مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 4 مايو 2024    وكالة فيتش ترفع آفاق تصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    هل تقديم طلب التصالح على مخالفات البناء يوقف أمر الإزالة؟ رئيس «إسكان النواب» يجيب (فيديو)    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    استشهاد فلسطينيين اثنين خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي بلدة دير الغصون شمال طولكرم    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات تشهدها البرازيل منذ 80 عاما    رسالة محمود الخطيب لسيدات السلة بعد التتويج بكأس مصر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    فوزي لقجع يكشف حقيقة تدخله في تعيين الحكام بالاتحاد الأفريقي.. وكواليس نهائي دوري أبطال 2022    أول تعليق من رئيس مكافحة المنشطات على أزمة رمضان صبحي    طارق خيري: كأس مصر هديتنا إلى جماهير الأهلي    فريدة وائل: الأهلي حقق كأس مصر عن جدارة    سيدات سلة الأهلي| نادين السلعاوي: التركيز وتنفيذ تعليمات الجهاز الفني وراء الفوز ببطولة كأس مصر    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    حالة الطقس اليوم السبت.. «الأرصاد» تحذر من ظاهرتين جويتين مؤثرتين    "التموين" تضبط 18.8 ألف طن دقيق مدعم و50 طن سكر مدعم بالجيزة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    لا ضمير ولا إنسانية.. خالد أبو بكر يستنكر ترهيب إسرائيل لأعضاء الجنائية الدولية    قناة جديدة على واتساب لإطلاع أعضاء "البيطريين" على كافة المستجدات    وقف التراخيص.. التلاعب فى لوحة سيارتك يعرضك لعقوبة صارمة    بالفضي والأحمر .. آمال ماهر تشغل السعودية بأغاني أم كلثوم    حظك اليوم برج الجدي السبت 4-5-2024 مهنيا وعاطفيا    استعدادات لاستقبال شم النسيم 2024: الفرحة والترقب تملأ الأجواء    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    مينا مسعود أحد الأبطال.. المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    رشيد مشهراوي عن «المسافة صفر»: صناع الأفلام هم الضحايا    آمال ماهر تتألق بإطلالة فضية في النصف الثاني من حفلها بالسعودية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    حدث بالفن| مايا دياب تدافع عن نيشان ضد ياسمين عز وخضوع فنان لجراحة وكواليس حفل آمال ماهر في جدة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    5 فئات ممنوعة من تناول الرنجة في شم النسيم    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    في عيد العمال.. تعرف على أهداف ودستور العمل الدولية لحماية أبناءها    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" كتالة " قنبلة نوبية تنفجر في وجه الإخوان
نشر في الوفد يوم 19 - 01 - 2013

النوبة شعب مقيم في بيئته من قرون عديدة توالت في استمرارية، مع مكتسبات وخسارات نتيجة لهجرات وغزوات أتتها فَشَكَّلته وشكّلها وأبدعته وأبدعها، الثابت الوحيد هو البيئة، والمتغيِّر مع الاحتفاظ بأسسه بندان مهمان:
أولاهما: العِرقية النوبية التي تتقبل الآتين وتهضمهم فيكونوا في الغالب عامل تطوير لا عامل تفتيت.
ثانيهما: الثقافة، والثقافة هنا بمعني منظومة القيم وأسلوب السلوك والتفكير، والثقافة النوبية تغيرت قليلاً رغم شبه عزلتها، فدخول الغير فيها كان قليلاً نسبياً.
لذلك فالثابت الأساسي لقرون طويلة هو البيئة النوبية، هذا حتي داهمت النوبة طوفانات الخزانات المصرية، فالنوبي هويته ملتصقة بثابته الأساسي، بيئته، موطنه، وجغرافيته، حيث النيل والجبل النوبي والصخر والآثار النوبية، التي شاركت في بداية الحضارة الإنسانية، حضارة نوبية إنسانية من أهم الحضارات التي تفخر بها أفريقيا ولا ينكر عطاءاتها العالم المتحضر.
تعرض النوبيون لمآس عديدة والسبب وقوعها بجوار مصر الفرعونية التي أخذت بداياتها من الحضارة النوبية فقَوَتْ واستقْوَت علي من حولها بما فيها النوبة، وفي القرن التاسع عشر تم تقسيم النوبة لنوبتين جنوبية «سودانية، وشمالية مصرية» ثم أتي القرن العشرين لتتجبَّر مصر علي النوبة بأربعة تهجيرات مأساوية مفجعة، ثلاثة منها خزّانيّة بناء خزان أسوان 1902 وتعليتيه (1912 - 1932) وهي تهجيرات في نفس المنطقة، أي أن النوبيين يضطرون للصعود عاليا في الجبال النوبية المطلة علي قراهم علي ضفتي النيل.. فهي إذن تهجيرات عَرضية، ويستمر تصاعد مستوي المياه حتي تغرق مساكن النوبيين وزراعاتهم وأشجارهم خاصة أشجار النخيل عماد حياته.
