الإيمان بالغيب من صفات المتقين ومن اسباب النجاة من نزغات الشيطان وكما يكون مع الإنسان قرين من الجن يأمره بالفواحش والمعاصي، يكون معه قرين من الملائكة فيشعر الإنسان بتدافع القرينان في كثير من المواقف التي يتعرّض لها ويدعوه الشيطان إلى ارتكاب المعصية فيها، ووظيفة قرين الملائكة هي التذكير بالخير وتقوى الله تعالى وتحريك لواعج الإيمان في نفس المسلم، والنّدم على المعصية والتحسر من فعلها ليس إلا بدافع من القرين الملك الذي سخره الله لابن آدم. القرن في اللغة هو الجمع بين شيئين، فاقترن الشيء بشي آخر يعني صاحبه، فالقرين إذًا هو الصَّاحب، والقرين اصطلاحًا هو الشيطان الذي يسلَّطه الله -تعالى- على ابن آدم فيوسوس له بالمنكرات من الأمور، قال تعالى في سورة البقرة: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ}. والقرين لا يختصّ بكونه من الشياطين فقط، بل هنالك قرين آخر من الملائكة يكون عونًا للعبد على الطاعات. وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرين من الشياطين في حديث يرويه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إذ قال: "ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ". القرين من الجن ما هي وظيفة القرين من الجن؟ لمَّا أخرج الله -تعالى- إبليس من الجنة وطرد من رحمته، طلب إبليس من ربه أن يُسلطه على ابن آدم، فسلَّط الله إبليس وذريَّته على الإنسان، فلا يولد ولد من ابن آدم إلا ويكون له قرين من الجن، ووظيفة ذلك الجني هي أن يوسوس له بترك الطاعات واقتراف المنكرات، قال تعالى في سورة الإسراء: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}. إلا من كان قلبه صادقًا بالإيمان عامرًا بذكر ربه فإنه ليس له عليه سلطان، قال تعالى في سورة الأعراف: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.