الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    محافظ الإسكندرية: توجيهات رئاسية بإعادة إحياء موقع أبو مينا الأثري    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    وزير العدل يتفقد أعمال تطوير محكمة جنوب الجيزة الابتدائية    انتقدت خطة ترامب لتهجير مليون غزاوى إلى ليبيا .. حماس : ليس من حق أى طرف خارجى الحديث نيابةً عن الفلسطينيين    مصطفى مدبولي يستعرض مقترحا حول الاستغلال الأمثل لمسار العائلة المقدسة    إزالة 88 حالة تعد ضمن المرحلة الأولى للموجه ال 26 بأسوان    غادة إبراهيم وبوسي شلبي.. تصاعد الخلاف بين الفنانة والإعلامية بسبب مقطع «أوضة ضلمة» (قصة كاملة)    ياسمين صبري تشارك متابعيها كواليس «فوتوسيشن» جديد    في جراحة دقيقة وعاجلة.. فريق طبي ينقذ يد مريض من البتر ب مستشفى السنبلاوين العام    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    وفاة طفلين توأم في انقلاب سيارة بترعة في البحيرة    المحاولة الخامسة منذ 2008.. توتنهام يبحث عن منصات التتويج أمام مانشستر يونايتد    تجهيز اللاعبين وجوانب خططية.. الزمالك يختتم معسكره استعدادا لمواجهة بتروجيت    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات بين الأهلي ووادي دجلة (مستند)    «بعد حديث مهيب».. أسامة حسني يكشف تفاصيل تمديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    بث مباشر.. الأهلي 13-11 الزمالك.. دوري السوبر للسلة    محافظ سوهاج يسلم التأشيرات والتذاكر للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    جدل لغز ابن نجم شهير.. هل موجود أم لا ؟ | فيديو    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    بالصور.. يسرا وهدى المفتي من كواليس تصوير فيلم الست لما    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    «الوطني الفلسطيني» يرحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا لوقف العدوان على غزة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مبروك عطية:
أطالب الإسلاميين بتوسيع صدورهم وعدم أخذ المخالفين بالشبهات ليس كل متدين يصلح أن يكون سياسيا ولا رجل اقتصاد
نشر في الوفد يوم 30 - 01 - 2013

تيار سلفي مازال يستقطب أرضا جديدة بسبب احتكار رموزه حق الحديث باسم صحيح الإسلام وقوي مدنية وسياسية تعيش حالة من الترصد تجاه الإسلاميين وتوجه سلاح السخرية ضد «حملة المصاحف».
ترزخ أغلبية لم تعد «صامتة» تضم ملايين حائرين بين كلا التيارين، فيما يخيم علي مصر ليل طويل لم تفلح ثورة يناير في تبديد ظلماته، وفيما كان رجال الدين في عقود سابقة قادرين علي رد الفتن عن الناس، إذ ببعض الدعاة في الفترة الأخيرة باتوا مصدرا للفتن بدلا من أن يكونوا البوصلة التي تهدي الحياري والتائهين وتردهم لدين الله ردا جميلا.. وكما كانت مصر قبل سنوات تعج برموز في شتي المجالات، كان هناك إعلام في دنيا الدعوة الي الله غير أن نظرة عابرة الآن تكشف افتقار الساحة لهذا النوع من العلماء القادرين علي الكشف عن صحيح الدين دون غلو أو تفريط ومن بينهم الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر، حينما التقيته كانت المعركة لا تزال مشتعلة بين عدد من الدعاة الذين قضوا مضاجع الناس بفتاوي تراها النخبة لا تقدم ولا تؤخر في تطور البلاد عن حالة الدعوة الي الله وما يعتريها من أزمات وعن الرئيس الذي يتعرض لانتقادات بالغة من قبل خصومه والملايين الشاردة التي تبحث عن ضوء يهديها، والأزهر الذي مازال منكفئا حول ذاته.. وكان هذا الحوار:
لماذا كلما ذُكر الحديث عن تطبيق الشريعة ازددت غضبا؟
