الجماعات المتطرفة أضرت بالدين.. ونحتاج لإعمال روح الإنسانية والأخلاق الأزهر قلعة حصينة.. والشريعة تمتاز بالمرونة كتب التراث ليست معصومة.. والتجديد سنة مشروعة أكد الدكتور عادل المراغى الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف أن الوسطية أساس الإسلام، وأن القرآن دائماً ينادى فى آيات عديدة، مشيرا الى أن الاسلام هو كلمة الله عز وجل الأخيرة لأهل الأرض، ومن منطلق ذلك فهو صالح للتطبيق فى كل زمان وعصر ومصر، وأن الشريعة الاسلامية تمتاز بالمرونة فهى شريعة متكاملة تؤدى للتعايش مع واقع الانسان، وأشار «المراغي» الى أن الاسلام قضى لكننا لم نستطع تصدير هذه القضية للغرب، ولو أحس المسلمون تصدير الاسلام النقى الوسطى لانتشر فى كل ربوع العالم مؤكدا اننا فى حاجة الى اعمال الأخلاق، فهى أساس الإسلام، وأن الأمة الاسلامية ابتليت بأخطر شيء أضر الإسلام وهو التدين الشكلى المغشوش، وأضاف «المراغي» ان الأزهر الشريف هو قاطرة العروبة وحامى حمى الدين وهو المدافع عن «بيضة الإسلام» وهو المنوط به تصحيح الأفكار المغلوطة التى تبثها الجماعات المتطرفة وأصحاب الآراء التكفيرية. «الوفد» التقت الدكتور «عادل المراغي» فى هذا الحوار: بداية.. الإسلام يحث على الاعتدال والوسطية وهى دعوة الأزهر الشريف فكيف نغرس هذا الفهم لدى الشباب؟ الإسلام دين الوسطية، وهذه الوسطية، وهذه الوسطية تعتبر فضيلة بين رذيلتين، فعلى سبيل المثال لو تأملنا الشجاعة نجد أنها بين التهور وبين الجبن، وتجد الانفاق بين التقتير والتبذير، فدائماً وأبداً الإسلام يعدو الى الوسطية، فالوسطية نادى بها القرآن فى عدة آيام ومنها قول الله تبارك وتعالى: «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ويقتروا وكان بين ذلك قواماً» وقول الله تبارك وتعالى: «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً». والعرب كانوا يقولون فى الماضي: «حب التناهى شطط خير أمور الوسط» وبالتالى فإن الوسطية هى أساس الإسلام، وسبب الأفكار المتضاربة البعد عن الوسط فإما نجد إفراطًا أو تفريطًا والإفراط يؤدى الى التشدد والتنطع، والتفريط يؤدى الى التميع والخروج عن ربقة الدين، فالإسلام دائماً وأبداً يدعونا الى الأخذ بطرفى الأمور كما قال الشاعر: والأخذ بطرفى الأمور كلاهما ذميم. أيضا تعاليم الإسلام ومبادئه وتشريعاته بها كافة الحلول لمشاكل البشرية جميعاً نريد ايضاً لذلك؟ بلا شك أن الإسلام هو كلمة الله عز وجل الأخيرة لأهل الأرض، ولما كان الاسلام هكذا، بمقتضى ذلك أن يكون صالحاً للتطبيق فى كل وقت وكل عصر وكل مصر، صالح للتطبيق فى كل زمان وفى كل مكان، وبالتالى الشريعة الإسلامية تمتاز بالمرونة، ومرونة الشريعة الإسلامية تقتضى أن تصلح كل مكان وكل زمان و كل وقت، وبهذا ستجد أنها أصلحت كل المجتمعات، ولذلك من مميزات الشريعة الإسلامية أنها شريعة متكاملة، مرنة، دائماً وأبداً تؤدى للتعايش مع واقع الإنسان، فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لكلمات ولا تبديل لخلق الله، ونحتاج دائماً وأبداً إلى الأخذ بأن الشريعة الإسلامية صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان وهذا بالنسبة للشريعة الإسلامية تصلح المجتمعات كما قال بعض العلماء لن يصلح هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها، صلحت الأمة الإسلامية أولها عن طريق الأخذ بروح الشريعة الاسلامية والتى فيها فقه المقاصد وفقه المآلات وفقه الأولويات وفقه المقاصد على سبيل المثال أو فقه الأولويات تقتضى أن الانسان دائماً وأبداً يعمل هذا الجانب من روح الشريعة الإسلامية. هل السلوك الخاطيء لبعض الدعاة من الممكن أن يساهم فى نشر الطائفية وتكفير المخالفين؟ بلا شك، للأسف الإسلام قضية ولكن لم نستطع تصدير هذه القضية الى الغرب، ولو أحسن المسلمون تصدير الإسلام النقى الوسطى لا تنتشر فى كل ربوع العالم، فهناك أحد المستشرقين كان يجلس فى جامعة كولومبيا وخاطب الشباب المسلم فى محاضرة: وكان كاتباً بريطانياً، قال لهم كلمة تكتب بماء الذهب، حيث قال: «اعطنى «40» شاباً يفهمون الإسلام حق الفهم وأنا أفتح بهم لكم الأمريكتين» فدائماً وأبداً انتشر الإسلام عن طريق جاذبية الأخلاق، وهى التى جعلت دولة مثل أندونيسيا كأكبر الدول الإسلامية الآن وماليزيا وجنوب شرقى آسيا الفلبين لم يدخلها جندى واحد مسلم وإنما انتشر الإسلام عن طريق أخلاق التجار، فجاذبية الأخلاق أقوى من جاذبية نيوتن، فنحتاج إلى إعمال الأخلاق فهى أساس الإسلام، وبالتالى سلوكيات بعض الدعاة تدمر قواعد الاسلام ويؤخر الإسلام قرونًا متطاولة وما يفعله أبناء الاسلام أخطر مما يفعله أعداء الإسلام، فقد تعلمنا فى الماضى أن «فعل رجل فى ألف رجل أفضل من قول ألف رجل فى رجل واحد» لأن المقصود هنا الفعل، فلماذا حرص الإسلام على الأخلاق بالرغم أنه ينقسم الى شريعة وأخلاق وعقيدة، لأن الناس لا يرون منك العقيدة ولا الشريعة وإنما يلمسون الأخلاق وبالتالى الجانب الأخلاقى هو الأساس، خاصة لأن الدعاة كما قال أحمد بن حنبل ان العالم اذا غرق غرق بغرقه خلق كثير، فالعالم كالسفينة، فالداعية إذا صدر أفكاراً مغلوطة مشوشة يدمر الدين تدميراً كبيراً، وتأخر الإسلام قروناً متطاولة بسبب بعض الدعاة الذين شوهوا صورة الإسلام. فى رأيك هل هناك درجات للتدين الحقيقى وأبرز غاياته ووسائله؟ ابتليت أمة الإسلام بأخطر شيء أضر الإسلام كثيرا وهو التدين الشكلى المغشوش، فالتدين ليس بالثياب ولا اللحية ولا مزاولة الطقوس والعبادات، فالتدين هو الأخلاق كما قال الفيروز آبادي: «الدين هو الخلق ومن زاد عليك فى الدين زاد عليك فى الخلق» وعمر بن الخطاب ضرب أروع الأمثلة عندما جاءه رجل ويثنى على رجل قال له هل رأيته وهل صاحبته فى سفر قال لا قال هل عاملته بالدرهم والدينار قال لا قال هل جاورته، فقد سأله عن ثلاثة أشياء أشبه ما يكون بالغربال الذى يغربل أخلاق أى انسان، وهى السفر وقد سمى بذلك لأنه يسفر عن أخلاق الخلق، وكذلك الجوار، لأن أدرى الناس بالانسان هو جاره، والمعاملة بالدرهم والدينار، ونحن نحتاج الى التدين الحقيقي، فالدين هو المعاملة، ونحتاج الى ابراز هذا الجانب فقد قال الرسول: «أقربكم منى يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً» والإيمان لا يجتمع أبداً مع سوء الخلق ونحتاج للتطبيق العملى من خلال أخلاقيات الانسان. أحداث العنف فى الدول العربية والإسلامية رسخت صورة مسيئة للإسلام لدى الغرب كيف يمكن تصحيح هذه الصورة؟ يتم ذلك عن طريق توصيل الصورة الجمالية فى الإسلام، فالإسلام جميل دين الوسطية، وهو دين الإنسانية، ولابد من ابراز الجانب الإنسانى فى الإسلام، فالرسول قال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويديه» حتى غير المسلمين وبالتالى الإنسان يحتاج أن يعمل هذا الجانب، فأحداث العنف شوهت الإسلام، ونرد على هذه الصورة بإبراز جماليات الإسلام وانسانيته فأول سورة نزلت فى القرآن ورد فيها لفظ الإنسان مرتين: «اقرأ باسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذى علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم» وآخر سورة فى القرآن هى سورة الناس، فالإسلام ما جاء لقتل الناس ولا الاعتداء عليهم إنما جاء لرحمة الناس قال تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» ونرد من خلال ابراز جوانب الإنسانية فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم وكيف كان يراعى الناس وعدم ايذائهم، فخير الناس أنفعهم للناس، فالإسلام دعا الى الحب والتواصل مع كل أطياف البشر إلى الإخوة الإنسانية. العالم الإسلامى يعج بتيارات فكرية تكتظ بالتطرف، والكثيرون يعولون على الأزهر فى التصدى لظاهرة التطرف.. كيف ترى ذلك؟ الأزهر دائماً وأبداً هو حجر الزاوية، ولما أراد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ العالم الاسلامى حفظ الأزهر، فإذا أراد الله شيئاً هيأ اسبابه، فالأزهر هو قاطرة العروبة وهو حامى حمى الدين وهو المدافع عن «بيضة الإسلام»، ومن ذلك أن الله جعل الأزهر هو القلعة الحصينة، قلعة العلم فى العالم الاسلام ينظر اليها ويقصدها الناس فى شتى بقاع الأرض، فالأزهر منوط به دور كبير فى تصحيح الأفكار المغلوطة والتى تموج خاصة لما تسلق محراب الدين بعض الجماعات المتطرفة وبعض أصحاب الأفكار التكفيرية وتجار الدين وسماسرة السياسة كجماعة الاخوان المسلمين والمتسلفيين وغيرهم فنحتاج دائماً وأبداً الى تصحيح هذه الصورة التى طمستها هذه الجماعات والإسلام منها بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فالأزهر يقاتل على جبهتين، الأولى هى جبهة المتطرفين والجماعات التكفيرية والجبهة الثانية جبهة المميعين الذين يدعون دائما وأبدا من ربقة التكاليف، فكأن الاسلام يقف حائط صد أمام هجمتين شرستين، فنحتاج دائما وأبداً الى استيقاظ الأزهر لهاتين الطائفتين، والنبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله بعث على كل مائة سنة لأمتى من يجدد لها أمر دينها» ومن وظائف هؤلاء العلماء علماء الأزهر فى هذه الآونة أنهم ينفون عن الدين تحريف الغالين من الجماعات التكفيرية وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. هناك دعوات طالبت بتنقيح كتب التراث بحجة أنها غير ملائمة للعصر، فما ردك على هذه الدعوات؟ كتب التراث بلا شك تحتاج الى بعض التنقيح ولكن من المتخصصين، فكتب التراث بها بعض القنابل المفخخة تحتاج الى بعض التنقية، فكتب التراث ليست معصومة، ليس لدينا معصوم إلا القرآن وما صح عن سنة النبى صلى الله عليه وسلم وهذا هو المقدس عندنا، أما كتب التراث فتحتاج الى بعض التنقيح، وهذا من باب تجديد الخطاب الديني، ولكن ليس لكل شخص أن يتكلم عن كتب التراث إنما كما قال تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» فهناك فرق بين النقد والنقض، النقد هو نقد الفكرة، أما النقض فهو هدم كل هذا المشروع وهم يريدون هدم مشروع الإسلام جملة وتفصيلاً يريدون هدم كتب التراث لا نقدها، وهذا الجانب مهم جداً لهذه الآونة. ما أهمية تجديد الخطاب الديني فى مجال الدعوة؟ نحتاج إلى تجديد الخطاب الديني، فالداعية الذي لم يواكب العصر أساء الى الدين والى مجتمعه، نحتاج الى تجديد الداعية أولاً، بمفهوم عصري، فقد قال الله تعالى: «وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه» نحتاج الى النزول الى واقع الناس لا أن نتكلم من أبراج عاجية، فالإسلام صالح لكل زمان وكل مكان، ودائماً وأبداً روح الشريحة لابد أن نسعى اليها جاهدين والداعية لابد أن يتسلم روح الشريعة الإسلامية. العلو والتشدد فى الدين من بواعث ظهور المذهبية والتعصب فما أثرهما على الأمة الإسلامية؟ قديماً قال الشاعر: هل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد وغزية هنا قبيلة من قبائل العرب، بمعنى المقلد الأعمى فالتقليد الأعمى هو سبب الويلات والنكبات والابتلاءات على أمة الإسلام والتقليد الأعمى دائماً وأبداً يدل على الجهل ولذلك قال الامام الذهبى ما عرفت عالما متعصباً يقبل الرأى والرأى الآخر والتعصب يدل على عدم الفهم لأنه قرأ رأيا ولم يقرأ الرأى الآخر، نحتاج الى قراءة الآراء وتلاقح الأفكار فكلما كثر علم الانسان لخلافه وانكاره على الناس. فى رأيك كداعية ما خطوات نجاح الخطاب الدينى مع الناس وكيف يوظف الداعية هذه الخطوات لكى تنجح دعوته؟ لنجاح الخطاب الدينى لابد من إخلاص النية لله أولاً وثانياً لابد أن يتحلى الداعية بروح الشريعة الإسلامية التى تصلح الحاضر والماضى والمستقبل وأن يتحدث عن الايجابيات وجماليات الإسلام، ولابد أن يتكلم عن القيم المنسية والمطمورة، حتى ننهض بالخطاب الدينى يتكلم عن حقوق الجوار والمواطنة فى الإسلام والعبادات المدنية، فقضاء حوائج الناس أفضل من الصلاة وصيام النافلة والعبادات المدنية اختصرها النبى فى جملة قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الناس عند الله أنفعهم للناس» ولابد للداعية أن يتحلى بهذه الروح روح الفكر الإسلامى الصحيح ومن الأمور المهمة تجديد الخطاب الدينى وكيف نصنع الحب فى قلوب الناس وكيف تقيم جسور التواصل بينهم. لك مؤلف بعنوان «الطريق إلى القلوب» فما أهم الخطوط العريضة فيه؟ وجدت أن آفة الناس الآن هى الكراهية فقد دبت البغضاء كما قال النبى صلى الله عليه وسلم «دب اليكم داء الأمم قبلكم البغضاء أما إنى لا أقول هى الحالقة تحلق الشعر ولكن تحلق الدين» والنبى صلى الله عليه قال لن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» وهذا الكتاب يرصد الطريق لغزو القلوب والتربع على عروشها كما صنع كثير من شياطين الإنس صناعة الكراهية الممنهجة. أخيراً.. رمضان شهر صيام وعبادات كيف يمكن للمسلم اغتنام هذا الشهر؟ شهر رمضان ضيف الرحمن لا يفد إلا مرة واحدة فى العام يزورنا ونزداد له حبا، ومن أجمل وأفضل النعم ان يبلغ الله الانسان شهر النعم، شهر رمضان فرصة وهدية من الله تعالى يحتاج الانسان الى الاجتهاد فيه، فالدقيقة فى شهر رمضان لا تعود الى يوم القيامة ومن علامة غضب الله على العبد اضاعة الوقت فمن علامة المقت اضاعة الوقت، فلابد أن يغتنم الانسان كل دقيقة فى رمضان.