أبكاني كثيراً الدكتور الشيخ محمد العريفي.. ليس فيما سبق أن قاله في خطبه الرائعة في مساجد الشقيقة الكبري - السعودية - ولكن فيما قاله أمس الأول، في خطبته التاريخية التي ألقاها خلال صلاة الجمعة في مسجد عمرو بن العاص.. وكم أتمني من وزارة الأوقاف، ومن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أن يتم طبع ونسخ هذه الخطبة وتوزيعها أفلاماً وخطباً منسوخة علي كل شيوخ الدين الإسلامي داخل مصر.. فهي ليست مجرد خطبة جمعة في مسجد شهير.. ولكنها درس يذكرنا بما كان يلقيه كبار علماء الدين العظام علي مدي تاريخ الإسلام في مصر.. وربما لا تقل عما كان يتلقاه طلبة الأزهر حول الأعمدة الشهيرة وداخل أروقة العلم.. فهي درس رائع يبشر ولا ينفر .. وهو ما نتطلع إليه من شيوخنا الأفاضل.. خصوصاً ونحن نكاد نهرب من كثير من شيوخنا هذه الأيام بسبب ما يقولونه «عمال علي بطال» يجعل الناس تهرب منهم.. ولا أعرف من الرجل الطيب الذي اختار جامع عمرو بن العاص لكي يلقي من علي منبره العلامة الشيخ العريفي خطبته.. ثم يؤم الصلاة فيه.. فهذا المسجد هو أول مسجد بني ليس في مصر وحدها.. بل في كل أفريقيا وهو المنارة التي أنارت كل أفريقيا بنور الإسلام .. نور الهداية.. الفرق شاسع جداً بين ما يقوله ويردده الشيخ العريفي .. وبين ما يردده مشايخنا الآن، فهل الثقافة هي السبب، هو لم ينس فضل مصر علي كل الاشقاء المسلمين، منذ نزلت الرسالة علي رسولنا الكريم الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه.. وهو لا ينفر.. بينما هم ينفرون كل شيء.. وهم لا يتذكرون إلا النار.. ونسوا جنة الله، وتذكر هو أن الله سبحانه أرسل نبيه مبشراً وليس منفراً، بل إن الله عاتب نبيه عندما «عبس» في وجه أحد البسطاء.. أما هم فلا حديث لهم إلا النار وجهنم وإرهاب الناس.. وانظروا إلي وجه هذا الشيخ الجليل الذي يقطر الحليب من وجهه.. وانظروا إلي وجوه هؤلاء الذين جعلوا الدنيا ناراً.. فعاش الناس اسري كلماتهم.. والداعية الإسلامي الشيخ العريفي يأخذ من الدين أحسنه وأفضله ولهذا يحض الناس علي العمل والوفاء والإخلاص والوقوف شعباً واحداً أمام المخاطر التي تهدد الوطن.. وهزتني كلماته النابعة من القلب: اللهم احفظ مصر من الفساد والمفسدين.. اللهم من أراد بمصر سوءاً فمزق ملكه ثم اتبعه بهذا الدعاء عميق المعني: اللهم وحد قلوب المملكة السعودية مع قلوب المصريين.. وكانت خطبته في جامع عمرو درساً في التاريخ والأخلاق تذكر شعب مصر بدور مصر التي تولت القيادة العلمية والثقافية للأمة العربية وللمسلمين منذ مئات السنين، فما من عالم من علماء الأمة إلا وطلب العلم وتلقاه علي أيدي علماء مصر وخاطب شعبها قائلاً: لقد رفعتم راية العز عندما رفعت الراية في وجه كل اعداء الإسلام.. ومن كلمات واشعار شاعر النيل ذكرنا الشيخ العريفي بقصيدة حافظ إبراهيم «مصر تتحدث عن نفسها» وبالذات البيت الذي يقول: أنا تاج العلاء في مفرق الشرق.. انه حافظ كريم للجميل.. هكذا تحدث العالم السعودي.. اطبعوا خطبته.. ووزعوها.. ليتلوها شيوخنا من فوق منابر مساجد مصر وقراها..