توفيت فتاة هندية تعرضت لاغتصاب جماعي في نيودلهي اليوم السبت، متأثرة بجروحها في مستشفى بسنغافورة مما دفع إلى تشديد الإجراءات الأمنية في العاصمة الهندية واعتراف رئيس وزراء البلاد مانموهان سينغ بضرورة التغيير الاجتماعي. وتحسبا لاندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات أغلقت السلطات الهندية عشر محطات لمترو الأنفاق ومنعت المركبات من السير في بعض الطرق الرئيسية بقلب العاصمة حيث يحتشد متظاهرون منذ وقوع الاعتداء على الفتاة للمطالبة بتحسين حقوق المرأة. ونظم نحو مئة شخص احتجاجا سلميا صباح السبت. كانت الفتاة طالبة الطب التي يبلغ عمرها 23 عاما قد تعرضت لضرب مبرح واغتصاب وتم إلقاؤها من حافلة أثناء سيرها في نيودلهي قبل أسبوعين. ونقلت الحكومة الهندية الفتاة إلى سنغافورة يوم الخميس وهي في حالة حرجة لعلاجها على يد متخصصين. وأثار الاعتداء جدلا كبيرا في البلاد للمرة الأولى بشان معاملة النساء والسياسات المتبعة تجاه الجرائم الجنسية في بلد يقول نشطاء اجتماعيون إنه لا يتم فيه الإبلاغ عن معظم حالات الاغتصاب ويفلت فيه جناة كثيرون من العقاب فضلا عن بطء الإجراءات القضائية. وقال كيلفن لوه المدير التنفيذي لمستشفى ماونت إليزابيث في بيان "يؤسفنا كثيرا أن نعلن وفاة المريضة في هدوء في الساعة 4.45 صباحا يوم 29 ديسمبر 2012 "2045 بتوقيت جرينتش الجمعة". وكانت عائلتها ومسؤولون من المفوضية الهندية العليا "السفارة" بجوارها." وعبر رئيس وزراء الهند عن حزنه الشديد لوفاة الفتاة واصفا المشاعر التي أثارتها قضيتها بأنها "ردود فعل يمكن تفهمها تماما" من شباب هنود وبلد لديه رغبة حقيقية في التغيير. وقال سينغ في بيان "إذا تمكنا من تحويل هذه الانفعالات والطاقات إلى مسار عمل بناء فسيكون ذلك تكريما حقيقيا لذكراها." وأضاف "آمل أن تنحي الطبقة السياسية والمجتمع المدني بأكملهما المصالح والأجندات الفئوية الضيقة جانبا لمساعدتنا جميعا في تحقيق الهدف الذي ننشده وهو جعل الهند مكانا أفضل وأكثر أمنا للنساء." وقالت شيلا ديكشيت رئيسة الحكومة المحلية في نيودلهي إن وفاة الفتاة "لحظة مخزية لي ليس فقط بصفتي رئيسة حكومة ولكن باعتباري مواطنة في هذا البلد أيضا." وكانت الفتاة التي لم يتم ذكر اسمها وصديق لها في طريقهما من السينما إلى المنزل بالحافلة مساء يوم 16 ديسمبر كانون الأول عندما أبرحهما ستة رجال يستقلون الحافلة ضربا بقضبان حديدية واغتصبوا الفتاة عدة مرات وفقا لتقارير إعلامية. وأشارت وسائل إعلام إلى أن أحد القضبان الحديدية استخدم في الاغتصاب مما تسبب في إصابتها بجروح داخلية. وتم إلقاء الفتاة وصديقها من الحافلة غير أن الصديق نجا من الهجوم. وكانت حالة الغضب العام التي تفجرت بسبب الاعتداء مفاجأة بالنسبة للحكومة. ولم يصدر سينغ بيانا عاما بشأن الهجوم إلا بعد أسبوع من وقوعه مما أثار سخط الكثير من المتظاهرين الذين اعتبروا ذلك علامة على عدم اكتراث الحكومة بمعاناة النساء. وخاض المتظاهرون ومعظهم طلاب شبان من الطبقة الوسطى اشتباكات ضارية مع الشرطة حول العاصمة مطلع الأسبوع الماضي. واستخدمت الشرطة الهراوات ومدافع المياه والغاز المسيل للدموع لإخماد الاحتجاجات وطوقت مواقع الاحتجاج الرئيسية. وقال تي.سي.ايه راجافان المفوض الأعلى الهندي في سنغافورة للصحفيين بعد ساعات من وفاة الفتاة إنه سيتم إعادة جثمانها إلى الهند جوا اليوم السبت مع أفراد من أسرتها. واتهمت وسائل إعلام هندية الحكومة بإرسال الفتاة إلى سنغافورة للحد من أي ردود فعل عنيفة في حال وفاتها غير أن راجافان قال إنه كان قرارا طبيا يهدف إلى خضوعها لأفضل علاج ممكن. وقال المفوض الهندي عن الوقت الذي قضته في سنغافورة "كانت غائبة عن الوعي طوال الوقت.. لقد توفيت بسبب خطورة إصاباتها." والمشتبه بهم خمسة رجال تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما وصبي. واعتقل هؤلاء في غضون ساعات من الهجوم ويحتجزون حاليا. وتقول تقارير إعلامية إنه سيواجهون اتهامات بالقتل على الأرجح في الأسبوع الجاري. ويطالب الكثير من الهنود بإعدام الجناة. وقال وزير الداخلية الهندي سوشيل كومار شيندي لقناة تايمز ناو التلفزيونية يوم السبت إن الحكومة ملتزمة بضمان "توقيع أشد عقوبة على جميع المتهمين في أقرب وقت ممكن". وأضاف "لن يذهب ذلك سدى. سنوقع أقصى عقوبة على الجناة. ليس فقط في هذه القضية بل في المستقبل أيضا. فهذا الحادث قدم درسا مستفادا كبيرا." وتعاني نيودلهي من أكبر عدد من الجرائم الجنسية بين مدن الهند الكبرى حيث يتم الابلاغ عن جريمة اغتصاب كل 18 ساعة في المتوسط وفقا لبيانات الشرطة. وتشير بيانات الحكومة إلى ارتفاع جرائم الاغتصاب المبلغ عنها في البلاد بنحو 17 في المئة بين 2007 و2011.