- بالطبع كلما كثر الحديث عن تطبيق الشريعة ازددت ألما ووجعا لأن تطبيق الشريعة الإسلامية يعني أن نكون أمة إسلامية، بمعني أن ننتقل من مستوي الحيوانية الوضيع الي مستوي الإنسانية العالي الراقي.. هذه هي الشريعة.. قال تعالي: «هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة»، لي كتاب مطبوع بعنوان «تزكية النفوس من مقاصد بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم» وأعتقد أنك لو طبقت معايير تزكية النفوس في المجتمع المسلم فإن ذلك يكون بمعني أن يتحلي الناس بقيم الإسلام في المعاملات كأن يتحدثوا بصوت منخفض ويتحلوا بالصبر والوفاء والمروءة والحرص علي طلب العلم واحترام أهله، لقد عرفنا النبي صلي الله عليه وسلم بأنه كان أود الناس وأكثرهم خلقا وأمانة ولم نعرفه بأنه قاطع أياد، وهو القائل: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» هذه هي شريعة الإسلام بمعني أن تسعي لنشر فضائل هذا الدين لكي يصبح المسلمون أمة من الناس، الله عز وجل يقول في سورة البقرة عن المنافقين: «وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس» فسمي المؤمنين «الناس» بمعني أنهم يعاشرون و«الإنسي» في «لسان العرب» لابن منظور ضد «الوحشي» فإذا وجدت الناس وحوشا فليس هناك تطبيق للشريعة، لذا أقول إنني أشعر بالألم حينما أسمع كلمة تطبيق الشريعة بمعني تطبيق الحدود، مع أن إقامتها ليس أمرا مزعجا لأن الله سبحانه وتعالي أمر ألا نقيمها إذا وجدت شبهة «ادرأوا الحدود بالشبهات»، فأنالا أدري لماذا نتصدي لها من باب المتشهي، أنا أذكر أن علماء «بلخ» اتفقوا فيما بينهم علي أنه لا يقام حد شرب الخمر علي السكير إذا قرأ سورة من السور القصار في القرآن الكريم دون أن يخرف فيها، وقد اقتيد سكران يوما لقاض الذي طالبه بقراءة سورة «الكافرون» فقال له الرجل: بل اقرأ لي أنت الفاتحة، فقال القاضي: «الحمد لله رب العالمين» فقال له الرجل: أخطأت لأنك لم تستعذ من الشيطان والله سبحانه وتعالي يقول: «وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم» ولم تتل البسمة وهي آية في أم الكتاب، فقال القاضي: هل جئتم لي بسكير أم بفقيه؟ وهناك الرجل الذي جاء للنبي ليقيم عليه الحد معترفا بذنبه فطرده النبي صلي الله عليه وسلم حتي عاد إليه أربع مرات.
هل يجوز للشباب أن يقيم الحد من تلقاء نفسه كما حدث خلال الفترة الأخيرة؟
- هذا عبث فلا يقيم الحد إلا الدولة ومن أقامه من تلقاء نفسه فينبغي أن يقتص منه بإقامة الحد عليه، وعدم إقامة الحدود في هذه الحالة أولي من إقامتها، والحاكم هو المنوط به إقامة الحد فإذا لم يقمه فأمره مفوض الي الله سبحانه وتعالي ويتوب الله علي مرتكب الإثم إذا ما تاب، وهناك خلاف بين العلماء في بعض القضايا الخاصة بالحدود كحال العاطش الذي لم يجد ماء فشرب بعض الخمر.. اختلف العلماء حول هذا، فمنهم من أجاز الشرب ومنهم من منع، ومجرد الخلاف بينهم يعد شبهة لا يقام علي إثرها الحد.. لذا أولي بنا أن ننشغل بتطبيق الشريعة من خلال تزكية النفوس والارتقاء لمستوي الإنسانية في التعامل من خلال إغاثة الفقير والعطف علي اليتيم ونجدة المريض وغير ذلك من أفعال الخير التي تحيي الأمة مجددا وتفعل الدين بين أفرادها لا أن نصوره «بعبعا» سيقتل الناس.
فتوى عدم جواز تهنئة غير المسلمين بالأعياد أحدثت جدلاً واسعا.. ما رأيكم فيها؟
- الله سبحانه وتعالى يقول في سورة «الممتحنة»: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم».. للأسف الشديد الضعف اللغوي يؤدي لضعف الدين، فالبر هو اسم جامع لكل معاني الخير، ثم انظر لإجماع غير فقهاء المسلمين الذين أجازوا ان توصي لغير المسلم بثلث مالك.. والسؤال: خسارة ثلث المال أصعب، أم أن تقول له كل سنة وأنت طيب؟!
