الثاني.. اسمه كاملاً ياسر حسين محمود برهامي محشيش.. وشهرته «ياسر برهامي» «1958» نائب رئيس الدعوة السلفية.. من مواليد الإسكندرية.. ورغم دراسته للطب إلا أنه حصل علي ليسانس الشريعة الإسلامية سنة 1999. ∎ حصل «برهامي» علي بكالوريوس الطب والجراحة عام 1982م.. كما حصل علي ماجستير طب الأطفال عام 1992م.. من جامعة الإسكندرية. ∎ وشارك في العديد من المجالات الدعوية بداية من تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدارسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، حيث قام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة إلي حين إيقافه سنة 1994م.. وله مؤلفات عديدة مسموعة ومقروءة. ∎ أول كتاب له هو «فضل الغني الحميد» عام 1980م.. درس هذا الكتاب في أول ملتقي بشباب الدعوة السلفية عام 1981م.. وبعده كتابا «منة الرحمن» وكتاب «لاإله إلاالله كلمة النجاة» وكتاب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وكتاب «تأملات في سورة يوسف» وكتاب «قراءة نقدية لبعض ماورد في كتاب ظاهرة الإرجاء والرد عليها» وكتاب «فقه الخلاف». ∎ وقام بالتعليق علي العديد من الكتب مثل شرح كشف الشبهات وكتاب أقوال الفعال واعتقادات خاطئة.. أيضاً قام بالمشاركة في كتابة مقالات مجلة صوت الدعوة حتي إيقافها سنة 1994م. ∎ بدأ العمل الدعوي عندما كان في المرحلة الثانوية، فقد كان أبوه من الإخوان المسلمين في كفر الدوار حيث مقر عمله، ومحل إقامته لفترة من الزمن. ازدادت ميولة الدعوية بعد اختلاطه بالأوساط السلفية في الإسكندرية، وقد شارك في العديد من المجالات الدعوية بداية من تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، حيث قام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة.. إلي أن تم إيقافه سنة 1994م. ∎ الدعوة السلفية في الإسكندرية أخذت في الانتشار علي يديه ومعه كل من محمد إسماعيل المقدم وأحمد فريد أثناء دراستهم بكلية الطب بجامعة الإسكندرية.. وأثناء وجودهم في الكلية نشرت الرسائل السلفية وانتشرت محاضراتهم وخطبهم. ∎ إلا أنهم رفضوا جميعاً الأنضمام إلي جماعة «الإخوان المسلمين» متأثرين بالمنهج السلفي الذي وصل إليهم عن طريق المطالعة في كتب التراث الإسلامي لكبار المشايخ السعوديين خلال رحلات الحج والعمرة، ثم تأثرهم بدعوة محمد إسماعيل المقدم، الذي كان قد سبقهم إلي المنهج السلفي من خلال سماعه لشيوخ «جمعية أنصار السنة المحمدية» منذ منتصف الستينيات، وقراءاته لكتب بن تيمية وبن القيم ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم. ∎ وكانت نشأة السلفية في الإسكندرية، بعد انسحاب هؤلاء الطلاب المتأثرين بالمنهج السلفي من الجماعة الإسلامية التي هيمن عليها طلاب الإخوان وفرضوا منهجهم، حيث شرع محمد إسماعيل في تأسيس النواة الأولي للسلفيين من خلال درس عام كان يلقيه كل يوم خميس في مسجد «عمر بن الخطاب» بالإبراهيمية. ∎ وبمرور الوقت تكونت النواة الأولي للمدرسة السلفية الشهيرة وأصبح لها طلابها وشيوخها ومع مرور الوقت وقعت صدامات بين الطلاب السلفيين والإخوان المسلمين داخل جامعة الإسكندرية «عام 1980م»، وكان طلاب الإخوان مازالوا يعملون باسم الجماعة الإسلامية «ويقول ياسر برهامي معلقا علي تلك الأحداث في احد كتبه: كنا نوزع أوراقا ونعمل محاضرات في ساحة الكلية ونسميها ندوة، ونتكلم فيها عن