ضحوا بأرواحهم لتحصل بلدنا على الحرية، سالت دماؤهم ليحيا غيرهم بشرف فى وطن حر كريم، سيذكرهم التاريخ فى أنصع صفحاته بعد أن سطروا بدمائهم الذكية تاريخا مجيدا وفتحوا طريق الحرية لأبناء وطنهم، إنهم شهداء ثورة 25 يناير. فبقدر فرحة المصريين بثورتهم وبقدر سعادة الشهداء باستشهادهم يسود الشعب حالة من الحزن العميق على عدم تقديم القتلة الحقيقيين للثوار للمحاكمة والقصاص من قتلة الثوار، والكف عن المتاجرة بدم الشهداء ودغدغة مشاعر أهاليهم واستخدام البعض القضية لتصفية الحسابات بدلا من محاكمات جادة نزيهة. عامان كاملان مضيا دون تحديد القتلة الحقيقيين، لجان ومحاكمات وأحكام بالبراءة لغياب الأدلة القطعية ومازال الجناة الحقيقيون فى الهواء الطلق يضحكون ويسخرون - ولما لا - وقد يكونون يتلاعبون بأوراق القضية على شعب حر لن يهدأ له بال حتى القصاص. لجان * لجان كان تقرير لجنة تقصى الحقائق الأولى والتى تم تشكيلها بعد الثورة سببًا فى حصول المتهمين ومن قدموا للمحاكمات على أحكام البراءة لكون تقريرها جاء مرسلا متناقضا وخلا من تقديم أدلة قطعية على ارتكاب المتهمين جرائم القتل للثوار ابتداء من مقتل الشهيد مصطفى رضا أول شهيد للثورة يوم 25 يناير فى مدينة السويس الباسلة وحتى مقتل الشهيد الحسينى أبوضيف أمام قصر الاتحادية مرورا بالشهيد جيكا وشهداء موقعة الجمل ومحمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء.. آلاف الشهداء والمصابين منذ اندلاع الثورة وحتى الذكرى الثانية لثورة يناير ومازال الفاعل الحقيقى مجهولا، ومازلنا نشكل لجانًا ولجانًا وصفها الخبراء والقانونيون بأنها لجان للشو الإعلامى وللمتاجرة بدم الشهداء، وذهب البعض الآخر إلى أنها لجان لتبرئة أطراف معينة بدأت أصابع الاتهام تشير إليها، سواء بالمشاركة أو التحريض وأقل ما يذهب إليه المحللون أن هذه الأطراف القتلة الحقيقيون وتتستر عليهم. فى حين ذهب البعض الآخر إلى محاولة الزج بمعارضين جدد وخصوم سياسيين كشفت عنهم أحداث ما بعد الثورة. فكيف يمكن للجنة جديدة بعد ما يقرب من عامين أن تأتى بجديد وتقدم أدلة وقرائن على متهمين جدد، فقد خرجت علينا اللجنة التى تم تشكيلها بتقرير مكتوب فى أكثر من 800 صفحة يدعون فيه أن يحمل أدلة جديدة فى حين خرجت أصوات من داخل اللجنة تدحض هذه الأفكار بل أنهم ذهبوا لأبعد من ذلك بقولهم أن اللجنة كانت تعمل طبقا لآجندة معينة لتبرئة جماعة معينة وأغلفت وقائع مهمة مثل فتح السجون واقتحامها والهجوم على أقسام الشرطة وحرقها. فشل فشلت الأجهزة الأمنية بعد الثورة وهى فى أحسن أحوالها منذ ثورة 25 يناير فى كشف المتورطين فى أحداث محمد محمود الثانية ومجلس الوزراء وماسبيرو وذكرى محمد محمود والاتحادية التى حدثت بالأمس القريب فكيف يمكن الكشف عن المتورطين فى أحداث يناير 2011؟! كاميرات الأجهزة الأمنية الحاضر الغائب كاميرات المراقبة التى ترصد كل صغيرة وكبيرة فى الأماكن الحيوية التى