ة حسين لما كان المتحف هو حصيلة تراكم ثقافي، هيأ الله له من يهتم به بالرصد والتسجيل والحفظ فان اذاعة B.B.C هي متحف اذاعي اعلامي عالمي.. وما الركن العربي منها والذي يحتفل هذه الايام بعيده الخامس والسبعين - ثلاثة ارباع القرن - الا ممثل لشريحة من شرائح وجودنا - كعرب - عقلا وروحا. ظننت ان كل الاذاعات العربية سوف تشارك الB.B.C عيدها لانه عيدنا نحن - شعوب المنطقة - ولابد ان نقدم لها الشكر غير منقوص لأمانتها في الحفاظ على تاريخنا والتراث. بصراحة.. انها، وبعرض ذاتها علينا هذه الايام، قد هزت قواعدنا الاعلامية التي نقف عليها ونبني ظنا منا بمتانتها وما هي كذلك. (هنا لندن - هيئة الاذاعة البريطانية)… هكذا عرفناها.. وكنا نستمع الى (اذاعة الشرق الادنى) مركزها الاداري قبرص وتبث عبر طنجة واختزلت الاثنتان بعد ذلك الى القسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية وفي الكويت كنا اول المستفيدين من اغلاق مكتب قبرص حيث وصل بعض من المؤهلين هناك الى الكويت للعمل في اذاعة الكويت التجريبية آنذاك وبهم انتقلت الاذاعة الى مقرها الرسمي بعد ان كانت مجرد غرفة في الامن ومن هؤلاء المرحوم شريف العلمي ومصطفى ابو غربية ومجموعة مميزة اخرى من النساء والرجال. وصارت الB.B.C هي الاخت العربية للاذاعات العربية من المحيط الى الخليج ولكن من الام البريطانية. لقد عرّبناها لنعترف بها وما ظننا بانها ستصبح اكثر عروبة من اخواتها حتى لمسنا العدالة في نهجها من حيث المتابعة للاحداث السياسية والاقتصادية والثقافية وعرفتنا على اهمية الرأي والرأي الآخر والتحليل والتعقيب ومواصلة الاهتمام بتداعيات الاخبار حتى صارت حلقة الوصل تنشد منها اذاعاتنا العربية التدريب او التقليد احيانا وجعلتنا نعجب لأهمية التجدد حتى اخذت مركز (ولي الامر) اي القيادة تعارفنا كعرب من خلالها رسميا وشعبيا. ان الاداة الاعلامية.. ومهما اختلفت الامكنة والازمنة - هي واحدة حتى اليوم. هي الحرف والصوت والصورة اما مجتمعة او منفردة لان مراكز او منابع الاعلام الكلاسيكية هي الاذن والعين واليد واللسان، فان B.B.C استخدمتها جميعا للوصول للغاية، ونظرا لوجودها في وطن قد سبق الوطن العربي تحضرا، فقد كانت تملك قيمة المحافظة على التراث اكثر مما كنا نملك منه وهذا ما قدمته لنا في عيدنا مما ابهرنا واشعرنا بالفخر بأوطاننا.. وقناعتي تقول ان ما قدمته لي - كمواطن - لهو اجود مما قدمته (جامعة الدول العربية) او اذاعة (صوت العرب) وليعذرني الاثنان. ما احبه فيها هو (الرزانة) التي تحتاج اليها اذاعة صوت العرب بديلا عن الحماس، ثم هناك الحرص على الجودة مع كل المساهمين في تقديم البرنامج فلا نجد لديها مثلا معدا جيدا ومذيعا سيئا مثلا او معدا ومذيعا مميزين ومخرجا سيئا وهذا ما يحدث عندنا بكثرة. بصراحة، سعيدة بعيدها لانها مناسبة استطعت فيها ان اسمع ام كلثوم تقرأ الشعر، وهي لعمري تقرأ بذات الجودة التي بها تتغنى وكانت قصيدة (ثورة الشك). سمعت عبدالمطلب يغني على مونتغمري قائد جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. سمعت كارم محمود يغني لانتهاء الحرب العالمية الثانية واستقبال النصر والسلام. ألا يكفينا ان نعرف ان لدى هذه الاذاعة - حصريا - اغنيتين، لاسمهان سمعت احداهما منذ مدة اسمها (حديث عينين). ألم اقل اول الكلام بانها متحف فمن منكم لا يحب المتاحف؟؟؟؟ نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية