التدبر فى كتاب الله من اسباب زيادة الايمان والثبات على الحق وجدير بالذكر إنَّ هذه السورة المباركة سٌمِّيت بسورة الليل لأنَّ الله تعالى أقسم في مطلعها بالليل، قال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ}. وقد سُمِّيت في بعض كتب السلف الصالح بالليل مع تثبيت واو القسم قبلها وسُمِّيت دون واو القسم أيضًا، وقد سمَّاها البخاري والترمذي بسورة والليل إذا يغشى، وسورة الليل في هذا تتفق مع كثير من سور القرآن الكريم، وخاصة سور جزء عم، فمعظم سور جزء عم تبدأ بالقسم، كسورة الطارق وسورة الغاشية وغيرها، وكلُّ هذه السور سُمِّيت باسم كلمات وردَتْ في مطالعها أو سُمِّيت بأول كلمة وردتْ فيها، والله تعالى. فضل سورة الليل إنْ سور القرآن الكريم كلَّها تعود بالخير والفضل على الناس أجمعين، فهي بداية طريق للأجر والثواب، فقراءتها وتدبرها باب للأجر وكسب الحسنات، كما إنَّ القرآن الكريم شفيع لأهله يوم القيامة، عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم-: "اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ". وسورة الليل لم يرد في فضلها أي حديث نبوي يذكر فضل هذه السورة دون غيرها من سور القرآن الكريم، ولكنَّ الفاهم لمقاصد سورة الليل يدرك إنَّ فضل هذه السورة يكمن في أنَّها بيَّنت للمسلمين الفرق بين الاختيار والتكليف في الإسلام، كما أنَّ هذه السورة فرَّقت بين مصير المسلمين الصالحين ومصير من كذَّب وأشرك يوم القيامة، وأكَّدت على أنَّ الإنسان مخيَّر لا مسيَّر وأنَّه يختار طريقه الذي يسلكه في حياته بيده، فعلى الرغم من أن أقدار الناس مكتوبة ومصيرهم محدد ومعلوم عند الله تعالى، إلَّا أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له، أمَّا مَن كانَ مِن أهْلِ السَّعَادَةِ فيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهْلِ السَّعَادَةِ، وأَمَّا مَن كانَ مِن أهْلِ الشَّقَاءِ فيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهْلِ الشَّقَاوَةِ..".