تراقبها مثل ميدان التحرير ووزارة الداخلية ومجلس الوزراء وقصر الاتحادية وهو أحد قصور الرئاسة التى يمارس الرئيس مرسى فيها أعماله، لم تظهر لنا هذه الكاميرات أى دليل على ما دار من أحداث دون سبب سوى ما ذهب إليه البعض بأن ظهور هذه التسجيلات سيكشف الكثير من المتورطين الحقيقيين فى الأحداث ممن ينبغى عدم الكشف عليهم والذين تقف وراءهم أياد قوية ليس لها رغبة فى الكشف عنهم لأن ذلك يدينهم ويضعهم فى السجون. الجدية الخبير الأمنى اللواء فؤاد علام اشترط توافر الجدية والرغبة الحقيقة فى كشف الحقائق مشيرا إلى أن الكشف عن مرتكبى هذه الجرائم يكون أسهل بكثير من جرائم أخرى، وحدد علام عددًا من المحاور وصفها بالمداخل الضرورية للكشف عن مرتكبى قتلة الثوار. أول هذه المحاور الكشف عن مصادر الأسلحة التى دخلت مصر فى هذه الفترة من صواريخ ومضادات للطائرات والأربجيهات، والتى تم استخدام بعضها فى سيناء وحتى اليوم مازال الغموض يحيط بهذه القضية، مضيف أننا حتى الآن لم نعرف من الذى أدخل هذه الأسلحة ومن خزنها وما يصدرها، وأعرب عن ثقته فى أنه لو تم فتح تحقيق فى هذه القضية فسيتم معرفة الكثير من الحقائق. المدخل الثانى والذى أوضح الخبير الأمنى أنه فى حالة فتح تحقيق فيه سيكشف العديد من الحقائق وهو عملية اقتحام السجون، مشيرًا إلى أن هناك 11 سجنا تم فتحها واقتحامها وهرب منها أكثر من 25 ألف سجين تم القبض على ما يقرب من 17 ألف سجين، فهؤلاء لم يتم استجوابهم ولديهم كم كبير من المعلومات عن كيفية عمليات الاقتحام والهروب لو تم تجميع هذه المعلومات لأمكن الكشف عن كثير من الحقائق التى تساعد فى الكشف عن الجناة الذين ارتكبوا جرائم قتل وإصابة الثوار. وعن المدخل الثالث لكشف قتلة الثوار أشار علام إلى الشهادة التى أدلى بها اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات أمام المحكمة فى محاكمة القرن كما يطلقون عليها وما أدلى به من أقوال خطيرة لم يتم التحقيق فيها وهى دخول ما بين 70 إلى 80 شخصًا من غزة وكانوا مسلحين ورصدتهم الأجهزة الأمنية، ولم يتم التحقيق فى هذه المعلومات ومن هم هؤلاء وإلى أين ذهبوا وهل ذهبوا إلى السجون أم إلى ميدان التحرير، وطالب علام أجهزة المخابرات بالكشف عن هذه المعلومات، كما طالب علام أجهزة مباحث أمن الدولة بكشف عما لديه من معلومات. وأضاف أن كاميرات التصوير المتواجدة فى المتحف المصرى وميدان التحرير ووزارة الداخلية والعديد من الأماكن السيادية نعرف شيئا عما سجلته وهل تم تدميرها أم لا، وهل هناك جهات تخشى من الكشف عما سجلته هذه الكاميرات. وأضاف الخبير الأمنى أن الثوار كانوا فى الميادين، ومن المؤكد أن لديهم الكثير من المعلومات والتى لو تم تجمعيها وتحليلها سيتم التوصل إلى نتائج. أصحاب المحلات والسكان والمقيمون بمنطقة ميدان التحرير من المؤكد أن لديهم معلومات يمكن الاستفادة منها فى التحقيقات. وطالب علام الأحزاب والقوى الثورية وشباب الثورة بتشكيل