كيف تنظر للفضائيات الدينية التي يهاجمها البعض؟
- لا أحكم بالمجموع، فهناك من يتحدث في القنوات الدينية وهو لا يفقه شيئاً، وهناك من يظهرون بها وهم على علم عظيم لذا فلا يمكن ان ننتقدها على الجملة.
لماذا لم تظهر فيها؟
- لم يدعني أحد وأنا لا أذهب لمكان من تلقاء نفسي وعندي إذاعة القرآن الكريم بالإضافة لبرنامج تلفزيوني في قناة «دريم».
انتقلت لساحات الدعوة في الفترة الأخيرة بين من يدعون انتماءهم لأهل العلم، لغة السباب واللعان.. كيف تقيّم الامر؟
- ها أنت قد أجبت عن السؤال من البداية، قلت يدعون انتماءهم للعلم، وأزيد على ان مثل هؤلاء يقودون إلى الكوارث وذلك لأن العلم لا يتسبب في فتنة الأمة بل في هدايتها وقيمة العلم في الإسلام كبرى طبقاً للحديث الشريف «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وقال النبي ايضا «ليس المسلم بسباب ولا لعّان ولا فاحش ولا بذىء»..أي أن آيات الإيمان هي في صون اللسان»، وقد قال الصادق الأمين «وهل يكب الناس في النار إلا من حصائد ألسنتهم»، لكن ثورة النفس عند كثير من الناس تتغلب على نزعة الإيمان، وبالتالي المعادلة المستقيمة ان يكون المسلم عف اللسان، وقد روى البخاري في صحيحه «إن شر الناس من هجره الناس لاتقاء فحشه»، وهذا البيان النبوي يفيد بأن المسلم جلاب» لمن يعاشره، وفي البخاري ايضاً «أقرب الناس مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون»، والكلمة الطيبة التي أوصانا الله ورسوله بها لن تكون طيبة إلا إذا خلت من السباب واللعان والفحش، والقرآن الكريم كله كلام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، وحينما حدث النبي قومه ولم يكونوا آمنوا بعد حدثهم بالحسنى ولم يسبهم أو يلعنهم، والسنة النبوية المطهرة غنية بالعديد من الشواهد التي تكشف عن اجتناب النبي للفحش في القول والفعل.
كيف تفسر الحفاوة التي قوبل بها الشيخ «العريفي» وكل الدعاة الذين يجيئون من بلدان عربية ؟
- بداية كل عالم أو داعية يقول في حق مصر كلمة طيبة ينبغي ان نقول له أحسنت وشكر الله لك، لأن وجود هذه الكلمة على لسان الداعية دليل على محبته لمصر، غير ان ما يسبب بعض الإشكال هو ان يكون هناك بعض المبالغة في الثناء على الخطيب للحد الذي يجعل احد كبار الكتاب يقول رداً على كلمة الشيخ العريفي: «كأنني اطلع للمرة الأولى على تاريخ مصر وما فيها من العلماء»، وكأننا لم نقرأ القرآن الكريم ولم نعرف عدد المرات التي ذكر فيها لفظ مصر فيه، وكأننا لا نعرف الكتب التي ألفها علماء مصر ولا نعرف صلاح الدين الايوبي. بعض الناس قال عن كلمة «العريفي» إنها وثيقة تاريخية، وهذا أيضاً من المبالغات مع اتفاقنا على انها كلمة طيبة وجزى الله «العريفي» وغيره خير الجزاء لأنه ذكر مصر بما هي أهل له، والعلم رحم بين اهله، ونحن إذ نعانقه إجلالاً ونحبه إنساناً نشكر له فضله إلا أنه ينبغي ان نقول ما يرضى ربنا من الإنصاف والعدل دون المبالغات التى تشعر ان مصر خالية الوفاض أو أنه لا علماء فيها أو أننا جاهلون بأمر أمتنا.