وتتجبر الحكومات المصرية وتقرر للنوبيين تعويضات ظالمة..
كل هذه البلاءات الثلاثة لم ترصدها الحكومات المصرية ولم يتم تسجيلها مطلقاً، فقط حملتها نفوس أجيال النوبيين الذين تجرعوها، ثم أتي التهجير السدّي (تهجير 1964) وفيه تم طرد النوبيين طرداً تاماً من موطنهم النهري وإلقائهم في صحراء كوم أمبو، النوبيون الذين كانوا في حالة إنهاك وضعف شديدين نتيجة التهجيرات العَرضية الخزانية الثلاثة، ضربهم إعصار تهجير السد العالي فتزلزلت منظومتهم الحياتية، سُرِقت منهم بيئتهم النهرية النيلية، نُهِبَ موطنهم وألقيَ بهم في صحراء تعصف بنفوسهم وتقصف بأبدانهم، دولة تهينهم وتحتقرهم، أغرقتهم الأحزان وحرقة حنين للوطن النهري النيلي، قرن كامل بسنواته الثقيلة الجارحة تعمل فيهم قصفاً وتشتيتاً، كما تعرض النوبيون الأسمر - الأسود، وعلي لهجتهم وعلي عاداتهم وتقاليدهم وأعمالهم البسيطة التي مارسوها في بداية هجراتهم للمدن.
ومن بداية القرن الحادي والعشرين أخذوا يصرخون بقوة مطالبين بالحقوق النوبية الأساسية والتي أجملت في مؤتمر الأقباط الثاني العالمي في واشنطن في نوفمبر 2005 وهي الاعتراف بحق العودة للنوبيين، وإعطاء الأولوية في التوطين لمن يرغب من النوبيين، ومن بعد النوبيين، ينضم إليهم من يرغب من مواطني محافظة أسوان، وإعادة فتح ملف التعويضات النوبية البخسة، بالإضافة إلي تعويض النوبيين عن المظالم المعنوية التي وقعت عليهم ويجب معاملة أبناء النوبة معاملة الأولي بالرعاية في التعليم والتوظيف والمخصصات المالية والعينية، مع تخصيص نسبة كافية من المعونات الأجنبية لإعادة توطين النوبيين.
وسط كل هذه الأزمات وأهالي النوبة لم يشكلوا أي خطورة، ولم يحركوا ساكناً اتجاه الحكومات راضية بالتصريحات الحكومية التي تشبه المسكنات التي ما نالوا منها سوي الوعود فقط ولكن يأتي الحكم الإخواني الذي يحدث ضجة لأهالي النوبة بالتصريحات الهجومية، ومنها تصريح عصام العريان، الذي يشبه فيه النوبة بالهكسوس أو تشبيههم بالغزاة، ووصف الإخوان لأهالي النوبة بأنهم «بربر»، وأخيراً تصريحات الرئيس محمد مرسي عندما وصفهم ب «الجالية النوبية»، فكانت المحصلة حركة «كتالة» الانفصالية لتكون بمثابة قنبلة تنفجر في وجه مصر وحكومة الإخوان.
شباب النوبة ل «الوفد»: إذا كانت ثورة يناير «شررة» فثورتنا «جمرة»
في حالة من اليأس أخذ يتجول مناطق عدة للبحث عن حل لمشكلة وطنه الذي بات مهدداً من قبل جهات كثيرة، ضاعت حقوقهم وتم تهجيرهم من منازلهم واراضيهم.
في البداية انتابته حالة من الغضب ولكن سرعان ما ارتسمت علي وجهه الأسمر ابتسامة أضاعت معالم غضبه، وأخذ يلتقط انفاسه ثم بدأ يعرفنا علي هويته.. قائلاً: زكريا محمد صادق أبوسمبل «45 عاماً» عضو الاتحاد النوبي، فقدنا حقوقنا واحداً وراء الآخر والاتحاد هو الخطوة الأولي ليظهر صوت أهالي النوبة الحقيقي، خمسة آلاف ومائتا منزل يسمونهم المغتربين لم يتم تسليمهم بيوتهم منذ عام 64 بعد بناء السد العالي، و44 قرية تطالب بالعودة إلي منازلهم من جديد.