قضية التوحيد وقضايا الإيمان فخطط الإخوان لمنع هذا اللقاء، ومنع خروج الطلاب للمشاركة فيه، فحصل الصدام الذي لم يكن السلفيون علي استعداد له بينما كان الإخوان بعد خروجهم من معتقلات الحقبة الناصرية «مرتبين أمورهم»، حتي ظهر ارتباك شديد لدي السلفيين، التقوا علي إثره واتفقوا علي العمل بطريقة مرتبة، فجري مايشبه الاتحاد من أجل أن يتولي محمد عبد الفتاح أبو إدريس مسئولية الدعوة السلفية بين هؤلاء وبين الطلاب الذين يعرفون الآن بشيوخ الدعوة السلفية ورموزها. ∎ لم تسع السلفية إلي الصدام مع الدولة ونظامها الحاكم، كما فعلت «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد» بل اتخذ دعاتها من الحديث النبوي «والله لا يعطوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم إليها»، شعارا لهم علي حد قول برهامي. ∎ ولم تشارك المدرسة السكندرية في أي عمل سياسي، كما يفعل الإخوان، معتقدين عدم مشروعية الدخول في التجربة البرلمانية تحت مظلة علمانية - حسب تعبيرهم - فأخذ دعاتها موقفا واضحا في الإعراض عن أي مشاركة سياسية، وهو موقف ينطلق من فرضيتهم القائلة: إن موازين القوي الحالية عالميا وإقليمياً ومحلياً «لا تسمح لهم بالمشاركة إلا بالتنازل عن عقائد ومبادئ وقيم لا يمكن التنازل عنها. ∎ وبحسب تاريخ الدعوة السلفية الذي ذكره برهامي في أحد حواراته المسجلة: الدعوة السلفية ظهرت سنة 1972م.. وعمل السلفيون في الجماعة الإسلامية ثم تأسست المدرسة السلفية سنة 1977م.. وكانت بادئ الأمر تعمل في المساجد ثم بدأت العمل بالجامعة أيضاً في نفس العام، وكانت هناك أعمال لنا في المحافظات أيضاً. ∎ ففي ذلك الوقت كان العمل الإسلامي متاحاً، ثم تعرض البعض للاعتقال مع كثير من رموز العمل الإسلامي في عهد السادات، ثم عاد العمل من جديد في المساجد بعد اغتيال السادات بعدة أشهر، وعاد العمل في الجامعة 1982م.. من خلال عدة أسر في كليات الطب والهندسة والزراعة والتربية، ثم المدارسة بعد ذلك، وتم تأسيس معهد إعداد الدعاة سنة 1986م. وكانت للدعوة هيكل إداري، وكان مجلس إدارة الدعوة بالإسكندرية يسمي المجلس التنفيذي في محافظة الإسكندرية، ولم يكن ذلك كله في إطار جمعية رسمية لأن أمن الدولة كان يمنع ذلك، لكنه كان يسمح بوجوده بقدر ما كنوع من التوازنات عندهم تقتضي وجود العمل مع الكثير من القيود. ∎ وكانت تصدر عن أبناء الدعوة نشرة تسمي «نشرة السبيل» وهي التي نشر فيها في الثمانينيات بحث كامل عن مسألة الانتخابات البرلمانية وحكم المشاركة فيها، وصدرت أيضاً نشرة عن قضية الاستعانة بالجيوش الأجنبية بناء علي موقفنا من حرب الخليج أو «حرب احتلال الكويت»!! وصدرت مجلة صوت الدعوة شهرية حتي أوقف الأمن إصدارها سنة 1994م.. وكذلك نشرة «أخبار العالم الإسلامي» توزع أسبوعياً، وكانت هناك لجنة للعمل الاجتماعي ولجنة للزكاة. ∎ وبعد ضربات أمنية موجعة لجماعة الجهاد والجماعة الإسلامية في عام 1994م.. تعرضت الدعوة أيضاً لضربة أمنية قوية، قبض خلالها علي كل أعضاء المجلس التنفيذي ومسئولي المناطق، وكان علي رأسهم الشيخ محمد عبد الفتاح والشيخ سعيد عبد العظيم، وكنت متهما أيضا في القضية لكن لم يقبضوا علي أنا والشيخ أحمد حطيبة. ∎ ويردف برهامي: كان الشيخ محمد إسماعيل والشيخ أحمد فريد بالخارج، ولم يقبضوا علينا ليفاوضونا علي إطلاق سراح الإخوة مقابل إيقاف لجنة العمل