سورة الحشر من سور القرآن الكريم المدنيّة التي نزلت على النّبيّ محمّد –صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنوّرة، بعد سورة البيّنة، وهي من سور المفصّل، وعدد آياتها أربع وعشرون آية، وترتيبها في القرآن الكريم التّاسعة والخمسون، وفي الجزء الثّامن والعشرين، وقد بدأت السّورة بأحد أساليب الثّناء والتّسبيح، قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. واسم السّورة أحد أسماء يوم القيامة، وقد سمّيت السّورة بهذا الاسم لأنّ الله تعالى الذي نصر المسلمين على يهود بني النّضير، وحشرهم خارج المدينة سيحشر الخلق يوم القيامة للحساب، ويدور محور السّورة الرّئيسي حول غزوة بني النّضير، ولهذا فقد سمّاها ابن عبّاس سورة بني النّضير. سيكون الحديث عن اللّمسات البيانيّة في قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ}،[3] في هذه الآية الكريمة وعدان من المنافقين ليهود بني النّضير، الوعد الأوّل: قوله تعالى على لسان المنافقين: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ}. خروجهم معهم إذا أخرجهم المسلمون من ديارهم، وقد أقسموا على ذلك من خلال اللّام الموطئة للقسم، فهذه اللّام دلالة على قسمهم لهم بخروجهم معهم إذا أخرجوا من ديارهم، بينما الوعد الثّاني: قوله تعالى على لسان المنافقين: {وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ}. فهنا لا وجود للّام الموطّئة للقسم، فلم يقولوا: لئن قوتلتم لنقاتلنّ معكم، فكان حديثهم عن الخروج والهروب من الموت أكد من حديثهم عن الوقوف معهم في حربهم وقتالهم ضدّ المسلمين، ففي الهروب من الموت هم جاهزون وأقسموا على ذلك، بينما في حديثهم عن مشاركتهم ونصرهم لهم في قتالهم، مرّوا عليه مرورًا عاديًّا دون قسم أو تأكيد مشاركتهم.