واستطرد حديثه قائلاً عن حركة «كتالة»: لم اتفاجأ بالحركة ما دامت الأمور السلمية لا تجدي، وأن النوبيين جزء أساسي من الوطن المصري وأن الحركة تضم عدد من النوبيين من أسوان وحتي الإسكندرية، بالإضافة للنوبيين في الخارج، لعدم نظر الرئيس لنا كجزء لا يتجزأ من الوطن في مجلس الشوري، لافتاً إلي إعلان الحركة متكفلة بكافة الاستعدادات التي تستلزم الانفصال عن مصر من إعاشة، وإقامة خيام.
وأضاف: «كتالة» كلمة نوبية وتعني حرب باللهجة النوبية ومستوحاة من كلمة كاتلوس وتعني حرب حتي الموت وتضم نحو 6 آلاف عضو وتم تأسيسها منذ شهر، وتهدف لاستقلال جنوب مصر، وهي حركة مسلحة كرد منهم علي ما أسموه ميليشيات الإخوان المسلحة التي ظهرت في الاتحادية والأزهر، لذلك فهم يؤمنون أنفسهم جيداً - علي حد قول أعضائها - والمقصود بالانفصال هو الانفصال عن سيطرة الإخوان علي الحكومة.
وأشار «زكريا» إلي أن البداية كانت من تقرير مجلس إدارة النادي النوبي الصادر في يناير 1931 عن تعلية خزان أسوان، الذي احتوي علي النص التالي: «كلما اقترب ميعاد تعلية خزان أسوان اهتزت قلوب النوبيين هلعاً من هول ما سيلحق ببلادهم من الغرق الذي لا يبقي ولا يذر، كما أنهم ينظرون إلي التعلية كما ينظرون إلي الطوفان الذي غمر الدنيا منذ آلاف السنين ويستعجلون الحكومة بإيجاد مستعمرات زراعية لهم شمال الخزان ليرحلوا إليها ويتخذوها موطناً لهم، واهتم النادي النوبي العام بمسألة تعلية الخزان جد الاهتمام منذ عام 1926، وهو العام الذي بدأ فيه المهندسون يتبادلون الآراء حول جدوي أي من المشروعين المطروحين، وهما إما تعلية خزان أسوان أو خزان جبل الأولياء».
وأضاف: أنه في 21 أكتوبر 1963 قال رئيس وزراء (عبدالناصر): إن أروع شيء في رأيي ليس هو عملية التهجير علي ما هي عليه من ضخامة، إنما هو ذلك البشر - السعادة - التي أراها علي وجوه الأهالي وفرحتهم بالموطن الجديد، ولقد أحسست بالأمل يملأ نفوسهم والبِشر يعلو وجوههم، وهذا يدل علي وعي كبير.. يدل علي ثقة المواطنين بالثورة، يدل علي يقين أهل النوبة بأن الدولة سوف ترعاهم في الموطن الجديد وتعطيهم حقهم ويزيد
وبكلمات يملؤها الأسي والحزن قال: «الحكومة تركتنا ولم تحل مشكلتنا حتي الآن ولم نسمع منهم سوي الاعتذارات الدائمة وتقدير التضحيات ووعود كثيرة واهية بالعودة إلي ديارنا، والآن ترغب الحكومة في جعل منطقة النوبة حرة وتباع ديارنا وأراضينا إلي المستثمرين ويلقون بنا إلي مناطق أخري».
وأخذ منه أحمد فاروق - أحد أبناء النوبة - طرف الحديث قائلاً: «نحن نحمي المنطقة ضد أي تطاول وذكر هناك بعض الشركات الصينية التي أرادت شراء الطمي المعالج للسموم، الذي يخرج من النيل لإرساله إلي الصين ولكننا رفضنا، متهماً محافظ النوبة بأنه العدو الأول لأهالي النوبة، وأن هناك من يريد زرع الفتنة في البلاد ويسعي إلي تقسيمها وتخلق نوعاً من الفزاعات للأهالي»، مؤكداً أننا لا نريد الانفصال عن مصر ولا نسعي لهذا.
وصمت قليلاً ثم استرسل حديثه بغضب: «النوبة جسد به البركان يغلي، وإذا كانت ثورة يناير شررة فثورة النوبة سوف تكون جمرة».
وأكد «فاروق» أن الحكومة لم تنفذ ما وعدت به، فالأبنية بوادي كركر ملاصقة لبعضها البعض، والمساحات لم تكن 400 متر، كما أن قري وادي كركر لا توجد بها أراض زراعية بالمخالفة لما تم الاتفاق عليه، ومنذ اليوم الأول من تسليم المنازل بوادي كركر بتصوير المشروع علي أنه جنة الله في الأرض، بينما هو جهنم حمراء.
