مخاوف وهواجس جمة أثارها قبول محكمة النقض الطعن المقدم من أحمد المغربي، وزير الإسكان الأسبق، وإعادة محاكمته من جديد أمام دائرة جنايات مغايرة. حيث إن محكمة الجنايات قضت فى وقت سابق بالسجن المشدد 5 سنوات على المغربى ورجل الأعمال منير غبور بالسجن سنة واحدة مع إيقاف العقوبة لتنفيذ 3 سنوات وإلزامهما برد مبلغ 72 مليوناً و224 ألف جنيه، وتغريمهما ذات المبلغ ومصاريف الدعوى الجنائية، لاتهامهما بالاستيلاء على أراضى الدولة وإهدار المال العام والتربح والإضرار العمدى بالمال العام. زاد من هذه الهواجس قرار محكمة النقض حجز الطعن المقدم من الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى على الحكم الصادر ضدهما بالسجن المؤبد، بتهمه قتل المتظاهرين، إبان ثورة 25 يناير، وهو ما اعتبره السياسيون والقانونيون، بمثابة طوق نجاة لهم، خاصة أن الأدلة التى تم صدور الحكم بناء عليها، شابها كثير من العوار والنقصان، وهو ما يجعل إمكانية قبول الطعن أمرا واردا بصورة كبيرة. فهل ستشهد الأيام المقبلة مهرجاناً للبراءات لمبارك ورجاله، وما الدلائل السياسية لمثل هذه الأحكام؟ وكيف سيتعامل الثوار والشعب بوجه عام حال تم الإقرار ببراءتهم فى ظل وجود توجهات حكومية وإخوانية نحو التصالح، واسترداد جزء من الأموال المنهوبة، وسط الأزمة الاقتصادية الحالكة التى تمر بها البلاد. وأكد سياسيون أن قبول النقض المقدم من رجال مبارك يأتى تنفيذا لمخطط الإفراج عنهم والاكتفاء باسترداد جزء من الأموال، قال أحمد بهاء الدين شعبان، منسق الجمعية الوطنية للتغيير، هذا النهج لا يمكن فصله عن الدعوات التى طرحتها جماعة الإخوان المسلمين، بالتصالح مع رموز نظام الفساد مقابل بعض المكاسب المالية، نظرا لفشل الأداء الاقتصادى وتدهور الأوضاع الاقتصادية وكلها أمور تدفعهم دفعا إلى هذا الاتجاه لمحاولة الاستفادة من تلك الأموال للعبور من تلك الأزمة. وأكد بهاء الدين أن هذا الاتجاه فى منتهى الخطورة، لأنه كيف يتم التصالح مع عناصر فاسدة ومفسدة فى المجتمع، ومتورطة فى كثير من أحداث الفوضى والشغب التى شهدتها البلاد على مدار الفترة الماضية، محذرا من عودتهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى. إلى ذلك قال حامد أحمد: القيادى بالحزب الناصرى: إن هناك الكثير من التحفظات على تلك الأحكام، خاصة فيما يتعلق بإدانه الرئيس مبارك بتهمه قتل المتظاهرين، حيث تم توجيه التهم بناء على أدلة واهية وضعيفة، وبها عوار قانونى، وخرجت الأحكام المشددة بشأنهم لتهدئة الرأى العام، وكانت سياسية فى المقام الأول ومن ثم فإن إعادة المحاكمة تقضى إلى حد كبير ببراءتهم وعن طبيعة رد فعل الشارع حال تم الإقرار ببراءتهم قال أحمد: ردود فعل الشارع أصبحت غير متوقعة، ومرتبكة، ومتخبطة، ومشهد 28 يناير لن يتكرر بسهولة. الثوار: هناك صفقة تتم.. وإعادة المحاكمة أحد أركانها كتبت - منى أبوسكين: كشف محمد مصطفى، منسق اتحاد الثوار المصريين، أن مشهد قبول النقض وإعادة محاكمة رموز مبارك، يؤكد أن هناك صفقة ما أعدت وتنفذ بالحرف الواحد، ولها ثلاثة أركان أولها الخروج الآمن للمجلس العسكرى كاملا وبدون محاكمات، وعدم التدخل فى شئون القوات المسلحة أو المساس بكبار القيادات، وهذا تم بإقرار الدستور، ومن قبله بتكريم المشير حسين طنطاوى وسامى عنان، أما الجانب الثانى فى الصفقة فيتمثل فى عدم تقديم قيادات الداخلية للمحاكمة باستثناء