الاجتماعي وتسليم مبني المعهد للأوقاف وتسليم عدة مقار مركزية إلي الأوقاف منها مسجد بكري الموجود أمامه الآن مقر الدعوة السلفية، وطلبوا كذلك إيقاف عمل لجنة المحافظات والمجلة والنشرة، فتوقف ذلك كله بسبب الضغط الأمني الشديد، وألقي القبض علي بعض الإخوة من عدة محافظات وأودعوا السجن في تلك المرحلة الرهيبة من تاريخ سجون مصر. ∎ فما بين سنة 1994م.. وسنة1998م.. شهدت السجون المصرية مأساة مروعة لن ينساها التاريخ لحسني مبارك ووزراء داخليته، وشهدت الكثير من أنواع التعذيب والتضييق الشديد. وقضيت أطول عشرين يوما في حياتي بجهاز أمن الدولة بمدينة نصر كنت معصوب العينين طوال المدة تقريباً، إلا فترات قصيرة طلبوا مني فيها كتابة بعض الأشياء عن طبيعة المنهج وموقفنا من أحداث سبتمبر خصوصاً، وكنا مع عصب العينين مقيدين من الخلف حتي وقت قضاء الحاجة، وبعد فترة جعلوا التقييد من الأمام، فكنا نأكل وأيدينا مقيدة. ∎ لعل أهم السمات التي تجعل إسماعيل المقدم رئيس الدعوة السلفية الحالي ورجلها الأول متفوقا علي نظيرة الشيخ البرهامي داخل الدعوة السلفية هو كون الأول المؤسس الفعلي للدعوة السلفية بالإسكندرية.. بالإضافة إلي امتلاكه لكاريزما لا تتوفر للبرهامي.. إذ أكد لنا المتحدثون الثلاثة باسم حزب النور السلفي: نادر بكار ويسري حماد ومحمد نور. إن دروس الشيخ المقدم هي أولي علاقاتهم بالدعوة السلفية والسبب في الانضمام لها.. ولعل ذلك هو السبب في بقاء البرهامي في خانة الرجل الثاني طوال هذه الفترة .. لكنه - أقصد البرهامي - رغم أنه مؤثر داخل أروقة الدعوة وآراؤه تحظي باحترام أعضاء الدعوة السلفية إلا أن المقدم هو القائد بلا منازع لكل ما يخص الدعوة السلفية. ∎ فتاواه وآراؤه برهامي كانت له مجموعة من الفتاوي والآراء التي كانت حديث الرأي العام .. وكان أهمها علي الإطلاق إفتاؤه بعدم جواز الخروج لمظاهرات 25 يناير .. وقال في أحد الحوارات الصحفية بخصوص هذا الأمر: «اجتمعنا يوم 22 يناير لتحديد موقفنا من المشاركة في المظاهرات بمسجد الشيخ سعيد عبدالعظيم أنا والشيخ محمد إسماعيل والشيخ أبو إدريس وتناقشنا في الأمر، واتفقنا علي صعوبة تحول هذه المظاهرات إلي ثورة شعبية مع وضع الاحتمال في الحسبان، وغلب علي ظننا أنه حتي لو حدث وتحولت المظاهرات إلي ثورة فإن المصلحة في عدم المشاركة الظاهرة حتي لاتضرب بالطائرات وتباد تحت مباركة إعلامية كما حدث بإقليم سوات بباكستان. وكذلك أصدر الإخوان بيانا قالوا فيه إنهم لن يشاركوا وعدة أحزاب أيضاً قالوا ذلك وتحقق الاحتمال الضعيف وحدثت المظاهرات بقوة عجيبة فأصدرنا بيانا بعدها: «يا عقلاء الأمة أدركوا البلاد قبل فوات الأوان» حذرنا فيه من بوادر ثورة شعبية قوية إن لم يحدث إصلاح حقيقي واستمر النظام السابق علي الاستبداد الذي هو فيه وحصلت أحداث يوم 28 يناير». يري برهامي أن هناك ثوابت لايجوز النقاش فيها وأهمها «أن التشريع من صفات الربوبية ومن حقوق الإلهية ولذلك فمن الشرك والكفر والنفاق إعطاء حق التشريع لغير الله».. ويستند في ذلك علي أقوال الشيخ الشنقيطي وابن باز.. والتي تدور حول «فصل الدين عن السياسة كفر مستقل». وبخصوص التعامل مع الأقباط كشركاء في الوطن كان له فتوي غريبة أيضاً إذ قال: «هذه الأخوة في الوطن والنسب والإنسانية لاتقتضي مودة ولا موالاة، فإذا كان يخاطبهم بذلك مع كونه يخبرهم بكفرهم، ويدعوهم