وأضاف: الحكومات لم يكن لديها حسن النية أثناء تعاملها مع النوبيين، وبعد الإصابات المتتالية لبلاد النوبة وهجرات أهاليها بعد بناء وتعلية الخزان استطعنا جميعاً في كل قري النوبة التكيف مع الأوضاع الجديدة، وبدأ أجدادنا وآباؤنا تعمير المناطق العالية التي نزحوا إليها بعد تعليات الخزان، حتي بدأنا نستمع إلي الأحاديث التي شاعت في بلادنا عن بناء السد العالي.
خبراء يحذرون من كارثة الانفصال ويلقون باللوم علي «التأسيسية»
مطلوب لجنة إنقاذ عليا لدراسة مطالب النوبيين قبل تأزيم الموقف
أكد خبراء استراتيجيون أن شعور أهالي النوبة بأنهم جماعة مهمشة وان عوائد التنمية لا تعود عليهم خاصة أنهم يتميزون بخصائص تميزهم عن غيرهم وأن تجاهل القضية النوبية يشكل خطراً علي البلاد، خاصة بعد تشكيل حركة انفصالية مسلحة للدفاع عن الهوية النوبية.
قال طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي: لا شك أن تجاهل القضية النوبية يشكل خطراً علي البلاد، خاصة بعد تشكيل حركة انفصالية مسلحة للدفاع عن الهوية النوبية تحت اسم «كتالة»، التي تعد خطراً علي الدولة لأن أي عمل مسلح غير القوات المسلحة يؤدي إلي العنف.
وأضاف أن مثل هذه الحركات المسلحة تؤكد أن هناك مخططات لتفجير مصر داخلياً وتقسيمها إلي دويلات صغيرة النوبة والصعيد وأن ظهورها بسب أخطاء كثيرة وتراكم الإهمال لبعض المناطق في مصر وناتجة عن تجاهل مطالب أهل النوبة.
وأشار إلي أن الحكومة لابد أن تتصدي لمثل هذه الجماعات المسلحة وذلك بمواجهتها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وأن مثل هذه الحركات يجب التعامل معها بشكل متكامل وليس من اتجاه واحد، مشدداً علي ضرورة تعويض أهالي النوبة عن منازلهم وأراضيهم بطريقة تليق بهم حتي لا نفتح المجال لحدوث أزمات جديدة.
واعتبرت الخبيرة الاستراتيجية، نهي بكر، أن شعور أهالي النوبة بأنهم جماعة مهمشة وأن عوائد التنمية لا تعود عليهم، خاصة أنهم يتميزون بخصائص تميزهم عن غيرهم.
وشددت «بكر» علي ضرورة البحث في مشاكلهم وسرعة إيجاد حلول جذرية لها وأن تشملهم التنمية ويتم الاهتمام بموقعهم الجغرافي.
ورأت الخبيرة الاستراتيجية، أن وضع النوبة الحالي يشكل خطورة علي البلاد، لأن جزءاً من الوطن لديه غضب ويمكن أن يلجأ إلي العنف لحل مشكلته.
وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق: مصر دولة موحدة ورغم ما مرت به من احتلال خلال هذه القرون، إلا أنها لم تقبل التفتيت والتقسيم، مشيراً إلي أن الوحدة الوطنية سمة الشعب النوبي رغم تميزهم بالجانب القبائلي، إلا أنهم مصريون، وأن تشكيل حركة لا يعني أنهم يريدون الانفصال.
وأكد «الجمل» أن لأهالي النوبة مطالب فئوية وهي العودة إلي أماكنهم، التي تم تهجيرهم منها إلي أماكن يصعب عليهم التأقلم بها ويجب علي الحكومة توفير هذه المطالب.
رأي القانونيون أن جمهورية مصر العربية دولة موحدة ولا يمكن تجزئتها إلي دويلات، وأن الدستور نص علي عدم تشكيل ميليشيات مسلحة.
وأكد رأفت فودة - أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة - أن جمهورية مصر العربية دولة موحدة ولا يمكن تجزئتها إلي دويلات، رافضاً تهديدات حركة «كتالة» بالانفصال عن الدولة وأن الدستور نص علي عدم تشكيل ميليشيات مسلحة.
