في ديسمبر الماضي وأثناء إحدى مباريات كرة القدم الساخنة في الدوري الأردني بين فريقي (الفيصلي)، الذي معظم مؤيديه من الأردنيين، و(الوحدات) الذي يؤيده الفلسطينيون. نشبت مشاجرة على خلفية شعار وحي ردده مشجعو الفيصلي: "طلقها". والهتاف كان ضد الملكة الأردنية رانيا، زوجة الملك عبدالله. الناديان، اللذان يمثلان الفئتين السكانيتين الاساسيتين في المملكة، هما خصمان قديمان ومريران، وفي نهاية المباراة أسفرت مشادة جماعية عن 250 مصابا من الجمهور. ووفق جريدة (معاريف) الإسرائيلية فلم تكن المرة الوحيدة التي تخرج فيها العشائر الهاشمية ضد الملكة رانيا. في بداية فبراير من هذا العام بعث 36 من رؤساء عشائر الأردن برسالة غاضبة الى الملك، احتجوا فيها على مصادرة أراضي الدولة التي في حوزتهم ونقلها الى عائلة الملكة. واتهمت رانيا بالتدخل في تعيينات سياسية في المملكة، والأخطر من ذلك، بضعضعة التوازن الديمغرافي في الدولة في صالح الهاشميين. بين 2005 و 2010 كما يدعي رؤساء العشائر، عالج مكتب الملك 78 ألف طلب مواطنة رفعها فلسطينيون يسكنون في الأردن. وطولب الملك في الرسالة بكبح جماح زوجته، إهانة كهذه تلقتها العائلة الملكية في ملعب كرة القدم ما كانت لتحصل للملك حسين الراحل. خلافا للمشاكل الداخلية، فإن الملكة رانيا تحظى بالتبجيل في الغرب. فهي نشطة جدا في الشبكات الاجتماعية، تحث الى الامام جدول أعمال اجتماعياً وتبني صورتها كشهيرة ترتبط بالطبقات المثقفة والشابة في العالم العربي. بعد سقوط مبارك نشرت رانيا على التويتر تهنئة لمصر والشعب المصري، وهي خطوة اتخذ الملك عبدالله وباقي الحكام في العالم العربي جانب الحذر من القيام بها. في وثائق ويكيليكس انكشف بأن الملكة درجت على المشاركة في لقاءات سياسية تعقد مع الملك، وفي لقاءين مع جهات من الولاياتالمتحدة أعربت حتى عن رأيها بالنسبة لدور الامريكيين في المنطقة، سياسة الرئيس أوباما ومكانة الاردن كجهة ستقف حيال إيران. الملكة رانيا لا تكن عاطفة كبيرة لإسرائيل، على أقل تقدير. كتابها 'تغيير الساندويشات' الذي يعنى بتعدد الثقافات ترجم الى لغات أجنبية، ولكن الملكة رفضت التوجهات من دور نشر إسرائيلية لنشره بالعبرية. وقد درجت على الإعراب عن آراء قاطعة منددة بإسرائيل ومؤيدة للكفاح الفلسطيني، مثلما لم تفعل أي ملكة أردنية قبلها. ولكن إسرائيل ليست في مركز الخلاف الذي تثيره الملكة. غضب رجال العشائر ينبع من التخوف من أن الأردن يفقد هويته ويصبح دولة فلسطينية. الملكة الاردنية، فلسطينية الأصل، هي رمز بل وجهة فاعلة في هذه الدينامية. نشاط رانيا يلمس العصب الأكثر حساسية لنسيج العلاقات الأردنية الداخلية: التوتر بين الفلسطينيين والأردنيين الذي هدد دوما بتمزيق المملكة. موقف سكان المملكة الهاشمية من ملكتهم يمكن أن يشكل مقياسا لاستقرار التحالف الذي تقوم عليه الأسرة المالكة الأردنية. لإسرائيل مصلحة واضحة في الحفاظ على السلام والعلاقات الطيبة مع الأردن.