لجان وإسناد مهام معينة إلى كل لجنة، واشترط علام أن تكون هذه اللجان بعيدة عن الشرطة والنيابة والجهات الرسمية وأن يتم تقديم هذه التقارير إلى النيابة العامة مباشرة حتى يمكن الوصول إلى الجناة الحقيقيين لارتكاب جرائم قتل وإصابة الثوار. المستشار بهاء أبوشقة نائب رئيس حزب الوفد أرجع فشل تقرير لجنة تقصى الحقائق الأولى فى تقديم أدلة فى الدعوى إلى اختفاء الشرطة وحرق الأقسام وفرم المستندات وأن حالة البلاد بعد الثورة وما شهدته من ارتباك وفوضى كان سببا فى عدم وجود أدلة، بالإضافة إلى أن الاستعجال فى تقديم المتهمين لتهدئة الرأى العام كان وراء السرعة التى تم إعداد التقرير. وعول أبوشقة على اللجنة الأخيرة التى تم تشكيلها بالإضافة إلى تشكيل نيابات مختصة طبقا لقانون حماية الثورة وأن هناك أملاً فى أن تقرير هذه اللجنة تضمن أدلة وقرائن للإجابة عن العديد من التساؤلات وتقديم متهمين وقرائن تفيد المحقق فى كشف قتلة الثوار. وأعرب أبوشقة عن أمله أن تكون الأدلة وفق ضوابط التحقيق الجنائى، وأنه لا يوجد ما يحول قانونا من وجود أدلة جديدة تقود إلى إثبات التهمة. وطالب أبوشقة أن تطلق يد الشرطة لتتخذ ما تراه من إجراءات بحيادية تامة ودون قيود وذلك فى معرض رده على ما وقع مؤخرا من أحداث قتل فى ذكرى محمد محمود الثانية وأمام قصر الاتحادية. ونبه أبوشقة إلى أن دول العالم ترفض الإجراءات الاستثنائية فى المحاكمات وأن العالم أصبح قرية صغيرة ولا يمكن لأى دولة أن تخرج عن منظومة الشرعية الدولية وأن المحكمة الجنائية الدولية تحاكم أى رئيس أو مسئول يخرج عن الشرعية. ياسر سيد أحمد المحامى وعضو لجنة تقصى الحقائق الأخيرة أكد أن مرواغة الأجهزة المعنية خاصة الداخلية والأجهزة السيادية فى عدم تقديم ما لديها من معلومات ووثائق عن أحداث الثروة المصرية هو السبب فى عدم تقديم المتهمين فى جرائم قتل الثوار. وأرجع ذلك إلى القوانين التى تمنع هذه الأجهزة من تقديم ما لديها من معلومات ووثائق إلا بعد موافقة كتابية من رئيس الجمهورية، وأن رئيس الجمهورية لم يعط هذه الموافقة الكتابية لهذه الجهات، وأشار عضو لجنة تقصى الحقائق ومحامى أسر الشهداء إلى أن القانون رقم 100 لسنة 71 والخاص بالمخابرات العامة يكبل يد هذه الجهات فى إعطاء ما لديها من معلومات ووثائق إلا بعد صدور أمر كتابى بذلك من رئيس الجمهورية. وأعلن عن قيامه بإنذار رئيس الجمهورية قانونيا بضرورة الموافقة المكتوبة للأجهزة السيادية على تقديم ما لديها من معلومات ووثائق وصور إلى جهات التحقيق فى قضايا ثتل الثوار بدءا من أحداث ثورة يناير حتى أحداث قصر الاتحادية، وفى حالة امتناعه عن ذلك يعتبر مشاركا فى ضياع الأدلة والقرائن عن قتلة الثوار منذ أحداث يناير حتى أحداث الاتحادية. فهل تحمل الأيام المقبلة مفاجآت ويتم محاكمة قتلة الثوار منذ أحداث ثورة يناير وحتى وقائع قصر الاتحادية، أم أن القتلة الحقيقيين سيظلون أحرارًا فى الهواء الطلق؟