انقسم العلماء فيما بينهم حول علاقة الدين بالسياسة؟
- لا توجد إشكالية، بل هناك حالة من عدم التحقيق، فالحقيقة ان الدين هو منهج لكل شيء، ومعنى ذلك انه ليس كل متدين يصلح لأن يكون سياسياً ولا أن يكون رجل اقتصاد.. هذا من العبث لكن الحقيقة ان هناك مهرة في السياسة وهم متدينون وهناك مهرة في الاقتصاد وهم متدينون، لا ينبغي أن نطلق أحكاما مفادها انه لابد لمن يشتغل بالدين ان يكون سياسياً بل لابد أن تكتمل العبارة أي أنه «لا ينبغي للمتدين أن يكون مشتغلاً بالسياسة إذا كان جاهلاً بها» فالعبرة في هذا الدين بالخبرة لا بالتدين، ومأساة أمتنا منذ زمن بعيد هو العمل بالقول الشائع: «خذ من عبد الله واتكل على الله» وهذا جهل بالدين.. الرسول صلى الله عليه وسلم يتخذ من عبد الله بن أريقط دليلاً له وهو مشرك في الطريق وهو هادي البشرية ودليلها إلى الله، ويقول لسعد بن ابي وقاص تربّ على يد الحارث بن كلده لأنه كان أستاذاً في العلم، وكان الحارث في ذلك الوقت مشركاً، وقالت العرب قديماً «أعط القوس باريها» اي «اعط العيش لخبازه»، لا يعني هذا ان الخباز هذا مشرك وان الذي تقدم للخبيز انسان مسلم متدين، وقال «من كان في يده كنانة فلينثرها أمام أبوطلحة» لأنه رضى الله عنه كان استاذا في الرمي وإذا لم نتعلم هذا الدرس فسدت كل أمور حياتنا ونحن مطالبون كما قال عمر بن الخطاب ان نعلم أبناءنا السباحة والرماية وركوب الخيل، منهم من يتعلم وينبغ ومنهم من يتخلف وليس هذا عيبا في دينه بل في مهاراته، فمن صار رامياً ولي أمر الرماية ومن صار سياسياً ولي أمر السياسة ومن كان اقتصاديا ولي امر الاقتصاد.. لكن أن نلصق في الدين تهماً ليست فيه فهذا من المآسي.
البعض يحاول أن يصدّر لنا أن صحيح الإسلام دخل مصر على يد السلفيين الجدد وليس على يد عمرو بن العاص قبل ما يزيد على 1430 عاما؟
- الإسلام دخل مصر بأمر من عمر بن الخطاب ولو لم يأذن لما دخل عمرو بن العاص ولم يكن عمر يأذن له إلا لأن الرسول الكريم بشر بفتحها وماكان الرسول ليبشر بذلك إلا بأمر من عند الله عز وجل، فقد أرسله جل وعلا للناس كافة، فالرسول مأمور بأن ينشر الإسلام للناس كافة، وأتباع النبي من بعده مأمورون بذلك، فقد قال: «بلغوا عني ولو آية» فنحن مأمورون بالتبليغ امتثالاً لقوله تعالى « قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني»، أما ما يذكر عن أن الإسلام دخل على يد فلان أو علان فهذا من الممكن ان نتسامح فيه من قبيل الكناية ومن المبالغة أي أن الإسلام تجدد على يد عالم التف الناس حوله فعلمهم من أمور دينهم ما ينفعهم ويبعد عنهم الخرافة والدجل والشعوذة.
بعض دعاة السلف يقللون من شأن الأزهر؟
- لا أعتقد انهم يقللون من قدره أو يشوهونه لأن الأزهر قدره كبير في صدور العلماء ولم أسمع عن أي من الدعاة يشوهون الأزهر.
إنهم يهاجمون شيخه ويطالبون بعزله؟
- لا ينبغي ان نحكم على رجل وهو غاضب او ننزع من كلامه جملة في غير سياقها، النبي حينما دخل عليه عمر بن الخطاب ممسكاً بتلابيب هشام بن حكيم لأنه قرأ سورة «الفرقان» على وجه لم يعرفه، اول شيء قاله صلى الله عليه وسلم «أرسله يا عمر» ثم بدأ النبي يستمع لتلاوة كلا الرجلين، ثم قال عقب كل قراءة «هكذا أنزلت» في إشارة إلى أن القرآن أنزل على سبعة أحرف أي سبع قراءات، والشاهد في كلامي انه لا ينبغي الحكم على عبارة قالها ثائر والبلد كله في حالة ثورة ولذلك الحكم السريع على الناس وهم في حالة غضب ليس من العدل، بل لابد ان تسمع شهادة الرجل وهو هادئ وغير متوتر ولو هدأت من روع هذا الثائر ضد الأزهر وشرب كوب ماء باردا لاختلف رأيه تماماً.
