تتناوَل مقاصد سورة المنافقون بيان صفات المنافقين نفاقًا اعتقادِيًّا، وهم كما وصَفَهم النبي في حديث حذيفة قلتُ: وما دَخَنُه؟ قال: يكونُ بعدي أئمةٌ يستنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي، ويَهدُون بغيرِ هديِي، تعرفُ منهم وتُنكرُ، وسيقومُ فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطينِ، في جثمانِ إنسٍ" وفي طريق أخرى: "قال: لا ترجعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانت عليه، فقلتُ: هل بعد ذلك الخيرِ من شرٍّ؟ قال: نعم، فتنةٌ عمياءُ صمَّاءُ عليها دعاةٌ على أبوابِ جهنمَ، من أجابَهُم إليها قذفوهُ فيها، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، صِفْهُمْ لنا؟ قال: هم من جِلدَتِنا، ويتكلمون بألسِنَتِنا، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما تأمُرني إذا أدركني ذلك؟ قال: تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهم، وإن ضرب ظهرَك، وأخذ مالَك، فاسمع وأطِعْ". ومن مقاصد سورة المنافقون أنهم يتَحَدثون باسم الإسلام، ويموهون كذبهم باللأَيْمان الكاذبة فيغترَّ بهم مَن لا يعرف حقيقة أمرهم، ولهذا قال تعالى: {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. فصدوا البعض عن دين الله، وسنة رسول الله، ومن مقاصد سورة المنافقون بيان أن أشكالٍهم حسنة، {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}. إذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم، وقلوبهم في غاية الضعف، قال تعالى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ،ولاؤُهم لأهل الكتاب، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}. وهذه السورة تَحَدَّثت عن صفات المنافقين، وأساليبهم، ولم تُعْنَ بذِكْر أسماء المنافقين، وكذلك السنَّة، لأن ذكرهم بصفاتهم أشد وقعًا عليهم من الصواعق.