أكد د. محمد الفرا وزير الحكم المحلي الفلسطيني بقطاع غزة أن حزب «الوفد» له دور تاريخي تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً أننا تقف علي مسافة واحدة من جميع الأحزاب، ونعيب علي بعض الأحزاب محاولة إقحام غزة في الشأن الداخلي المصري. وقدر الوزير - في حواره مع الوفد - حجم خسائر حرب الأيام الثمانية بنحو مليار دولار، في الوقت الذي يحتاج إعمار قطاع غزة ما يقرب من 10 مليارات دولار، لإصلاح ما دمره احتلال وحصار دولة الاحتلال خلال ما يزيد علي 36 سنة. وقال الفرا إن مشكلة انقطاع الكهرباء لن تنتهي في غزة إلا بتوصيل الغاز لمحطة الكهرباء أو فتح المعابر أمام دخول السولار للمحطة مشيرا إلي ان المعونات المسمومة وراء انقطاع الكهرباء. وحذر من استمرار الحصار والذي سيؤدي إلي انفجار الوضع في غزة واندفاعها نحو دولة الاحتلال لتوفير احتياجاتها الأساسية، مؤكدا أن الفلسطينيين لا يريدون إلقاء غزة في حضن مصر ولا الضفة في حضن الأردن، وإنما نريد دولة فلسطين علي كامل أراضيها. وإلي نص الحوار: نريد التعرف علي حجم الخسائر التي لحقت بقطاع غزة خلال حرب الأيام الثمانية؟ - الحرب استهدفت المدنيين فقد تم تدمير 500 منزل بالكامل، إلي جانب 5 آلاف منزل لحقت بها أضرار ودمار جزئي، ووصل عدد الشهداء إلي 200 شهيد منهم 46 طفلا و12 امرأة و20 مسنا ونحو 1420 جريحا، واستهدفت 6 مؤسسات صحفية وإعلامية أدت إلي 3 شهداء من الصحفيين و25 إصابة وكما استهدفت الطواقم الطبية منها 10 مراكز صحية، وتم استهداف عائلات بالكامل مثل عائلة «الدلو» التي استشهد منها 11 فردا وغيرها من العائلات، وتم تدمير الجسر الذي يربط بين غزة وباقي القطاع تكلفته المبدئية تصل إلي ما يقرب من 500 ألف دولار، بالإضافة إلي تدمير ملعبين لكرة القدم، وثلاثة مساجد، وتضررت خمس مدارس، و42 منشأة مدنية وشرطية ومحلات ومصانع، ونحو 22 مقرا للشرطة تم تدميرها بالكامل. وهذه المقرات لشرطة مدنية للمرور ومكافحة المخدرات، وتم تدمير خطوط المياه وشبكات الصرف الصحي والطرق المهمة. هل هناك أرقام حول تقدير حجم الخسائر؟ - خسائر البلديات المباشرة تصل إلي 7 ملايين دولار، والحكومة تتحدث عن إجمالي خسائر القطاع ما يزيد علي مليار دولار، خلال أيام الحرب بخلاف الخسائر التي سببها الاحتلال، فمازال القطاع محتلا براً وبحراً وجواً، ويتم ذبح الشعب الفلسطيني ببطء عن طريق التحكم في المعابر. هناك مشاكل كثيرة يعاني منها الاقتصاد الغزاوي خاصة في قطاع المقاولات فما رأيك؟ - الاحتلال يريد الاقتصاد الفلسطيني جسدا تابعا له، وذلك من خلال التحكم في جميع المعابر، ويمنع دخول جميع مواد البناء وغيرها من السلع بداعي النواحي الامنية، وهذا ما أدي إلي شلل كامل بقطاع المقاولات وتوقف 32 حرفة تقوم علي كيس الاسمنت، هذا بخلاف تدمير الزراعة والمنشآت الصناعية ويمنع الاحتلال الصيادين من التوغل في المياه الإقليمية، فالاحتلال الاسرائيلي حريص علي إضعاف الاقتصاد الفلسطيني لتحويله إلي جسد يعتمد علي المساعدات وأي انسان يتجول في غزة يجد توافر بعض السلع والأدوية والمحلات ممتلئة بالبضائع وهذه هي تجارة داخلية وحتى يأتي 20 في الشهر تتوقف الحياة في غزة. فالاحتلال يمنع الصادرات ويمنع دخول الآلات الخاصة بقطاع المقاولات وغيرها من الصناعات والمواد الاساسية، وغزة محاصرة وتنتظر انتهاء كابوس الاحتلال والحصار. كيف الخروج من حصار المعابر؟ - هناك اتفاقيات موقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب المصري لإدارة معبر رفح وتسمح نصوص الاتفاقية بإدخال مواد البناء، ويمكن ادخال البضائع عبر معبر رفح كما كان خلال الفترة من 1997 إلي 1999 ، ونحن نحمل الاحتلال المسئولية الكاملة عن حياة الناس في غزة، فالعدوان يخنق الشعب في غزة ونأمل من الدول العربية العمل علي تنفيذ الاتفاقيات التي تم توقيعها في الماضي لادخال البضائع الي غزة، ويجب أن يقوم المجتمع العربي والاسلامي بالضغط علي أصحاب القرار لفتح المعابر لادخال كل أنواع البضائع والآلات خاصة التي تستخدم في قطاع المقاولات، ومن الغريب أن نجد دولة الاحتلال تمنع دخول سيارة لجمع القمامة في قطاع غزة تحت دعاوي الإجراءات الأمنية، وهذه حجج لقتل الشعب الفلسطيني. هل المعونة القطرية كافية لإعادة إعمار غزة؟ - حجم المعونة القطرية 407 ملايين دولار لدعم غزة، وموجهة إلي قطاع الاسكان والطرق الرئيسية والطرق الداخلية الواقعة في نفوذ البلديات بالإضافة إلي مستشفي للأطراف الصناعية ومدينة للأسري المحررين، وهذا من شأنه انتعاش قطاع العقارات والقطاع الخاص وتوفير فرص عمل للشباب في ظل البطالة المتزايدة بفعل الاحتلال والحصار، ولكن هذا لا يكفي لإعادة الإعمار، فهناك مؤامرة من دولة الاحتلال لقتل الاقتصاد وجعله جسما معتمدا علي الآخرين حتي يسهل ابتزازه سياسيا. وما نحتاجه في غزة هو فتح الحدود لتصدير منتجاتنا حتى نبني اقتصادنا ونصل إلي الاكتفاء الذاتي. هل للدور العربية دور في إعادة الإعمار؟ - لا نريد أن نثقل علي الدول العربية ولا نريد تصدير مشاكلنا إليها، ولكن ما نريده هو الضغط المشروع علي دولة الاحتلال لفك الحصار والسماح بالتصدير إلي دول العالم، فأكثر من 36 سنة والاحتلال يمارس العدوان وعملية تعطيل النمو الطبيعي للاقتصاد. ما تقديركم لتكلفة إعمار غزة؟ قطاع غزة يحتاج إلي ما يقرب من 10 مليارات دولار لتوفير البنية التحتية للشعب الفلسطيني في غزة ما بين محطات معالجة للصرف الصحي والمياه والطرق وبناء المؤسسات الخدمية وغيرها من البنية التحتية التي دمرها الاحتلال خلال السنوات الماضية، أما تكلفة إعادة إعمار ما تم هدمه خلال الحرب الأخيرة فيحتاج إلي مليار دولار. لاحظنا أن هناك أمطارا غزيرة علي غزة لماذا لا يتم استغلال هذه الأمطار؟ - توجد كمية كبيرة من الإمطار ولكن وجود الاحتلال والمستوطنات حال دون استغلال هذه الإمطار، وتوجد جهود من البلديات والحكومة وسلطة المياه للاستفادة من المياه خاصة أن منطقة الشرق الأوسط ستعاني من مشكلة المياه في ظل ارتفاع عدد السكان، وفي الوقت الذي تتراجع فيه نسبة الأمطار سنويا، واستغلال مياه الأمطار يحتاج الي 50 مليون دولار سنويا، ونحن في حاجة ماسة إلي استغلال هذه الأمطار خاصة في ظل خطورة من إصابة قطاع غزة بالجفاف بعد خمس سنوات. ونتخذ بعض الحلول لمواجهة هذه الجفاف يتمثل في معالجة مياه الصرف الصحي وترشيد الاستهلاك والاستفادة من مياه الامطار وتحلية مياه البحر. ونسير في اربع اتجاهات، تأسيس محطة معالجة مياه شمال قطاع غزة بتكلفة 70 مليون دولار وسوف يتم تشغيلها أوائل عام 2014. وإنشاء محطة لمعالجة المياه لمنطقة غزة الوسطي بتكلفة 120 مليون دولار ويتم تمويلها من المانيا ومحطة صرف صحي بخان يونس بتكلفة 57 مليون دولار، ويتم استغلالها في الزراعة أو ضخها في المياه الجوفية إلي جانب تحلية المياه والتي ننتظر دعمها من جهات أوروبية. وهناك جهود كبيرة لمواجهة المشاكل التي يواجها القطاع خاصة أن تقرير المنسق العام لعملية السلام بالأمم المتحدة أكد أن هناك مشاكل كثيرة ستواجه القطاع في المستقبل في الإسكان والمياه والكهرباء والبطالة بحلول 2020 ولن يكون هناك قابلية للعيش في القطاع وهذا سيدفع الناس الي التوحش والاندفاع نحو الاحتلال للحصول علي حقوقهم في العيش. انقطاع الكهرباء معاناة مستمرة متي سيتم الانتهاء منها؟ - المشكلة في المنح المسمومة، فمحطة توليد الكهرباء الوحيدة تصل تكلفة انتاج الكيلو وات 1.9 شيكل أي نصف دولار. والمواطن لا يستطيع دفع اكثر من نصف شيكل في الكيلو وات، وهو ما يعني ان هناك نزيفا شهريا ما بين الإنتاج والتحصيل وكان الاتحاد الأوروبي يدعم محطة توليد الكهرباء بنحو 60 مليون شيكل أي 10 ملايين يورو شهريا بالسولار، وتم قطع هذا الدعم بعد فوز الإسلاميين عام 2006 وتوقف دعم توليد الكهرباء عقابا علي ممارسة فلسطين لحقها في الديمقراطية، وحق الشعب في اختيار حاكمه. ومحطة توليد الكهرباء تستغل نحو نصف مليون لتر سولار يومي وهو ما يقارب احتياجات جميع السيارات في قطاع غزة، والحل في تشغيل المحطة بالغاز الطبيعي حتى تعمل بكفاءة أفضل، ونوقف النزيف المستمر، ولا يعاني شعب غزة من الانقطاع المتكرر من الكهرباء، خاصة في ظل صعوبة استيراد كميات كبيرة من السولار اللازم لتشغيل المحطة في ظل الحصار الذي يمارسه الاحتلال. والأخوة العرب مطالبين بإنجاح خط الربط الثماني للغاز لتزويد قطاع غزة بالطاقة ولا نريد أن نلقي بالمسئولية تجاه مصر كما لا نريد إلقاء غزة في حضن مصر ولا إلقاء الضفة في حضن الأردن ولكن نريد فلسطين وسوف نعيش ونموت فيها ولا نريد نقل مشاكل الي العالم العربي ولكن نريد فقط فك الحصار الذي يمارسه الاحتلال علي قطاع غزة وذلك بالضغط لتوصيل الغاز وفتح المعابر. فهناك مسئولية إنسانية علي المجتمعات الدولية والعربية والاسلامية من أجل تزويد غزة باحتياجاتها من الكهرباء والسلع الاستهلاكية، فماذا يمنع دخول السولار القطري عبر معبر رفح، بدلا من كرم أبو سالم والشاحنة موجودة في خليج السويس. كيف تصف الموقف المصري تجاه غزة خاصة زيارات الأحزاب ومنها حزب الوفد؟ - شكر وتقدير للرئيس والحكومة وجميع الأحزاب المعارضة خاصة حزب الوفد والشعب المصري فمصر لها دور تاريخي نحو القضية الفلسطينية منذ عام 1948 إلي الآن وليس دعم اقتصادي فقط بل امتزج الدم المصري بالفلسطيني من اجل القضية الفلسطينية. ونتمني أن يستمر الدعم من الشعب المصري ويجب عدم الاستسلام للرسائل والادعاءات الإسرائيلية نحو غزة، فجميع الشعب الفلسطيني لا يريد الذهاب إلي أي ارض وإنما مرابض علي أرضه لإنهاء الاحتلال الصهيوني وستظل المنطقة عبارة عن برميل بارود يمكن أن ينفجر إذا لم يتم رفع الحصار عن غزة. ونحن نقدر حزب الوفد ومواقفه التاريخية تجاه القضية الفلسطينية إلي جانب زياراته المتكررة لدعم قطاع غزة تجاه العدوان الإسرائيلي. ونقدر جميع القوي السياسية والأحزاب التي جاءت إلي غزة عقب الحرب وقدمت كل الدعم وفهذا يعبر عن شعب مصري أصيل فشكرا لكل الشعب المصري. ونحن نقف علي مساحة واحدة من جميع الأحزاب في مصر، وأعيب علي بعض الأحزاب محاولة إقحام غزة في الشأن المصري، فما يحدث في مصر شأن داخلي ولا نتدخل فيه، ولا توجد أي رغبة لدخول سيناء. وماذا تطلب من المجتمع الدولي؟ - نقول للأسرة الدولية شعبنا مل من الحصار والاحتلال لما يزيد علي 63 سنة ويجب أن يتعاون الجميع من أجل إنهاء الحصار والاحتلال. وسوف يظل الوضع متوترا طالما أن الأسرة الدولية استمرت في تعاملها الظالم مع القضية الفلسطينية ولم ترفع الظلم، خاصة أنه يتم إرسال السلاح والمعونات لدولة الاحتلال لقتل الأطفال في فلسطين، ويجب أن يمارس الشعب الأمريكي ضغوطه علي حكومته لوقف الظلم والدعم الذي تقدمه للاحتلال خاصة الأسلحة التي تقدمها لقتل الشعب الفلسطيني بدون رحمة.