إنّ أول مميزات سورة الرحمن هو بديع ترتيب آياتها وأسلوبها وافتتاحها باسم "الرحمن" فهي السورة الوحيدة التي تم افتتاحها باسم من أسماء الله الحسنى، والأسلوب العربي الأصيل الذي تجلّى واضحًا في تكرار قوله "فبأيّ آلاء ربكما تكذبان" وهذا التكرار عند العرب يأتي بمعنى التأكيد على الأمر وأهميته، ثمّ إنّ التعداد الباهر لنعم الله والتي ابتدأها الله -تعالى- بأعظم منّةٍ منّها على عباده ألا وهي تعليم القرآن الكريم، ومن مميزات سورة الرحمن أيضًا أنّها تناولت طرح الأمور في أسلوب الترغيب والترهيب مع ذكر الجنة والنار والإنس والجن بإشارةٍ واضحة على أنّ كل تضادٍّ هو من خلق الله بل إنّ كلّ شيءٍ بيده فهو الرحمن مالك الملك. فضل سورة الرحمن تعددت الأحاديث في فضل سورة الرحمن ولكنّها كلّها ضعيفةٌ وموضوعة، فلم يرد حديثٌ واضحٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر فضل سورة الرحمن أو يحدد قراءتها في وقت ما أو في مناسبةٍ ما، وبهذا يكون فضلها كأيّ سورة في القرآن الكريم من الخير والأجرٌ وتكفير ذنوب، إلّا أنّ الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنّه قرأ سورة الرحمن على معشر الجنّ عندما دعوه إليه لقراءة القرآن عليهم، فقد جاء في نصّ الحديث الشريف: "لقدْ قرأْتُها -يعني سورةَ الرحمنِ- علَى الجنِّ ليلَةَ الجنِّ، فكانوا أحسَنَ مردودًا منكُمْ، كنتُ كلَّما أتيتُ على قوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قالوا: ولَا بشيءٍ مِّنْ نعَمِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ فلَكَ الحمْدُ". وفي هذا الحديث دعوة من رسول الله بأنّ من يسمع سورة الرحمن وقوله "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" فليقل: ولا بشيءٍ من نعمك ربي نُكذب فلك الحمد، والله -تعالى- أعلم.