أصبح وضع المرأة سيئا للغاية بتصاعد التيارات الإسلامية لسدة الحكم خاصة بعد الدستور الجديد الذي لا يضمن أي حقوق للمرأة المصرية في التمثيل السياسي والبرلماني وبالوظائف العامة وبموجب هذا الدستور تصبح المرأة «أسيرة ومقيدة» بالرغم أن الإسلام كفل حقوق المرأة وأعلي من شأنها. وقد تناولت وثيقة الأزهر تلك المزايا التي أولاها الإسلام للمرأة، لذلك بادر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لإصدار وثيقة تتعلق بحقوق المرأة من منطلق شرعي إسلامي، تأتي في إطار الدور الوطني للأزهر خاصة بعدما شهدت الفترة الماضية صراعا من قبل التيارات الإسلامية المتشددة لإجبار المرأة علي عدم الخروج من بيتها والالتزام بواجباتها الأسرية. حيث أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في تصريح له أن الشريعة الإسلامية سبقت كافة دساتير العالم في كفالة حقوق المرأة وأعلت من شأنها وأنه لا يوجد نص شرعي يمنع المرأة من تولي المناصب القيادية وقد أثبتت المرأة جدارتها وكفاءتها بالفعل حيث تولت المرأة في العديد من الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها مصر أرفع المناصب فمنهن من أصبحت وزيرة وسفيرة وقاضية وعميدة الكلية وأستاذة جامعة الي آخر تلك المناصب التي لم تعد حكرا علي الرجل، فليست العبرة بالجنس بل بالكفاءة والقدرة علي العطاء والأداء في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية وروحها. وكان من المقرر أن يناقش مجمع البحوث الإسلامية خلال اجتماعه الشهر الماضي مشروع وثيقة حقوق المرأة التي أعدها الأزهر تمهيدا لإقرارها وإعلانها متضمنة كافة الحقوق والواجبات للمرأة في إطار الشريعة الإسلامية ولكن تم تأجيلها وقرر المجمع استمرار تلقي مقترحات ورؤي أعضائه حول الوثيقة من جميع جوانبها الاجتماعية والدينية والاقتصادية لإعطائها المزيد من الوقت للدراسة المتأنية لتصدر بشكل متكامل يتفق ورؤي الأزهر لحقوق المرأة من منطلق الشريعة الإسلامية. أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة جامعة الأزهر أن المواثيق لحماية المرأة من التمييز والاضطهاد وهضم الحقوق في هذه الآونة أصبحت فرضا وضرورة وذلك بصعود التيارات المتأسلمة علي الساحة والمنسوبة للدين ظلما وزورا ومع انتشار دعوات محمومة من غير مؤهلين تجعل من المرأة مواطنا من الدرجة الثانية فاقدة الولاية، فاقدة الصلاحية لأي منصب في المجتمع كان من الضروري أن يصدر الأزهر بمنهجه الوسطي المعتدل مثل هذه الوثيقة ليوضح أن الشريعة الإسلامية كرمتها وأعطتها حقوقها كاملة. وأضاف الدكتور «كريمة» أن بعض أشياخ العنف الفكري يعيشون في أوهام الماضي وينادون بإعادة عصر الحريم موضحا أن أحدهم نادي بعودة الرق كحل للعنوسة والعذوبية من وجهة نظره ومنهم من نادي بإعادة ملك اليمين وأوضح أن كل هذه الشواهد تدق ناقوس الخطر الأمر الذي يدعو الي حتمية التحرك داخليا وخارجيا لحماية المرأة من الاضطهاد ومن شيوخ التطرف الفكري والعنف والابتزاز ممن لا يحملون مؤهلات شرعية ويضرون المرأة والمجتمع بأفكارهم المغلوطة والهدامة وأشار الي أن الأزهر هو الملاذ والملجأ بفكره الوسطي لحماية حقوق المرأة في إطار الشريعة الإسلامية. أكد الدكتور محمد الشحات عضو مجمع البحوث الإسلامية أن وثيقة المرأة تعلي من شأنها كأم وزوجة وأخت. كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، موضحا أن المزايا التي أعطتها الشريعة الإسلامية للمرأة لا يوجد لها مثيل في أي قانون شرقي أوغربي. وأضاف أنه بعد صعود القوي الإسلامية لسدة الحكم وانتشار دعاوي التشدد والإساءات للمرأة عكف الأزهر ممثل الوسطية والاعتدال لاستصدار وثيقة للمرأة تحمي حقوقها ولتؤكد دور المرأة الرائد والمؤثر في الحياة بمصر، مؤكدا أن دورها لا يمكن أن يتم إغفاله أو المساس به وأوضح أن مشاركة المرأة في المجتمع ضرورة بالأدلة الشرعية حيث إن ذلك حق ثابت لها وليس منه من أحد. وأشار «الجندي» الي أن هناك مقترحات ورؤي لأعضاء مجمع البحوث الإسلامية حول الوثيقة تقرر استكمال مناقشتها وبحثها من جميع جوانبها الاجتماعية والدينية والاقتصادية خلال جلسة المجمع نهاية الشهر الحالي حتي تصدر بشكل متكامل يتفق ورؤي الأزهر لحقوق المرأة. ووصفت مارجريت عازر الأمين العام المساعد للمجلس القومي للمرأة، وثيقة الأزهر للمرأة بالملاذ الأخير والوحيد للدفاع عن حقوق المرأة، موضحا أنها بمثابة حماية لها ضد التفسيرات الخاطئة التي تصدر من غير المختصين التي تنتهك حقوق المرأة. وأكدت تمسك المجلس القومي للمرأة بهذه الوثيقة حيث إن المجلس أول من ذهب الي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وطلب منه إصدار مثل هذه الوثيقة والتي أعطت المرأة حقوقها التي كفلها لها الإسلام كاملة بعيدا عن التشدد والتهميش لدورها في المجتمع. جدير بالذكر أن جماعة الإخوان المسلمين رحبت بوثيقة الأزهر الشريف عن المرأة في الإسلام ودعت الي تفعيل ما جاء في الوثيقة من أجل ترسيخ الترابط الأسري والاجتماعي بين الرجل والمرأة.