وتشييد متاحف جديدة مما سيكون له مردود- بكل تأكيد- على الاقتصاد المصرى، خاصة أن الدولة تبحث بمنتهى الجدية الاتساع فى مجال الثقافة أولاً، فنحن نتحدث اليوم عن تنمية الريف المصرى، وأن تصل قصور الثقافة إلى أقاصى القرى الصغيرة جداً، وأرى أن هذه خطوات ممتازة وجهود كبيرة تبذل فى هذا الشأن، أيضاً ملف الإعلام، فهى مجالات لها صلة وثيقة بالإنسان، وليست معقدة أو شديدة الخصوصية أو تستدعى تخصصاً معيناً، فكل الناس لها باع فى الثقافة والإعلام وأيضاً لها صلة فى مجال الآثار، التى من الممكن أن يكون لها مردود كبير جداً إنسانياً فى مصر وثقافياً كنوع من أنواع التواصل مع العالم الخارجى عن طريق السياحة والآثار. عادت إطلالتك على شاشات التليفزيون مجدداً من خلال برنامج «حديث العرب».. ماذا عن الخطوط العريضة التى تريدين طرحها خلال هذا البرنامج؟ الحقيقة أن الأفكار أو الرؤى يحملها ضيوفى، وأطرحها معهم، ومن خلال البرنامج أريد أن أقول إن مصر ما زالت مليئة بالكثيرين من ذوى الرأى رفيعى المستوى، مليئة بالمثقفين والمتخصصين فى مجالات مختلفة، لم تكن لهم طلة فى التليفزيون أو الإذاعة خلال سنوات طويلة، فنحن وطن غنى بأصحابه، ومن خلال هذا البرنامج أقدم هؤلاء النماذج بأفكارهم التى قد تسهم فى نهضة البلد، وما دفعنى إلى تقديم هذا البرنامج بعد إلحاح شديد وطلب من الجهات المختصة إعلامياً أن يكون هناك محتوى ثقافى جيد فى شاشة التليفزيون، خاصة أننا نفتقد مثل هذه البرامج الثقافية، التى تتناول موضوعات بالغة الأهمية، وتستضيف رموزاً كبيرة يؤكدون أن مصر ما زالت تمتلك الكثير من الكوادر المهمة فى شتى المجالات. ما رأيك فى برامج «التوك شو»، الآن وهل إعلامنا فى حاجة إلى تغيير بعض الوجوه غير المؤهلة؟ برامج «التوك شو» موجودة فى العالم كله، والسؤال الأهم هو: هل هى تقدم بالشكل الأمثل أم لا؟ فبعضها يقدم بشكل جيد، وبعضها قد يحتاج إلى كثير من التغيير سواء فى المحتوى أم غير المؤهلين لتقديمها. باعتبارك إحدى قيادات التليفزيون المصرى إلى أى طريق ترينه يتجه خاصة أن البعض يرى أنه فى حاجة إلى تطبيق خطة لإنقاذه وتطويره ويؤكد أن «ماسبيرو ديناصور» نائم ولم يمت بعد؟ فى الحقيقة تحزننى تلك الأوصاف التى تطلق على التليفزيون المصرى أو الإذاعة المصرية بمبنى ماسبيرو، فنحن ننظر إلى مبنى ماسبيرو دائماً على أنه أصبح مفرغاً من الطاقات ومن الإبداع، ونسينا أن جميع القنوات الخاصة يديرها ويعمل بها من كانوا فى هذا المبنى، وما زلت أردد وسأظل أن مبنى ماسبيرو هو إعلام الدولة، هو إعلام الوطن، وهو إعلام الخدمة العامة التى يجب ألا ينظر لها على أنها مصدر ربح أو مصدر استثمارى ولا قطعة زراعية استثمارية، وأى دولة فى العالم لابد أن يكون لها إعلام خدمة عامة لا تبحث معه على العائد الربحى «النقود» لكن نبحث عن العائد الثقافى، والعائد التعليمى، والفنى والترفيهى.. إلخ، ونحن ما زلنا حتى الآن نعالج موضوعات «ماسبيرو» بالخطأ، والبدايات خطأ، وبالتالى نصل إلى نفس النتيجة كل مرة. وما ردك على أن القنوات الفضائية سحبت البساط من تحت أقدام ماسبيرو؟ نعم القنوات الخاصة سحبت البساط من التليفزيون، لأنها تعمل بحرية شديدة وتستقطب أفضل الضيوف، وتستقطب كثيرين سواء من الجدد أو القدامى، لها دعم مالى موجود، لها رؤية متحررة إلى حدٍ كبيرٍ، فيما نترك «ماسبيرو ينزف» والبعض يرى بيع قطعة أرض لسداد الديون، فالبداية دائماً تكون خطأ. ماذا عن رؤيتك لمدى إلغاء أو عودة منصب وزير الإعلام وما تقييمك للهيئة الوطنية للإعلام؟ منصب وزير الإعلام بحكم الدستور ليس موجوداً، فالدستور ينص على الهيئة الوطنية للإعلام، الهيئة الوطنية للصحافة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، هذه الجهات فى النهاية تحل محل الوزير، وقد شطبنا اسم اتحاد الإذاعة والتليفزيون التاريخى الجميل الذى يحمله كل الإنتاج الماضى، وكتبنا الهيئة الوطنية للإعلام، فقد غيرنا مسميات، فوزارة الإعلام هى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لكننا نرجو التوفيق للجميع. أكثر من مرة يؤكد رئيس الجمهورية وجود سوء فى الخطاب الإعلامى.. مطالباً بأن يكون هناك خطاب إعلامى هادف.. كيف ترين ذلك؟ من المؤكد أن أى خطاب إعلامى لابد أن يكون هادفاً حتى لو كان هدفه الترويح عن النفس، فالبرامج التى تقدم للترفيه، واكتشاف المواهب الجديدة والبرامج الموسيقية حتى برامج «الطهى» فليس شرطاً أن تكون كل البرامج سياسية أو ثقافية، فلابد من التنوع، فالإعلام فى أى دولة لابد أن يحمل كل هذه الرؤى، واستعادة الإعلام المصرى تكون بجودة كل الأعمال، فالجودة هى المعيار ولابد أن نرى ما وصل إليه العالم من حولنا فى مجال الإعلام، ولنبدأ من حيث انتهى الآخرون، حتى نقدم إعلاماً هادفاً. بصراحة شديدة هل الإعلام المصرى قام بدوره فى معركة الوعى، وهل استطاع التعامل بحرفية مع الملفات الخارجية؟ لا أحب كلمة نجح على الإطلاق، ولا كلمة فشل على الإطلاق، فقد كنت أتمنى أن يكون له أداء أفضل وأداء أكثر حكمة وأكثر مهنية؟ فى رأيك.. من هو المحرك للإعلام.. المال أم السلطة.. وماذا عن الشكل الأمثل للعلاقة بين الدولة ووسائل الإعلام؟ نحن فى عصر به عدد كبير جداً من أنواع الإعلام، فهناك إعلام الدولة وهو موجود ومنتشر جداً فى كل بلاد الدنيا، وعلينا أن ننظر- على سبيل المثال- إلى تجربة ال«bbc» الإنجليزية، أو «فرنسا 24» الفرنسية، أو «روسيا اليوم»، فأى دولة تحتاج إلى كل أنواع الإعلام، فالتطور التكنولوجى فى العالم أنتج أنواعاً أخرى، فقد دخلنا الآن فى إعلام المواطن، الإعلام الذى هو مصدره وسائل التواصل الاجتماعى، فالعالم لا يعود إلى الوراء، وبالتالى وجدنا فى السنوات الأخيرة أن كل أجهزة الإعلام حتى الحكومية فى بعض الدول أو فى كثير من الدول، والإعلام الخاص يأخذ ويعطى من بعضه، فلا نستطيع أن نقول إن هذا إعلام خاص بحت، فليس هناك إعلام دولة بحت، فقد أصبحت هناك تداخلات ما بين التطور التكنولوجى الجديد وما هو موجود حالياً. مؤخراً انطلقت بعض الدعوات لإلغاء القنوات المحلية التى تبث من الأقاليم.. فما رأيك وهل هناك إمكانية لتطويرها؟ بالطبع هناك إمكانية للتطوير، بل بالعكس إن هناك شيئاً مهماً وهو أن القنوات الإقليمية فى كل دول العالم تسمى إقليمية، أى أنها تختص بإقليم معين، ويجب ألا ترى فى الإقليم الآخر أو على مستوى الدولة كلها، فهل هذه القنوات ناجحة أم فشلت فى دول العالم، بالفعل هى تنجح جداً، لأنها تهتم بالشأن المحلى، فالمواطن فى أى إقليم يستطيع أن يرى نفسه والشارع الذى يقطن فيه ومحافظ إقليمه فى التليفزيون، بالإضافة إلى اكتشاف المواهب العلمية والموسيقية والفنية التى يمتلئ بها هذا الإقليم، والقرى التابعة له، وحتى على مستوى الإعلانات عن المحلات والبضائع تنجح جداً على المستوى المحلى، فهناك مواهب أيضاً ليس لديها فرصة الظهور فى التليفزيون العام، فالقنوات المحلية قنوات مهمة جداً موجودة، فى كل دول العالم، تحقق أرباحاً كثيرة جداً ثم تقوم بدور كبير فى مجالات التنمية المختلفة، أما فكرة أن يكون إرسالها على القمر الصناعى أم التليفزيون الأرضى، لا بالطبع على التليفزيون الأرضى، لكن فى الحقيقة فإن الشكل الذى طرح به هذا الموضوع كان له رد فعل سيئ، فالعاملون فى تلك القنوات لم يقل لهم أحد إنه إذا التزمنا بما يجب أن تكون عليه هذه القنوات، فإن حالكم سيكون أفضل عشرات المرات، لكن قيل لهم رفعها من القمر الصناعى، أى تعنى الإلغاء، فالقنوات المحلية يجب أن تنجح، فهى مشروعات ناجحة جداً فى كل الدول. إذن أنت ضد إلغاء هذه القنوات أو إغلاقها؟ إغلاقها خطأ كبير، بل بالعكس نحن فى حاجة إلى تعدد القنوات الإقليمية، فهناك دول فى العالم كثيرة بها قنوات محلية وهى قنوات أصغر من القنوات الإقليمية، تختص بكل مركز من المحافظة، وهى قنوات كاشفة عن المواهب بشكل غير طبيعى وناجحة جداً. هل تيار الإسلام السياسى نجح فى معركة الإعلام الدائرة منذ فترة على حساب الإعلام الوطنى أم أنه فشل فى التأثير على الشارع؟ على الإطلاق.. وأعتقد أن الشعب المصرى أصبح لديه حصانة ضد آراء تلك التيارات بعد تجربته مع جماعة الإخوان خلال السنة الكئيبة السوداء التى تولوا فيها الحكم، ولا أستطيع أن أقول إنه بنسبة 100٪ فى الشعب، لكن البقية الباقية أعتقد أنها تكافح للبقاء لكنها لن تنجح. قديماً.. قال جوزيف جوبلز وزير إعلام هتلر مقولة شهيرة «أعطنى إعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعى».. كيف يمكن صناعة إعلام يعيد للشعوب العربية وعيها من جديد فى نظرك؟ أتحدث عن مصر «بلدى».. الإعلام بالفعل هو شىء مهم جداً، لأن أى مواطن من الممكن أن يتابع وسائل الإعلام حتى لو كان أمياً، أو متوسط التعليم أو على درجة كبيرة من العلم والثقافة، فالوعى يأتى من المعرفة، ومن المناقشة ومن تعدد الآراء، ومن طرحها بحرية وبجرأة، وتكون المصلحة الأولى هى مصلحة الوطن، فبالطبع أى إعلام من الممكن أن يقوم بهذا الدور، بل بالعكس هو دوره، فالتعليم فى حياة الإنسان يكون مجرد سنوات، لكن يبقى تأثير الإعلام بالنسبة له. ما تقييمك لمبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها رئيس الجمهورية مؤخراً؟ هى مبادرة ممتازة، والبداية فيها متسعة تشمل عددًا كبيرًا من القرى والنجوع، حتى أن اسم المبادرة نفسه جيد، وأعتقد أن الناس متحمسون جدًا للمشاركة فيها بشكل كبير، لأن هدفها فى النهاية هو الصالح العام، والمصريون أذكياء لديهم حس على فهم كل ما يمس مصلحتهم أو مصلحة فئة معينة، وأرى أن مثل هذه المبادرات تشمل عموم الشعب، وبالتالى فهى تشمل ميادين كثيرة جدًا، فى مجالات التنمية والتعليم والثقافة، حتى أنهم يتحدثون الآن عن كيفية وجود قصور ثقافة فى كل القرى وأنشطة ثقافية وترفيهية، فالإنسان لا يعيش فقط بالطعام والشراب، فنحن نريد إنسانًا عصريًا يتصل بالعالم ولديه وعى بكافة الأمور، فهى مبادرة شاملة تهتم فى المقام الأول ببناء الإنسان. بصفتك برلمانية كيف ترين خطوة عودة الغرفة الثانية للبرلمان «الشيوخ».. وهل أتت ثمارها؟ تجربة مجلسى الشيوخ والنواب مازالت فى بدايتها، فلم يمر عليها سوى عدة أشهر، لكننى أعتقد وأؤمن بذلك، فدراستى فى الأساس هى علوم سياسية، ولذلك أؤمن بأنه من الأفضل أن يكون فى أى برلمان غرفتان وليس غرفة واحدة، لأنه أولًا تصبح لدينا آراء مختلفة وتخصصات متنوعة لأعضائه وتكون هناك مراجعة للقوانين والتشريعات قبل صدورها، فتصدر عاقلة ودائمة. على غرار المناداة بتجديد الخطاب الدينى.. هل نحن فى حاجة إلى تجديد الخطاب الإعلامى؟ نحن فى حاجة ماسة إلى تجديد الخطاب الدينى أولًا، وهذه نقطة مهمة جدًا، وليس الخطاب الدينى بل الفكر الدينى، فنحن فى حاجة إلى تجديد الفكر الدينى، فإذا تجدد الفكر الدينى سوف يتجدد الخطاب الدينى، وإذا تجدد الاثنان يظهر ذلك على أجهزة الإعلام، وسيكون المحتوى المقدم على أجهزة الإعلام هو عبارة عن فكر دينى جديد. فلكل عصر أفكاره، نعم هناك أساسيات فى الدين لا تتغير لكن هناك أشياء كثيرة جدًا لابد من تغييرها. هل الدين والفن خطان منفصلان.. أم من الممكن أن يلتقيا، وما تصورك لتأثير الفن فى المجتمعات؟ على الإطلاق، فالدين ليس مناهضًا للفن ولا معاكسًا له، وأرى أن الفن بالنسبة للمجتمع هو الجمال والرقى، ويقوم بدور كبير فى إسعاد الإنسان والارتقاء بمشاعره، ولذلك فهو بهذا المفهوم لا يتعارض مع الدين، وقد عاش المجتمع المصرى منذ القدم وهو يجمع بين الخطين «الدين والفن»، فقد اتسم المجتمع المصرى بالاعتدال والوسطية وهو أيضاً يرفع من قيمة الأدب والفنون، ولذلك عندما يغيب الفن الجيد يفتح الأبواب أمام الأفكار المتطرفة، فمسئولية الفن كبيرة وهى مضاعفة فى المجتمع المصرى لإنقاذ الشباب من براثن الفكر المتطرف، وأعتقد أن من صدّر فكرة مناهضة الدين لفن هم الإخوان، وللأسف الشديد فإن الخطاب السائد وقتها ساعد على ذلك، ولذلك لابد للخطاب الدينى أن يتغير إلى مزيد من العقلانية والاتساع ومحبة الغير، ويجب أن يلتزم كل من يظهر فى أجهزة الإعلام بهذه الصفات، فالخطاب المتعصب جاء من غياهب الزمن الماضى. قدمت برنامج «نادى السينما» لأكثر من 25 عامًا، فلماذا توقف؟ هل واجهت صعوبات أو اعتراضًا من الرقابة أم الفترة الراهنة لا تتطلب مثل هذه النوعية من البرامج؟ توقف البرنامج بقرار من وزير الإعلام أنس الفقى آنذاك، بإيعاز من رئيسة التليفزيون سوزان حسن وقتها، ونحن فى حاجة شديدة لمثل هذا البرنامج، فلدينا متخصصون جدًا فى مجال السينما قدموا برامج سينمائية راقية جدًا، ولدينا نقاد جيدون يعملون فى مجال الفن لديهم ثقافة واسعة. كما نحتاج إلى من يتحدثون فى السينما والمسرح والأدب وعلم النباتات والمهرجانات الفنية.. إلخ، أما عن موقف الرقابة فقد كانت تتدخل فى نوعية الأفلام التى أقوم باختيارها وكانت تمنع بعضها، لكننى كنت أتمسك باختياراتى، وأرى أن الرقابة هى سلطة تقديرية للقائمين عليها مستمدة من روح القانون وليس نصه الحرفى، وهى تقديرية بالنسبة إلى الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية التى تمر بها الدولة. ما الذى دفعك لإصدار كتاب عن حياة البابا شنودة وكتاب «استرداد وطن»؟ بالنسبة للكتاب الأول «إبحار فى عقل وقلب البابا شنودة» فقد جاءت فكرته من لقائى بالبابا فى حوار تم عرضه عبر شاشة الفضائية المصرية وقد لاقى قبولًا من الجميع ليس فى مصر فقط بل وخارجها، ومن هنا جاءت فكرته وقد فتح البابا قلبه خلاله للإجابة عن الأسئلة الشخصية والعامة وتطرق إلى جميع القضايا المهمة التى كانت مطروحة آنذاك، وقد كتب البابا مقدمة الكتاب بخطه. أما كتاب «استرداد وطن» فقد بدأت فكرته بعد أن عاصرت كغيرى الأشهر القاسية التى تولى فيها الإخوان سدة الحكم فى مصر، ورغم ذلك كنت على يقين بانتهاء هذه الأيام وقد كتبت العديد من المقالات فى صحيفة «المصرى اليوم» عن هذه الفترة حتى جاءت فكرة هذا الكتاب، وجمعت كل مقالاتى فيه عن هذه الفترة الخطيرة من تاريخ مصر، التى انتهت بحمد الله باسترداد الوطن. أخيرًا.. ما مشروعك الفكرى الذى تحلمين بتحقيقه؟ أحلم بمصر وهى تستحق بالطبع أن تشغل موقعًا ثقافيًا وعلميًا وتعليميًا وفنيًا وزراعيًا وصناعيًا، فنحن نستطيع أن نكون فى مكانة أفضل جدًا ولدينا من العقول ما يمكننا الأخذ بخبراتهم وآرائهم، وأحلم بأن تكون مصر أفضل دولة.