رصد تقرير " مؤشر الديمقراطية DEMOMETER" الذي يصدره المركز التنموي الدولي ' IDC ' بالتعاون مع مؤسسة وثائق حقوقية ، قيام أكثر من34 فئة من فئات الشارع المصري خلال يناير الماضي بتنفيذ 564 احتجاج، جاء في المرتبة الأولي الأهالي الذين مثلوا أكبر الفئات المحتجة لهذا الشهر بعد قيامهم ب 25.34% من أعداد الاحتجاجات ، ثم العاملون بالقطاع العام والحكومي بنسبة 20.87%، والنشطاء بنسبة 20.56%، وأثرت الامتحانات علي تصدر الطلاب للمشهد حيث تراجعت نسب إحتجاجتهم لتصل ل 2.3% بعدما كانت تتعدي أكثر من 15% ، فيما أظهرت إحتجاجات المزارعين تساؤلا حول قلة الممارسات الاحتجاجية مقارنة مع كم الحقوق المنتهكة والظروف الصعبة التي يعيشونها ، بينما كانت الإحتجاجات النسوية في نهاية القائمة خلال يناير الماضي . خرجت 33% من الاحتجاجات في مصر مطالبة بحقوق العمال التي كانت أهمها المستحقات المالية والاحتجاجات علي قرارت تعسفية بدأت بالجزاءات وانتهت بالفصل التعسفي ، وسط محاولات بتحسين بيئة ومناخ العمل وتطويره وحماية حقوق العاملين به . وخلافا لكل التصريحات الرسمية مثلت الاحتجاجات علي بقاء النظام الحالي أو المطالبة برحيله المركز الثاني في مطالب المصريون الذين خرجوا في 111 شكل احتجاجي '19.7%' لرفض النظام ورموزه بالشكل الذي يعكس مدي سخط الشارع علي النظام الحالي ، بينما احتلت حقوق السكن المركز الثالث في مطالب المصريين بنسبة '1.35%' ، أما الاحتجاج علي أحكام القضاء أو مطالبة القضاء بالقصاص فمثلت 10.11 من أسباب الاحتجاج لهذا الشهر فيما يعكس توترا بين الشارع والمؤسسة القضائية . أما الانفلات الأمني الذي تسبب في خروج المصريون في 26 احتجاج بالإضافة لقيام الشارع بتنفيذ 25 احتجاج احتجاجا علي حوادث الطرق وقتل الأبرياء ، فقد عكسوا مدي الانفلات التي تعيشه الدولة وغياب أبسط حقوق المواطن المصري ' الحق في الحياة ' . وعكست الاحتجاجات أن المواطن المصري خرج مطالبا أولا بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية التي مثلت 54% من احتجاجاته ثم المدنية والسياسية والتي كان نصيبها 46% من احتجاجات هذا الشهر . إتسمت احتجاجات هذا الشهر باللامركزية الشديدة حيث شملت الاحتجاجات كافة المحافظات ال 27 للجمهورية ، و تقاربت نسبة الاحتجاجات التي شهدتها محافظة القاهرة والتي كانت أولي المحافظات الاحتجاجية'8.87%' مع ما قام به مواطنو الشرقية من احتجاجات '8.32' ،لتصبح مقر حكم الرئاسه ومقر ميلاد الرئيس هما أكبر مقرين للاحتجاج في مصر . فيما تساوت الإسكندريةكفر الشيخ في المركز الثالث بنسبة '7.42%' من عدد الاحتجاجات وهو ما يعكس أن الاحتجاجات في مصر تعدت كافة الفروق بين المحافظات ، ولكن يبقي التساؤل حول المشاركة الضعيفة للجنوب المصري ومحافظات الصعيد بالإضافة للمحافظات البدوية ؟ تنوعت الأساليب الاحتجاجية التي استخدمها المحتجون خلال يناير لكن وعلي الرغم من تصدر الوقفات الاحتجاجية للمشهد بنسبة 23.4% ، إلا أن المثير للقلق أن قطع الطرق أصبح ثاني أكبر وسيلة احتجاجية في مصر خلال يناير بنسبة 17.38% من الأشكال الاحتجاجية المنتهجة/المستخدمة . تراجعت نسبة استخدام التظاهرات لتصل لنسبة 16.31% في المركز الثالث ، تلاها استخدام الاعتصام في المركز الرابع بنسبة 10.11% ثم الإضراب عن العمل بنسبة 9.04% ، لكن لم تخلو مظاهر الاحتجاج من أشكال للعنف تمثلت في غلق المباني '3.37%' واقتحام الهيئات والمؤسسات '2.13%' وإعتراض مواكب المسئولين '0.89%' أو احتجازهم '0.18%' . لكن المدقق يري أن هناك علاقة طردية بين طبيعة الأشكال الاحتجاجية المستخدمة ومدي ردود الفعل الحكومية ، لأنه كلما كان الاحتجاج سلميا كلما أعرض عنه صناع القرار ، وأنه كلما كان يحمل في طياته مظاهرا للعنف ولتعطيل المصالح والمؤسسات كلما كان الرد أسرع ، ونري ذلك في مظاهر قظع الطرق ومدي استجابة المسئولين لمطالب القائمين عليها ، وهو ما يطرح فرضية أن سياسة النظام القائم ومدي تجاوبه مع مطالب الشارع تطرح بظلالها علي طبيعة الأشكال الاحتجاجية التي يستخدمها المواطن . كشفت الاحتجاجات خلال هذا الشهر الفجوة الكبيرة بين الشارع المصري وبين الدولة ومؤسساتها ، ومدي الضبابية في التصريحات الرسمية المبررة للآداء الاحتجاجي ، كما عكست مدي غياب المؤسسات الوسيطة بين الدولة والشارع ، وكذلك حالة الغليان المستمر التي يعيشها الشارع المصري بسبب إنتهاك العديد من الحقوق وتقييد الحريات . لكن التقرير يحذر من استمرار تجاهل مطالب المواطنين وخاصة عندما تتركز أكثرها في مطالب اقتصادية واجتماعية تؤثر بشكل أساسي في حياة المواطن . كما يري التقرير أن خروج المواطن المصري بهذا الكم من الاحتجاجات ضد النظام الحالي يعد مؤشرا هاما حول مدي نجاح/إخفاق هذا النظام الذي بني عليه الملايين من المواطنين أمال كبيرة لكن الاحتجاج عليه ربما يعكس مدي خيبة الأمل التي يعيشها المواطن في الفترة الحالية .