تذكرني طريقة الإخوان في إدارة أمور البلاد والعباد في مصر بقصة طريفة من عربجي أم كلثوم.. فالست كانت - رحمها الله - «عشرية» ولا تتخلي أبداً عمن يعمل في خدمتها.. وكان لديها «عربجي» يقود لها عربة الحنطور الخاصة بها، ولما تحسنت حالتها المالية، فكرت في الاستغناء عن الحنطور والحصان، ولكن كانت المشكلة الكبري التي واجهتها «الست» في العربجي الطيب ماذا تفعل معه؟! وتفتق ذهن سيدة الغناء العربي عن حل عبقري، فلماذا لا يقود عم أحمد - وهذا اسمه علي ما أظن - السيارة الجديدة التي اشترتها من حر مالها، ولكن عم أحمد لا يعلم القيادة فهو في البداية والنهاية «عربجي حنطور»، ولكن أحد أصدقاء «الست» حل لها المشكلة قائلاً «ما المانع في أن يتعلم عم أحمد القيادة ويسوق سيارتك؟». وبالفعل ألحقت أم كلثوم سائق الحنطور بأحد مراكز تعليم القيادة، وما هي إلا أيام وركب صاحبنا السيارة ذات الموتور وهو الذي أفني حياته في قيادة الحنطور، المهم أن عم أحمد وهو يسوق سيارة «الست» كان ينسي تماماً أنه يسوق سيارة حديثة ويتصرف كسائق حنطور، حتي أنه عندما كان يفاجأ بجمع من الناس يقفون في الشارع كان يخرج رأسه من شباك السيارة ويصرخ بأعلي صوت «وسع يا جدع أنت وهو»، فتستلقي الست علي مقعدها من كثرة الضحك وهي تقول له «يا عم أحمد عندك كلاكس.. لماذا لا تضرب الكلاكس حتي يوسع لك الناس الطريق»، فيضحك النوبي الجميل ويقول لها «معلهش يا ست الصنعة تُحبك»! لا أدري لماذا يذكرني دائماً أسلوب الإخوان وطريقتهم في قيادة البلاد بعربجي أم كلثوم، ربما لأن الإخوان يقودوننا الآن بطريقة إدارتهم لجماعتهم التي كان سرية.. ومحظورة أيضاً.. فلا شفافية في القيادة.. هم يتكتمون علي كل شيء.. يقولون ما لا يفعلون.. يكذبون.. ويتخذون من مبدأ «التقية» دستوراً دائماً لهم.. يخافون من أي شخص لا ينتمي لجماعتهم.. يشعرون بالعداوة للجميع ومع الكل.. لا يشركون أحدا في أعمال الدولة.. «يكوشون» علي كل شيء.. يعتبرون الوطن مجرد «طبق فتة» لا يدعون إليه إلا الأهل والعشيرة.. يتعاملون مع الوطن والشعب علي أنه رهينة اختطفوها، وليس عندهم أدني استعداد لإعادتها لأهلها.. يعني باختصار يديرون الوطن بنفس أسلوب إدارتهم لجماعتهم السرية المحظورة.. فنراهم يستبعدون الكفاءات، ويحاربون المنافسين، ويشوهون سمعتهم بكل شراسة.. وهي أمور كانت تصلح مع الجماعة حتي تكوين الميليشيات لا تصلح لحزب سياسي إنما هي أسلوب متبع مع الجماعات الإرهابية والسرية والمحظورة.. وها هم بعد حوالي ستة شهور من إدارتهم للبلاد والعباد نجحوا في تمزيق المجتمع، وفي زرع بذور الفتنة بين مواطنيه، الكل في حالة «احتراب» وتقاتل.. الاقتصاد منها، والسياسة فسدت.. والبلطجية أضحت دستور البلاد.. الدماء سالت والشعب تحول الكثير منه لأصحاب عاهات دائمة، الانفلات فى كل شئ والفقر والجوع في كل بيت.. الأسعار نار تحرق الجميع.. سقطت الدولة.. انهار النظام.. وبقي الغراب الإخواني ينعق فوق تلها.. هل عرفتم الآن العلاقة بين عربجي أم كلثوم والإخوان؟.. فعلاً الصنعة «تُحبك»، كما قال عم أحمد العربجي!