العادلى الذى سيقدم كبش فداء لتهدئة الشارع المصرى. وأكد مصطفى ان هناك اتجاهاً من قبل الحكومة للتصالح مع رموز النظام، وإقرار قانون بهذا الصدد. وعن الجانب الثالث فى الصفقة، أوضح مصطفى أنه يتحقق بالإفراج عن حسنى مبارك، تنفيذا لتعليمات والضغوط الأمريكية والغربية، لأن أمريكا تريد أن تحافظ على سمعتها فى أنها تحافظ على عملائها وتحميهم، لأن ترك مبارك يحاكم بهذا الشكل المهين به إساءة كبيرة لأمريكا الذى كان مبارك عميلا وفيا لها، مشيرا إلى أن القبض على مبارك ومحاكمته لم يحدثا سوى بعد ضغوط اعتصام يوليو الذى فض بالقوة، وكان تقديم مبارك للمحاكمة أول مطلب له. وأكد منسق اتحاد الثوار المصريين أن خطة التصالح تمت بالفعل وتنفذ حرفيا، على غرار ما تم من تصالح فى أرض جمعية الطيارين، وغيرها كما أن جمال مبارك وعز يمارسان أنشطتهما بصورة طبيعية وأرباح شركاتهما فى البورصة تصل إليهما أولا بأول. وأضاف مصطفى: ما يحزننى هو أن تلك الصفقات تتم فى غيبة عن الشعب المطحون، ونحن نتوقع أن يتكرر هذا السيناريو مع قتلة -جيكا-, والمعتصمين فى الاتحادية محذرا من مغبة التلاعب من خلف الشعب، مشيراً إلى أن الشعب وعى لمثل هذه المؤامرات ولن يقبل سوى بنزوح هذا الحكم الديكتاتورى أسوة بما حدث مع نظام مبارك، مؤكدا أنه فى حال الإقرار ببراءتهم فسيتم فضح مثل هذه الصفقات والتصدى لها بالمرصاد. قانونيون: جابر نصار: إعادة المحاكمة سيصل القضية إلى البراءة عاطف البنا: ليس لقبول النقض أى مدلول سياسى كتبت - منى أبوسكين: أكد الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن قرار محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من أحمد المغربي، وزير الإسكان الأسبق، وإعادة محاكمته من جديد أمام دائرة جنايات مغايرة، وعدد من رموز رجال مبارك، يعنى أن غالبية هذه القضايا سوف تصل إلى البراءة، لأن كثيراً من تلك القضايا تمت إحالتها الى المحاكم دون أدلة، والمسئول عن ذلك الجهات التى توفر الدليل على المخالفات، والتى عجزت عن توفير أى أدلة إلى الآن. وأشار نصار إلى أن أغلب الأحكام التى صدرت لم تتوافر فيها شروط المحاكمة العادلة، وصدرت أحكام الإدانة بحقهم لتهدئة الغضب الشعبى. ونفى نصار وجود أى صلة بين قرار المحكمة بإعادة المحكمة وما نص عليه الإعلان الدستورى لرئيس محمد مرسى بإعادة المحاكمة، لأن هناك مشكلة وخللاً حقيقياً فى توفر الأدلة بكافة قضايا فساد رجال مبارك أو قتل المتظاهرين على حد سواء. من جانبه قال الفقيه الدستورى عاطف البنا إن قبول الطعن من قبل محكمة النقض بشأن رجال مبارك أمر طبيعى وليس له أى مدلول سياسى، مؤكدا أن ذلك لا يعنى البراءة، ولكن إعادة النظر فى الأدلة التى تم محاكمتهم بناءً عليها، خاصة أن أغلب تلك المحاكمات قد تمت تحت ضغوط شعبية ولم تكن الأدلة كافية. إلى ذلك أكد المستشار أحمد عودة، مساعد رئيس حزب الوفد: أن قضايا النقض لا يطعن عليها بأى شكل من الأشكال، لأنها قمة الهرم القضائى، وإذا كانت فصلت فى الطعون المقدمة من المتهمين، فهذا من حقها لأنها وجدت أوجه قصور وخطأ فى الحكم المطعون عليه، مشيرا إلى أن ذلك الحكم ليس من شأنه إعطاء الحق فى البراءة، فنقض الحكم يعنى إلغاءه، وإعادة المحاكمة أمام أول درجة فى محكمة الجنايات فى دائرة أخرى للفصل فيها من جديد. ولفت عودة إلى عدم وجود أى مدلول سياسى للحكم، لأن الحكم هو عين الحقيقة، والنقض أصدرت