تُعدّ سورة هود -عليه السلام- سورة عظيمة القدر، تدعو قارئها إلى التدبر والتأمل؛ لما ذكر الله -تعالى- فيها من أخبارٍ للأمم والأقوام السابقة، ولما فيها من أنباءٍ عن أنبياء الله -تعالى- ورسله عليهم الصلاة والسلام، ولما فيها من تثبيتٍ لقلوب المؤمنين وترهيبٍ للطغاة، حيث قال الله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}. ولما ذكر الله -تعالى- فيها أيضاً من أخبارٍ عن يوم القيامة وأهواله، ومن هنا كانت سورة هود وأخواتها، أيّ؛ سورة الواقعة، وسورة المرسلات، وسورة عمّ، وسورة الشمس، سبباً في إسراع الشيب في رأس النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد جاء في السنة النبوية من حديث الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنّه قال: قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. فسورة هود سورة لها وقعٌ في نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي نفس المؤمنين، وهذا جميعه مما ذكره العلماء يدلّ على فضل سورة هود وأهميتها. تعريف عام بسورة هود سورة هود سورةٌ مكيّة، كما قال جمهور العلماء، عدد آياتها مائة وواحد وعشرين آية، وتأتي في الثانية والخمسين من حيث ترتيب سور المصحف، أمّا من حيث النزول فقد نزلت سورة هود بعد سورة يونس، وقبل سورة يوسف. اشتملت السورة على موضوعاتٍ عدّة، فنوّهت بما يخص القرآن وأنّه من عند الله تعالى، وأقامت الأدلة على ذلك، وبيّنت أنّه سبحانه مطلّعٌ على ضمائر الخلائق وأسرارهم، وأثبتت البعث والجزاء، وبينت أحوال الناس في الرخاء والشدة، وذكرت بعض قصص الأنبياء، مثل: نوح وهود وصالح وإبراهيم، ولوط وشعيب، وموسى عليهم الصلاة والسلام، وغير ذلك من الموضوعات.