نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريراً عن الوضع فى مدينة حلب السورية، وقالت الصحيفة إنه بعد ستة أشهر من القتال بين قوات الجيش النظامى والمتمردين، بدا واضحا للجميع ان كلا الطرفين غير قادر على حسم معركة "حلب" ثانى أهم مدينة سورية بعد العاصمة دمشق. وأوضت الصحيفة أن التقارير الواردة من حلب تؤكد أن كلا الطرفين ارهق تماما، ولا يستطيع القول بأنه حسم المعركة، كما ام كلاهما ارتكب أخطاء قاتلة ويعانى من بعض المشاكل، فالقوات المتمردون بمختلف اطيافها وانتماءاتها لازالت تقاتل بأسلحة بدائية، وغير قادرة على مواجهة القوات الحكومية المزودة باسلحة متقدمة، كما أن عناصر المتمردين ارتكبوا العديد من المخالفات والانتهاكات المتعلقة بحقوق الانسان، وأكدت الصحيفة أنه رغم المكاسب التي حققها المتمردون في سوريا، إلا أنهم تعرضوا لانتكاسات عسكرية كثيرة، حيث فشلوا فى الاحتفاظ بالقواعد والحواجز التى يسيطرون عليها، مثل قاعدة "هنانو" العسكرية نتيجة فشلهم في تأمينها بعد انتزاعها من قبضة قوات النظام، كما أن تلك العناصر ترتكب انتهاكات تغضب السكان المحليين وتثير الرأى العام العالمى، حيث تقوم بعمليات إعدام جزافية وانتقامية بحق عناصر من قوات النظام، وهذه الممارسات تترك أثرا سلبيا في أرض المعركة، فقد ألقت تلك الأخبار الرعب بنفوس مقاتلي قوات النظام، وأصبحوا متشبثين بمواقعهم حتى لو كلفهم ذلك حياتهم، حيث أصبحوا -من وجهة نظرهم- بين خيارين إما القتال حتى الموت في مواضعهم أو الوقوع في الأسر والتعرض للقتل. وفى الوقت نفسه، فإن القتال الدائر أظهر بوضوح افتقار الجيش النظامى للحسابات الدقيقة، ورغم البيانات والتصريحات النارية وتفوق العدة العسكرية على الأرض، فإن نظام الرئيس السوري "بشار الأسد"، يفتقر وبوضوح إلى القاعدة الشعبية والقدرة على الحسم في الميدان ووقف التقدم البطيء لقوات المعارضة. من جهة أخرى، تطغى على المعارضة السورية المسلحة نبرة الثقة المتزايدة بالنفس، وتنقل الصحيفة عن "عبد الجبار العقيدي" -الضابط السابق في الجيش العربي السوري- قوله "نحرز اليوم تقدما جيدا. تقريبا، جميع القواعد العسكرية ووحدات قوات النظام في حلب محاصرة". وقالت الصحيفة إن الوحدات السورية النظامية في حلب أصبحت معزولة عن العاصمة ولا يوجد اتصال بين الجهتين. وتعاني تلك الوحدات من نقص في الإمدادات في مواجهة هجمات متكررة لقوات المعارضة المسلحة من جميع الجهات. ومن الأخطاء التي تقول الصحيفة إن النظام السوري ارتكبها، هي سياسة العقاب الجماعي وقصف المناطق بشكل عشوائي، الأمر الذي لم يكسب النظام سوى غضب الجمهور واستحقاره لذلك الأسلوب في التعامل مع معارضي النظام. ويشير سكان محليون الى ان قوات النظام لم تعد قادرة على التجول بحرية في مدينة حلب، وتتقوقع في الجزء الغربي والجنوبي من المدينة فقط، أما مطار المدينة الدولي، فتسيطر عليه قوات النظام سيطرة هشة، حيث يقول المعارضون إنهم يحيطون بأسوار المطار ونصبوا حوله العديد من الصواريخ المضادة للطائرات. وحتى القوات الجوية النظامية لم تعد تتمتع بتلك السيطرة على سماء المدينة كما كان الحال في الصيف الماضي، فهدير الطائرات المروحية العسكرية الروسية الصنع أصبح نادرا ما يسمع، والطائرات المقاتلة النفاثة تحوم على ارتفاعات شاهقة .