حكمها بناء على ذلك. أسر الشهداء: إعادة محاكمة «مبارك» متاجرة بدماء الشهداء لتمرير الدستور دون طعون كتبت - سها صلاح: انقسمت أسر الشهداء والمصابين حول قرار طلعت عبد الله النائب العام الذي جاء فيه إعادة محاكمة مبارك ورجاله، فبعضهم وصف القرار بأنه متاجرة بدماء الشهداء والمصابين وتهدئة للشارع، والبعض الآخر وصف القرار بأنه خطوة جيدة فى صالح أسر الشهداء. وقال أيمن حفنى، منسق عام ائتلاف اسر الشهداء والمصابين إن قرار الرئيس محمد مرسى بإعادة محاكمة قتلة الثوار، تلك القرارات بأنها متاجرة باسم الشهداء والمصابين من أجل عدم الطعن على الدستور المعيب. وأضاف أن الرئيس مرسى يصدر قرارا بأشياء قد تم اتخاذها قبل ذلك واتخذها على أنها جديدة وأنه هو الذى اتخذها وحده، واصفة القرار الذي اتخذه الرئيس مرسي بأنه «دس السم فى العسل»، ومن أجل تمرير القرارات التى تجعله ديكتاتورا. فى حين قال باسم بسيونى شقيق الشهيد أحمد بسيونى إن قرار مرسى بإعادة المحاكمات جاء بعد شعوره بأن شعبيته تقل فى الشارع وأنه جاء لإرضاء الشارع الذى بدأ يثور ضده «لا أكثر ولا أقل»، وأنها جاءت من أجل تهدئة الشارع المصري، وتساءل باسم: من المتهمون الذين ستعاد محاكمتهم؟ فمبارك والعادلى وعلاء وجمال ستعاد محاكمتهم، إذن فما مصير المساعدين الذين هربوا؟، مشيراً إلى أن هناك شخصيات حصلت على البراءة سيرفضون إعادة محاكماتهم من جديد، خاصة أن مرسى ليس له الحق في أن يتدخل في القضاء. من جانبها قالت والدة الشهيد طارق مجدى مصطفى إن هذه القرارات لا جدوى منها، ولن تضيف شيئاً لأهالى الشهداء، لأن اللجنة التي شكلها مرسي لتقصي الحقائق في أحداث الثورة لم تقدم شيئاً حتى الآن ولكنها مجرد صورة. وتابعت: «جلسنا مع الرئيس مرسي من قبل ذلك في قصر الاتحادية ووعدنا بأنه سيعيد حقوق الشهداء والمصابين ولم يحدث أي شيء، وأن كل القرارات التي اتخذها الرئيس في صالحه وليست في صالح الشهداء والمصابين» . وعلى النقيض، ترى والدة الشهيد مصطفى الصاوى أن قرار إعادة محاكمة قتلة الثوار قرار صائب، ودعت للرئيس بقولها: «ربنا يكرمه، مضيفة أن الرئيس مرسى استلم مصر «بايظة ومدمرة» وأن الناس لا تريده أن يعمل، وأن النائب العام الجديد ليس متواطئا مع النظام السابق لذا ستكون المحاكمات جادة». أكد المحامي أشرف فاروق، منسق لجنة أسر الشهداء بالتيار الشعبي وشقيق صابر فاروق شهيد ثورة 25 يناير أنه يؤيد قرار الرئيس بإعادة المحاكمات في جميع قضايا قتل الثوار. وطالب بإصدار نص تشريعي ثوري لمحاكمة قتله الثوار يضع الآلية وطرق تحقيق القصاص ويتم إعلانه للشعب المصري، مشيرا إلى أنه يرفض المحاكمة بالقوانين الحالية التي وضعها النظام السابق وتسبب في الحكم بالبراءة في كل قضايا قتل الثوار بالإضافة إلي طمس معظم الأدلة التي قدمت للمحكمة، ومنها التسجيلات الخاصة بقوات الأمن المركزي التي تم التخلص منها قبل المحاكمة. وأشار فاروق إلي أن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس مرسي يوم 3 يوليو 2011 لم يتم الأخذ بقراراتها أو بتقاريرها علي الرغم أن معظم أعضائها من القضاة بدعوي أنها غير دستورية.. وأضاف أن من الأسباب الرئيسية لضياع حقوق الشهداء هو أن النائب العام السابق عبدالمجيد محمود لم يقدم طعوننا بصفته محامي الشعب في القضايا التي حصلت علي براءات، وعلي النائب العام الجديد تقديم هذه الطعون علي القضايا التي حصلت علي براءة.