مؤشر الديمقراطية يرصد أشكال الاحتجاجات في معظم المحافظات المطالبة بإسقاط شرعية الرئيس ورفض حكم الإخوان 564 احتجاجاً ل 34 فئة طالبت برحيل الرئيس في الشهر الأول فقط من العام الجديد كذب مزاعم الإخوان باتهام النشطاء السياسيين بإثارة التظاهر والشغب 33% من احتجاجات الأهالي بسبب تدني الأجور وغلاء المعيشة.. و26% قطاعات التعليم والصحة والداخلية القاهرةوالشرقية «محافظة الرئيس» تتصدران مشهد المظاهرات.. تليهما الإسكندرية وكفر الشيخ.. وأقلها الصعيد كشف دراسة حقوقية صادرة عن «مؤشر الديمقراطية المصرية» رصد فيه اشتعال الاحتجاجات في معظم محافظات مصر ضد الرئيس مرسي والمطالبة بإسقاط شرعيته، مؤكداً أن شهر يناير الماضي من العام الجديد شهد تنامي مظاهر الاحتجاج في مصر، حيث احتج أكثر من 34 فئة من فئات الشارع المصري بقيادة الأهالي والعمال، خاصة القطاع الحكومي والنشطاء، وقاموا بتنظيم 564 احتجاجاً استخدموا فيه مختلف الأشكال الاحتجاجية السلمية والعنيفة، وتصدر المشهد الاحتجاجي خلال الشهر الماضي مطالب متنوعة تصدر مشهدها الحقوق العمالية وإسقاط النظام، فيما لا يزال الشارع المصري يبحث عن حقوقه الاقتصادية والاجتماعية الضائعة، وحالة احتجاجية تعكس مدي التناقض في التصريحات الرسمية وغياب الرؤية الواقعية عن مطالب واحتجاجات الشارع. ورصد فريق العمل بتقرير «مؤشر الديمقراطية» الصادر عن المركز التنموي الدولي، ومؤسسة وثائق حقوقية حول أهم النقاط الاحتجاجية خلال الشهر، التي تشمل طبيعة الفئات المحتجة، وأسباب الاحتجاجات ومطالبها، وجغرافيا الأداء الاحتجاجي، كذلك مظاهر وأشكال الاحتجاج التي استخدمها المحتجون. وأشار التقرير إلي أنه رغم التوقعات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية التي تشير للنشطاء السياسيين علي أنهم الفاعل الأول خلف الاحتجاجات في مصر، إلا أن التقرير قد رصد تصدر الأهالي كفاعل أساسي في الاحتجاجات خلال شهر يناير الماضي بنسبة 25.34% من منفذي مظاهر الاحتجاج خلال الشهر الذي احتجت فيه أكثر من 34 فئة من فئات الشارع المصري، وفي المركز الثاني يأتي العاملون بالقطاع الحكومي في قطاعات التعليم والصحة والداخلية التي أضحت تفاجئ الجميع بكم الاحتجاجات التي يقوم بها الأفراد والضباط، وغيرها من الهيئات والمؤسسات الحكومية بنسبة 20.87% ليثبتوا خطأ التوقعات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية حول الفاعل الأساسي في الحراك الاحتجاجي خلال مطلع العام الحالي. وقال التقرير: إن النشطاء السياسيين والشباب تصدروا ثالث أكبر منفذ للاحتجاجات بنسبة 20.56%، فيما تراجعت نسبة تمثيل الطلاب كفاعل أساسي في الحراك الاحتجاجي لتصل ل 2.83%، التي مثلت تدنياً ملحوظاً كان للامتحانات سبب رئيسي فيه، لكن ورغم مشاركة المرأة المصرية بفاعلية في أغلب مظاهر الاحتجاج، إلا أن الاحتجاجات النسائية الكاملة كانت غائبة عن المشهد.. وبينما احتج العديد من فئات المجتمع مثل العمال والسائقين والفلاحين والصيادين والمحامين والصحفيين.. وتساءلت الدراسة عن سبب تدني تمثيل الفلاحين المزارعين في الحراك الاحتجاجي رغم ضياع العديد من حقوقهم قبل وبعد الثورة؟ وأكدت الدراسة أن شهر يناير من كل عام هو صحوة الاحتجاجات السياسية، لكن يناير هذا العام شهد صحوة عمالية احتجاجية من أجل حقوق العامل المصري، حيث تصدرت حقوق العمال صدارة المطالب الاحتجاجية بنسبة 32.98% من أسباب الاحتجاج، بين المطالب بمستحقات مالية، والتظلم من قرارات تبدأ بالجزاءات وتنتهي بالنقل وبالفصل التعسفي، وأخري تطالب بتوفير فرص للعمل أو تحسين بيئته أو الحفاظ علي حقوق وكرامة العامل. ورصدت الدراسة أن ثاني أكبر نصيب من المطالب الاحتجاجية سببها النظام الرئاسي لجماعة الإخوان حيث عاد الشارع المصري ليردد مقولته الثورية الشهيرة «الشعب يريد إسقاط النظام» وسواء كان مطالباً بإسقاط النظام أو بعض رموزه أو احتجاجاً علي هيمنة الإخوان جماعة وحزباً علي الدولة، حيث رصدت الدراسة خروج الشارع المصري خلال يناير 111 احتجاجاً ضد النظام ورموزه وهيمنته لتمثل تلك المطالب نسبة 19.7% من مطلب الشارع خلال شهر يناير، وقبل أن يمر علي النظام عام من توليه، تخرج تلك الأعداد الكبيرة من الاحتجاجات لتعكس سخطاً واضحاً من الشارع علي النظام الحالي. وأضافت الدراسة أن حقوق السكن ومطالب المواطنين بخدمات ومرافق مثلت ثالث أكبر الحقوق التي نادي بها الشارع بنسبة 11.35%، بينما كان للإحساس بغياب العدالة والاحتجاج علي أحكام القضاء دور في أن تمثل تلك المطالب رابع أكبر المطالب الاحتجاجية بنسبة 10.11%، وهو ما يعكس توتراً في العلاقة بين الشارع والمؤسسة القضائية، التي يجب أن نشير هنا إلي أن المطالبة بالقصاص كانت أهم محركات تلك الفجوة. وأكدت الدراسة أنه لأول مرة يحتج أفراد وضباط الشرطة علي سياسات الدولة، كذلك احتجاج المواطن ضد الانفلات الأمني الذي أضحي يهدد كافة الأرواح القاطنة بالجمهورية المصرية، وبين هذا وذاك أضحي الانفلات الأمني يمثل فزاعة للشارع المصري مما جعله يخرج في 26 احتجاجاً (4.61%) للمطالبة بضبط الأمن، في حين يخرج الشارع في 25 تظاهرة احتجاجية بعدما شهدته مصر حوادث للقطارات والطرق أودت بحياة المئات من المواطنين أغلبهم أطفال، ليصبح حق الحياة في مصر منتهكاً بالشكل الذي يعرض فيه المواطن المصري يومياً للقتل بشكل أو بآخر. ونالت القوانين والقرارات الاستثنائية نصيبها من الاحتجاجات علي فرض الطوارئ وحظر التجوال علي مدن القناة، في حين شملت مطالب المحتجين العديد من الحقوق الخاصة بالتعليم والصحة وحرية الرأي والتعبير ونزاهة الانتخابات وغيرها، لكن الملف أيضاً هو الاحتجاجات المطالبة بالخبز والدقيق بالشكل الذي يعكس أزمات عاشتها مصر أيام حكم الرئيس السادات، وألقت بظلالها علي العنف الاحتجاجي بسبب سياسات ينتهج النظام الحالي مثلها، مشيراً إلي أن تلك السياسات قد أشعلت مصر والوطن العربي إبان حقبة السبعينيات من القرن الماضي لنفس أسباب التقشف الذي يسبق الاقتراض. وأضافت الدراسة أنه علي الرغم من تصدير العديد من الجهات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية لأفكار من قبيل أن مطالب المحتجين أغلبها سياسية ومدنية، إلا أن الدراسة تري أن المطالب الاقتصادية والاجتماعية، حتي في شهر يمثل ذكري للثورة كانت هي الأساس والأكبر بنسبة 53%، وهو ما يعكس مدي انتهاك تلك الحقوق ومدي غليان الشارع واقتراب الخطوات نحو المزيد من المظاهر الاحتجاجية، خاصة في هذا المناخ الذي يسوده إنكار من الدولة للمطالب الحقيقية للشارع. قالت الدراسة: إن مظاهر الاحتجاج عمت كافة المحافظات ال 27 للجمهورية، لكن