العظماء..الحكماء.. المشاهير، تؤخذ العبرة والحكمة والفائدة من نتاج ما قالوه، نفعوا وانتفعوا بما قالوا، وتتناقل الأجيال سيرتهم، فهى خلاصة ما مرّوا به، فكتبوه ودونوه، وسمع عنهم، فأخذوه، لتصلنا كلمتهم منقحة لا تشوبها شائبة، لذلك فهم لا يرحلون، لأنهم يتركون أثرًا خالدًا فى وطنهم وذاكرة شعبهم، يُبقى ذكرهم خالدًا. عاش مايك تايسون حياة قاسية منذ طفولته، فهو ابن احدى الأسر الزنجية، ترك والده المنزل وهو لا يزال طفلاً، فانعكس ذلك على سلوكه وأخلاقَه وتصرفاتِه فى الحياة، وإذا ما نظرنا إلى حياته الاجتماعية وتفحَّصنا علاقاته نجد أن الاضطراب فى سلوكه هو الظاهرة السائدة له، حيث الغرور بقوته وتواصل نجاحاته، وأن ابتعاده عن الاستقامة جعله فى حيرة من نفسه، غير راضٍ عما هو عليه حتى لو توفرت له جميعُ احتياجات الحياة وملذاتها، من شهرة ومال وقوة، وهو ما وجدناه فى سلوك تايسون بعد محنة السجن بسبب التحرش التى عايشها- ظلمًا على حد قوله-، حيث تمخضت منها المنحة الإلهية له وهى نور الإسلام، الذى هذب جاهليته، وهندس مكارمها، وجمّل قيم وطباع سلوكه من الكبر، وغلظة القول، وجلافة العمل، وغروره بتعدد فوزه قبل الإسلام لما بعد الإسلام، وإذا ما سيطرت عليه عقيدة الإسلام، أثمرت الفضائل الإنسانية العليا، فتسمو النفس عن الماديات الوضيعة، وتتحلى بالنزاهة والشرف، وتتخلق بالشجاعة والكرم، والسماحة والطمأنينة، والتواضع وعدم الغرور كما كان حاله، والصبر على البلاء، وهو ما كان من تايسون حينما (سألته) وكالات الأنباء: ماذا تعلمت من محنة السجن بعد حبسك ظلمًا- على حد قولك-؟ (فأجاب): لقد قضى السجن على غروري، ومنحنى الفرصة للتعرف على الإسلام، وإدراك تعاليمه السمحة التى كشفت لى عن حياة أخرى لها مذاق مختلف. وقد أمدنى الإسلام بقدرة فائقة على الصبر، وعلمنى أن أشكر الله حتى على الكوارث.