إذا كنت تصر على توافر شرط الخبرة فيمن يتولى العمل السياسي، فهل ينبغي على الرئيس «مرسي» عدم العمل بالسياسة لأنه يجهلها؟
-الرئيس مرسي لم يُختبر بعد، فهو يواجه بالاعتصامات والمظاهرات منذ اول يوم لولايته، فالإضرابات تتوالى وهناك حالة من الترصد له وينبغي ان يُمهل وان نتركه يعمل دون معوقات.
ولكن كيف تقيم أداء الرئيس في الشهور الستة الأولى من ولايته؟
- أنا لا أقيمه ولكن رأيي في الرجل أن فيه « شركاء متشاكسون» وأنا من اول يوم أقولها وألقى الله عليها، بمعنى أن الرئيس اخذ البلد موجوعة بتركة ثقيلة وميراث فقر وسوء تخطيط وفساد كبير وأمور مبهمة مظلمة، وقد أسندت له المسئولية فجأة فاصطدم بما لا تحمد عقباه من جميع القضايا وحوله من لا يعينه من أصحاب التيارات السياسية لا تقف معه بل قصرت في دعمه بمعنى انها تتهمه بأنه أغرق البلاد وشهادتي عنه انه مظلوم والزمن لا يكفي لحل جميع المشكلات.
(مطلقاً تنهيدة وهو يعتدل في جلسته): أنا أحفظ عن ظهر قلب عن اهل العلم والعلماء، قالوا عن «الفارابي» انه «مات وفي صدره شيء من حتى».. ظل عمره كله يدرس اللغة العربية وعلى الرغم من ذلك لم يشف غليله بحثه في «حتى» فما بالكم والرئيس مرسي يتصدى لملفات ضخمة كالبطالة والفساد والأموال المنهوبة وسوء الخدمات كافة بينما من عليهم ان يدعموه متصارعون بين فرق شتى «مليون ائتلاف» وكل يوم مظاهرة (ناظراً للأرض في حسرة): لا أطن ان الرجل ينام مستريحاً او قرير العينين لأن المقادير قذفت به لقيادة مجتمع «فاير» لا يعطيه الفرصة ولا يقوي من عزمه.
عادت فتاوى عدم جواز الخروج على الحاكم تصدح مجدداً من حناجر الدعاة، فكيف ترى مشروعية الخروج على محمد مرسي؟
- مسألة الخروج على الحاكم معناها عند الفقهاء عدم السمع له والطاعة وليس معناها قتاله، والخروج عليه نوع من العقوق أو ما يسمى حاليا بالعصيان المدني، والخروج على الحاكم لا يجوز إلا عندما يأمر بمعصية أو عندما يفسد، لأن النبي هو الذي قال ذلك.
إذن أين المشكلة؟
- المشكلة أننا نتكلم «بهمبكة» والهمبكة هذه عدوة لله ولرسوله، وللعلم (منفعلاً) أنا أحدثك حديثا إذا لم يكن عندي دليل عليه فلا داعي لنشره اصلاً.
وما أدلتك على عدم جواز الخروج على الحاكم إلا بشروط؟
- ولى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً اسمه عبد الله بن حذافة يوما وهو علم من الأعلام، فجمع الجنود الذين أصبح اميراً عليهم وقال لهم: ألم يأمركم النبي بطاعتي؟ قالوا: نعم، قال: فاجمعوا حطباً، فلما جمعوها قال: اشعلوا النار فيها، فلما فعلوا قال: ارموا أنفسكم بها، فانقسم الجنود على أمرين: فريق قالوا نفعل، وفريق قالوا انما دخلنا للإسلام من أجل ان ننجو من النار لا أن ندخلها، وأجمعوا امرهم على عدم طاعته، فلما بلغ ذلك النبي الكريم قال: «لو أطاعوه لما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف»، فيجب طاعة الحاكم مادام يحكم بالمعروف الذي ليس معناه ان الحاكم معصوم او ملاك، وللعلماء رأيان في مسألة هل يجوز الصلاة وراء الإمام الفاسق؟ الإجابة نعم يجوز الصلاة وراءه إذا لم يكن بيّن الفسق كأن تراه يترنح من السكر.
