إن قيامة المسيح من بين الأموات تعطينا صورة للقيامة المجيدة التي سنتمتع نحن بها، فالكتاب المقدس يصف الإنسان بالطبيعة أنه ميت، وأول عمل لروح الله هو توصيل الحياة إلي هذا الإنسان الميت روحياً حتي يقوم متمتعاً بالحياة، إذاً فالخلاص هو أول ثمرة من ثمرات القيامة. لنتأمل في الصلة التي تربط بين القيامة والفداء، نحن نعرف أن الفداء - أو الفدية - تعني دفع ثمن معين لشراء أو استرداد شيء معين. ولقد دُفع فينا ثمن عظيم لكي ما نُفدي من الموت، الذي هو أجرة الخطية. ونحن نعرف هذا الثمن، ونعرف الشخصية المباركة التي دفعته، فيده المباركة لم تدفع لفدائنا ذهباً أو فضة، لكنها ثقبت علي الصليب لتنزل منها الدماء الطاهرة، التي هي أغلي من كل ذهب العالم. ولقد طُعن جنبه بالحربة كما يُحفر المنجم الثمين، وقد أخرج لنا هذا المنجم المبارك، لا غني أرضياً، إنما حياة المسيح الثمينة، ممثلة في الدماء والدم، لقد تفرغت كل كنوز المنجم المبارك في رابية الجلجثة لأجلنا، إذ نزلت آخر قطرة من ذلك الدم الثمين لفدائنا إلي التمام. آه، لقد دفع المسيح ثمن فدائنا كاملاً. أما الثمرة الثانية للقيامة فهي قيامة الأجساد، فقيامة المسيح هو الضمان المبارك الذي يؤكد للمؤمنين، الذين أصبحوا واحداً مع المسيح، إنهم سيقومون من بين الموت عند مجيئه الثاني شكراً لله لأن فداء المسيح فداء كامل، فهو فداء روحي للنفس الخالدة، وهو أيضاً فداء مبارك لهذا الجسد الترابي. إن عقيدة قيامة الأجساد من بين الأموات هي الإعلان المبارك الذي تؤكده المسيحية، ففي العهد القديم، قبل مجيء المسيح، كانت هذه الحقيقة تختفي وراء سحب كثيفة، ولا تري واضحة جلية، وفي نور الطبيعة لم يستطع الإنسان أن يري حقيقة القيامة. أما الفلسفة الأرضية فلم تقبل هذه الحقيقة، ومازالت ترفضها إلي الآن. لكننا نحن نثق أن الموتي لابد أن يقوموا، لأن المسيح أعلن لنا ذلك قولاً وعملاً. قولاً في كلماته قبل الصليب، وعملاً عن طريق قيامته من بين الأموات. وأود أن أقرر أن نصرة القيامة علي الموت هي نصرة أبدية. من البشر من استبد بهم القلق حتي جردوا كلمة »أبدية« من حقيقة المعني الذي تحمله، فهم يتساءلون قائلين: هل يمكن أن تكون السماء بلا نهاية؟ وكيف يمكن لمن يذهب إليها من المؤمنين أن يبقي إلي الأبد؟.. وكان أولئك القوم الثائرون يريدون أن تصل ثورتهم إلي السماء، وأن ينتزعوا من أولاد الله بركات العهد الأبدي، بأن يجعلوا للأبدية حدوداً. وقصدهم من مراء هذا أن يخفقوا من شدة عذاب الخطية، بأن يجعلوه عذاباً غير أبدي، فهم يريدون أن يقنعوا أنفسهم بأن العذاب الأبدي له نهاية، لكن هذا حلم وخيال. لقد قال لنا السيد: »لأني أنا حي فأنتم ستحيون«. ونصل إلي جوار المسيح، لن يمكن لأي موت آخر أن يصل إلينا. فبعدما تتقدم الشمس والقمر في الأيام، ويختفي ضوءهما نتيجة لذلك وبعدما تطوي الأرض كثوب بال، فإننا سنسعد بالحياة إلي جوار إلهنا ونظل معه طوال الأبدية، بينما يشقي الخطأة في الجحيم.