" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ "صدق الله العظيم هذا القرآن الذي لم تتوقف آياته بوفاة رسولنا الكريم سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) آخر رُسل السماء إلي الأرض وانقطاع الوحي بل ستظل آياته تُتلي علي الناس أجمعين إلي يوم الدين ولن ينتهي قصصه عند ما ورد فيه بل ستظل أحسن القصص الإلهية تروي علي البشر أجمعين علي مر الزمان كي يتعظ الناس ولايكون لهم حجة يوم المشهد العظيم الذي يقفون فيه أمام الله سبحانه وتعالي، وإحدي آياته العظيمة ما يَحدث في زماننا هذا علي أرض مصر، التي دارت عليها أهم فصول هذه القصة الربانية (قصة يوسف) وعليها أيضاً دارت أحداث قصة فرعون موسي وشهد بحرها العظيم سقوطه و نهايته ويشاء العلي القدير أن يقص علي العالمين أحسن القصص من أرض مصر أيضاً في هذا الزمان!! إنها المشيئة الإلهية التي لا يقف أمامها مشيئة بشر ولا تخطر علي بال بشر، إن قصة سقوط فرعون مصر الحديث (مبارك) كما جرت المقادير الإلهية لم تكن لتخطر علي فكر أي روائي مهما شطح خياله أو بلغت قدراته الإبداعية.. إنها إعجاز بكل المقاييس تجلي فيها الخالق برسالة إلي خلقه أجمعين ليقرأونها بتدبر وتمعن لعلهم يفيقون من غفلتهم الدنيوية ويفرون إلي الله المُعز المُذل الذي في يده وحده الأمر والمصير، لقد قرأ كل الناس الرسالة ولكن هل فهمها الجميع وهل استوعبوها جيدا؟! وهل أُختزنت في أذهانهم وحفرت في قلوبهم وطبعت في أبصارهم وحفظت في آذانهم؟ أم هم صمُ بكمُ عميُ لايفقهون وسينسونها كما نسي الأولون من قبل؟! هذا هو السؤال الذي يراودني ككاتبة دراما بالدرجة الأولي قبل أن أكون مراقبة للأحداث محاولة فهمها وتحليلها، منذ أن نزع الله هيبة مبارك من نفوس المصريين فأسقطوه وهو في عز قوته وجبروته وسقطت كل أجهزته الأمنية التي كان يحتمي وراءها في حصونه الفولاذية وبدت كأنها أهون من بيت العنكبوت!! صدقوني هذه لحظات للتأمل والعظة وليست للتشفي، إن فرعون مصر الحديث وهامان وجنوده غرتهم الحياة الدنيا وتوهموا أنهم قادرون عليها وعلي مقاديرها بسلطانهم فنسوا الله فأنساهم أنفسهم حتي وصلوا إلي ذروة الغفلة والجبروت والغرور فأخذهم أخذ عزيز مقتدر وهذه نهاية كل ظالم جبار منذ خلق الله الأرض وما عليها وتلك سنة الله ولاتبديل لسنته "والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون" صدق الله العظيم. إذن لقد أجاب الله سبحانه وتعالي علي سؤالي فلن تتعظ إلا القلة وسيظل أكثر الناس غافلين يقرأون هذه القصص الإلهية ويستمتعون بأحداثها ويتناقلونها بينهم كالنوادر الطريفة دون أن تمس قلوبهم ووجدانهم بحق!!.. لقد منح الله فرعون مصر الحديث فرصا عدة لعله يفوق ويهتدي، إذ نجاه من خمس محاولات اغتيال وشفاه من مرض عضال ولكنه لم ينتبه وتمادي في غفلته فذكره بالموت الغائب عن ذاكرته، حينما مات حفيده ذو الاثني عشر عاماً وكانت الرسالة شديدة الوضوح و البلاغة لرجل تخطي الثمانين من عمره ولكنه لم يفهمها أيضاً وتمسك بالدنيا وزينتها أكثر وتمادي في فساده وظلمه وإن كان قد ارتدي رباط عنق أسود حول رقبته بينما أراد الله أن يفك رقاب العباد الذين استعبدهم وأذلهم وسرق أموالهم ولكنه ظل مستكبراً رافضاً لإرادته حتي آخر خطاب له لشعبه الذي خرج عن بكرة أبيه رافضاً حكمه ولكنه لم يرهم وزين له الشيطان سوء عمله وتمادي في ضلاله ولم يتعظ !! لم يفهم الفرعون الحديث رسالات ربه وهو جالس علي عرشه فهل فهمها الآن وهو حبيس حجرته أم مازال يكابر ؟! هذا هو السؤال الثاني الذي يداعب خيالي ككاتبة دراما خاصة بعد الكلمة التي وجها إلي المصريين عبر تسجيل صوتي، كما يفعل بن لادن، والتي حملت الكثير من الصلف والتعالي وكأنه مازال رئيساً لمصر مما أوحي أنه مازال يعيش حالة الإنكار لما يحدث، وماذا عن نجليه وجنوده وهم داخل زنازينهم الضيقة وهم الذين يملكون الفيلات الفارهة والقصور الفاخرة في ربوع الوطن وأرجاء العالم التي تمتلئ خزائن دولها بأموالهم المنهوبة من الشعب المصري ماذا فعلت لهم كل هذه الثروة الملعونة التي لم تجلب لهم سوي الفضيحة والعار ؟! وأين هم منها الآن؟! هل يراودهم هذا التساؤل الآن وهم داخل محبسهم؟! ربما هي لحظة للرجوع إلي النفس وحسابها بعد فوات الأوان ولو أنني أري أن مازال أمامهم فرصة ومنحة من الله يجب ألا يضيعوها لتطهير أنفسهم والتفرغ بعدها للاستغفار والتوبة إلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولاً، ألا وهي إعادة كل ما نهبوه من ثروات مصر إلي أصحابها الأصليين إلي الشعب المصري وأن يحول فرعون مصر ثروته إلي الخزينة المصرية بدلاً من توزيعها علي أمراء الخليج بغرض التمويه علي ثروته قبل التحقيق معه ومهما أمَن نفسه بأوراق ومستندات تحفظ حقه كما هو متبع في مثل هذه الحالات فلن تعود إليه ولن يستفيد منها فلم يعد في العمر كثيراً. فمصر أولي إذا كنت حقا تحبها كما تدعي!! هذه فرصتك الأخيرة قبل أن تقابل ربك فهل ستفعلها أم ستضيعها كسابقيها وتظل تفكر وتفكر إلي أن ينتهي الامتحان وتخرج صفر اليدين؟! لقد قال فرعون موسي في لحظاته الأخيرة "آمنت برب موسي وهارون" فنجاه الله ببدنه ليكون عبرة للعالمين ولكننا لا نعرف ماذا سيقول الفرعون مبارك في لحظاته الأخيرة فالقصة الإلهية لم تنته بعد!! [email protected]