وهل تعد المظاهرات خروجا على الحاكم؟
- طالما لم يكن فيها تعطيل لمصالح الناس ولا تعطيل للطريق أو اعتداء على المؤسسات والأفراد فلا شيء فيها.
إذن المظاهرات السلمية لاشيء فيها ؟
- ادعُ كما شئت ولكن لابد أن نسأل من الداعي وكم عدده وما فكره.. وأتساءل هل الدعوات اليوم بإسقاط محمد مرسي تعادل الدعوات التي خرجت يوم 25 يناير بداية الثورة ضد نظام مبارك حين اجتمع الناس من كل صوب وتدفقوا نحو الميادين لأنه قد «طمى السيل» أما الآن فإن روح الثورة موجودة ولك ان تقارن بين التعامل الوحشي مع المتظاهرين في الماضي وما يجري الآن.. الوضع مختلف تماما اليوم، هناك الدعوة للحوار وللإصلاح بين الناس من قبل النظام عكس ماكان يحدث في السابق.
ترفض الدعوة لإسقاط الرئيس ؟
- أرفضها لأنها سوف تأتي بما لا يحمد عقباه وستؤدي لفراغ في المقعد الرئاسي مجدداً والعودة لنقطة البداية ولن يكون هناك امل، ولابد ان نسأل عن هؤلاء الداعين لإسقاط الرئيس بالقوة وكم يمثلون في الشارع، كما علينا أن نحترم نتائج الصندوق الذي احتكم اليه.
هل تعتقد أن التيار الإسلامي سيبقى في صدارة المشهد أم إلى زوال؟
- أنا ضد كلمة «تيار إسلامي» لأن التيار يأتي وينقطع أما الإسلام فهو دين سماوي باق.
وأطالب الإسلاميين بأن يتسع صدرهم للمخالفين معهم في الرأي وعدم تصنيف الناس بالشبهات لأن الله وحده يعلم ما في الصدور وأرجو من قلبي ان يوفق الرئيس لأن في ذلك خيرا للبلاد بكل طوائفها ويؤلمني ان نرى حالة الشتات تعترينا على هذا النحو الذي نراه بعد ان كنا كتلة واحدة في الميدان ومن حق الناس ان تعترض ولكن بالحسنى.
كيف تنظر للدعاة الذين يستخدمون لغة التهديد على طول الخط في الدعوة؟
- هؤلاء منفرون وفقه الدعوة قائم على الترغيب والترهيب معاً ودين الله مليء بنسمات الرحمة التي تفتح الباب أمام العصاة ليتوبوا، لذا فالداعية عليه ان يدعو لدين الله بالحسنى وألا يحجب عن الناس رحمة المولى عز وجل، وأتذكر أنه حين زار حماد شيخ أبى حنيفة أمير المؤمنين فى المدينة سفيان وهو مريض سأله سفيان: يا حماد، ترى هل يغفر الله لمثلى؟ فقال له حماد: لو خُيرت بين أن يحاسبنى الله وأن يحاسبنى والداى، لاخترت أن يحاسبنى الله، لأن الله أرحم بى من والدىّ».
بطاقة شخصية
مبروك عطية أحمد أبوزيد ولد 27 أغسطس عام 1958 بمحافظة المنوفية
التحق بالتعليم الأزهري منذ سنوات الطفولة حتى تخرج في كلية اللغة العربية، قسم اللغويات
حصل علي درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر مع مرتبة الشرف الأولي
رئيس قسم حاليا في كلية الدراسات الإسلامية والعربية
له قرابة مائة كتاب في اللغة والفقه والثقافة الإسلامية
من كتبه في مجال الدعوة: التعصب وأثره في نص القرآن - الثقافة الإسلامية بين يدي الله - دليل الزوجة المسلمة - سلسلة تذليل كتب التراث - الإسلام كما عرفه الصحابة- الأولويات في الفكر الإسلامي- الأسرة بين واقع الدين والحياة- أخطاء شائعة في تفسير القرآن الكريم- وفقه الشيطان.
قدم العديد من البرامج التليفزيونية، وشارك في مؤتمرات عالمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.