وأشار «فودة» إلي أن الدولة متمثلة في الرئيس والحكومة هي المسئول الأول عن مشكلة النوبة الحقيقية وأن تكون الحلول وفقا للإرادة المحلية وإدماجهم في المجتمع وإعطائهم الرعاية والاهتمام، وأن يكون لهم ممثلون داخل البرلمان، لافتاً إلي أن استبعادهم يخلق لديهم شعوراً بالاضطهاد، ومن هنا تجد الطائفية المناخ المواتي لخروج مثل هذه الأفكار والحركات.
وأشار محمد رفعت عبدالوهاب - أستاذ القانون العام والدستوري بجامعة الإسكندرية - إلي أن حركة «كتالة» لا تعبر عن إرادة النوبيين الحقيقية لأنهم أناس يتميزون بخصال مختلفة تماماً عن البدو، مؤكداً أن هذه الحركة لا تشكل خطراً علي الأمن القومي في مصر وأنها لإجبار الحكومة بعدم إهمال أهالي النوبة وإعطائهم منازل بديلة عن منازلهم وأراضي تعويضاً عن أراضيهم، وتحسين الأوضاع المادية لهم.
وقال حافظ أبوسعدة، رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان: إن القضية النوبية تحتاج إلي حلول جذرية، خاصة أن عمليات التهجير بدأت بعد خزان أسوان، مشيراً إلي أن مطالبهم مشروعة سواء كانت تعويضات أو أراضي بديلة، خاصة أنهم مرتبطون بالنهر، فضلاً عن ضرورة إدماجهم في المجتمع وعدم الانفصال عن الدولة.
وأضاف «أبوسعدة»: النوبيون مرتبطون بمصر ارتباطاً شديداً جداً، واستمرار القضية النوبية آلاف السنين دون تشكيل أي خطورة علي البلاد وأن ظهور حركة «كتالة» هو شكل من أشكال الاحتجاج وأن الطبيعة النوبية تتسم بالطيبة، كما أنها تمثل نوعاً من الحماية لبوابة مصر الجنوبية، مشدداً علي أن القضية النوبية تحتاج جدية في التعامل.
حذر السياسيون من خطورة المشكلة النوبية علي البلاد واستغلالها من قبل عناصر خارجية لتفتيت البلاد، مطالبين بضرورة وضع حلول للمشكلة النوبية من خلال المواطنة وتوفير أماكن جديدة لهم تعويضاً عن منازلهم وأراضيهم التي تم تهجيرهم منها منذ آلاف السنين.
وشدد أحمد عودة - المحامي نائب رئيس حزب الوفد - علي أن أبناء النوبة جزء من الشعب المصري، والذي يجب علي الدولة أن توفر لهم مطالبهم بعد تهجيرهم عند بناء السد العالي، خاصة أنهم مازالوا يتضررون من عمليات التهجير الملاحقة لهم.. وطالب «عودة» بضرورة الإسراع في حل المشكلة النوبية من خلال تشكيل لجنة علي أعلي مستوي من الحكومة تستمع إلي مطالبهم وتعطي كل ذي حق حقه.
واعتبر جمال أسعد - الناشط السياسي - القضية النوبية جزءاً من قضية أكبر وأشمل دائماً ما يتم استغلالها من الحين والآخر لتفتيت البلاد، شأنها شأن القضية القبطية والسيناوية، فضلاً عن مشكلة الثقافات الخاصة، التي تعد نوعاً من التمايز للثقافة العامة المصرية التي تجمع وتحدد هوية المصريين.
وأضاف «أسعد»: لا شك أن ذكر المشكلة النوبية وحركة «كتالة» يذكرنا بالمشروع الصهيوني الذي يعمل علي تفتيت البلاد استناداً إلي ما نشر بمجلة «كيفو ميم» بعنوان «الاستراتيجية الإسرائيلية في الثمانينات» للكاتب «أوديب ينون»، الذي يهدف إلي تقسيم الدول العربية إلي عدة دويلات صغيرة وأن هذا المخطط لا يصنع المشاكل ولكنه يستخدم المشاكل ويزيدها تفتيتاً.. وطالب الناشط السياسي بضرورة وضع حلول لهذه المشكلة التي تشكل خطورة علي الوطن من خلال المواطنة الحقيقية بعيداً عن الكلام النظري.
وأشار «أسعد» إلي أن انسحاب منال الطيبي من اللجنة الدستورية اعتراضاً علي مواد الدستور التي لم تتطرق إلي المشكلة النوبية، خاصة موضوع المواطنة، مشدداً علي إعادة صياغة مواد الدستور والتأكيد علي مشروع المواطنة حتي تكون بداية لحل المشاكل النوبية والسيناوية والقبطية وغيرها، من أجل تكوين حالة من التوحد الحقيقي الذي ينهض بالوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.