إلي التوحيد والإيمان، وتبرأ من شركهم فلا بأس». أما أن يكلمهم بالأخوة ساكتا عما وجب عليه من الدعوة والبيان ليفهموا من ذلك «المحبة والمودة فهو مبطل»! ونهي عن تهنئة الأقباط في الأعياد قائلا: «إن أعياد المشركين لايجوز شهودها ولا المعاونة علي إقامتها لأنها مرتبطة بعقيدة فاسدة»! وهو ما تلقفه المحامي القبطي نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، الذي طالب المجلس العسكري بمحاكمة الشيخ ياسر برهامي بتهمة ازدراء الأديان بسبب فتوي له بمقاطعة جميع المصالح المسيحية ووصفه للمسيحيين بالمجرمين وحثه علي عدم السير في جنائزهم أو حضور حفلات عقد قرانهم. فتاوي برهامي المثيرة للجدل - والفتنة في كثير من الأحيان - كان أن ترجمها إلي تحركات في وقت لاحق إذ شن هجوما عنيفا ضد رئيس حزب الوفد والتيار العلماني في مصر مؤكدا أن الإسلام قلب مصر، وأنه لايمكن أن تعيش البلاد من دون دين الإسلام، وأضاف «من تسبب في علمنة الدولة هو حزب الوفد وزعيمه سعد زغلول، وقياداته المتعاقبة وأن أول من نزعت النقاب عن وجوه المصريات هي (صفية زغلول) زوجة زعيم الوفد في ميدان الإسماعيلية - التحرير حاليا - تشبها بالغرب وأنه بعد 15 عاما من ذلك ارتدت المصريات الملابس الخليعة واختفي الحجاب من الجامعات حتي عام 1970!. وأشار برهامي إلي أن سياسات الدولة طوال العصور الماضية ركزت علي تجريد المرأة المصرية من هويتها الإسلامية مشيرا إلي أن الوفد والعلمانيين هم من يريدون فصل الدين عن الحياة، وترك الدين و«أمركة» المصريين علي حد وصف برهامي! وتعجب من تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي أكد فيها للمصريين أن العلمانية لاتخالف الدين، وتجعل الدولة علي مسافة واحدة من الجميع مؤكدا أن أردوغان يعلم تماما أن العلمانية تؤدي إلي انتشار الفساد والرذيلة! وتابع: «العلمانية هي التي جعلت شوارع نيويورك تمتلئ بمحلات تجارية تعرض النساء عرايا.. وأننا إذا تخلينا عن الشريعة، فقد تخلينا عن الأخلاق! وحرم التحالف مع الليبراليين فأفتي بأنه لايجوز قطعا التحالف مع التيارات المخالفة للشرع. ومن ثم لايجوز لحزب النور التحالف إلا مع الأحزاب التي تنصر الحق وتطبق شرع الله.. وكما أفتي بأنه لايجوز للسلفيين أن يصوتوا للتحالف الديمقراطي الذي يتزعمه حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان والمسلمين لأنه يضم أحزاباً ليبرالية وعلمانية! قال «برهامي»: «يلزمك أن تختار من ينصر الدين ويحافظ علي الشريعة والتحالف مع الليبراليين والعلمانيين الذين لايتبنون قضية تطبيق شرع الله ليس من جنس (حلف الفضول) الذي كان علي نصرة المظلوم، وإحقاق الحق، ونحو ذلك وإنما هو تحالف علي تقسيم (الكعكة) في البرلمان! وكانت آخر فتاواه إباحة اختراق فترة الصمت الانتخابي - رغم مخالفة هذا للقانون - واستخدام الدعاية الانتخابية لحزب «النور» قبل الانتخابات مباشرة.. كما أكد جواز الدعاية الانتخابية أمام اللجان لتعريف الناس بالحزب ومرشحيه في نفس فترة الصمت الانتخابي! وأفتي برهامي أيضا بأنه لا يجوز العمل في (هيئة البريد المصرية) إذا كان الموظف سيكون في إدارة دفتر التوفير، وأفتي بحرمانية التأمين، وأنه لايجوز أن تقبض موظفة مكافأة نهاية الخدمة من عملها في بنك إلا بقدر يكفيها إذا كانت تعمل في عمليات الإقراض وأنه لايجوز رفع شعار (الهلال مع الصليب)!