رغم أن الكلمة من أعلى الدرجات العلمية فى الجامعات فإن كثيراً من الناس يغضبون عندما تضاف إليهم فلا بد من منحه لقب الباشا أو البيه، لكن عموم الناس يطلقونها على الماهر فى صنعته (ده استاذ ورئيس قسم ) ويرجع أصلها، كما ذكر الشيخ محمد النجار أحد أقطاب اللغة العربية، الذى توفى فى الستينيات أنها ليست بعربية وأصلها فارسى وتعنى الماهر فى صناعته وغلب إطلاقها على الحاذق فى علمه. وتعد فى هذا العصر من درجات المدرسين فى الجامعة وتطلق أيضا على المحامى المتمكن، وقد ذكر الإمام أبى منصور الجواليقى فى كتابه (المعرب) الذى حققه المرحوم أحمد شاكر ونشرته دار الكتب المصرية فى 1361ه: أما الاستاذ فكلمة ليست بعربية يقولون للماهر بصنعته استاذ ولا توجد هذه الكلمة فى الشعر الجاهلى واصطلحت العامة إذا عظم الخصى أن يلقبوه أستاذًا وإنما أخذوا ذلك من الاستاذ الذى هو الصانع لأنه ربما تحت يده غلمان يؤدبهم فكأنه أستاذ فى حسن الأدب ولو كان عربيا لوجب أن يكون مشتقا من الستذ وليس ذلك بمعروف، ثم ذكر الشيخ النجار أن أول من استعملها هم أهل العراق لاتصالهم الوثيق بأهل فارس ثم انتقلت منها إلى الجزيرة العربية والشام ثم منها إلى سائر الأمصار. ويدعم كلامه ما قاله أبوالبقاء العكبرى فى شرح ديوان أبى الطيب المتنبى: الاستاذ ليست بعربية وإنما تقال لصاحب صناعة كالفقيه والمقرئ والمعلم وهى لغة أهل العراق. ومن أشهر من أطلقها على معلمه الإمام مسلم، ففى القصة المشهورة التى أوردها ابن حجر العسقلانى: لما سأل مسلم البخارى - ومسلم معروف أنه من تلاميذ البخارى، تتلمذ عليه خمس سنوات- عن حديث كفارة المجلس، رد البخارى: هذا حديث مليح وله علة، فارتعد مسلم وتغير وجهه، وقال: أخبرنيها، فلما أخبره الإمام البخارى بهذه العلة، قال له مسلم: دعنى أقبل قدميك يا استاذ الاستاذين، وطبيب الحديث فى علله، أشهد أنه لا يبْغضك إلا حاسد. وفى بعض الروايات: قبَّل رأسه، وكاد أن يبكى، ومما ذكر أن هذا اللقب كان لا يستحق أن يلقب به إلا من جمع اثنى عشر علما منها: (النحو والصرف والبيان والبديع والمعانى والآداب والمنطق والكلام والهيئة وأصول الفقه والتفسير والحديث).