يعتقد الكثيرون ان الخلاف بين الإخوان والسلفيين وليد اللحظة وأن إقالة مستشار الرئيس للبيئة هي القشة التي قصمت ظهر العلاقة والحقيقة انه حتي بعيداً عن الخلاف في الأيديولوجية بين جناحي التيار الإسلامي فإن الخلاف السياسي سيكون أعمق حتي من الخلاف الأيديولوجي. فمنذ ظهور التحالف الديمقراطي الذي قاده حزبا الوفد والحرية والعدالة ولم يكتمل ظهر جلياً أن السلفيين لا يثقون بالإخوان وأن «الإخوان» يتعاملون معهم علي أنهم «كمالة عدد» للحصول علي أغلبية مطلقة وتوقع الإخوان بعد انفصال «النور» عن التحالف حصولهم علي عدد لا يزيد علي 10٪ من مقاعد البرلمان. لكن السلفيين فاجأوا الجميع وحصلوا علي 25٪ من المقاعد وهو ما دفع السلفيين إلي الإحساس بالذات ومارسوا ضغوطاً علي الإخوان لتمرير رؤيتهم الخاصة في وضع الدستور. وبداية الخلاف الحقيقي كانت بعد كشف كواليس لقاء ياسر برهامي وأشرف ثابت مع الفريق أحمد شفيق قبل انتخابات الرئاسة وهو ما اعتبرته الجماعة أنه خيانة من السلفيين ولكنها أرادت ألا تعلق واستمرت في سياسة استيعاب السلفيين ولكن في حدود الطلبات المحدودة التي لا تخرج عن تعيين مستشار أو اثنين منهم في مؤسسة الرئاسة وألا تزيد حصتهم في تشكيل الوزارة علي وزير واحد علي أقصي تقدير. وفي هذه الأثناء بدأ السلفيون يشعرون بخطورة ما يدبره لهم الإخوان وأخذوا يحتاطون للأمر، خاصة مع ظهور وثيقة لمكتب إرشاد الإخوان. ناقشت اقتراحاً من المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة يطلب فيه ضرورة تحجيم دور السلفيين في الشارع بكل السبل وإنهاء أي دور خدمي ينافسون به الجماعة. الوثيقة التي خرجت عن جماعة الإخوان المسلمين تعامل معها أعضاء الدعوة السلفية بجدية، خاصة مع انشقاق عماد عبدالغفور ومن معه ووقتها أدركت الدعوة السلفية وحزب النور أن هناك مؤامرة تحاك ضدهم وشعروا في الوقت نفسه أن سلاح الخدمات في الشارع بدأ يسقط من أيديهم بعد تعيين وزراء إخوان بالوزارات الخدمية ومنح الخدمات لأعضاء الجماعة فقط ليوزعوها علي الناس. هنا لم تعد ل«النور» فرصة لإصلاح ما تحطم من العلاقة وأدرك كل طرف أن الصراع بينهما حتمي لأنه ببساطة كل طرف كان يريد الآخر حسب رؤيته المنفردة، فالإخوان تريد النور تابعاً، والنور يريد التأثير علي قرارات الجماعة وأخذ حصة معتبرة من الخدمات والوظائف. فأخذ كل طرف طريقه واكتشف حزب النور فجأة أن الإخوان حصلوا علي 10 آلاف وظيفة وزعوها علي أعضاء الجماعة في الوقت الذي وجد «النور» نفسه «خالي الوفاض». أراد «النور» أن يوقف هذا المد الإخواني المخيف فلجأ إلي تصريحات نارية حول أخونة الدولة، وأعلن الدكتور يونس مخيون رسمياً أن النور لن يتحالف مع الحرية والعدالة وأعلن بعدها «النور» عن مبادرته التي تقترب من رؤية جبهة الإنقاذ والتي لاقت ترحيباً من أعضاء الجبهة ومحاولات إجهاض من الإخوان. وأخيراً جاءت الضربة الاستباقية من الإخوان بإقالة مرسي لمستشاره السلفي خالد علم الدين وتلويث سمعته بالحديث عن التقارير الرقابية والتسريبات حول استغلال نفوذه في تخليص خدمات ومصالح لأقاربه.. فهل ستنهي هذه الضربة الموجعة العلاقة تماماً بين الطرفين؟! وهل يبدأ صراع طويل بعد ذلك.. أم أن حزب النور سيكتفي بتبريرات الحرية والعدالة ويستمر في عباءة الإخوان؟!.