الملاحظة الأولي للتقرير علي جغرافيا الأداء الاحتجاجي هي تصدر القاهرة المركز الأول في نسبة التظاهرات لكن بنسبة 8.87% مع تقارب أعداد الاحتجاجات بين العديد من المحافظات بالشكل الذي أضحي الأداء الاحتجاجي في الشارع المصري يتسم باللامركزية علي عكس الشهور والأعوام السابقة التي كانت القاهرة تنفرد وحدها بأكثر من ثلث الاحتجاجات. وجاءت محافظة الشرقية في مركز الوصيف في أعداد الاحتجاجات في هذا الشهر بنسبة 8.32% لتصبح محافظة الرئيس ومحافظة مقره الرئاسي أكبر محافظتين شهدتا احتجاجات في شهر يناير وتساوت محافظتا الإسكندرية وكفر الشيخ في أعداد الاحتجاجات، وأنه رغم التباين بين المحافظتين في العديد من النواحي، إلا أن تساويهما كثالث أكبر محافظات تشهد مظاهر احتجاج مختلفة يبرهن أن الأداء الاحتجاجي في الشارع المصري أضحي ثقافة تجتاز كافة الفوارق، بينما ساهمت أعداد التظاهرات التي شهدتها محافظتا الدقهلية والغربية «الترتيب الرابع بنسبة 6.55% لكل منهما» في إعلان حالة الغليان في إقليم الدلتا، نجد أن محافظات القنال قد أثبتت أيضاً انضمامها للفصيل الاحتجاجي بنسب مرتفعة. ورصدت الدراسة أسباب ضعف المظاهرات في صعيد مصر الذي ربطته بعدد من المتغيرات مثل مستوي رضا المواطنين عن الأداء؟.. أو مدي تقبلهم لثقافة الاحتجاج. وقالت الدراسة: إن ما فرضته الخريطة الاحتجاجية من مشهد عكس عمومية ظاهرة الاحتجاج في كافة ربوع الجمهورية يفرض تساؤلاً علي النظام الحاكم وصانع القرار وهو هل يعكس هذا الانتشار الاحتجاجي مدي تقصير الحاكم؟.. أم الكم الهائل من الحقوق والحريات المنتهكة؟.. أم مدي الفجوة بين الدولة والشعب؟ أشارت الدراسة إلي أن الأساليب الاحتجاجية التي استخدمها المحتجون تنوعت خلال يناير، ولكن علي الرغم من تصدر الوقفات الاحتجاجية للمشهد بنسبة 23.4%، إلا أن المثير للقلق أن قطع الطرق أصبح ثاني أكبر وسيلة احتجاجية في مصر خلال يناير بنسبة 17.38% من الأشكال الاحتجاجية المنتهجة - المستخدمة. وتراجعت نسبة استخدام التظاهرات لتصل لنسبة 16.31% في المركز الثالث، تلاها استخدام الاعتصام في المركز الرابع بنسبة 10.11% ثم الإضراب عن العمل بنسبة 9.04%، لكن لم تخل مظاهر الاحتجاج من أشكال للعنف تمثلت في غلق المباني (3.37%) واقتحام الهيئات والمؤسسات (2.13%) واعتراض مواكب المسئولين (0.89%) أو احتجازهم (0.18%).. فيما رصدت الدراسة ارتفاع استخدام نماذج وافدة كالسلاسل البشرية (1.60%) والإضراب عن الطعام (2.30%). وأضافت الدراسة أن هناك علاقة طردية بين طبيعة الأشكال الاحتجاجية المستخدمة ومدي ردود الفعل الحكومية، لأنه كلما كان الاحتجاج سلمياً أعرض عنه صناع القرار، وأنه كلما كان يحمل في طياته مظاهر للعنف ولتعطيل المصالح والمؤسسات كان الرد أسرع، ونري ذلك في مظاهر قطع الطرق ومدي استجابة المسئولين لمطالب القائمين عليها، وهو ما يطرح فرضية أن سياسة النظام القائم ومدي تجاوبه مع مطالب الشارع تطرح بظلالها علي طبيعة الأشكال الاحتجاجية التي يستخدمها المواطن. وتوقعت الدراسة المزيد من الاحتجاجات التي تعم الجمهورية ويصرخ محتجوها من ضياع كافة الحقوق وتصر الدولة علي أن تحيلها لمناورات سياسية بينها وبين معارضيها، مؤكدة أن استمرار تلك السياسات يتوقع مزيداً من العنف والقمع خلال الأيام القادمة.